طحلب ازرق..لعبة السرد والسلطة ..

طحلب ازرق..لعبة السرد والسلطة ..
طحلب ازرق..لعبة السرد والسلطة ..

طحلب ازرق..لعبة السرد والسلطة ..

عامر محمد أحمد حسين..

 لا اعرف إذا كانت حقيقة مختلفة تلك التي يسردها " منصور الصويم" في روايته طحلب ازرق " فائزة بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي ٢٠٢٣م" ام ان الصويم، يميل ميلاً سردياً نحو تحويل الواقعي إلى الخيالي الاكيد ، والخيالي الى الواقعي، رغبة منه في منح القارىء فسحة من امل وخيال ، يسرح ويمرح بهما  ناسجاً اسطورته  الخاصة به اي القارىء ويستطيع بها التحكم في مسار التلقي بين ماهو معلوم ومكشوف ،وماهو غائب ومغيب في زمن قساوة ، وصعوبة وتجاذبات حياتية وانتقال بين المتاهات بلاحدود في فترة زمنية تخوض حروبها سردية "طحلب ازرق" و لكأن حكمة ما في مكان ما ، ستعطيك خواتيم كارثية لماهو اسطوري وقاتل لكل حلم جميل  اردت هدهدته فكان الواقع ابشع من الخيال ،والمتخيل والمخيال الشعبي  عند سيطرة الياس واسئلته في بحث عن الامل  .هناك شيء من اجل ان ياتي قد يصيبه عطب ويؤخره،  إلا ان مايرسمه الراوي العليم في خياله ويكتبه على الورق  إنماهو محاولة لتحطيم الحدود بين الواقع والخيال لتقريب المسافة مع القارىء المحتمل وهي مغامرة سردية يخوضها الكاتب منصور الصويم ، باقتدار ،والمغامرة إشارة سيميائية تؤشر على الرمز والرمزية والدال والمدلول والدلالة  فتظهر  فلسفة سارد فنان ، تجتمع في نصوصه المتعة والدهشة ،الفكر والخطاب ، وقوام ذلك  معرفة بالمجتمع ومتغيراته، وتماسات مع واقع معاش ..للقارىء  تصور  ما يمكنه اصطياده من الذهني والنفسي لسيرة الشخوص الروائية  في.رواية "طحلب ازرق".،والسارد لديه الحق  في منح القارىء تذكرة وتزكية للدخول إلى عوالم سردية شاهقة  في كل طابق سلطة، وجماعة،وانقلاب، وانقلاب مضاد فاشل وتجمع سياسي وقيادات شهدت على تاريخ حافل بالغريب والمدهش  شوهته الشمولية، و صورة متربص بالمجتمع  ،نماذج حية   ومشاريع  سلطوية تظهر في كل لحظة من اللحظات   تخدمها لغة وكتابة احترافية ، تحيط بالواقع السردي  حروب داخلية وخارجية  وسياسية واجتماعية في مكان بسع الجميع،  يضيق عند القارىء مع تشابهات ذاكرة المكان وحركة الزمان والشخوص في حركة متواصلة نحو بواباتو الهروب ،

او كما قال  محمود درويش "الواقعي هو الخيالي الاكيد" بينما يسحب الروائي اللبناني " رشيد الضعيف " الخيال ويؤكد على ان " الواقع بحر من الرمال المتحركة"..وهو ماتؤكده هذه الرواية..

رمال السرد..

في كتابه " التحليل السيميائي للفن الروائي _ دراسة تطبيقية لرواية الزيني بركات " يشير دكتور( نقلة  حسن احمد) الي" الرواية شانها شان غيرها من فنون الادب  شهدت تحولاً ملحوظاً في نمط مضامينها واساليبها وخصائصها بدءاً وانتهاءً عند مستوى صياغتها الفنية بوصفها "عملاً فكرياً في المرتبة الاولى ، وهي في المرتبة الثانية صياغة جمالية لهذا  العمل الفكري ، ومعطيات الواقع هي التي تقترح نوعية هذا العمل وصياغته الجمالية _ ص ١٣"1"

