حوار ما قبل الرحيل

حوار ما قبل الرحيل الشاعر الموريتاني الشيخ ولد بلعمش - تطور الواقع العربي بشكل دراماتيكي أعيا الكلام - في موريتانيا الجمهور هو من يفرض قراره و توجيهاته على رواد الشعر - الشعر لم يعد ديوان العرب الوحيد الجزائر - محمد نجيب محمد علي

حوار ما قبل الرحيل

حوار ما قبل الرحيل

الشاعر الموريتاني الشيخ ولد بلعمش

- تطور الواقع العربي بشكل دراماتيكي أعيا الكلام

- في موريتانيا الجمهور هو من  يفرض قراره و توجيهاته على رواد الشعر

- الشعر لم يعد ديوان العرب الوحيد


الجزائر - محمد نجيب محمد علي


يعد الشاعر الموريتاني الشيخ ولد بلعمش الحائز علي المركز الثالث في مسابقة  " أمير الشعراء " من أكثر الشعراء العرب متابعة في وسائل التواصل واليوتوب وصدر له ديوان "بريد الراحلين" عام 2010 كما أنه يكتب الشعر العامودي ويترنم به ، وله آراء واضحة في الشعر والكتابة وموقع الشعر الموريتاني في خارطة الشعر العربي . إبان مشاركته في ملتقي ربيع الشعر العربي في البليدة بالجزائر إلتقيته . سألته عن الشعر والناس والحياة ، عن الكتابة وفلسفتها وكانت هذه الحصيلة . وتجدر الإشارة أن رحيل الشاعر  جاء فجأة  بعد فترة قصيرة بعد عودته لبلاده وهو فى أوج عطائه . يرحمه الله  

 

 

- نبدأ بملامح من السيرة الذاتية ؟

ولدت عام 1973 في قرية امحيرث بولاية آدرار شمال موريتانيا و بها نشأت . في تلك القرية يتعانق النخل و الجبل و الروابي عناقا مدهشا، كان جمالها الملهم خارقا و كان الناس طيبون مقبلون على حياتهم غير العابئة بآثام العصر الجديد ،كان والدي رحمه الله قاضي البلدة التقليدي وراثة عن أبيه حافظا لمتون فقهية ذات بال ،محبوبا يوثق للناس معاملاتهم و يعيش واحدا منهم دون بروتكولات زائفة، لقد طاب له المقام و لأبيه من قبل هناك  رغم أنهم آتون من قلعة المعارف و فخر القطر مدينة شنقيط ، فما قطعوا بها الصلة لكنهم لم يسلموا أبدا مقامهم الجديد منذ عرفوه ،و كانت جدتي رحمها الله ضليعة بالسيرة النبوية و لها كنت أقرأ الكتب فربما أصابتني عدوى الشعر من ذلك درست الابتدائية و الإعدادية في مدينة أطار عاصمة الولاية غير أنني ما أطعت داعي القلب من سفهي و غالبت ميولي الفطرية فدرست شعبة الرياضيات و منها حصلت على الباكلوريا و أكملت الدراسة في مدينة حلب السورية إذ تخرجت مهندسا ميكانيكيا من جامعتها العريقة .

 

 

- وكيف كانت بدايات الكتابة ؟

بدأت كتابة الشعر في سن مبكر غير أن نضج التجربة و عرامتها سيحذف بالتأكيد سنيني الأولى من الشاعرية الحقة إذ كانت البدايات كالعادة أقرب للوزن باستثناء ومضات هي الدليل على كنز الشعر المستكن في أعماق الفتى .. و مع عودتي من سوريا التي كثفت التجربة و عمقتها عدت إلى بلادي ليتفضل أهل الشعر بقبولي بينهم شاركت في كثير من المهرجانات الشعرية داخل موريتانيا و خارجها ،نشر لي ديوان شعري اسمه" بريد الراحلين "سنة 2010 و أنا حاليا على نية إصدار ديوان جديد اسمه" نقوش مسافرة "كما حصلت على عدة جوائز كان أهمها حصولي على المركز الثالث في النسخة الخامسة من برنامج أمير الشعراء .

 

 

- موقع الشعر الموريتاني في الشعر العربي ؟
موريتانيا كما هو معروف بلاد تحرس اللغة و الشعر، و قد وهبتها الدنيا لقب "بلاد المليون شاعر"، فحين كان الشعر العربي يمر بمرحلة انحطاطه كان سكان هذه الصحراء ينسجون الروائع و قل أن تجد من عرف الموريتانيين إلا و قد سكنه الاندهاش مما رآه رأي العين من عشق للغة و إجادة لها ،لكن مع ذلك ليس من الشطط في الحكم إن قلنا إن حضورها العربي ليس على قدر إمكاناتها و كم لذلك من أسباب

