زمن الديم..
زمن الديم.. في تذكر بدرالدين عبدالعزيز.. عامر محمد أحمد حسين. مجموعتان قصصيتان وسبع روايات لم تنشر هذا ماتركه القاص والروائي الراحل بدرالدين عبدالعزيز (1964-16/نوفمبر 2009) وحكاية بدرالدين عبدالعزيز بسيطة في المشوار والمشية الخفيفة على الأرض، وضحكة صامته يبين بها فرح الفؤاد وصفاء النفس.
زمن الديم..
في تذكر بدرالدين عبدالعزيز..
عامر محمد أحمد حسين.
مجموعتان قصصيتان وسبع روايات لم تنشر هذا ماتركه القاص والروائي الراحل بدرالدين عبدالعزيز (1964-16/نوفمبر 2009) وحكاية بدرالدين عبدالعزيز بسيطة في المشوار والمشية الخفيفة على الأرض، وضحكة صامته يبين بها فرح الفؤاد وصفاء النفس. حصل على الماجستير في علم الاجتماع ولم تستوعبه الدولة في وظيفة تليق به ومشاوير التحصيل في علم الاجتماع. كنت اسمع منه كلاما حول المباني الخرسانية والسيخ والاسمنت وموقع البناء، قد تكون هذه مهنته في مكابدة الأيام، لكنه يجيد أيضا مباني المعاني ومداميك الحروف الفخمة . يقرأ بدرالدين، قصة قصيرة فتنتبه كل حواسك، سليم اللغة، والوجدان، مع صوت متميز واضحة نبراته. في نادي القصة السوداني، التقيت به، عرفت فيه المبدع الأصيل، والانسان الجميل. يتكئ على لغة خاصة، وأسلوب سردى محكم وحكايات واثقة الخطوة، في ممشى السرد. عذوبة الحكاية ، وهج اللغة، اجادة السرد والفكرة، كلها تلخص لك صورة الفنان قابلية الموهبة واجادتها تشكيل الحياة بفسيح الرؤى واللغة المنتجة الحدث في غير صناعة.. عرفت في الراحل المثابرة والانصات لكل رأي نقدي، في تواضع لايتقنه إلا كبار النفوس والموهبة. ندوة السرديات بنادي القصة كانت تضم كل الفئات العمرية من عمر استاذ عبدالرحمن جادين إلى اصغر طالب كاتب جامعى.. يجلس الأستاذ مجذوب عيدروس، يستمع ويوجه نصائح غالية للجميع حول الكتابة والسرد وكيفية الانطلاقة الصحيحة وبخبرة القارئ العادى المثقف والحصيف تأتى مساهمة موظف البنك والمحاسب عبدالكريم عبدالفتاح في رشاقة الكلمات وقوة الحجة. يشارك بخبرة وحصافة الشاعر حسب الباري سليمان.. والله ياسلام. الأستاذ شابو، يطرز الجلسة بنول الندى الفياض ويكتشف المحار.. في هذه الجلسات السرديات كان كل الحضور بهاء من أعضاء النادى أحمد ابوحازم و محمد خير عبدالله والجميل الهادي راضى والحبيب أحمد عوض والناقد ابن العم عزالدين ميرغني والجميل منصور الصويم وصفى العمر وصديق المشاوير الطويلة التقى محمد عثمان. والدكتور الجميل ابن العم أحمد الصادق والناقد محمد الجيلاني ومشروع المكان الحاضر دوما وسط اشجار السرد.. في هذا الجو العبق، اطل بموهبة كبيرة بدرالدين عبدالعزيز وقد سبق حضوره تعريف به من الأستاذ الدكتور عمر شاع الدين جاره في السكن. كان عطاء الراحل بدرالدين عبدالعزيز متميزا في نادى القصة، بموهبته الكبيرة وسمو أخلاقه ومثابرته في المشاركة في كل انشطة النادى. عرفت في بدرالدين تقبل النقد دون تعالى أو تقديم إحساس بالرفض ومايدعيه بعض ادعياء الكتابة بأن فلان هذا يستهدف موهبته لصالح ماذا، لاتعلم. كان مرض بدرالدين مؤلما للأصدقاء وهم تحيط بهم الإنقاذ ومدرسة التشريد التى ادمنها النظام ضد كل من لايمشى في ركاب برنامجه السياسي ومنظومته الفكرية وكانت تلك الفترة مابعد نيفاشا أي التوقيع على الاتفاقية، وماقبل الإستفتاء، تمثل أقصى درجات شر النظام، الوسواس الخناس في إتجاه المرضي ووسواسه القهري بأن كل من ليس معي فهو ضدى وقام جهاز امنه بزيادة مخاوف النظام واتباعه، بأن الحركة الشعبية وهي غير مؤمنة بوحدة او ديمقراطية، ( تسعى لوراثته على عرش السودان )، كانت هذه الأجواء الملوثة، والملتوية، مدعاة لترك البلاد واختيار الخلاص الشخصي والهروب من الجحيم، لكن ظل الصمود هو العنوان الأبرز لنادى القصة وأعضائه ، ورابطة الكتاب السودانيين، واتحاد الكتاب السودانيين، ومنظومات ثقافية أخري أيضا قاومت وإن عملت على الانزواء. وإن كان من شكر فإن احق الناس بالشكر هو المبدع والشاعر والوزير ورئيس المجلس القومي للثقافة الأستاذ صديق المجتبى في تلك الفترة والذى حاول بكل مايملك من علم وثقافة أن يفك المشهد الثقافى من غلواء التحكم فيه من ادعياء الثقافة، وتمثيلهم زورا، وبهتانا للكاتب السوداني دون امتلاك فضيلة الخجل في التمثيل بالوطن العريق.. . الألم في مرض بدرالدين ومهاجمة داء السكر الشديدة له وعدم اهتمام الدولة بالمبدع، أو تقديم عون له، توائم في حلقة الفراغ الثقافي السوداني ومكابدة الكتاب من المحيا وحتى الممات. وهناك قضية تراث وفكر ومنتوج من يرحل من المبدعين، إذ رحل المبدع والأخ العزيز بدرالدين عبدالعزيز وترك ماكتب مخطوطات ولا أدري مامصيرها؟ وكيف السبيل إلى نشرها( كجزء صغير) من وفاء الوطن لمبدع مات وهو يعاني من جراح السكر وكان يحب وطنه وشعبه.
رحم الله الروائي والقاص الصديق (بدرالدين عبدالعزيز )آمين.