عالمنا الواقعي ليس منفصلاً عن الخيال  ورواية " طحلب ازرق" تحيلنا برموزها ومرموزها إلى فحص الذات ،والواقع وهو واقع قريب ،وفي متناول القراءة واليد  معاش ومعلوم بالضرورة ولاتزال احلامه حية لمن لديه حلم وكوابيسه في كل وقت وحين يتم الاستدعاء والرجوع إلى تاريخ سياسي واجتماعي ،وثقافي، وصراعات السلطة، هذه الإحالة نجدها في تجليات مرحلة ثورة ومراحل الحرب والنزوح والتشريد، سياق تاريخي حاضر ومربك ومرتبك، في كل تمفصلاته ، محكوم بسياق اجتماعي سردي في مواجهة الصمت والقهر والنزاع الداخلي ، واقع يتحقق في كل يوم ، بتأثيره على حركة مجتمع موازي في الخيال وملتزم بكل ضوابط "الواقعي الاكيد" في سيرة النص ، رواية "طحلب ازرق،" مرجعيتها في سيرة الواقع ، ومرجعية قيم تغيير ترفع رآيتها  جهات تتعدد بتعدد المآرب.يشغل الخيال حيزاً كبيراً في سؤال القيم المرتبطة بسؤال الذات المقهورة والمجتمع القاهر بالصمت والمقهور بالتكبيل وقيود ووطأة الصراع الحاد المواكب للسيرورة الاجتماعية المتتالية  والمتصلة بأسئلة البناء في ظل الهدم المتواصل والتجريف للوعي والمبنى والمعنى ..

في كتابه " سوسيولوجيا الخطاب_ من سوسيولوجيا التمثلات إلى سوسيولوجيا الفعل ،يقول دكتور عبدالسلام حيمر " عندما يحلل المؤرخ الجينالوجي علاقة السلطة بالفضاء، يخلص إلى نتيجة مفادها انه إذا كانت القرون الوسطى قد شهدت ترحالاً مستمراً فإن العصور الحديثة ، إبتدات عندما نزع هؤلاء البشر تدريجياً إلى حياة الاستقرار وإعداد فضاء جديد للعيش المستقر تجلت في التمدن المتزايد ورسم حدود الاحياء في المدن _ وهكذا اصبح الفضاء مجالاً للسلطة تضبط فيه وبواسطته حياة السكان وتتحكم به في تفاصيل حركات الاجساد والافراد _ وعندما تراقب السلطة الاجساد في ادق انشطتها محاولة جعل السيطرة قادرة على النفاذ إلى صميم مايشكل صميم السلوكات واكثرها فردية وذاتية_ ص ٣٣٨"2 تمثل هذه الفقرة تمثيلاً كاملاً ، حركة الشخوص والمجتمع داخل " طحلب ازرق" ومبدا السيطرة السلطوية وتحويل البشر الى فئران تجارب في معامل الايديولوجيات المتصارعة والمتنازعة ليس على التغيير بل التحكم والسيطرة والاستحواذ .

 تقاسيم وتخطيط..

تتبعت الرواية " طحلب ازرق" خيوط سير  واضحة في متابعة الفترة الزمنية المحددة سردياً ، وهي فترة انقلابية سياسياً ،عسكرياً، اجتماعياً ، تتبلور داخل الحكايات المسرودة ، متاهات ومآسي بين إذاعة بيان استيلاء وتغيير محكوم بمن دبره ، مرحلة جديدة وبرامج يؤمن بها من يريدون تنفيذها وقد برع السارد والراوي العليم، في اللعب على الزمن، والتاريخ والاحداث، ونقل احداث سابقة إلى زمن لم تحدث وتوطين شخصيات في مرحلة لم يعرفوا فيها ، حركة الشخصيات مكانياً وزمانياً ، اعطت مؤشراً كبيراً على مدى إتقان الكاتب لادواته، وكيف ان التخطيط اتسم بالدقة والاحترافية والمعرفة التامة بكل تلك الفترة ." في تلك الايام القصيرة التي مضت سريعاً ، وثق الرقيب ماجد النوراني ، صلته بالجد" جادا" واخذ عنه المداوة بالاعشاب ومكافحة العدو بتعاويذ السلف الناجعة ، كانا يجلسان لساعات طويلة في الليل وهما يتحاوران حول اساليب العلاج بالعشب والسحر وفنونه لدى شيوخ قرى النهر في الجنوب وعند شيوخ جبال الهيبان في الشمال ، هناك حيث تعلم عن جده الفقير النوراني ، ابجديات السحر اللدني ، وكيفية إبطال آثاره المدمرة _ رواية طحلب ازرق" _ الانقلاب ومؤتراته العقلية والجسدية" الرقيب ماجد فقد ظل جالساً بمفرده امام شاشة التلفزيون يحدق في وجه قائد الثورة وهو يتلو بيانه الاول ، يهدد الاعداء ويتوعد المتقاعسين ، ويبشر المواطنين ، بالنماء والرخاء _   إذن تبدلت الخطط ، اسر النقيب لنفسه رواية طحلب ازرق "

تبدلات...

