قصة قصيرة
قصة قصيرة الشوق في قلب الوسائد رؤي حسن يخبرني ألكلام بأن لا فائدة منه بعد مولدي، فأصمت وأتركه يرحل حراً كما يشاء، وبرحيله تلومني جارتنا وتقرص أذني بشدّة ثم تتركني لتوبيخ أمي، جدتي، حتى بائع البسكويت الذي ألف مناداتي له بلهفة.
قصة قصيرة
الشوق في قلب الوسائد
رؤي حسن
يخبرني ألكلام بأن لا فائدة منه بعد مولدي، فأصمت
وأتركه يرحل حراً كما يشاء، وبرحيله تلومني جارتنا وتقرص أذني بشدّة ثم تتركني لتوبيخ أمي، جدتي، حتى بائع البسكويت الذي ألف مناداتي له بلهفة.
لم أعبأ بهم ، أغسل الصحون وأنا أغني، وأمي لا تسمعني ، أجيب على أسئلة المعلمة وهي لا تنظر نحوي قط، أنادي على صديقتي وأقول لها أني أحببتها جداً أكثر من قطع الشيكولاتة، وأكثر من ضفائري وهي تتراقص على على أنغام ظلّي و وسامته، ولكنها تظلّ منهمكة بعدّ ما تبقى من مصروفها ولا تلتفت إليّ، وكلما إقتربت ساعة العصر ترفع يدها مودعة إيايّ بصمت، في حين أني أسرفت في شدو القصائد والمقالات الحزينة، عند وداعها.
كل هذا وأنا صامتة ، حديثي لا يعرف كيف يطرق آذانهم.
أذكر أني وجدت طفلاً ضائعاً، سألته عن بيته ، لم يرد علي وظلّ يبكي ويبكي ، رغم غنائي له ومحاولاتي العاجزة في بث الطمأنينة فيه، ضممته نحوي بشدّة ثم بكيت، حينها عرفت بيته، وإسمه، وفصله الدراسي ولون حقيبته، ثم عرفت صوت أمه وهي تبكي الآن، فلم أشأ أن أعلم أكثر من ذلك، وسقته بصمت إليها ولم أنتظرها لتشكرني وهي العاجزة عن سماعي.
العالم يصرخ، يبكي، ويضحك، وحدي أنا أسمعه.
كانت أمي منهمكة في تقطيع البصل، سمعت واحدة تصرخ بأنها حبلى ولا تريد أن تفقد روحها وجنينها، لم يسعفها حينها إلا صوتي وهو يبكي، أرادت أمي إسكاتي بقطعة شيكولاتة وهي لم تسمع من بكائي سوى دمعي، فتدحرجت البصلة الحبلى تحت الطاولة ولم أرها منذ ذلك اليوم.
أترى..؟!
كم أنا سعيدة، أفعل الكثير رغم فقداني من يسمعني، لم أحس يوماً بأني مذنبة في حق أحد ما، بل كنت أعيب عليهم عدم قدرتهم على سماعي، حتى أنتَ و رغم أنك لا تُعاب، كنت أعيرك بأن لشفاهك شكل الكلام، ولونه، ورغم ذلك هي عاجزة عن تشكيله وتلوينه بها.
والآن أقرّ بأن ذنبي العظيم مقروناً بصوتي و دهشة حاجبيك، و مدلوقاً على كفي يتحسس مجراه إلى خديك، حيث أني لم أعلمه من قبلك.
فكيف لي أن أحبك، ولا أصرخ بإسمك في منتصف الطريق، ويلتف حولنا المارة يحسبون أني قد جننت، فتحملني وتركض نحو الشاطئ، أسمع الأمواج تهدر ولا أحادثها بعنف وأوبخها إن حاولت لمس قدميك خلسة، كيف لا أفعل ذلك..؟!
وأنا الآن أحبك، إشتقت لسماعة هاتف تغار من صوتي، ولمقعد ينصت بإهتمام لما أتلوه عليك من قصائد، ولساعة حائط يغمى عليها كلما قلت لك صباح الخير، ولعصافير على نافذتنا تكمم أفواهها هلعاً وأنا أحاول إيقاظك عنوة وأغني لك بين كل إغماضة منك ليصحو الشوق قي قلب الوسائد ، ليرى وجهك.
إشتقت لوقت يأبي المضي، كلما إسترق السمع لصوتي وأنا أقول لك :
_ أنا بإنتظارك يا... ، لا تتأخر..!