الضحك_السكوتي

الضحك_السكوتي محي الدين محمد علي البحر ... والنهـــر ... والتبلدي

الضحك_السكوتي

الضحك_السكوتي

محي الدين محمد علي

البحر ... والنهـــر ... والتبلدي

 

________

كانت التقارير لا تخلو من نشاط واضح لجماعات من أبناء غرب السودان... تنعقد اجتماعاتها وتنقض بحثاً عن رؤية مستقبلية موحدة لدارفور وكردفان معاً ... وقيادات هذا النشاط السياسي (الجهوي ) بعضهم الآن على كراسي الحكم وتحت الأضواء . وبعضهم في صفوف المعارضة وبعضهم لا أدري أين هم الآن .. وقد بلغ هذا النشاط ذروته ... أبان حكم الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري ... ثم أنهار وسقط في أول اختبار له عندما عين " الرئيس الملهم" واحداً من أبناء كردفان هو السيد الطيب المرضي ... حاكماً لدارفور وخرجت المظاهرات المليونية تجتاح أنحاء دارفور ضد القرار وتطالب بحاكم لدارفور من أبنائها حتى استجاب النميري لمطالبها وعين السيد / احمد إبراهيم دريج حاكماً لدارفور وعمت الفرحة أنحاء دارفور وعلت هتافاتهم: "مليون قوندران لعيال كردفان" حتى أن مئات العاملين من أبناء كردفان في الشرطة وغيرها غادروا دارفور في قطار واحد، ومس الحزن شغاف قلوب أبناء كردفان !!
لقد أثلج صدري ما حدث ... لسببين أولهما لأن ذلك من حق أهل دارفور ... وثانيهما ... لأن فكرة كيان الغرب (الجهوي) قد سقطت تماماً ... فما الذي أحياها يا ترى من جديد ؟؟
لقد عملت بالجنوب لأكثر من ثلاث سنوات ، وعدت وفي خيالي صورة واضحة لكيان جنوبي .. سيظل يتبلور ويتبلور ، ليخرج من طور الشرنقة مع الألفية الثالثة وذلك لان الاستعمار قد نجح في طمس كل المعالم الثقافية التي ربطت بين الجنوب والشمال ... واستطاع ان يدق اسفين الانفصال بينهما ... وأصبح الحال كما نرى ... لا يعجب أحداً!! وقد عملت مدة مماثلة بدارفور ... وعدت وليس في خيالي أي صورة لدارفور ... او كردفان ... او حتى غرب ... يختلف عن وسط السودان او شرقه او شماله ... فالناس في كل جهة مسلمون موحدون يرتلون القرآن بلسان عربي مبين ويتغنون بالرطانة ... وبالعربية ... ويتحدثون عن بطولات أجدادهم في مقارعة الأعداء والدخلاء على مر الزمان ... ويحلمون جميعاً بسودان قوي واحد (ينقز) بالسيف العربي ... على إيقاع الطبل الأفريقي ...
إن السودان الفسيح ... الشاسع بكل ما يملك من ثروات وأنهار ... وبحار ... هو ملك لنا جميعاً في الغرب والشرق والشمال ولأهل الجنوب إن أرادوا ... فلماذا هذه الكيانات الهشة التي لا تميزها عن بعضها البعض الاّ الجهوية ؟؟
لماذا كيان الغرب الذي سيعقبه بلا أدنى شك ... كيان الشرق وكيان الشمال ... وكيان الوسط ... وربما كيانات أخرى ... لا علم لنا بها ؟؟
إن الفدرالية او الحكم الاتحادي هو أقصى ما يمكن عمله ... لاسكات النعرات الجهوية،  وقد بسطت الحكومات يدها في هذا الجانب حتى اصبح عدد الولايات أكثر من قدراتها ... ولم يتبق في قاموس الحكم إلا الكونفدرالية بنت عم الانفصال ... إن دعاة كيان الغرب ... يخطئون كثيراً ... لو ظنوا بأن ماء التبلدي ... يغنِي عن سليل الفراديس !!