حاولت كثير من الدراسات  وضع إطار محدد لقراءة الرواية ، سياسية اجتماعية واقعية واقعية سحرية وإن كانت دائما الرواية السياسية بعيدة عن القراءة، وفق موقف السلطة من الكاتب ومايطلق عليه الكاتب الملتزم ، وهو كاتب مطلوب منه ايديولوجياً ان يكون في موقع المدافع عن مايعتنق ممايتسبب في عسر هضم مايكتب واسترجاع خلفيته السياسية واحياناً موقعه الاجتماعي ،واحيانا تظهر العرقية والعنصرية والعنصرية المضادة _ عنصرية التضاد _ ومع استبعاد خلو الكتابة من انحياز وإن كان الإنحياز هنا لايمكن تقديره إلا في الكتابات المنحازة لأتجاه سياسي في مقابل اتجاه آخر ، وظهرت في دنيا الكتابة عالمياً مدارس اجتهدت في مجال الادب وخنقتها الايديولوجيات والشمولية ، والدعاية المجانية لانظمة حكم ديكتاتورية ، المثال المرسوم في مواجهة الواقع لايجعلك إلا ان تسجل الاعجاب بعبقرية "مكسيم غوركي" وخلود اسمه وغيره من الاسماء.. يبدو كاتب رواية "طحلب ازرق " في كل صفحات الرواية اميناً ودقيقاً في رسم الشخصيات والخطاب المتسق والمتوافق مع الاحداث ، مع انتقالات سردية ممتازة بين الامكنة والازمنة، والراوي العليم ،ومسافة واحدة من الصراع بين الشخوص، والجيوش والانتهازية السياسية، والفساد الاجتماعي في اوضح صورة سردية يمكن تبيانها في كتابة تتناول مرحلة حياتية لايزال غبارها عالق في ثياب الجميع، في الداخل والخارج ،وفي النزوح والهجرة.

غبار عالق..

.." جلس الرقيب ماحد النوراني ، بجوار الجد ، فناوله هذا الاخير صرة بيضاء معقودة بعناية وقال له: " كنت اتوقع حضورك ، لذا اعددتها لك ستجد فيها اعشاباً وبذوراً نادرة مرفقة بتفسيرات وتوجيهات عن طريق الاستخدام  والامراض والحالات التي تداويها وتكافحها خذها وخذ معها هذه العصا الابنوسية النادرة ..متى ستسافر ؟ " 

" بعد اسبوع من الآن ، جئت لأودعك فقد لا اعود قريباً حينئذٍ قال الجد العجوز مبتسماً: ستعودكثيراً ، ربما ليس قريباً مثلما ذكرت ، لكنك ستعود حتماً _ رواية طحلب ازرق "

