خارج المتاهة/ محمد عتيق *بعض أحزاب قحت ولجان المقاومة ؛*       *بين الأمس واليوم* 

خارج المتاهة/ محمد عتيق *بعض أحزاب قحت ولجان المقاومة ؛*       *بين الأمس واليوم* 

خارج المتاهة/ محمد عتيق
*بعض أحزاب قحت ولجان المقاومة ؛*
      *بين الأمس واليوم* 
______________________________
 
      هذه الزاوية "خارج المتاهة" ، ومنذ ديسمبر ٢٠١٨ ، نذرت سطورها (نفسها) أن تكون حداءاً للثورة ؛ تتناول همومها وتطلعاتها ، تُناقش مشاكلها وواقع أطرافها ، ثم مع الشباب في عزمهم وتصميمهم في أن يكون لهم وطنٌ يحبونه ويحبهم ، به كل ألوان الحياة فيأخذون منه ويعطونه أكثر وأكثر وقد بدأوا العطاء بأعزَّ ما في الحياة : الروح .. وبالتالي لن يتوقفوا عن العطاء والتضحية ليكسبوا الحياة - كما يريدونها - لهم ولمن بعدهم من أجيال السودان .. حتى اتفاقية جوبا (أكتوبر ٢٠٢٠) احتفت بها - رغم كل عيوبها - احتفاءاً بالسلام وانسجاماً مع نشيدهم العذب : "يا العنصري ومغرور  كل البلد دارفور" .. وعندما بدأت بعض الخطى تبتعد عن مسالك الثورة ودروب الثوار ، وبدأت شرور الأنفس وأطماعها الدنيوية في البروز ، أخذت الزاوية على نفسها مواجهة كلَّ انحرافٍ بالِّلينِ وبالتي هي أحسن ، وعندما أصبحت  الإنحرافات ماثلةً أمام الجميع ، ظهرت في ٢٤ نوفمبر ٢٠١٩ بعنوان : "من الذي اختطف قحت ؟" قالت فيه : *(....ولكن هل لقوى الحرية والتغيير وجود حقيقي لتكون عوناً للحكومة ؟ هل لها رئيس وأعضاء أو مجلس يخطط ويقود وله أجسام تساعده بالمتابعة والتنفيذ وتأتمر بأمره ؟ نسأل هذا السؤال لأن تطور أوضاع الحكومة ونجاحها في مهامها يتوقف عليه ؛ على فاعلية ق ح ت وسيطرتها المبدعة على مجرى الثورة وطاقات شبابها وأحزابها ، فهي التي ترفد الحكومة بالكوادر والأفكار والرؤى في تناغمٍ مع لجان المقاومة ، فأين لجانها وغُرف عملياتها المتخصصة لصياغة الخطط والخطوات تواجه بها الأسئلة القائمة والمستحدثة ومؤامرات الثورة المضادة ؛ لجان الوقود والخبز وإصحاح البيئة ، لجان الإعلام وفضح مواقف وتصرفات فلول الاسلامويين وبقايا نفوذهم في الدولة والمجتمع واشاعاتهم السوداء و..و..إلخ*؟
*مظاهر ونتائج غياب المؤسسية بدأت مع بدء التفاوض مع اللجنة الأمنية للنظام البائد ، عندما تحولت لجنة الإتصال إلى لجنة تفاوض دونما تفويضٍ أو قرارٍ من ق ح ت واستمرت ك "أمر واقع" فظَهَرَ التراشق في أوساط الكتل والأحزاب حتى بين الكتلة الواحدة أو الحزب الواحد ، ظهرت التكتلات وانفراد قسم بقرار وموقف دون إرادة الآخرين وسياسة فرض (الأمر الواقع) .. ثم أن ق ح ت كانت قد أغلقت أبواب عضويتها على الكتل الخمس الموقعة على الإعلان حارمةً بذلك مجموعات أخرى كانت في الثورة وساهمت فيها تحت رايات الحرية والتغيير وترغب في الانضمام إليها ...)* 
*( وفي كل الأحوال يستأثرون بالوظائف الحكومية المهمة وتكوين الوفود دون الرجوع لأية مرجعية قيادية أو حتى لأحزابهم إذ أن الفاعلين منهم يستندون للأسف على مرجعيات لا علاقة لها بقوى الحرية والتغيير)*..
*(هبطت أرض السودان أموال دول الجوار الإقليمي ومعها أموال المانحين من منظماتٍ ودولٍ غربية ، ولكلٍّ أهدافه..) (المهم ، يبدو أن القوى والأسماء التي سادت فضاء الثورة قد أصيبت بِأَلَدِّ أعداء الثورات والثوار : المال والوظائف "معها الوجاهة" ، يقابلها في المفاوضات الكبيرة : "الثروة والسلطة"* ..
*ارتكاب الخطأ أو الأخطاء ليس جريمة في حد ذاته ، ولكن الإصرار عليه وبشكل ممنهج يُثير الشكوك حول المنطلق والهدف ... في كل الأحوال ، هذه الثورة كبيرة ، جادة ، ولا حدود لعمقها ، حُدَاتُها وحُرَّاسُها ميدانياً في المدن والقرى ، في الأحياء والفرقان ، هي لجان المقاومة)* ..

