آخر رواياته.. الحماقة كما لم يروها أحد

آخر رواياته.. الحماقة كما لم يروها أحد الروائي الجزائري سمير قسيمي فى حوار الأسئلة الصعبة -الرواية كالحياة والموت لابمكن صبها في أي شكل -الرواية العربية لم تصل الملحمة -شخصيات رواياتي تعيش عبثا مدركا -الكتابة تحتاج مخطط هندسي ومهندس بارع

آخر رواياته.. الحماقة كما لم يروها أحد

آخر رواياته.. الحماقة كما لم يروها أحد


الروائي الجزائري سمير قسيمي فى حوار الأسئلة الصعبة

-الرواية كالحياة والموت لابمكن صبها في أي شكل
 
-الرواية العربية لم تصل الملحمة

-شخصيات رواياتي تعيش عبثا مدركا
 
-الكتابة تحتاج مخطط هندسي ومهندس بارع

 
-الرواية الجزائرية بغير شخصية

 

 

 

 

سمير قسيمي كاتب بارع في رسم شخصيات رواياته، كما هو بارع وصادم في قراءة المشهد الثقافى العربي. وقسيمي الروائي كتب روايات ذات أبعاد فكرية وفلسفية وإجتماعية وهو من الأصوات السردية العربية المهمة في قراءة درجة تطور السرد العربي. نشر قسيمي روايات العديد من الروايات منها (الحالم ) ، (يوم رائع للموت )،(هلابيل ) ،(حب فى خريف مائل ) ،و( سلالم ترولار ) التى سبق  وصلت إلى القائمة المنافسة فى جائزة البوكر وستصدر له قريبا روايته الجديدة كما لم يروها احد   وله أيضا إسهامات فى كتابة القصة القصيرة .وهو كاتب جزائري من مواليد العام 1974 ، وقد ترجمت أعماله إلى اللغة الفرنسية وتحصل على عدد مهم من الجوائز .

حوار : محمد نجيب محمد على – عامر محمد أحمد

 

 

 

 

من يتأمل المشهد الثقافى يصطدم بحقيقة وجود انفصام بين النخبة والعامة.. هل تصدرت الرواية هذا المشهد لتجسير الهوة بينهما.؟
لا أعتقد أن الرواية على اختلاف أنواعها تهدف إلى خلق هذا النوع من الجسور، ولا أتصور أن بمقدورها فعل ذلك وإن رغبت في تناول موضوع هذا الانفصام. كل ما تستطيع فعله هو خلق عوالم موازية، شبيهة بالواقع، ليست واقعا كما تفهمه العامة أو مثل الذي تعيش فيه، بل شبيهة فقط، خاصة بالنسبة للنخبة العربية التي رغم أنها تنشأ وتترعرع في الهامش، إلا أنها لا تفوت أي فرصة لتخونه وتتبرأ منه، ليس داخل النص وبه فقط، بل على مستوى السلوكيات، المتسمة بالنرجسية والفوقية، الأمر الذي يزيد الهوة بينها وبين ما تكتب عنه. ربما هذا ما يفسر، قسور الرواية العربية بشكل عام عن طرق أبواب العالمية، فالأمر لم يتعلق أبدا بعدد الترجمات ولا الحضور في المحافل الأدبية الدولية أو حتى الجوائز، بل يتعلق بأصالة تلك النصوص المتصدرة المشهد السردي العربي والمتعتد أصحابها أنها نصوص عالمية. إنه من المضحك بالنسبة لي هذا الوصف الذي أقرؤه أحيانا ملازما أسماء بعض الروائيين "العالمي" أو "الكوني"، مضحك للغاية، بسبب أن الانفصام الذي وجد بين النخبة والعامة، انعكس على شخصية الكاتب العربي في شكل انفصام بين النخبة وحقيقتها، ليصبح مجرد وهم يعشق الكاتب العربي أن يرضع منه.