.يقول الاكاديمي والمفكر الراحل "عبدالملك مرتاض" في كتابه " نظرية الرواية _ بحث في تقنيات السرد " تتعدد الشخصية الروائية بتعدد الاهواء، والمذاهب والايديولوجيات والثقافات والحضارات والهواجس والطبائع البشرية التي ليس لتنوعها ولالاختلافاتها من حدود .حاول بالزاك ان يجعل من رواياته مرآة  تعكس كل طبائع الناس الذين يشكلون المجتمع الذي يكتب له وعنه ، في الوقت بما كان فيهم من عيوب ، وبما كان فيهم من عواطف ، وبما كان فيهم من احقاد ، وبما كان في قلوبهم من احقاد ، وبما كان في نفوسهم من آلام واهوال في حياتهم اليومية التي كانت ولم تبرح تفرض وجود كثير من العلاقات _ص ٧٥" ..بغض النظر عن شخصيات رواية طحلب ازرق فإن شخصية ماجد.النوراني _ الرقيب _ الشيخ _ الدجال _ محرك خيوط السلطة والسرد ، يمثل الشخصية المحورية في السردية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمتغيرات انقلابية مجتمعي،ة في منظومة القيم السياسية والاخلاقية والثقافية ودرجة الاندحار في محيط عام تم هزه هزاً عنيفاً بواسطة النوراني، ومن هم على شاكلته وضمن مداره المحدود القدرات الذهنية في حين تميز داخل حركة النص ، بقدرات جعلته يتحكم في مسار الاحداث وتلوينها بلونه وصبغها بصبغة إنتهازية مع دجل وشعوذة، بالاضافة إلى مسحة من الحداثة والتواصل مع الآخر .فقضيته في جوهرها خلق قانون خاص به يستطيع من خلاله التحكم في البشر وتحريكهم ..ويضيف الدكتور عبدالملك مرتاض "وإذا كان الخطاب في راي رولان بارط ، ينتج الشخصيات فيتخذ منها له ظهيراً فليس ذلك من اجل ان يجعلها تلعب فيما بينها امامنا، ولكن من اجل ان تلعب معنا ، فكان هناك شيئاً من التضافر الحميم بين الخطاب والشخصيات _ ص٨١" ..تجد روح المغامرة مداها الكامل ، في الانظمة الديكتاتورية المستبدة ، تغيب الشفافية والنزاهة، ويتم استبدالهما بالنفاق والإنتهازية ، والتسلق الطحلبي بالوان عديدة تعتمد على توقيت واحد في مواجهة التهديد ، تتلون هذه الكائنات الحربائية ،وتمارس الإخفاء بصور مختلفة من اجل ان ياتي اوان ظهورها والساحة خالية من منافس وفكرة ،لذلك تمارس كل انواع العنف البدائي ضد الخصوم ." قال الشيخ ماجد النوراني : نعم سيدي الرئيس، الحزب الآخر ، هو حزب الشعب ، جناح العدالة والتنمية وهو حزب منشق حديثاً عن حزب الشعب التاريخي المعروف في الحقيقة لقد عملنا على إنشقاقه وجعلنا برنامجه الجديد متوافقاً مع خط الثورة ، وذلك بسبب تعنت قيادة حزب الشعب ورفضها الحوار من اساسه _ رواية طحلب ازرق " 

الواقع ..

في كتابه " انماط الرواية العربية الجديدة " يقول الدكتور شكري عزيز الماضي " لاتنفصل البنية الروائية الجديدة عن نظام الواقع _ كما يتوهم بعضهم ، لكنها لاتسعى ولاتحاول ان تحاكيه ( المصطلح الاثير لدى نظرية المحاكاة ) او تعكسه( المصطلح الاثير لدى نظرية الانعكاس) او تسايره ( المصطلح الاثير  لدى مؤسسي النقد التاريخي : سانت بيف وهيبوليت تين) او تناظر بنيته ( المصطلح الاثير لدى البنيوية التكوينية لوسيان غولدمان ) لأنها لاتريد ان يكون الواقع مرجعيتها ، فهي تكابد كي تكون مرجعيتها بنيتها الروائية الفنية ذاتها ، ولهذا فهي تتعامل مع الواقع من منظور جديد وفهم جديد وكيفية جديدة ، وهذا مايؤكد عدم إنفصالها عن واقعها _ ص ١١٩_ عالم المعرفة 2008" 

" وفي احدى زياراته إلى دول الكاريبي ، إلتقى المستشار الخاص الشيخ ماجد النوراني (.لادو جادا) صديقه شريكه القديم ، وقائد احدث حركة تمرد في ارض الجنوب ، سافر الشيخ النوراني لإتمام صفقات  اسلحة، شراء صواريخ كوبية قصيرة المدى جزء منها سيذهب إلى الجيش الوطني والجزء الاخير يسمسر فيه لصالح جيش دولة مجاورة تواجه تمرداً عسكرياً مستجداً، بينما سافر القائد لادو للتعرف على بعض تجار وسماسرة الاسلحة الثقيلة بغاية شراء اسلحة حديثة تساهم في صمود حركته امام تغيرات ومواجهات ومفاجآت حرب الجنوب _ رواية طحلب ازرق ص.١٤٣"  ." تابع الشيخ النوراني التطورات التي عقبت إمضاء اتفاقية السلام باستغراب واستنكار شديدين ، إذ لم يفهم سبب تكليفه بالتفاوض مع المتمردين دون إعلامه بالمقاصد الحقيقية لعقد اتفاق معهم ، بدأ له حفر الآبار وتفجير ينابيع البترول بشكل فوري خير دليل على ان نشاطاً سرياً دام لاشهر إن لم يكن لسنوات قد تسبق توقيع الاتفاق .احس الشيخ النوراني لاول مرة ان السيد.الرئيس يتجاهله ويستغفله ، فبينما كان ينتقل بين الشمال والجنوب مثل مكوك يخاطر بحياته بالوجود في مناطق مشتعلة ويفاوض قادة متعنتين ساعياً لتحقيق سلام السيد الرئيس يخفي عنه هذا الاخير تفاصيل اكتشاف الشركات الاجنبية لآبار النفط وعملها على تكريره ونقله وتصديره وبالتالي تحقيق ارباح تقدر بمليارات الدولارات ..رواية طحلب ازرق _ ص ٢٣٩_ ٢٤٠" 

قراءة جديدة..

