على شـرف الذكرى 136 لتحرير الخرطوم
على شـرف الذكرى 136 لتحرير الخرطوم الإمبريالية وعسكرة الصراغ على الأسواق.. د/الحاج حمد محمد خير Email: sahdcg@yahoo.com 26/ يناير/ 2021 تقديم
على شـرف الذكرى 136 لتحرير الخرطوم
الإمبريالية وعسكرة الصراغ على الأسواق..
د/الحاج حمد محمد خير
Email: sahdcg@yahoo.com
26/ يناير/ 2021
تقديم
توفر مناسبة تحرير الخرطوم مناسبه لمتابعة حالة الصراع بين الوطنيه وقوي السوق العالمي في عصر الامبريالية . ولايمكن النظر اليها كحركة تحرير وطني الا عبر هذا المنظور بعيداً عن السطحية التي تري فيها حركه دينيه انتهت لفرقة طائفية .
القانون العام في التاريخ أن الإمبراطوريات في عصر إنحطاطها تميل أكثر لإستخدام القوة المسلحة للحفاظ على أسواقها بعد ان تمكنت الفئات الإجتماعية الفاعلة في أطراف الإمبراطورية من نقل التجربة الإقتصادية الإجتماعية والسياسية وهضمها لتصبح من معاملات التطور الطبيعي في المجتمع. والإمبريالية المعاصرة ونعني بها سيطرة رأس المال المالي أسقطت رأس المال التجاري بسقوط امبراطوريات اسبانيا والبرتقال وأسقطت رأس المال الصناعي بسقوط امبراطوريات فرنسا وبريطانيا. وأفرزت الحرب العالمية بداية سيطرة رأس المال المالي الذي بدأ يتحلل الآن وذلك منذ سقوط الإتحاد السوفياتي عادت حليمة الإمبريالية لعادتها القديمة في تصفية أطرافها بالعسكرية و ما يجري في مالي يعطي فكرة عن عمق أزمة الإمبريالية ووسائطها الدموية. بإجتماعية أدوات الإنتاج يمكن ان المال النقدي تصنعه الدولة وتوزعه على الطبقات والفئات الإجتماعية وتعيد هذه الفئات توظيفه وهكذا دواليك.
التحول الديناميكي لأعلى مراحل تطور الرأسمال المالي أوصلته للتكتلات النقدية فما حققه الدولار الأمريكي من تكثيف وازدهار فرض على اوربا المتكتلة في السوق الأوربية التي نظمتها الولايات المتحدة لصالح الدولار والشركات متعددة الجنسيات فأحدث الإتحاد الأوربي مما نقل وهضم من تجربة الولايات المتحدة منظومة الكارتيلات ليصل للإتحاد النقدي والذي ظهر فقط مطلع 1999. رغماً ان السوق الاوربية المشتركة ظهرت منذ الخمسينات من القرن الماضي.
عسكرة الصراع على الاسواق في افريقيا:
أنفقت الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمان نصف مليار دولار على التدريب العسكري في غرب افريقيا (الفرنسية). وكان ذلك لتفكيك امارات الفرنك/ اليورو وإدخال الدولار عبر بوابة العسكرة واذا كان الإستعمار الفرنسي الكلاسيكي قد أدخل الحداثة والتعليم الفرنسي المتزمت وهو نمط الإستهلاك الفرنسي فإن الإمبريالية الأمريكية تحت مسمى الثقافة المحلية أطلقت ايدي الجماعات الدينية الإسلامية. في الإسلام السياسي مشروع ناجح وادآة ناجعة تم تجريبها في باكستان وافغانستان واندونيسيا في إيصال قوى محافظة ورجعية وذليلة التبعية للدولار. وصلت هذه التبعية مدى غير مسبوق في حالة قطر التي تشتري درعاً صاروخياً بسبعة مليار دولار ويتم تشغيله عبر الأقمار الصناعية من قاعدة عسكرية في قلب ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية (راجع موقع البنتاغون).
