نتنياهو.. فوائد كورونا وطعم السلطة

نتنياهو.. فوائد كورونا وطعم السلطة..
الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد..

انتخب  اول امس الخمبس السياسي الإسرائيلي "بيني غانتس رئيسا للكنيست الإسرائيلي   وكانت مفاجأة سياسية غير متوقعة في ظل نتائج الانتخابات الاخيرة، انتخاب رئيس أركان جيش إسرائيل الأسبق، كانت نتيجته، تصدع تحالف "أزرق ابيض"بانسحاب، يائير لبيد   وموشيه يعلون، وكان هذا  التحالف نشأ من حزب "حوسن يسرائيل  برئاسة بيني غانتس "وحزب "يوجد مستقبل "برئاسة يائير لبيد، وكانت كل المؤشرات تدلل على أن هذه التحالف السياسي يستطيع إنهاء حقبة  بنيامين نتنياهو، الطويلة في منصب رئيس الوزراء وإحالته  إلى المعاش السياسي الإجباري.  ونتنياهو  تولي المنصب على فترتين، الأولى من عام 1996 إلى 1999م، والثانية منذ 31/مارس /2009 إلي  الآن، وشهدت فترته الأخيرة، انتخابات متعددة لفك اشتباك بين الفرقاء السياسيين الا انها كانت تزيد الامر تعقبدا. كل القوي السياسية الإسرائيلية عملت على إخراج نتنياهو من المسرح ولكن كان الفشل هو حصيلة التكتيكات المناوئة. والسؤال ماسر هذا  السياسي، هل هو عبقري، كل القراءات تقول بغير ذلك، بل أن كثير من المراقبين للشأن الإسرائيلي، يرون بأن نتنياهو، الأقل بين زعماء الكيان الإسرائيلي منذ تأسيسه في الشعبية ، ولكن مايساعده في البقاء ، هو فقر الساحة السياسية في إسرائيل من الفكر والزعامات، و الوصول إلى حالة انسداد سياسي وصراع كبير  بين مكونات الدولة.

جائحة كورونا
 كانت جائحة، كورونا التي أسالت دموع العالم، فرصة ذهبية اقتنصها صقر الليكود للبقاء، وهو يعلن أن مليون إسرائيلي قد يصابون بالوباء القاتل، استخدم نتنياهو سابقا ، كل الحيل وألعاب السيرك من اجل مواصلة العمل السياسي والبقاء في مقدمة المشهد. والآن  كورونا مما يطرح  سؤالا عن المرجعية السياسية في إسرائيل وكيفية عملها. مع الإقرار بقدرة هذا السياسي  على اللعب بالبيضة والحجر، ومع كثرة، استخدام، البيضة والحجر ، ظهرت اتهامات الفساد، و تزعزع الثقة من الشارع،  وكذلك شخصية نتنياهو غير  محبوبة اوروبيا في أوساط الاتحاد الأوروبي والنخبة الحاكمة. . وكانت تصريحاته قبل أيام عن توقعاته، بإصابة "مليون إسرائيلي بفيروس كورونا"بوابة  عمل سياسي رغم لغته الإنسانية إلا أن  محصلته كانت تفكيك تحالف" أزرق أبيض"، وإقامة تحالف مع غانتس، وانتخاب الأخير  لرئاسة الكنيست وبالتالي غياب المنافس الحقيقي على رئاسة الوزراء بالنسبة لنتنياهو.
ويمثل  رئيس وزراء دولة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،( لغز)  في السياسة الاسرائيلية، صعب على المحللين والمراقبون، فك شفرته ،وسر هذا البقاء الطويل في المسرح السياسي، في دولة قامت على اتفاق غير مكتوب بين قواها السياسية، على تغيير مقعد الرجل الأول لصالح، تماسك النخبة وبقاء السياسة الاسرائيلية المتطرفة في التعامل مع قضايا السلام، والطبقة الحاكمة وتراتبية العمل السياسي بين مكونات هذه الدولة وشتاتها العرقي والسياسي. ولد بنيامين نتنياهو في العام 1949م ويرأس حزب الليكود منذ اكثر من عقدين. يستخدم (نتنياهو )في الكتابة يده( اليسرى ) وهو "اعسر" إلا إنه في السياسة (يمين متطرف). تخصص أكاديميا في الهندسة المعمارية، لذلك تجده أكثر زعماء إسرائيل بناء للمستوطنات واحتضان المستوطنين سياسيا، وكذلك يحمل الماجيستير في العلوم. كما أنه كاتب سياسي واصدر عدة كتب من بينها، الإرهاب :كيف يحقق الغرب الانتصار، ومكان بين الأمم :إسرائيل والعالم، كيف تستطيع الدول الديمقراطية إلحاق الهزيمة بالإرهاب العالمي.
الخطاب
ظل اليمين واليسار في إسرائيل في صراع طويل لأخذ المشروعية السياسية من الشارع المتنافر عرقيا وسياسيا، إذ لافرق بينهما في مشروع الهيمنة والإقصاء داخل مجتمعهم ومع الشعب الفلسطيني. نشأ تيار سياسي اسرائيلي منذ عقود هو اليمين المتطرف، ويمثل الآن في إسرائيل بوصلة التحكم في تكوين الحكومات وفرض السياسات العامة، وهو تيار ينمو في تربة مهيأة بعناية لتصبح قناعته هي الخيار الأمثل لقيادة الدولة. يقول "إيمانويل هيمان"في كتابه"الأصولية اليهودية، فرنسا، إسرائيل، الولايات المتحدة " "يتساءل عالم الاجتماع اليساري كلود سيتبون عن أسباب وجود نسبة كبيرة من المتدينين جدا واليمينيين. جدا بين يهود فرنسا وهو يقارن هذه الظاهرة مع حالة نزوح يهود بولندا إلى فرنسا في العشرينيات وكذلك نزوح المهاجرين من شمال أفريقيا بعدها بنصف قرن تقريبا. وقد أظهرت التحقيقات أنه توجد بين هذه الجماعات حديثة التجنس نسبة أعلي من المتوسط في ممارسة واجبات المواطنة مثل الاشتراك في الإنتخابات، وبالمقارنة نجد أن يهود الولايات المتحدة قد استقروا في إسرائيل دون أن يشاركوا في الحرب ودون حتى أن يؤدوا الخدمة العسكرية، وهم محتاجون أن يشعروا بأنهم إسرائيليون اكثر من الإسرائيليين، وهم يعتقدون أن اتخاذ مواقف راديكالية علنية وتبنى النظريات المتطرفة هي خير برهان على اندماجهم في المجتمع وإظهار وطنيتهم الحقة"
شراكة غير مضمونة
تشير كل التوقعات أن تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة في هذا الأسبوع، بعد اتفاق نتنياهو وغانتس، وهي حكومة يتم تشكيلها تحت مبدأ تناوب، الحكم بينهما، عام ونصف لنتنياهو ومثله لغريمه السياسي ورئيس الكنيست الحالى غانتس. والسؤال الذي يطرح، هل سيستقيل نتنياهو، بعد انتهاء فترته في رئاسةالوزارة، أم يكون مصير غانتس تماما مثل، ايهود باراك، وشاؤول موفاز وأخيرا افيغدور ليبرمان، وهؤلاء يجمع بينهم انشقاقهم عن احزابهم وانضمامهم لشراكة مع نتنياهو، تنتهى عادة بتمزيق هذه الاحزاب والتجمعات المنشقة بواسطة نتنياهو وغياب حلم خلافته على الحكم من خلال التحالف معه.