  تؤسس رواية طحلب ازرق لقراءة جديدة ترتكز على وقائع مجتمعية وسلطوية تاريخياً تم فرضها وكان واقعها يفوق الخيال .قراءة نفسية لشخصيات تم فرضها بسلطان القهر والخوف والعنف والدم وتؤرخ لزلزال كان له تاثيره على المكان والزمان ، تم تلويث المكان بالدعاوي الفاسدة ، والطبع المخاتل والذاكرة الشريرة وزمكانية العهد في تسويره العقل واضاعة المستقبل ، الراهن وتاثيره ، الماضي الكرية والحاضر خفيف الوعي ثقيل الفهم فاتر الهمة قليل الصدق كثير الكذب" ، المنبعج " في ترهله وتخمته مع الإنكفاء ليس على الذات المقهورة ، بل على كل الذوات المقهورة والقاهرة ، ثمة ماهو جديد في تشكيل الوعي العام وان مقولة " اللعبة القذرة" في تعريف السياسة ، وترديدها ، خطا يجب تداركه ، وان مايصحح ان تغامر عليه في اسرتك في تجارة او تربية ، لايصح لغيرك من الشعب وسؤال ماذنبه؟ هو سؤال للنخبة قبل العامة وان الحياة سياسة للتدبر الخلاق وصيانة الحق والإنصاف من كل فرد سليم العقل والوجدان...

مساهمة...

تساهم رواية "طحلب ازرق " في تعميق سؤال المكان وتشابكات السلطة والجغرافية في حرب تستعر في كل يوم ، مع غياب الوعي المرتبط بالهوية العقلية والوجدانية ، تختصر الهوية في العرق في اثبات ان الدم هو الدم المعلن عنه في ديباجة الثقافة .ثمة ماهو معلن وماهو مسكوت عنه في تفاصيل الحياة اليومية والسياسية الاكثر في إخفاء الشمس وخاصة في انظمة توتاليتارية مستبدة عنوانها القهر والخوف والعنف.. في كتابه " السرد" يقول جون ميشيل " إن التطور الجدلي للحكاية الخيالية هو مثيل لتطور المسار الاجتماعي والتاريخي الذي يقدم كل مرحلة تاريخية جديدة على انها نتيجة لصراع الطبقات الاجتماعية في المرحلة السابقة وفي الوقت نفسه على انها الحقل الذي تتصادم فيه مصالح الفئات الاجتماعية التي تمثل النظام الاجتماعي للفترة المعينة _ ان نهاية " الحكاية" الخيالية  تتبدى عامة في وضعية يحصل فيها توافق بين المصالح وإختفاء لكل اشكال الصراع باعتبار ان كل وضعية مصالحة تدخل على القارىء نهاية لانتظار ما_ الكتاب ص ٤٠ ترجمة احمد الودرني_٢٠١٥_ دار الكتاب الجديد المتحدة"." قال سيادة النقيب وهو ينظر إلى سيادة المستشار الخاص الشيخ ماجد النوراني " لحظة بسيطة جداً اللعب على الاطماع والرغبات بالنسبة ل " لواء المسار " فالأمر يتعلق اساساً لمسألة الارض واعتراف الدولة بالامارة والعمودية وهذا يسهل على سيادة المستشار، قبل رفع تقريره النهائي إلى السيد الرئيس: ملف حزب تيارالشريعة وملف المستشار الخاص الشيخ ماجد النوراني ومجموعته في القصر الرئاسي، يجب ان ينتهي الليلة من وضع تصوره النهائي لكيفية الإطاحة بحزب تيار الشريعة وإبعاده نهائياً عن المسار السياسي للبلاد كما عليه ان يجد الخطة المناسبة لإزاحة المستشار الخاص وإلى الابد _ رواية طحلب ازرق" 

" ثمان ساعات فقط كافية ليصل المتحاوران لاتفاقين سيغيران مجرى الاحداث تماما في مناطق التنازع وفي البلاد باجمعها ، وقد قدم كل منهما تنازلات كافية ليصعدا معاً اعلى بكثير من موقعيهما ، عكس توقعات الشيخ النوراني، لم يكن المقاتل المتمرد آدم الهلالي متعصباً اومتعنتاً اوشخصاً يتحرك بلا اهداف _ طحلب ازرق. ص ٣٩٧" 

عكس التيار..

