الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي

الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي - الشعر ديوان العرب وليس الرواية  - نحتاج نظرية نقدية عربية نقرأ بها أنفسنا حوار - محمد نجيب محمد علي تعد الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي واحدة من أميز الشاعرات العربيات ، إذ مثلت صوتا شعريا مغايوا في فترة ظهورها الأول ، وقد شهدت تلك الفترة تجاذبات ما بين القصيدة العامودية وقصيدة التفعيلة وبداية ظهور قصيدة النثر . إحتفظت ساجدة في كل مراحل كتابتها الشعرية بروح قصيدة التفعيلة مما أتاح لها الوصول إلي جمهور عريض .وساجدة تخرجت من جامعة بغداد كلية الآداب قسم الشريعة واللغة العربية ، وكانت أول إصداراتها في العام 1979

الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي

الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي

 

- الشعر ديوان العرب وليس الرواية 

- نحتاج نظرية نقدية عربية نقرأ بها أنفسنا

 

حوار - محمد نجيب محمد علي

 

تعد الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي واحدة من أميز الشاعرات العربيات ، إذ مثلت صوتا شعريا مغايوا في فترة ظهورها الأول ، وقد شهدت تلك الفترة تجاذبات ما بين القصيدة العامودية وقصيدة التفعيلة وبداية ظهور قصيدة النثر . إحتفظت ساجدة في كل مراحل كتابتها الشعرية بروح قصيدة التفعيلة مما أتاح لها الوصول إلي جمهور عريض .وساجدة تخرجت من جامعة بغداد كلية الآداب قسم الشريعة واللغة العربية ، وكانت أول إصداراتها في العام 1979 ديوان " طفلة النخل " كما أن لها أكثر من 14 مجموعة شعرية ، وهي مثقفة هادئة النبرات في توصيف حالة الشعر عكس قصائدها المتميزة بقوة المفردة والصوت الضاج بعنفوان الخطاب وجزالة اللغة العربية وهي تقيم الآن خارج العراق . إلتقيتها في مهرجان ربيع الشعر بولاية البليدة بالجزائر وكان هذا الحوار .

 

- كيف جاءت القصيدة الأولي ؟

 

أنا مغرمة بالقراءة منذ طفولتي ، شغوفة بالروايات العربية والعالمية ، كتبت أول قصيدة عن الربيع وعمري وقتها 12 عاما . كنت أحس أن هناك شيء في حاجة للتعبير عنه ، وتعلقي بالشعر إرتبط بصوت أمي وهي تهدهد إخوتي الصغار بقصائد الأحاجي ، لم أجرب كتابة القصة والرواية .

- رغم قراءاتك المبكرة للرواية ؟

الروايات كانت تغذي خيالي إلا أن أول ما نشرت مقالات وليس قصائد ,إلتقيت في مرحلة الدراسة الجامعية بأساتذة ونقاد وشعراء كبار أفادوني من خلال ملاحظاتهم وتشجيعهم خصوصا الدكتور خالد علي مصطفي .

 

- أول مجموعة شعرية ؟

 

" طفلة النخل " وهي وجدانيات تعبر عن إنسانة تواقة إلي عالم واسع ، عالم يفيض بالمحبة والتسامح . كانت المجموعة تتحدث في مجملها عن علاقة الإنسان بمشاعره الداخلية الذاتية تجاه ما يحيط به ، وبها أبعاد فلسفية ونبوءة لم أكن أدري ما تخبيء الأيام

 

أنا طفلة النخل والقدر المضطرب

حملت المصابيح وسط البحر فانطفأت

ثم أوقدتها غالب الموج فانطفأت

ثم أوقدتها

جاءت الريح فانطفأت

بم يكن غير إنقاذها بدمي

غير أن دمي شح هذا المساء

 

- كيف تعرفين الشعر ؟

لا أعتقد أن هناك تعريف محدد للشعر  . أهمية الشعر ومكانته تتجلي في مقولة ارسطو الذي يري " الشعر أهم من التاريخ لأن الشعر يختزل التاريخ "

 

- ما رؤيتك له ؟

 

رؤيتي تتمثل في أن تتحول أنت إلي الآخر حين تمطر شعرا وتسقي الأرض وتنعشها شعرا ، وأحيانا تبرق شعرا بصاعقة مجلجلة تصرخ فتعطي الناس الأمل بأن الحياة لا تنتهي ولا تموت إذا كان هناك أمل .