 

 

 

 

الرواية ديوان العرب. هل تتفق مع هذا المقولة؟
لا أبدا، لن تكون الرواية ديوان أي أمة ما زالت تعتقد الموضوعية في مشاعرها، لا يمكن للرواية أن تكون كذلك في العالم العربي، لأن الرواية هو فن الطبقة الوسطى، كتابة وقراءة، هو فن البسطاء بشكل عام، لكن في العالم العربي مازلنا نعتقد، أن الرواية عليها أن تتسم ببعض الشاعرية، وأن تكتب بلغة راقية صحيحة، ما زلنا نعمل ونحن نقرأ أو نكتب الرواية معايير الشعر. لا يمكن للرواية أن تتطور في مناخ يعتقد أن الرواية هي مجرد حكاية تروى بطريقة واضحة. الرواية كالحياة وكالموت تماما، لا يمكن صبها في أي شكل، ليس بمقدور أكثر الناس استشرافا توقعها أو توقع شكلها أو مواضيعها. في العالم العربي نعتقد أن الرواية أصبحت ديوان العرب، انظر إلى هذا الوصف "ديوان"، أليس دليلا آخر على عبثية مصطلحاتنا وسخافة الأحكام التي نصدرها؟ أحكام على شاكلة ما أطلقه جابر عصفور وهو يقول أنه زمن الرواية. إذا كان منظوره كميا، فلا بأس، ولكن إن كنا نتحدث عن الرواية بحق، فلم نكتب بعد عربيا رواية تستحق جهدها، وهنا لا أتحدث على الاستثناءات التي لا تصنع القاعدة.

غياب الشعر من أسبابه، الحاجز  النفسي بين الجمهور وشعراء السلطة والجمهور وغياب الشعر عن التأثير. ولكن الرواية العربية لا تزال بعيدة عن تمثيل سطوة الشعر للشعوب؟
بلا شك، المقارنة بين الشعر والرواية، خاصة في دورها عربيا، مقارنة ظالمة ولا أساس لها. ما حدث عربيا، أننا كنا نملك مشية وطريقة سير ترجمها الشعر المتأصل في الهوية العربية، ولكننا وفي زخم الموضة، أردنا أن نغير من مشيتنا فاتجهنا إلى الرواية، ولكننا بعد عقود من التجريب والكتابة السردية، اكتشفنا أمرا في غاية الأهمية، هو أننا لم نستطع أن نساير الريتم السريع والحديث للرواية، لهذا تشوهت مشيتنا، فلا هي مشية شعر ولا هي مشية سرد، هكذا اخترغنا ما نسميه بحمق الرواية اللغوية، الرواية الشاعرية والكثير الكثير من الهراء المرتدي ثوب الرواية. الخطير في الأمر، أن هذه العمليات الجراحية، لم تمس جسد الشعوب العربية فحسب، بل مست روحها، حتى تشوهت. في الجزائر مثلا، حين تخبر أحدهم أنك شاعر يتملكه الضحك، ففي باطنه يعتق أن الشاعر مجرد بهلوان، نفس الشيء بالنسبة للكاتب أو للمثقف، الذي بسبب تحالفه مع السلطة أصبح ملعونا، وهو ما أشرت إليه في روايتي سلالم ترولار، وما حاولت إلقاء الضوء عليه في اكثر من عمل سابق.
المثقف العربى يبحث عن موطأ قدم في المشهد السياسي فيقوم بدور السياسي وينسى دوره التنويري؟
الرواية العربية لم تصل مرحلة الملحمة. لماذا؟
لأنها كالروائي العربي، كالمثقف ككل النخبة، كالسياسات الثقافية العربية، بلا روح يسمح لها بتجاوز عقدها، سيما عقد الشعر.

 

 

 

 

هناك من يرفض الرواية لأنها نبتة غريبة ويريد بها الغرب ضرب اللغة والقيم والثقافة؟
عليهم أيضا أن يرفضوا التلفاز والهاتف والسيارات، اليست كلها نبتة غربية؟

تحاول الشعوب العربية الانعتاق عند الثورات ولكنها تتراجع. كيف تنظر للربيع العربي وهل هو ربيع واحد أم تعدد ثورات يجمعها رفض الاستبداد؟
لحد الساعة لم تثمر أي حركة احتجاجية عربية، لا ربيع هناك، كل ما يوجد شتاء طويل متقطع الأمطار ومتزايد في البرد، المشكل في الوطن العربي، ليس مشكل شعوب، فهذه بطبيعتها تتوق للحرية، ولكن المشكل هو في النخبة العربية المتخاذلة والأقل طموحا من شعوبها، فمثلما هو واقع في الجزائر، وهو القطر العربي الوحيد الذي استطيع الكلام عنه، لمعرفتي به أولا ولاحترامي لخصوصيات الشعوب الأخرى التي لا أنتمي إليها، مشكلتنا في النخبة الضعيفة الراضية بما يبقى من فتات على موائد السلطة. النخبة في الجزائر راضية بهذا الدور، بل وراضية بدور نديم الحاكم ودور البهلوان، شخصيا، لم أعد آمل فيها أن تنهض يوما وتؤطر أي حركة شعبية، فلطالما كان الشعب أعظم من هذه النخبة الميتة.

