الأسطورة كمحرك للأحداث في رواية الإمام الغجري للكاتب السوداني عماد البليك.
الأسطورة كمحرك للأحداث في رواية الإمام الغجري للكاتب السوداني عماد البليك. عمر النعمة أرباب صدرت رواية الإمام الغجري للكاتب السوداني عماد البليك هذا العام عن دار أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي، وهي مقسمة لستة فصول وكذلك تحوي ستة إشارات أتت قبل وبعد النص السردي.
الأسطورة كمحرك للأحداث في رواية الإمام الغجري للكاتب السوداني عماد البليك.
عمر النعمة أرباب
صدرت رواية الإمام الغجري للكاتب السوداني عماد البليك هذا العام عن دار أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي، وهي مقسمة لستة فصول وكذلك تحوي ستة إشارات أتت قبل وبعد النص السردي.
وتغوص هذه الرواية في الواقع السوداني من حيث أبعاده الإجتماعية والسياسية والدينية وتأثيراتها في بعضها البعض ويأتي استخدام عملية تحضير الأرواح كتقنية سردية فنتازية وأسطورية إضافة مهمة لمشروع السرد واستشراف لعوالم أخرى لها تأثيرها على الواقع السوداني على وجه الخصوص.
#عنوان الرواية ملمح أسطوري
(الإمام الغجري)، إذ رجعنا لأصل الغجر، فإنهم يعتقدون بأن البشرية أتت من ثلاثة أجداد، أبيض وهو جد الأوربيين وأسود جد الأفارقة والثالث هو جد الغجر، وتذهب الأسطورة في أن جد الغجر أتى بفعل ما (قتل شقيقه) جعله هائما على وجهه وغير مستقر أبدا، لذلك كتب على أبنائه التنقل والترحال الابدييين، ومن هنا تأتي مفارقة عنوان الرواية فالإمام ذي الأصل الغجري صار إماما ملء السمع والبصر ومستقر في موطن أصبح ليس مواطنا بل إماما فيه، صاحب كلمة تتفاعل وتغير في تاريخ البلد وتؤثر على أحداثه السياسية والاجتماعية، أثناء حياة الإمام وبعد مماته كذلك، وهنا ثمة إشارات ودلالات تبين وتشير إلى سطحية عقول الشعوب التي تفتح ذاكرتها لأي زائر بل وتجعله إماما وتسلمه أمرها ويالها من شعوب مؤسطرة تؤسس السذاجة ذاكرتها!!
#الإشارات كرقمنة لعقل لازالت تؤثر فيه الخرافة.
احتوت الرواية على ستة إشارات، أربع منها داخلية واثنتان من خارج السودان. الإشارات تتضمن ردود أفعال مختلفة حول الرواية فتقرير لجنة المصنفات الأدبية والفنية في الخرطوم وصفها بأنها رواية (مثل الخمر تطرب وتسكر ولكن هي حرام) (وكذلك الحديث عن عن تحضير الأرواح وطقوس الزار ليس مقبولا بأي حال من الأحوال) وهنا الإشارة واضحة في محاولة تفتيت عقدة الوعي المتخيلة عند الجهات المناط بها نشر الوعي وهذه الإشارة لا تبعد كثيرا عن الواقع، وفي ذات المنحى يذهب خطاب الرقابة السودانية بمنع دخول أو تداول رواية الإمام الغجري داخل السودان وهذا الخطاب (ينفي وجود أي طقوس أو ممارسات خاطئة على أرض الواقع) كانت قد ذكرتها الرواية وهنا تكشف الإشارة جانب آخر من التفكير الأسطوري في جانبه الانكاري وتعميته للوقائع، ونفيه حتى لحيوات الخيال. والإشارة الأخرى الكاشفة هي بيان عائلة الإمام الغجري التي تؤمن بغيابه الملغز الذي امتد لعقود، وقد وصفت العائلة بأن الرواية حملت إساءة بالغة لعائلة الإمام بل وللإنسانية، وإن كان ما قام به الكاتب خيال محض لا يمت للواقع بصلة ولكنه خطير لما يمكن أن يثيره من الشبهات والظنون لدى ضعاف البشر!!