كل ذلك تم تحت الإسم المخالف تماماً لواقع الممارسة وهو مكافحة التطرف الديني والنتيجة انه قام أحد الضباط اللذين دربتهم الولايات المتحدة بالإنقلاب العسكري الأخير ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً والإنقلاب كان جواز مرور المتطرفين الإسلاميين لتوسيع أعمالهم العسكرية وذلك اما لضعضعة الدول الثمانية الفرنسية او مسحها وإحلال دولة يمينية تدعي الإسلام اسماً وفعلاً هي ايصال عناصر خاضعة للولايات المتحدة كما حدث في السودان تماماً. وعندما تحركت العناصر المتطرفة بدأت الولايات المتحدة حملة التخذيل الأممية بإدعاء ان اي حملة عسكرية ضدهم ستعيد عمليات الانتقام "الجهادي" الاسلامي ضد الاهداف الاروبية والغربية. وفي نفس الوقت تعتقد الخطة الأمريكية انها في خلال عمليات السيطرة للمتطرفين تستطيع القيام بعمليات نوعية ضد العناصر الرومانسية التي تعتقد بانها في حالة جهاد ومثل جماعة انصار الدين وقاعدة الجهاد في المغرب العربي بالقيام بعمليات نوعية لضربها وتصفيتها وبالتالي يصبح البقية من "المجاهدين" خدام المشروع الاحتكاري الامريكي وهذا ما حدث للشيخ حسن الترابي في السودان عندما اعتقد انه ساعد الغرب لإسقاط نظام منقستو وكان على الغرب مساعدته لبناء الامبراطورية السنارية الجديدة. وبالطبع الفرق حينها انه اسقاط للعناصر الرومانسية بأساليب ناعمة في حين ان جماعة انصار الدين والقاعدة سيتم تصفيتهم بعمليات نوعية. وحين تأكد للأمريكيين ان لعبتهم بفتح الأسواق الفرنسية أمام الدولار قد صارت مكشوفة لم يجدوا مناصاً من تقديم دعم اسمي لفرنسا.
منذ عهد بوتفليقة الذي بدأ في 1999 واجهت الجزائر معضلتين هما دور جهاز الأمن في الإرهاب والثاني هو ضعف القدرات لدى القوات المسلحة وحرمانها من التقانة المتطورة والتدريب بسبب العقوبات المتكررة. وبمجئ الرئيس بوش قفز بوتفليقة، من المعسكر التقليدي للثورة الجزائرية ليلتقي بوش في قمة في يوليو 2001 وليعطي السيد بوش- خبرة بوتفليقة في السياسة الخارجية. وتمكن من اقناع بوش بالشراكة ضد الإرهاب وطلب معدات عسكرية محددة. ولم يمض شهرين على هذه القمة حتى حدثت احداث سبتمبر فالتقى الرئيسين ستة مرات متلاحقة وضعوا فيها خططاً سرية "لمكافحة" الارهاب. ويكتب جون شندلر – المحلل بالمخابرات الامريكية واستاذ دراسات الأمن الوطني بكلية الحرب بالبحرية الأمريكية يكتب عن ارهاب الدولة الذي مارسته الجزائر في التسعينات حيث "تمكن جهاز الامن الجزائري من إختراق جبهة الإنقاذ الإسلامي والتي حرمت من فوز مستحق بالإنتخابات العامة. والتي تعرف اختصاراً بالفرنسية "GIA" ومستخدماً الأساليب السوفياتية المجربة في الإختراق والإستفزاز وذلك لعزل العناصر المتطرفة فصارت قيادة الجبهة الاسلامية من عناصر الأمن الجزائري والذين دفعوا بالحركة للموت الجماعي. هذا التكتيك الدموي الذي أفقد تلك الجماعة سمعتها وعزلها عن الجمهور. وصارت معظم عملياتها يخططها جهاز الأمن حتى تلك الإنفجارات الداوية في فرنسا في 1995 ولم يكن المجاهدين سوى عناصر الأمن الجزائري والقوات الخاصة.
وبحلول عام 1998 صار القتل وحشياً لدرجة ان العديد من الإسلامين الحقيقين الذين انضموا للجبهة تخلو عنها وكونوا تنظيماً جديداً "الجماعة السلفية للدعوة والجهاد". وايضاً اخترقها جهاز الأمن الجزائري وصار يعبث بها منذ 2006. ومرة أخرى تم تغيير اسمها لقاعدة الجهاد في المغرب وتعمل في شمال الجزائر ومنطقة الساحل الصحراوية.