" إندهش سيادة العميد فضل التجاني لماسمعه في حين بدا العميد الشيخ آدم الهلالي على علم بكل ماقيل، لهذا السبب لم يتكلم كثيراً لكنه اوضح باختصار أنه اكتشف نوايا الشيخ النوراني منذ التقائه به في سفح جبل الصخرة الملساء ، لذا اصر على الالتقاء بالسيد.الرئيس ،الأمر الذي باركه المستشار الخاص وقبله بشرط ان يضمن تبعية قوات آدم الهلالي _ رواية طحلب ازرق "." لم يجد المستشار الخاص ماجد النوراني، مكاناً مناسباً للالتقاء بالسكرتيرة الخاصة عفاف تاج الدين إلا هناك بعيداً_ بات يحس مؤخراً بانه محاصر ومراقب وبان الجميع ينأى بعيداً عنه ، حاول الاتصال بالسكرتيرة عفاف نفسها لاكثر من اسبوع _   رواية طحلب ازرق" وسؤال السرد الاول والاخير واجابة الآخر المختلف عن اوهام السلطة وعنف الحكم  ،يتمحور اجابة: وتلخيصاً في سيرة ومسيرة وسيرورة :" امتداد وتطور وحركات متتالية _في تاريخ الشخص والتنظيم ودولته منذ القيام الى السقوط  _ في غياب  من ادعى لنفسه امتلاك الحقيقة، " كيف ياعمك الدوسان الخاص اتفكفك _ فاتفكفك ..كتمت "  وترجمتها :كيف انت السودان ثائر فاهرب _ اشتعلت الثورة " لغة الراندوك في ختام الرواية _ لغة التشرد واولاد الشمس ، تمثل بالضرورة الصورة كاملة في مشهد التسلط والعنف والخداع في هذه الملحمة السردية ، نتساءل دائماً كقراء في حوار مع الذات عن السردية التي قرات _ هل السؤال يستمر معنا طويلاً ، ومن خلال ماقراناه نجد الاجابة : تشكيل عالم من ضمن اجوبة على السؤال ؟ إذ يتشكل لدينا ولكل قارىء مع اختلاف بين قراءة واخرى ، الرواية وحضورها في الذهن واحداثها ولغتها وطرائق السرد والخطاب ومعرفة مكانية بالجغرافية الخاصة لحركة الفرد في الواقع والخيال والتاريخ والفكرة والسياق العام للتاريخ الاجتماعي المرتبط بمناخ تلك الفترة _ عقود وسنوات ، وتنازع بين المجتمع وصاحب المشروع السلطوي ولكل اجابة : مثال وإطار وحيز مكاني داخل كل من عاش الفترة وعايشها وتعايش معها بالرفض او القبول مع الرفض او القبول مع الخوف والرعب وسلاح الانتهازية ..اجادت الرواية رسم كل هذه العوالم _ بمفهوم : العلامة والأثر _ لاتخلو قراءة هذه الرواية من صعوبه ، وليس سهلاً ان تحيط بماهو مضمر وغير معلن ، وماهو واضح كذلك ، الصعوبة تكمن في الترميز الهائل مع الوضوح التام والإشارات الدالة على حراس ومتاريس السياسة والساسة والإطار الزمني للاحداث والواقع وتبدلاته ، تحيلك كلها إلى مهارة السارد وعلمه بالسرد والمجتمع وعوالمة والفضاء المعرفي والثابت والمتحول في كل هذه الفضاءات ، وكيف تسلل هؤلاء إلى الذاكرة ،وصنعوا للجميع ذاكرة مع اتساع الهوة بين الماضي البعيد والقريب والحاضر، وان الراهن يعيش تلك الفترة ولايمثل " افقاً منفصلاً" عن التاريخ الملازم للحياة المتصل بالغد والامس واليوم .يفتح منصور الصويم، ابواباً جديدة للسرد السوداني ، تعتمد تقنية وخطاب يسعى لكتابة مختلفة وجديدة تعتمد على عوالم تعيش  مابين الواقع والمثال في بيئة اجتماعية تحيط بها  منازعات السلطة، وتنازعات الهوية ،وعنف وغياب حوار ، ولذلك تبحث طحلب ازرق عن الحرية واليقين

١١/ يناير ٢٠٢٤م..