واعتقد بأن هذه الإشارة كاشفة وفاحصة لسيطرة الخرافة على العقول والذاكرة الجمعية.
وتأتي الإشارة الأخيرة وتشير (للوثيقة المسربة عبر وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنت والتي وجهت فيها رئاسة الجمهورية بفتح تحقيق حول قضية اختفاء الإمام الغجري وتخوف الرئيس من أن يكون الإمام الغجري حيا إلى اليوم أو أن لعنته قد ضربت البلاد والعباد)، وهذه الإشارة كاشفة وفاضحة لتنزلات الوهم في العقل الذي تحركه الخرافة رغم استخدامه لآخر مبتكرات العقل، فليس الأمر تو البحث عن وقائع ابتكرها الخيال بل الأمر المخيف من لعنة الإمام التي ربما هي سبب لمآلات الفشل الآن!.
عماد البليك
جميع الإشارات المتعلقة بمكان الرواية وهي أربع إشارات يؤثر عليها التفكير الاسطوري أو الخرافي بشكل أو بآخر ولا يستثنى من ذلك عقول الأفراد العاديين أو المؤسسات التي تسير أمر البلد أو النخبة وهنا ملمح واضح لتمكن الاسطرة وتهويماتها على عقول الأفراد.
وإن كأنت الإشارات كترميزات متخيلة لكنها قرأت الواقع بذكاء واستبقت تهويمات العقول التي تبحث عن الصورة وتنسى المعنى ودوما، وترغب في المحاكمة قبل فحص الوقائع وهذا بلا شك أمر يعزى لغياب التفكير العقلاني المنير، وكذلك تعتبر هذه الإشارات ذكاء سردي يحسب للكاتب وتعرية لأي رد فعل يمكن أن يصدر تجاه الرواية.
#أسطرة تقنية السرد
من التقنيات السردية المستخدمة في هذه الرواية هي عمليات تحضير الأرواح، حيث سيقوم الكاهن كابلوز أحد شخصيات الرواية بعمليات تحضير الأرواح واستنطاقها ومعرفة التفاصيل منها، وقد تم استدعائه بواسطة مجموعة من الحزب الذي كان الإمام الغجري رئيسه، وكذلك بإيعاز من نخبة الحزب فربما يفيد التجريب!!
وعمليات تحضير الأرواح تمت برضى تام من القادة العلمانيين والملحدين داخل المجلس الاستتشاري للحزب، دعك من رموزه الدينيه التي تأسس عليها الحزب، وكل ذلك تحكيه الرواية في فصلها الأول(الروح الهائمة) وفصولها المتتابعة.
وبعد عناء م تحضير روح الصحفي التي كشفت الكثير عن التفاصيل التي جسدتها الرواية، فمن خلال تحضير الارواح تم الكشف عن الكثير من تفاصيل الأحداث والشخصيات بل صارت هذه الارواح كعدسة راصدة لا يكاد يفلت منها شيئ، تذهب في الزمن ماضيا وحاضرا.
عكست الأحداث المروية سيطرت الخرافة والاسطورة والتفكير غير المنطقي وبل وتسليم زمام الأمر لكاهن يسير بالعقول حيث يريد.
وسيطرة الخرافة تشير إلى حالة المجتمعات فائقة البدائية والتي لم تكمل شروط انتقالها المدني، بل خلطت مقاماتها البدائية بالوسائل الحديثة التي وصلتها عن مجتمعات أخرى، فاستعارت عنها الشكل ولكن بقي المضمون كما هو، فالتحديث الفوقي لن ينتج استنارة ولن يسهم في تعافي الأوطان، لذا تغلف الخرافة بشكل بهيج يتمثل في إمام أو فكرة.