 

- تجربتك الشعرية والحياتية بها إرتباطات بعلاقة المثقف والسلطة ومع ما يقال عن هذه العلاقة الشائكة إلا أن هناك تكامل أحيانا بين المثقف والسلطة وسؤال الهوية والحرية ؟

 

الأيدلوجيات أحيانا تجعل العلاقة شائكة وترسمها في مسارات مختلفة لا تحبها السلطة ولا المثقف ولا سؤال الحرية . أحيانا تلتجيء السلطة للمثقف كي يكون عونا لها في التنوير وأحيانا تلجأ ضده بمعاونة آخرون لهم ، والسلطة التي يقال أني مدحتها وتم تصنيفي بذلك لم أكتب فيها غير قصيدتين وطنيتين في قضايا وطنية الأولي مباشرة والثانية رمزية

- والمتنبي مدح سيف الدولة فأصبح نموذجا لعلاقة المثقف بالسلطة ؟

لا أعتقد أن المتنبي من خلال شعره قد كتب كل ذلك حتي يتقرب من سيف الدولة ، كان يحبه ويحب غزواته ويموت الف مرة إذا لم يمدحه ، فهو في علاقة متكاملة بين مثقف واسع المعرفة والموهبة هو المتنبي وقائد وطني ورمز في تلك الفترة لكل المكارم .

 

- ولماذا كان هناك تشويش علي هذه العلاقة بين الشاعر الكبير والقائد سيف الدولة ؟

 

أنا أنظر إلي التاريخ من زوايا الحاضر والماضي والمستقبل ، والشعر الرائع الذي كتبه المتنبي في سيف الدولة لم يكن رسالة لمسئول أو قائد من أجل العطايا ، ولكن المتنبي يحبه ، وكان سيف الدولة في تلك الفترة أهلا للحب ولا يعيب مع ذلك أن يجزل القائد سيف الدولة للشاعر المحب المتنبي الهدايا

 

- هناك متغيرات كثيرة حدثت في العراق في العقدين الأخيرين ، هل إستطاع الشعر العراقي أن يعبر عن كل هذه المتغيرات ؟

 

مر الشعر العراقي بمراحل متعددة لعبت فيها السياسة دورا كبيرا في الإستقرار والإضطراب ، ولا أود أن أخوض في كل هذه المراحل منذ خمسينات وستينات القرن المنصرم ، التي شهدت كثيرا من المنازعات والأزمات والتدخلات ، إلا أن هناك فترات كبيرة ظل سؤال الشعر الوطني مطروحا في حربنا مع إيران وفي رفضنا الغزو الأمريكي . لا شك أن سؤال السياسة المباشره لا يحبه الناس ، ولكن أقول بصراحة أن العراق قد فقد دولته بكل حضورها في المشهد ، وأن الشعر عاني من إضطرابات سياسية وعاطفية ، والقاريء المتابع هو الأقوم في قراءة موقع الشعر العراقي مما يمور به الوطن من أحداث متلاحقة وإضطرابات ، وأتامني أن يعود العراق إلي عراقه .

 

-بعد كل ماذكرته ما هو موقع الشعر العراقي في راهنه داخل خارطة الشعر العربي ، إذ أن التغيير الذي قادته نازك الملائكة وعمده بدر شاكر السياب أصبح المفتاح الذي يقرأ به تاريخيا تطور حركة الشعر العربي ؟

 

مع السؤال الشائك والمعقد إلا أن تطور الشعر العراقي بلاشك كان له حضوره الكبير في المشهد الشعري العربي ، وفي صوت تحديث الشعر قصيدة وفكرة ، والظروف التي يعيشها العراق من الصعب أن تصل إلي تقييم يفيد ، فقد كانت فترة نازك الملائكة والسياب مستقرة وكان التقييم لتجربتهم موضوعيا ، الآن هناك أصوات شعرية منهم من توفاه الله مثل عبد الرزاق عبد الواحد الذي كان يبكي العراق شعرا وأسماء أخري مثل رعد بندر وعبد الودود القيسي ، وهناك كثير من الشعراء ظهر صوتهم في المنافي ولهم حضورهم ويحملون العراق بين أجنابهم ،إلا أن قراءة الشعر العراقي ككتلة تحتاج أزمنة مغايرة حتي تكون موضوعية ووافية .

 

- هل ترين أن قصيدة التفعيلة في العراق هي التي تقود الشعر العراقي الآن بكتابها الكبار الذين يعرفهم الوطن العربي ؟

 

إذا إحتكمنا إلي الإبداع نجد أن الشعر العراقي في شكله الآن قد تجاوز أشكال الكتابة ، مثلا الشاعر جواد الحقار يكتب قصيدة النثر وهو يكتب أروع قصائد النثر ، وهناك أمثلة أخري ، لا أنفي إنحيازي إلي التفعيلة التي أكتب بها ، ولكن هنالك تطور هائل في كتابة الشعر ومضمونه ،إذ أن الوجع يزداد والآلام تزداد وكلما إزداد الوجع والآلام إزداد الشعر ألقا وتطورا في مضمونه وشكله وخطابه ورؤيته .

