فاروق ابوعيسى.. رحيل مناضل

 فاروق ابوعيسى.. رحيل مناضل.
الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد

انطوت اليوم صفحة من صفحات السياسة والقانون  في السودان، برحيل الأستاذ فاروق ابو عيسى، أحد كبار قادة الصف السياسي الوطني. وكان المحامى ابوعيسى قد شغل منصب وزير الخارجية ووزير شئون  مجلس الوزراء في حكومة العقيد  جعفر النميري. عقب وصول الأخير إلي السلطة بانقلاب دعمته في بداياته  فصائل من اليسار الوطنى والقومي.  وعقب انشقاق في الحزب الشيوعي بسبب الموقف من انقلاب 25/مايو1969م، غادر  ابوعيسى الحزب الذي أنتمي إليه باكرا في  العام1950م عندما كان إسمه الحركة السودانية للتحرر الوطنى(حستو) ويقابلها في مصر الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)  وكان ابوعيسى طالبا في الثانوي ثم  التحق بجامعة الاسكندرية لدراسة الحقوق وتخرج في العام 1957م. ،
ليلة المتاريس.
هناك من السياسين، من يرتبط إسمه بحدث سياسي أو وطني، وقد ارتبط فاروق ابوعيسى بليلة المتاريس وهي ليلة غض النظر عن صحة اعتزام ضباط من الجيش القيام بانقلاب لإجهاض ثورة اكتوبر 1964م، إلا إنها كانت ملحمة شعبية لم تشهدها البلاد إذ خرجت جماهير مدن العاصمة المثلثة،  الخرطوم والخرطوم بحري وام درمان والتي تشكل بمجموعها العاصمة الخرطوم،  تحمل في ايديها ماتقدر عليه من أسلحة لإفشال أي تحرك عسكري مضاد للثورة.  نضالات فاروق ابوعيسى استمرت عقب خروجه من السودان في سبعينيات القرن الماضى، إلا أن نقطة التحول الثانية في مسيرة حياته السياسية تمثلت في انتخابه أمينا عاما لاتحاد المحامين العرب في العام 1983م وكان الاتحاد متفاعلا مع قضايا الأمة العربية،  وحقوق الإنسان، وكانت بصمته ورئيس الاتحاد الراحل أحمد الخواجة، واضحة، ولم تستطع الحكومات تطويعه، ومن مواقف اتحاد المحامين العرب الناصعة وقوفه ضد عضوية اتحاد سلطة القهر والجبروت في اتحاد المحامين العرب، وقد كان لهذا الموقف النضالي  الدور الكبير في كشف كل انتهاكات حقوق الإنسان وبيوت الأشباح، لذلك كانت سلطة الإنقاذ تشن حملات إعلامية متكررة ضد ابوعيسى.  ولم تستطع حكومة الإنقاذ نيل عضوية الاتحاد إلا بعد تقاعد ابوعيسى في العام2003م وعقب اتفاقية نيفاشا نال  ابوعيسى ضمن كتلة التجمع الوطنى الديمقراطي عضوية البرلمان الانتقالي.
الاجماع الوطنى
ترأس الأستاذ فاروق ابوعيسى ( الهيئة العامة لقوي الاجماع الوطنى ) وهو تحالف سياسي لعب دورا في معارضة نظام الإنقاذ والآن في قيادة التحالف الحاكم للفترة الانتقالية. وقد  تعرض ابوعيسى  إلى كثير من الملاحقات الأمنية والاعتقالات والمحاكمة الجائرة، إلا أنه وقف بصلابة وعزيمة ضد كل سلطة قهر وجبروت وكان انتصار الثورة في  الإطاحة بنظام الإنقاذ هو ما انتظره ابوعيسى طويلا مع الشعب السوداني إلا أن المرض ابعده عن المشهد السياسي بعد سقوط النظام. وبرحيل الأستاذ فاروق ابوعيسى تنطوي صفحة وطنية وسياسية مهمة في تاريخ بناء الدولة السودانية، ويبقى تقييمها للتاريخ في ميزان  السياسة والصراعات السياسية الحزبية أو مع المؤسسة العسكرية في إطار شامل يعمل على إعطاء كل مشاركة وطنية في بناء الدولة، قليل من الإنصاف. .