شخصيات قسيمي الروائية ترفض الواقع ولكنها تعيشه بالعبث وتسعى لخلاص لايتحقق  (هلابيل.). السلطة والسطوة على هذا الواقع، ما هو موقع السيرة الذاتية من الواقع وسرده؟
ليست شخصيات هلابيل فقط، فكل شخصيات رواياتي ابتداء من تصريح بضياع ونهاية بسلالم ترولار، تعيش الواقع بقدر محدد من العبث، ولكنه ليس عبثا لا مباليا، بل مدركا لبشاعة الواقع وبؤس المعيش، ربما جسدت شخصية الكاتب في سلالم ترولار هذا النوع من العبث المدرك للواقع، ولم لامبالاته مطلقة، بدليل أنه انفصم إلى شخصيتين: الرجل العادي المعتني بعائلته، المكترث بزوجته والعارف لمأساوية اليتم، يتم الوالدين والوطن، وشخصية الروائي المتبجح المغرور أو من سماه "الرجل الذي يحمل اسمه"، وهما في الحقيقة شخص واحد، ينتهيان عند النص وينصهران فيه، ففي النهاية ليست حياة الكاتب مهمة ولا أعتقد أنها تحمل أي دلالة أو معنى منفصلة عن كتاباته، التي إن شاء لها نوعا من الخلود، عليه أن يفصلها عنه، وتبتعد أحداث أعماله عما يحدث في حياته، بالطبع لا يمكن أن ينفصل انفصالا تاما عن ذاته، فتظهر هنا وهناك في مختلف أعماله أو في عمل بعينه ظلال حياته متمثلة في شخصيات أو أحداث. في رأي هذا التداخل هو ما يمنح الرواية صفتها الإنسانية، ولكن الافراط فيه أو التماهي مع النص، قد يخلق رواية مشوهة أو عرجاء لن يقدر لها حياة طويلة.

رواية تصريح بضياع .. مسار التجريب في سردها  يظهر أحيانا ويختفي. هل تخطط للرواية فنيا أم أن مسار الأحداث يحكم السياقات؟
أومن بأن الكتابة بناء يقتضي صلابة لا يمكن أن يوفرها توارد الخواطر، تحتاج إلى مخطط هندسي وإلى مهندس بارع، لا يكتفي في رسوماته بما تعلمه أو رآه مسبقا، وحين ينتهي من رسم معالم هندسته، ويتحقق أن كل شيء في محله، يسمح للسياق أن يتدخل. شخصيا، لا أسمح لأي شيء يقف بيني وبين ما تصورته في روايتي، فاللغة كالاسلوب كالخواطر التي تروادني أثناء الكتابة، أعتبرها مجرد ملهيات يجب تجاهلها، من الممكن أن أسجلها وأضعها على جنب، ولكنها لن تتدخل أبدا في شكل رسمي الأخير، الذي ما أن أنتهي منه وهو المسودة الأولى، يمكنني الاستعانة بما خطر علي، أو حتى الاستعانة بآراء من يقرأ المخطوطة في مسودتها الأولى، فأنا لا أعتبر ما أكتب مقدسا غير قابل للنقد أو الاقتراح، إذ عادة ما أستعين بقراءات أخرى على غرار ما فعلت في سلالم ترولار.

 

 

 

 

المشهد الروائى العربي مليء  بالاشراقات مع وجود اختلالات في هذا المشهد.. كيف تقرأ مسار الرواية العربية في الراهن؟
سأعفي نفسي من هذا السؤال، فما زلت أتأمل المشهد ولم أنته إلى شيء محدد.

