الكتب المحرمة والممنوعة وأسئلة الحرية

الكتب المحرمة والممنوعة وأسئلة الحرية استطلاع – محمد نجيب محمد على -الحسن بكرى - الانترنت كمنصة إعلامية وإبداعية تحقق فتوحات لا يمكن السيطرة عليها - أسامة الزيني - الحجب آلة دعاية مثالية.. والشراكة مع السلطة حماية للكتابات المهمة من المغامرين - آسيا رحاحلية - كل ممنوع مرغوب فيه.ومعظم الناس لم تعد تقرأ أصلا

الكتب المحرمة والممنوعة وأسئلة الحرية

الكتب المحرمة والممنوعة وأسئلة الحرية

استطلاع  – محمد نجيب محمد على

 

 

 

 

-الحسن بكرى - الانترنت كمنصة إعلامية وإبداعية تحقق فتوحات لا يمكن السيطرة عليها
- أسامة الزيني - الحجب آلة دعاية مثالية.. والشراكة مع السلطة حماية للكتابات المهمة من المغامرين
- آسيا رحاحلية - كل ممنوع مرغوب فيه.ومعظم الناس لم تعد تقرأ أصلا
- مصطفى الصاوي –لابد أن  يتفق اتحادات الكتاب والناشرين على قيم للكتابة
- مجذوب عيدروس – استفاد  بعض الكتاب من قرارات المنع و المصادرة في تحقيق شئ من المصالح الآنية.

 

 

الحسن البكري

 

 

 

تثير قضية منع بعض الكتب أو مصادرتها الكثير من الأسئلة ، حول حدود حرية الكتابة ، وأهدافها . هناك من يرى أن الإبداع والفن لاحدود لهما وأن وظيفتهما هدف فى حد ذاتها لا يراد لغيره ، بينما يرى آخرون أن إجتماعية الأدب تستوجب وجود ضوابط وقيود لابد أن تحكم النشر لأن للأدب والفن رسالة خطيرة يمكن أن تحدث نغييرا على الجوانب التربيوية والسياسية والعقائدية . والمشهد الثقافى التاريخى العالمى يقول بتعرض كثير من الكتب للمصادرة أو المنع أو محاكمة كتابهاوناشريها بأسباب مختلفة فى العديد من أقطار العالم ، خاصة الكتب التى تتناول ثالوث الجنس والدين والسياسة .قمت  باستطلاع تناول هذه الإشكالية بين بعض كتاب ونقاد الوطن العربى وكانت هذه الحصيلة .

 

اسامة الزيني

 

 

