(الفك ليس بالمفترس)

(الفك ليس بالمفترس) بقلم : زين العابدين الحجّاز تعتبر السينما من الروافد الأساسية للمعرفة بالنسبة لجيلنا . كنا نهتم بالأفلام المصرية و الهندية والأمريكية وغيرها وكل مايكتب عنها فى الصحف والمجلات ونحفظ أسماء الممثلين

(الفك ليس بالمفترس)

(الفك ليس بالمفترس)

بقلم : زين العابدين الحجّاز

 

 

 

تعتبر السينما  من الروافد الأساسية للمعرفة بالنسبة لجيلنا . كنا نهتم بالأفلام  المصرية و الهندية والأمريكية وغيرها وكل مايكتب عنها فى الصحف والمجلات ونحفظ أسماء الممثلين وحتى أسماءهم فى الأدوار التى كانوا  يؤدونها فى افلامهم . وهكذا كان الاهتمام لذلك كانت ثقافتنا السينمائية عالية جدا .كنت و زميل لي سعودي في رحلة عمل فى مدينة لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية العام 93 قمنا خلالها بزيارة لهوليود وبالتحديد أستوديوهات يونيفيرسال العريقة . قضينا فيها يومين على التوالي من الصباح حتى المساء ووقفناعلى الكثير من فنون صناعة الأفلام . طفنا على بعض المواقع داخل الاستديوهات و هي مواقع معروفة لدينا  من أفلام كنا قد شاهدناها فى أيامنا الخوالي فى سينمات أم درمان  و الخرطوم .على سبيل المثال "فندق بيتس" الذى تم فيه تصوير مشاهد فيلم (سايكو) بطولة (أنتوني بيركنز) واخراج (هيتشكوك) ذلك الفيلم الذى شاهدناه فى سينما الوطنية أم درمان منتصف الستينات . نفس الفندق بنفس محتوياته مازال موجودا الى الآن كمعلم سياحى ثقافي  وأيضا تعرفنا بالبيان بالعمل على الأسلوب الذى اتبعه (هيتشكوك) فى تنفيذ  ذلك المشهد الفظيع الذى قام فيه (نورمان بيتس) بقتل تلك الفتاة بالسكين من خلف ستارة الحمام فى نفس الفيلم . هذا المشهد يعتبر من ضمن  العلامات المميزة فى تاريخ فن الاخراج السينمائي .  

 

 

دخلنا  أيضا مسرح (العودة الى المستقبل) وهو عبارة عن  مسرح  مصغّر  في  شكل  مركبة  فضائية   تشبيهية . جلسنا  على  الكراسى  و أطفئت  الأنوار  و انطلقت  بنا  المركبة  الى الفضاء  بسرعة  مذهلة  و هي  تطوف  بنا  بين  الكواكب  و المجرّات  بسرعة  مذهلة  حبست  أنفاسنا  ثم عادت  و هبطت  بنا  على  كوكب الأرض   . ذلك  كان  مشهدا  من  الفيلم المشهور (العودة الى المستقبل)  متمثلا  في  تلك  الرحلة  غير المقصودة  التي سافر  فيها  الفتي المراهق (مارتي) عبر الزمن  الى الماضي  ثم  عاد مسرعا  الى  المستقبل  الذي  يمثل  حاضره  من حيث بدأ رحلته . أيضا حضرنا  مشهدا حيّا  من المسلسل التلفزيوني (رذيلة ميامي) و حظيت  بصورة تذكارية مع  بطليه (سوني) و (ريكو). . فى نهاية الزيارة أخذونا على متن قارب فى جولة داخل البحيرة التى تم قيها تصوير بعض مشاهد الفيلم  الشهير (الفك المفترس) الذى تجلت فيه مقدرات المخرج (ستيفن سبيلبيرج) الإبداعية . فجأة  وفى منتصف الجولة وبدون  مقدمات  برزت من تحت الماء سمكة ضخمة جدا وبدأت تهاجم القارب وسط صراخ وتشنجات الركاب . كانت تلك نفس سمكة القرش التى أستخدمت فى الفيلم لإفتراس ضحاياها من مصطافي شاطئ "جزيرة أميتى" . كادت الحيلة أن تنطلي علينا لولا أن إستدركنا المرشد السياحي على السريع مع الإيضاح بأنها كانت  والحمدلله سمكة من بلاستيك !!! . 

 

 

فى إحدى المرات كنت أنا و رفيقي السعودي نتناول طعام العشاء فى أحد المطاعم فى مدينة لوس انجلوس ليس بعيدا عن هوليوود ولفتت نظري بعض الصور بالأبيض و الأسود  معلقة على جدران صالة المطعم وهى لممثلات وممثلين أمريكان  وبدات فى ترديد أسمائهم  بصوت مسموع ...  (همفري بوقارد)... (الان لاد) ...  (كارى قرانت) ... (راندولف سكوت)...    (آفا قاردنر). في تلك اللحظة كان يقف بجانب طاولتنا مدير صالة المطعم الذي سمع ما كنت أردده  فبادرني معلقا : " يبدو أنك يا سيدي من العاملين أو الباحثين فى مجال صناعة السينما " وعندما أجبته بالنفي إستغرب وقال لي : " أنا من مواليد لوس انجلوس وأعمل فى هذا المطعم منذ ست سنوات وأشاهد هذه الصور يوميا تقريبا ... نعم أعرف أنهم من قدامى الممثلين  لكني لا أعرفهم بالأسماء كما ذكرتهم "  ولم يعرف صاحبنا  فى حينه بأنني من قدامى خريجي سينمات قديس والوطنية وكلوزيوم .