قاد هذا الجهاز الجنرال – محمد مدين منذ 1990- والذي تدرب في جهاز المخابرات الروسي المعروف بالـ KGB وكان يسمي نفسه بـ "اله الجزائر" ولازال يحتل هذه الوظيفة. أما قادة القاعدة في المغرب عبدالحميد ابوزيد ومختار بن مختار ويحى جودي فكلهم أما ضباط في جهاز الأمن الجزائري او مقربين منه.
وهكذا يتضح ان حاجة بومدين للتسلح والحصول على التكنولوجيا العسكرية قد تم مقايضته مع الولايات المتحدة في فتح جبهة ثانية ضد الارهاب "بعد جبهة افغانستان" هذه الجبهة هي التي تبرر التوسع العسكري الأمريكي والصرف عليه للوصول للموارد الطبيعية الأفريقية ونقل اكبر مساحة ممكنة من اسواق الأموال لصالح الدولار في قلب سوق الفرنك/اليورو والذي تحرسه الآن قيادة افريقيا التي أسست منذ 2008.
لقد قتل الإرهاب فيما قتل السياحة التي كانت تمثل الدخل النقدي اليومي للمناطق الصحرواية في تمبكتو وغيرها ويكفي أن نشير الى ان موريتانيا زارها في 2007 حوالي 72500 سائح في حين ان عام 2011 شهد فقط مائة وسبعون سائحاً. هذا الهبوط الحاد في الدخل دفع بالشباب للمشاركة في عمليات النهب المسلح وتجارة المخدرات. ويقدر مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات بان مخدرات قادمة من امريكا اللاتينية عبر مناطق الطوارق الصحراوية لأروبا يقدر سعرها في الشارع في باريس باحدعشر بليون دولار تدخل اوربا سنوياً.
وفي هذا الخضم من الأعمال السوداء لازال الأمن الجزائري يخترق ويصنع تلك الجماعات الاسلامية بما فيها التي انشأها اخيراً عناصر الامن الجزائري باسم انصار الدين بقيادة إياد آغا غالي والمجاهدين بقيادة سلطان ولد بادي.
إن التدخل الفرنسي عنى ضرب النفوذ الإقليميي للجزائر لوقف التغلغل اللامركزي عبر الجزائر والعودة بالمنطقة للصراع التاريخي لأجل الأسواق عامة واسواق العملات خاصة بين فرنسا والولايات المتحدة.
تناقض الإمبريالية خصوصاً وان إقتصادها القائم على النقد في فترة الكساد لا تحركه ولايتسارع إلا بالحرب والتي تعطي التغطية والدخان الكثيف لإنتاج وتوزيع العملة دون حسيب او رقيب. ففرنسا المنهاره اقتصادياً لا ترى بأنها تحارب نيابة عن حكومة مالي غير المنتخبة والتي أسقطت الشرعية عن حكومة منتخبة ديمقراطياً. هكذا فعلت الولايات المتحدة في السودان حين جهزت وحضرت ومولت الحركة الإسلامية لتنقض على الحكومة المنتخبة ديمقراطياً. ولازالت الولايات المتحدة تعاني من فقدان السيطرة على المارد الذي اخرجته من الجرة وهو الإسلام السياسي. فمن افغانستان للجزائر واليمن والسودان هناك مطالب وطنية وما تحت الوطنية تجعل المطلوب هو حلول سياسية وليس الآله العسكرية التي يراد لها أن تستر فشل الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعي وفشل رأس المال المالي في الإستمرار في الحكم بالاسلوب القديم. والتاريخ يقول – وقوله هو الفصل- ان التراكم الكمي يؤدي الى تحول كيفي فاستخدام الآله العسكرية يؤدي لتعميق الازمة على كافة الاصعدة. ومن سخريات الاقدار ان الصين تكسب لانها لا تشترك في المغامرات العسكرية لأطراف بلدان الامبريالية. فقد تركت لهم المال- الشرطة – الارهاب والقرصنة والتزمت بالشراكة مع الشعب وحكوماتهم دون اعتبار لكيفية مجئ هذه الحكومات.