إنتفاضة العولمة

يقول الروائي السوداني الحسن بكري
أن  فضاء الكتابة الآن يشمل العالم بأسره مما قلص الأفق الذي تطغى فيه المؤسسات  الأكثر ميلا لفرض الرقابة.  وإذ يتوزع وزر كبح حرية التعبير على جهات تمثل الشموليات ورجال الدين المتزمتين والمجتمع المحافظ  بأسره، يكافح الكتاب والشعراء والفنانون لاختراق هذه الشبكة التي تعمل بتكاتف منظم وتمتلك وسائل وأدوات عمل يدعمها المال والخبرة.  معلوم بالطبع أن التكنلوجيا تعمل في الاتجاهات كافة أذ أنها تنتج السم والترياق في الوقت ذاته فتتم صياغة البرمجيات التي تتخطى الرقابة وتلك التي تتيح اشتغال الرقابة على نحو أكثر عدوانية، إنها نفس التكنلوجيا التي تعمل على تخليق الفايروسات  وفي الوقت نفسه البرامج المضادة لها!!  لكن تظل الجهود الجماعية لتحقيق حريات تعبير أمضى وأوسع هما إنسانيا جماعيا صارما ونشطا لأقصى حد ،.
ويضيف البكري بالطبع يستطيع القراء الآن المرور على مواقع المعرفة والترفيه بكبسة زر.  وفيما تنقح السلطات برامج الرقابة بشكل متواصل، يتضح بشكل متواصل أيضا أن الانترنت كمنصة إعلامية وإبداعية تحقق فتوحات لا يمكن السيطرة عليها ومن المرجح أن يكون بوسع العالم الحصول على انترنت مجاني وحر من كل قيد تماما كما هو الحال مع شبكات التلفزة والإذاعة فتخيب بالتالي كل الجهود الحثيثة التي تبذل لاحتواء حرية التعبير.  إلى ذلك يحقق الناشطون قدر أكبر من التنسيق والمؤازرة وفي كل يوم تصبح القضايا التي توصف بأنها ذات اختصاص قطري قضايا كونية ويضحي الناس مواطنين يمتون لمصير مشترك، وليس صعود اليمين المتطرف هنا أو هناك إلا رد فعل مباشر للانتفاضة المعولمة التي تسعى لتحقيق الانعتاق والتي يتسع نطاقها ويصبح التعبير عنها ملحاحا وبفصاحة مدهشة تضمن عبوره ورسوخه آليات الثورة الرقمية بكفاءتها الفائقة .
ويشير حسن البكري إلى أن  الكتاب والشعراءتاريخيا  الذين كتبوا بالعربية ظلوا جانحين للمغامرة ولقد سعوا بلا كلل منذ دهور طويلة لكسر كل قيد، إذ طالما ظلت المواضيع الجريئة المتصلة بالغرام المضطرم وبالرأي المختلف في صميم مدونة الإبداع العربي.  لذلك يبدو السؤال عن جدوى الرقابة في ظل التقنيات المستحدثة والفضاءات المفتوحة مقلوبا نوعا ما.  الأجدى هو الحديث عن جدوى الرقابة نفسها إذ أننا تاريخيا غير مؤهلين ولا حتى معنيين بتكريس آليات تجهد لشطب وجدان إبداعي قائم على الحرية المطلقة التي تأسست منذ أمرؤ القيس مرورا بالنواسي وصاحب الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني، ورواة ألف ليلة وليلة الشعبيين بخيالاتهم الجامحة وانتهاء بطوابير الشعراء والروائيين المعاصرين، نجيب محفوظ، وأدونيس، والطيب صالح، ومحمد شكري وغيرهم، وغيرهم. بينما يقول الشاعر والروائي المصري أسامة الزيني: "قد تبدو الإجابة بـ(لا) للوهلة الأولى إجابة بديهية على هذا السؤال؟ نعم لا جدوى ولا فائدة بل لا معنى لمصادرة الكتب ومنعها وتحريم تداولها في عصر الفضاءات المفتوحة. لكن بوصفنا مبدعين علينا ألا نخضع رقابنا طوال الوقت للمسلمات والإجابات البديهية، وأن نمارس عليها شيئاً من الشك، ولو جزئياً، أيضاً علينا ألا نتكلس في خنادق الاصطفاف القديم ضد أي ممارسة من قبل السلطة، أي سلطة، حتى إن كانت ممارسة ضابطة لفعل ثقافي عام تتأثر به قطاعات واسعة من البشر، سلباً وإيجاباً، هذا إذا كنا مؤمنين بقوة الكتابة وقدرتها على التأثير. نعم الحرية مهمة للإبداع، لكن الحرية من دون سقف أو هدف، الحرية فقط من أجل الحرية، قد تتحول إلى مشهد فوضى عارمة، تتحول فيه قطاع من المثقفين إلى عبء على المجتمع، وتتحول الحرية من أداة للتغير إلى سكين نقطع به شراييننا. أيضاً لا ينبغي أن نتطلع إلى سقف الحريات في مجتمعات أخرى ونحن نتحدث عن الكتابة، فقد نتسبب في صدام كبير مع المجتمع حين نفرض عليه قيمنا الخاصة ونتشبث ببمارسة حرياتنا على حساب قيمه الضابطة، مثل هذا المسلك قد يتسبب في عزلة الثقافة والمثقف؛ لأن المجتمع سيضعها في خندق العدو، وسنضيع في المناوشات والمعارك الثقافية أوقات كان الأولى اغتنامها في التغيير الهادئ من خلال طرح متزن، وليس التغيير بالصدمة الذي يصر عليه كثير من الزملاء الكتاب. أنا لا أدافع هنا عن الحجب، لكنني في المقابل لا أود أن يشغلنا الحديث عن الحجب، الذي هو ممارسة سلطوية، عن الحديث عن مسؤولية المثقف/المؤلف الذي اختار طريق الصدام مع المجتمع، وليس السلطة، بدلاً من أن يمارس دوره الطبيعي في التغيير البطيء القائم على تراكم المفاهيم وتفاعلها مع المفاهيم القديمة، لكن مع الأسف تبدو صناعة التفاعلات الكيميائية الخطرة المفضية إلى انفجارات ثقافية في المجتمعات تروق لبعض الكتاب، أو ربما أنها تحقق لهم مكاسب سريعة، على شاكلة الحجب ومن ثم الانتشار بفعل الفرقعة الإعلامية التي تصاحب الحجب، لكنها مع الأسف مكاسب لا تليق بصاحب رسالة".
ويستدرك الزيني: "لكن هذا لا يعني أن نطلق يد السلطة، أي سلطة، في حجب ما لا يتوافق مع مفاهيمها وتوجهاتها، فجميع نتاج الفكر الإنساني ينبغي عرضه على العقل البشري فيقبله أو يرفضه، هنا يمارس العقل سلطته على النص، وهذا أعظم تأثيراً ونفعاً من أن تمارس الدولة سلطتها عليه، فما أكثر الأعمال المتواضعة التي ما كان لها أن تنتشر إلا بفعل الحجب، حتى إن من الأشياء التي يتندر بها في الأوساط الأدبية أن المحظوظين من الكتاب من يوفق في حجب كتابه ومنع دخوله معرضاً للكتب، أما مصادرة كتاب لكاتب في وطنه، فهذا خير له من حمر النعم، لأنه سيصبح كالمخدرات بين متعاطيها، يتبادلونه في الخفاء، أكثر مما يتبادلون كتباً لمؤلفين كبار لا تحظى بمعشار انتشارها، فقط لأنها على الأرفف متاحة للجميع."