انفجار الكتابة في العالم العربي لم يقابله وعي بأهمية الحرية وأهمية الديمقراطية وتجديد في خطاب  النهوض؟
ممكن، ولكن لا يمكن تجاهل تجارب عظيمة أعتقد أنها تجسد صميم هذه الحرية والرغبة الدائمة في العيش في نظم ديمقراطية، بل قد تكون تمثل مستقبل الرواية العربية المناهضة للسلطة الاستبدادية، وأنا هنا لا أتحدث عن السلطة السياسية أو الألة العسكرية فحسب، بل كل سلطة حتى سلطة النص. دعني اشير إلى تجارب تمثل هذا الاتجاه، وهي تجارب بسبب أسلوبها في الكتابة المتحرر من الأنماط التقليدية وسلطة الأب السردي التقليدي، ورفضها أيضا لتوجيهات الناقد المناسباتي، الذي هو في الحقيقة ناقديا تقليديا لا يسلب عقله إلا الروايات المكرسة بأسماء اصحابها أو تلك التي تكرسها الجوائز، معتقدا أن الاسم يصنع رواية كبيرة وأن الجائزة تخلق أدبا عظيما. دعني هنا أشير إلى تجارب بديعة أعتقد أن على أكتافها ستدخل الرواية العربية حلبة الكبار، على غرار تجارب وحيد الطويلة وأحمد عبد اللطيف ومحمد الفخراني وطارق إمام وأحمد مجدي همام في كل اعماله باستثناء عياش ومحمد عبد النبي ووليد علاء الدين وغيرهم من كتاب مصريين تميزت تجاربهم بما أسميه اللارضا عن السرد العربي، فاشتغل كل واحد منهم على نحو كسر به تقليدية الرواية العربية، ما ترتب عنه أولا وقبل كل شيء، أن كتاباتهم لم يرض عنها الرقيب التقليدي الذي برضاه تفتح أبواب الجوائز ومختلف التظاهرات الأدبية، وإذ اشتغل كل هؤلاء في هذا الاتجاه، أجد تجربتي وحيد الطويلة وطارق إمام مستفزتين أكثر، فهما على اختلافهما مثيرتان للاعجاب بحق.
في السودان
ماهي أهم ما تتميز به الرواية الجزائرية؟
في رأيي هو أنها التجربة العربية الوحيدة غير المكتملة، كما أنها غير واضحة المعالم، والمسلوية بشكل واضح بالقطبين الغربي والشرقي، ما يجعلها رواية بغير شخصية، إلا أنها تجربة روائية مختلفة أيضا، أنه وسط كل هذه الفوضى تستمر في إنجاب استثناءات سردية مهمة في اللغتين العربية والفرنسية، وهي استثناءات تسمح لها بالظهور عربيا وعالميا. ما أريد أن أقوله أننا وبالرغم من عدم امتلاكنا جسدا واحدا نسميه "الرواية الجزائرية"، فإننا بالمقابل نملك روائيين وروايات بمقدوورها دوما تصدر المشهد عربيا وغربيا.

هل يعترف قسيمي بوجود آباء للرواية العربية واسماء تتصدر قائمة الرواية منذ نصف قرن؟
شخصيا لا أشعر بمشاعر بنوة تجاه أي اسم عربي، ولا أعتقد أنني اقتفي أثر أي واحد من الروائيين العرب أو غير العرب، ولكنني أيضا أعترف بتجارب مهمة وبأسماء صنعت وتصنع أمجاد الرواية العربية، أما فكرة التصدر، فهي قفكرة تحيل العالم العربي إلى ما يشبه الهرم، قمة وسفح، وهذا بالنسبة إلي وهم تصنعه وتبنيه نرجسية الكتاب لا غير.

الجوائز العربية.. ماذا قدمت للكاتب والقارئ؟
حماية لبعض الوقت من العوز، ورصيد بنكي يمنحه بعض الأمان، وبعض الدعوات الممتنعة عنه قبل الجوائز، تسمح له بالسفر والمشاركة في التورويج لإبداعه.

ماذا تعرف عن الأدب السوداني؟
أنه أدب مظلوم داخليا وخارجيا، بسبب تعمد المنابر العربية الإعلامية إلى تصويره في صورة أدب طفرة، بالرغم من أنه أصيل ويملك في داخله كل العوامل التي تجعل منه أدبا رأئدا وعالميا أيضا، وأيضا بسبب إصرار منظومة النقد العربي على تقديمه لنا بصورة قاصرة، بسبب عدم قدرتها على مسايرة رتمه الإبداعي، بدليل عدم قدرته على تقديم التجارب السردية من داخل السودان واكتفائها بأدب السودانيين المقيمين في الخارج أو الحائزين على جوائز.