- الشعر الموريتاني خواصه و مدارسه و لماذا تسيطر المدرسة الكلاسيكية عليه ؟
لو قيل لي ما السمة الغالبة على شعر بني قومك لقلت سلامة اللغة ،و كما تفضلتم ظلت الكلاسيكية تسيطر إلى عهد قريب على الشعر الموريتاني لأسباب منها الذائقة الأصيلة و الجمهور الذي يفرض قراره و توجيهاته على رواد الشعر الجدد، لكن التواصل الذي نشط في العقود الأخيرة حجز للحداثة مساحة لم يعد من الممكن تجاهلها أو التقليل من شأنها .
-الشعراء الشباب في موريتانيا هم الأكثر شهرة أين الشعراء الكبار ؟
أعتقد جازما أنه ما كان ليكون هؤلاء لو لم يكن أولئك. هم حاضرون بقوة في الذاكرة الموريتانية و في حاضرنا الشعري و ماضيه، لكن ربما العتب على الآخرين خارج موريتانيا الذين لم يبحث أكثرهم عن شعرائنا الكبار و إن كان لهم حضورهم و مقامهم المعروف عند الكثيرين .
 
- مدرسة الشعر العمودي هل لا زالت مؤثرة في الجمهور ؟
هي المسيطرة حتى الآن و هي العائدة بقوة و ألق و نفس جديد.
 
- دور الشعر في المجتمعات العربية هل ما زال ذلك الدور القديم ؟
تطور الواقع العربي بشكل دراماتيكي بشكل أعيا الكلام .الشعر يخيط من الخيال صوره فماذا يفعل إن كان الواقع أغرب من الخيال و هنا التحدي .

 

- أمير الشعراء ماذا أضاف لك ؟
قدمني للجمهور العربي و وهبني مشكورا مساحة من الضوء أسعدتني .

-تخوم الوطن العربي السودان و موريتانيا هل اعترفت بهم المراكز العربية ؟
اعترفوا بهم في حدود ما انتزعه مبدعو هذين البلدين بإبداعهم ،أما تقديم سوى أولئك من المبدعين الجديرين بأن يعرفهم الناس إلى العالم العربي فعادة ما تتحكم فيه الشللية الثقافية .

- النشر الإلكتروني ساهم في التعريف بالشعر عموما ؟
ساهم في التعريف بكثيرين و شخصيا أنا مدين له ،فمع أنني لم أنشر دواوين في الشبكة إلا أن نشري الإلكتروني المتواصل لكل قصيدة جديدة عرف بي و بتجربتي و فك عني عزلة رهيبة ذلك أنني أقيم في أقصى الشمال الموريتاني مهندسا في شركة مناجم لا علاقة لها بالشعر و لا بالشعراء .

- ماذا عن مشاركتك في مهرجان الشعر البليدي ؟ و هل جاء لمعالجة الآثار السالبة لربيع السياسة ؟
حقيقة كنت سعيدا بمشاركتي في هذا الملتقى إنه رسالة سلام و أمل نحتاجها، و هو قبس من وهج التراث الأندلسي المسافر في هجرته الأبدية ،و تذكير لنا بأن الجزائر بلد البطولة و الإباء بلاد للشعر و الجمال بالإضافة إلى ذلك .

- كيف تقرأ شعراء السودان من خلال مشاركتك في المسابقات ؟
رائعون مميزون و لا غرابة .. السودانيون بشجنهم الإفريقي و عمقهم التاريخي و اطلاعهم الواسع و اجتهادهم يستحقون أن يكونوا في المقدمة و هم كذلك فعلا .

- هنالك من يرى أن ظهور قصيدة النثر جاء لهدم التراث العربي الشعري ؟
لا أعتقد ذلك .. و لا تعجبني نظرية المؤامرة لكنها نمط جديد اعترض عليه الكثيرون و الناس أحرار في أذواقهم و لربما كان جديرا برواد قصيدة النثر لو غيروا التسمية و ما ضرهم لو قالوا إنها نثر بنفس شعري و هذا إلى العدل أقرب .

- يقولون إن الشعر لم يعد ديوان العرب ؟
ليس إلى هذا الحد لكن ربما ليس هو الديوان الوحيد و ربما ضاقت صفحاته بمواجع العرب .

- ماذا تقول عن النقد هل هو مواكب لحركة الإبداع ؟
قبل عقود كانت للنقد معاركه لم يكن رتيبا كان متألقا ،كان شرفا ، أما اليوم فقليل من النقاد الصادقون الجادون .

- كيف ترى واقع القصيدة العربية الآن ؟
لا خشية على القصيدة العربية فالقرآن الكريم بحفظه تبقى لغتنا محفوظة و ما دامت هنالك لغة فالقصيدة في الصدارة .. قصيدتنا العربية اليوم بخير لكنها جوهرة مطمورة في ركام معاناتنا و بؤسنا  فجدير بنا صقلها .

- وماذا عن غياب جمهور القصيدة ؟
لو أقنعتهم لحضروا لا تلوموهم و لوموا القصيدة . في واقع هذا لكل مواطن قصيدة .. أحاديثهم و حياتهم كلها قصائد لكنها في الغالب تراجيديا مبكية . كيف تعطي الإنسان ما كفاه مملوءتان به ؟