- مقولة أن الشعر ديوان العرب هناك من يضحضها بأن الرواية هي الآن ديوان العرب ؟

 

لا تقرأ الرواية في المنابر ولا المهرجانات ، هي علاقة قراءة بين كاتبها وقارئها ، أما الشعر فإنه ديوان العرب وصوتهم وخطابهم والمعبر عنهم في كل مراحل حياتهم ، قد نختلف في تأثير الشعر لوجود وسائط سيطرت علي الإنسان وزمنه ، ولكن الشعر عندما يأتي أوانه يحرك كل الناس ، يحرك وجدانهم ، آمالهم ، أحلامهم وسؤال نهضتهم .

 

- رغم هذا الدفاع عن موقع الشعر إلا أننا نجده قليل التأثير في الساحة الآن ، لماذا غاب الجمهور عن الشعر ؟

 

الشعر لم يغب لحظة عن الجمهور ، كانت هنالك محاولات إلي تغييبه ، إلا أنه في كل المهرجانات التي أشارك فيها و في كثير من الدول العربية نجد أن الشعر عندما يقرأ تمتليء القاعات ، ولا اريد أن أبخس بقية المناشط إلا أن منشط الشعر نجد أن جمهوره الأعلي حضورا وتجاوبا ، وهذا يحيلنا إلي سؤال عن إرتباط الناس بالشعر مع إزدياد الإهتمام بالرواية وقراءتها وكتابها .

 

- مادور الشعر في التعبير عن قضايا المرأة ؟

 

ليس من مسئولية الشعر إيجاد الحلول للقضايا الحياتية للمرأة ، وما يكبلها في المجتمع . هذا مكانه القوانين من الجهات المسئولة . أعتقد أن المرأة الكاتبة والقارئة للشعر يلعب الشعر دورا كبير في التعبير عنها في حياتها في علاقتها مع أسرتها وفي علاقتها مع المجتمع ،إلا أنه لا تقع عليه مسئولية تصحيح مسار المرأة داخل المجتمع ،أو تصحيح صورة المرأة في المجتمع . الشعر مرآة للحياة ولكنها لا تنعكس علي هذه الحياة أو تمارس عليها سلطة قانونية

 

- المدارس النقدية الشعرية وما يدور حولها من إختلافات ، وكل مدرسة تدعو إلي شكل تجده المناسب لصورة الشعر ؟

 

هذا موضوع طويل وشائك . والمدارس النقدية الأجنبية أطروحاتها لا تلائم القصيدة العربية . وعلينا إستنباط موقفنا الشعري المرتبط بالواقع السياسي والإجتماعي أ السؤال عن المدارس الشعرية النقدية أقول بصراحة علينا إنجاز نظريتنا النقدية العربية في الشعر

 

- ظل سؤال الترجمة مسيطرا علي العلاقة بين العالم العربي وبقية العالم وخصوصا الغرب في إعتقادي ، لماذا لم تستطع الترجمة أن تقوم بدورها في توصيل الإبداع العربي للآخرين ؟

 

هذه مسئولية مؤسسات ثقافية كبيرة ، ومشروع ثقافي متكامل . هنالك إجتهادات كبيرة عربية لترجمة الإبدالع العالمي إلي اللغة العربية ، والأزمة تتجلي في الترجمة من اللغة العربية إلي اللغات العالمية ، كما قلت هذه تحتاج إلي مؤسسات رسمية ضخمة يكون كل الإبداع العربي المتميز أمامها علي حد سواء لتوصيل هذا الإبداع للعالم ، وحرام أن كبار الشعراء والروائيين والقصاصين والمفكرين العرب بعضهم لا يعرفهم العالم إلا من كتاب واحد ، والبعض لا يعرفهم العالم أبدا رغم تأثيره العظيم والكبير في كل مسارات الثقافة والحضارة  والفكر العربي .

 

-كيف قرأت ساجدة الإبداع السوداني ؟

 

منذ سنوات طويلة تعرفت علي الكتابة السودانية الشعرية والروائية ، وقد أتاح لي ذلك التعرف علي كثير من الأسماء . من بين النساء معجبة بالشاعرة روضة الحاج ، كما أنني كثيرة الإعجاب بشاعر مقل في كتابة الشعر هو الأستاذ صديق مجتبي الوزير والمثقف ، وكذلك تعرفت علي كثير من الشعر السوداني المنشور في كثير من المنابر ، وهذا علي ما أعتقد يجعل الشعر السوداني في أبعاده الثقافية كافة متميزا علي مستوي القصيدة العربية .

 

- ملتقي ربيع الشعر العربي في البليدة بالجزائر ؟

 

هذه مبادرة إيجابية أثمن طويلا القائمين عليها بأن بادروا في مثل هذه الأوقات الصعبة بدعوة شعراء عرب من جميع البلدان العربية ، يلتقون يتناقشون يقرأوون الشعر علي جمهورهم وهذا لعمري أضعف الإيمان في هذه الأوقات العصيبة كما ذكرت كثيرا فإن هذه المبادرةمن  مدينة البليدة ومن الجزائر كان لها وقع خاص في نفسي لمحبة طويلة العمر للجزائر وشعبها ونضاله وتمسكه بأمته العربية