تنبأت رواية "سلالم ترولار بما حدث في الجزائر. ماهو موقع  الكاتب في استشراف المستقبل وهل من مهام الرواية قراءة الواقع أم ماوراء الواقع  والتنبؤ به؟
ليس تنبؤا بقدر ما هو قراءة صادقة وموضوعية للواقع، وهي القراءة التي لا يستطيع فهمها المستبد، أو أي سلطة استبدادية، تعتمد في وجودها على إيهام الناس بأنها موجودة فقط لأنه لا بديل لها، وزوالها قد يعني الفوضى. أعتقد أن الحراك الجزائري على سبيل المثال أثبت العكس، التنديد بسلطة مستبدة، وإن كان استبدادها غير ظاهر، لا يؤدي بالضرورة إلى حالة فراغ وفوضى.
ومع هذا، لا أعتقد أن من مهام الرواية استشراف المستقبل، فالواقع هو المهم، ولكن تبقى طريقة نقل هذا الواقع إلى الورق هي الأهم.


هل الرواية التاريخية تكتب تاريخنا ولكنه ليس بتاريخ كما تقول الناقدة اللبنانية  (يمنى العيد) وحدود التخييل في كتابة وقائع من زمن مضى سرديا؟
شخصيا لا أعتقد أن الرواية التاريخية بمقدورها إضافة أي شيء للرواية، خاصة  الروايةالعربية وبالأخص إذا كتبت على النحو الذي تكتب به حاليا. الرواية العربية التاريخية، لا تنطلق من هواجس آنية لتعالجها باستغلال التاريخ، في سبيل تبرير موقف أو حالة في الحاضر، بل تهيم في حقبات تاريخية فقط لتبحث عن حكاية يعجز صاحب الرواية التاريحية عن ابتكارها لسببين: ضعف مخياله الروائي، وعجزه سرديا على تناول الواقع الراهن. بالنسبة لي هو هروب من الواقع والعجز السردي، لهذا أعتبرها في الرواية حمار السرد بامتياز، مثلما اعتبر بحر المتقارب حمار الشعر. بالطبع أحترم من يخوض فيها من باب احترامي للعجز والإعاقة، ولكنني أصر على رأيي في هذا النوع من الكتابات.
هناك نوع واحد من الرواية التاريخية الذي أراه يعبر بصدق عن الروائي الحقيقي، وهو الذي يستغل فيه الكاتب التاريخ كإطار عام لا غير، لك أن تقول يجعل منه مجرد ديكور يضبط داخله قصة متخيلة بالكامل، ويستطيع بواسطتها إسقاط أحداثه شبه التاريخية على الواقع، مثل هذا النوع من الكتابة التاريخية يستغل الفراغات الموجودة في التاريخ ويبني داخلها حكايته، وهو ما فعله مثلا ربيع جابر في دروز بلغراد أو أمين معلوف في صخرة طانيوس.

هل تلتزم بالسرد بمفهومه العلمي أم أن الكتابة عندك لا تتقيد بقيد سوى قيد الفكرة والخيال واللغة السردية.. هناك من يري بان السرد وتطبيقه مهم للكتاب والقارئ. كيف تقرأ كل هذه الآراء ككاتب روائي؟
رغم تكويني العلمي والقانوني، أجد أن فكرة التقيد بأي شيء أثناء الكتابة تقييد للكتابة بحد ذاتها، فمنطق الكتابة الوحيد أن لا منطق فيها، باستثناء عادات يألفها الكاتب في كتابته، فمثلا أنا أحب أن أرسم مخططا لمجريات روايتي فيه الفكرة واحتمالات بدايتها واحتمالات نهايتها. لكن اثناء التحرير قد تتغير أمور كثيرة، ولكن ليس هناك أي احتمال لتتغير الفكرة مهما بدت لي الاحتمالات مثيرة.

من خلال تجربتك ما الفرق بين كتابة القصة وكتابة الرواية أيهما أصعب. وأغلب كتاب الرواية بدأوا بالقصة وانتقلوا للرواية ولكنك فعلت عكس ذلك؟
شخصيا أجد القصة القصيرة أصعب.

 اخيرا بعض ملامح السيرة الإبداعية والذاتية؟
أفضل ان يكتشفها القراء في رواياتي، فقد عملت على ذلك متعمدا.