     ثم بدأنا نقول أنها ثورة كبيرة وعميقة ، وبالتالي فإن مشكلاتها ومُعَوِّقاتها كبيرة بحجم تاريخيَّتها وفرادتها ، وذلك عندما أخذت الأمراض التي تواجهها الثورة في الواقع تظهر على جسدها بل وتكتم أنفاسها لدرجة القناعة بأن أحزابنا لن تكون قادرة على إنجاز مهام الثورة إلا بصعود الأجيال الشابة من لجان المقاومة إلى قيادة تلك الأحزاب ، لتصبح القناعة خطاً ومنهجاً لمقالات "خارج المتاهة" ، وبالتزامن معها ظهرت أمراض أخرى كبيرة ، ولكنها ، وبمقياس تطور الثورة وشبابها : صغيرة ، سرعان ما ستحترق أمام أضواء الوعي المتزايدة السطوع ... من تلك الأمراض/الظواهر :
* مجموعة (من نفس القوى السياسية وواجهاتها المدنية "السالفة الذكر") أكملت عملية اختطاف قحت باسم "المجلس المركزي" ، تماهت تماماً مع العناصر الأجنبية التي لا تريد حكوماتها خيراً للسودان وأهله ، طمعاً في ثرواته وموقعه الجغرافي ، وخوفاً من إشعاعٍ ديمقراطي على ليل مواطنيها الكالح ..
- ومجموعة أخرى باسم قحت (قوى التوافق الوطني) ، ذهبت تعقد المؤتمرات لصياغة رؤية أخرى وتأتي خاضعة مع أرباب المجلس المركزي .- ودونما كثير شرح لما قد أصبح معروفاً - فإن نمط الأحاديث والشعارات التي نسمعها هي نفسها التي يسمعها ويعيشها الناس منذ العام ١٩٨٩ كذباً واستهبالاً ، ليخرج على الناس أحد متحدثي هذا الحلف بقوله : " قفلنا الأبواب ، لن نسمح لأحدٍ بالدخول علينا" ! وكأنه يحمل مفاتيح الجنة وحارسٌ لخزائنها بينما هو يخفي تحت ابطيه كل أطماع "النفس اللوامة" ، يعرف ذلك فيزداد رعباً وخوفاً من الغد ، وكذلك كلما سمع هدير الشباب في "مليونياتهم" ...
* و "الحزب الكبير" ، ظن الناس أنه سيعمل على غسل أدران الماضي في قيادة التجمع الوطني الديمقراطي (١٩٨٩-٢٠٠٥) وفي خضوعه التام وتطابقه مع النظام الساقط ، ظن الناس أنه سيصحح مواقفه معتذراً عنها كما الكبار ويعمل مع الآخرين على ما ينفع الناس ، غير أنه ذهب يمارس أسوأ ما في نهجه القديم : الزعامة الطائفية التي تحتكر قيادة الحزب تعلن انقسام الوَرَثَة بين تلك المجموعات : أحدهما يوقع على الإتفاق الإطاري مع المجلس المركزي ، والثاني يوقع على الإعلان السياسي لقوى التوافق الوطني ليسترجع معاصرو فترة التجمع الوطني الديمقراطي مسرحية انقسام المجموعة المقاتلة "قوات الفتح" عن الحزب لأن "بعض أقطابه" ضد العمل العسكري ثم قبول عضوية قوات الفتح تلك في التجمع رغم قرار قيادته بعدم منح العضوية للمنقسم من حزبٍ عضوٍ فيه ، وهو القرار الذي سبق بموجبه رفض التجمع عضوية المناضل المرحوم الخاتم عدلان وحزبه .. 

     انعكاس حالة الانقسام بين الأحزاب السياسية على لجان المقاومة هي الظاهرة الأخطر على الثورة حتى الآن ، ولكن ، تبقى القناعة التي تَشَكَّلَت في هذه الزاوية : أن الانقسام في لجان المقاومة مؤقتٌ وعابر وأن نجاح الثورة وتقدمها نحو أهدافها النهائية رهين بصعود الحزبيين من هؤلاء الشباب (لجان المقاومة) إلى قيادة أحزابهم ، ذلك الصعود الذي سيفتتح عهد التعاون والإيثار والتنافس الشريف ، عهد التجرد وإخلاص النوايا بين الأحزاب الوطنية ..
   26.02.2023