 

مجذوب عيدروس

 


ويختم الزيني: "في تقديري أنه في ظل غياب آلية يعمل تحت مظلتها السلطة والمثقف بوصفهما شريكين، منخرطين معاً في ميثاق شرف ثقافي، تحترم السلطة فيه حرية المثقفين، ويحمل المثقفون مسؤوليتهم تجاه أصحاب المغامرات الكتابية، بالامتناع عن تقديم الغطاء الشعبي لهم، سنبقى جميعاً أسرى هذا المشهد العبثي، وسيبقى المستفيد الأكبر أصحاب المغامرات من محترفي صناعة الإثارة حول أنفسهم، وسيبقى الخاسر الأكبر المتلقي الذي سينفق عمره في مطاردة أعمال تافهة فقط لأنها محجوبة، فالحجب آلة دعاية مثالية، في حين تراوح كتابات مهمة على أرفف المعارض لا أحد ينتبه لوجودها

 

مصطفي الصاوي

 

 


الممنوع مرغوب

وتقول القاصة والروائية الجزائرية آسيا رحاحلية في عصر الفضاءات و القنوات و وسائل التواصل أعتقد أن منع كتب معينة و تحريمها و حجزها بعيدا عن أيادي القراء فكرة غبية  مهما كان الدافع. و القاريء  الفضولي الشغوف سيجد حتما طريقة يقتني بها الكتاب الممنوع فكل ممنوع مرغوب فيه و ربما لهذا تلجأ بعض دور  اليوم إلى بيع الكتب المحرمة و هي عادة كتب تتناول الدين و الجنس و السياسة ..إلى بيعها سرا او تحت الطاولة..هناك أيضا من القراء و المهتمين من يجلب تلك المؤلفات من الخارج ..إذا الأسلم في رأيي هو رفع الحظر عن الكتب المصادرة  و الممنوعة و السماح بتواجدها على رفوف المكتبات و في المعارض  في زمن تكفي القاريء نقرة  خفيفة على زر لكي  يجد أمامه المسموح و الممنوع.
وتتساءل رحاحلية لم حظر الكتب و معظم الناس لم تعد تقرأ أصلا ؟ في زمن طغت فيه الصورة على الكلمة لابد من التشجيع على القراءة و العمل على عودة الروح للكتاب و للكلمة بدل قتل الرغبة في القراءة بمنع كتب قد يقرؤها قلة قليلة فقط. بينما يذهب الناقد السوداني الدكتور مصطفى الصاوى إلى أنه ليس هناك اى جدوى من منع الكتب فمفهوم الرقابة سقط لسبب بسيط ان المتلقى له القدرة على التمييز ومن حقه قراءة اى معرفة كانت.
ويضيف الصاوى إلى أن   الكتابة لها مراحل متعددة منها المرحلة الشفاهية ثم التدوين التوثيق وصولا الى الكتابة الالكترونية وفى صف ما سبق من الصعب ان تسيطر على فضاء و الثالوث التى يجعل الرقابة او السلطات المحددة تشحذ اسلحتها بكل ضراوة هو الدين الجنس السياسة ،وأعتقد ان الكاتب الحقيقى والباحث الجاد يستطيع ان يسبر غورها دونما اساءة لقيم ومعتقدات الاخرين وان يحترم سلوكهم ورؤيتهم للكون دون المساس بها ولنا فى النص القراءانى الكريم اسوة حسنة" من قبل ان يتماسا "." وكانا يأكلان الطعام"
وعلى هذا تبقى اشارة تتعلق ان يتفق اتحادات الكتاب والناشرين على قيم للكتابة تراعى حال النشر وليس بهذا علاقة بالرقابة الذاتية بل هو امر اخلاقى ومهنى مطلوب ويذهب الناقد مجذوب عيدروس إلى أن بعض الاجهزة الحكومية لا زالت تمارس صلاحياتها وفقا لعقلية ما قبل العولمة و كذلك تفعل بعض المؤسسات الدينية وتمارس الوانا من القمع و ألوصاية علي المجتمع، ماذا يسمع و يشاهد،ولهذا تلجأ بعض دول العالم الثالث الي أساليب التحريم و المنع و المصادرة للكتب و المنتجات الثقافية الاخري مما خلق جوا  من الشك و الارتياب بين أطراف المعادلة السلطة و المؤلف و القارئ، و يصبح من خطل القول ان يكون هناك من يفكر في مسأله حظر الكتب في زمان المعلوماتية العابرة للحدود و القارات و قد افاد بعض الكتاب من قرارات المنع و المصادرة في تحقيق شئ من المصالح الآنية من شهرة و رضا الغرب عنهم و لجوء سياسي تحت ﻻفتات براقة خلاصة القول ان الرقابة بشكلها القديم لم تعد ذات جدوى إذ  أن الامر يتطلب قدزا كبيرا من الحكمة في التعامل مع مثل هذه القضايا