أما هذه الحكومات الوطنية فانها تتسم بقصر النظر السياسي. اذ انها تعتقد ان سيدها الذي أوصلها للسلطة يستطيع حمايتها ولكن أثبتت التجارب التاريخية ان تلك الحكومات- مهما طال الزمن- الى زوال. وما جناه هؤلاء من سلطان وجاه يصبح نسياً منسياً كما حدث للمرحوم النميري (نسأل الله له المغفرة) وزين العابدين بن علي وحسني مبارك والبشير .
وكما حدث لمجنون ليبيا الذي كان يخادع الشعب الليبي ويقول - اللجان في كل مكان-وبموته إنكشف المستور اذ كانت تلك الخيمة التي تعني العودة لبساطة الحياة البدوية وطهر اليد واللسان والعداء المنهجي للإمبريالية كلها انكشف زيفها وباطلها. حيث تم الكشف عن ثروة القذافي – ادلة الإمبريالية الغاشمة- والتي حالما سقط معول الهدم جرى الغرب لأخذ الغنائم والتي بلغت فقط بالولايات المتحدة 30 مليار دولار.
ويظهر عجز الامبريالية المتزايد أمام المنافسة ليس من الصين وحدها بل من المجموعة المسماه اختصاراً بالانجليزية BRICS (البركس) وهي الأحرف الأولى من أسماء الدول الاعضاء في هذا النادي الدولي وهي البرازيل و روسيا والهند والصين وجنوب افريقيا. هذا النادي يسعى بقوة للسيطرة على الأسواق بأساليب سلمية محضة بل وصار متحدياً لسطوة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. أدوات الإمبريالية الغربية التي طالما أخضعت الشعوب بوصفه واحدة وغبية هي أعظم نجاحات المرابي في التاريخ ( ويمحق الله الربا).وبعد البركس انبثقت تكتلات اسبوعيه وعبر القارات بمشاركة روسيا والصين
ففي الوقت الذي تتوسع الولايات المتحدة في العسكرة وأعمال إرهاب الدولة من خلال ما يعرف بقيادة القوات الامريكية في افريقيا. وتخريب اقتصاديات البلدان الافريقية في الأسواق مع الفرانكفونية يقدم البركس تبادل المنافع الاقتصادية دون شروط تؤثر على السيادة الوطنية للبلدان الأفريقية ودون ان تكون هناك طلبات لتخفيض سعر العملة او إقامة تحالف عسكري او التحايل باسم الإرهاب الدولي.
إن ما تدعيه فرنسا من ان الإرهاب "الاسلامي" الذي يهدد حكومة مالي العسكرية هو تهديد لفرنسا واوربا. طبعاً بداهة لا تستطيع فرنسا او الولايات المتحدة القول علناً بانهم في حالة صراع دموي على الأسواق.
فالرياء الفرنسي ينكشف اذا علمنا ان الفيلق الإسلامي الذي دعمته فرنسا في حرب ليبيا هو حليف القاعدة وبانتهاء معمر القذافي الذي رغم تذبذبه بين تأييد الغرب الأسود وبين الوقوف ضد بعض سياسات الغرب وكان حجر عثرة في وجه الشركات متعددة الجنسية الفرنسية والأوربية في نصيبها من الاسواق الليبية. واذا كان مبارك وبن على مثلا تلك الفئات كاملة الإستسلام فأن القذافي مثل الفئات التي تعتقد بأن شر أهون من شر بأن تقول علناً ما لا تفعل سراً هؤلاء هم مسلموا آخر الزمان. الذين ذكرنا بهم الرسول الكريم في حديثه القائل: بانه يأتي زمان تتداعى فيه الاعداء على المسلمين كتداعي الاكلة على قصعتها، قالو أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ، قال لا بل انتم كثير ولكن كغثاء السيل ولينزع المهابة منكم من قلوب اعدائكم وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت. (راجع سنن ابوداوود).
ان حكيم عبده بالحاج - وهو قد تحالف مع الناتو – احال ليبيا لأمارات اسلامية "جهادية" واصبح جهاز الدولة تابع ذليل لأجهزة استخبارات الناتو وصارت القاعدة ايضاً هي حليف وادآة هذه الاستخبارات بل يذهب احد منظري برنامج المصالح الوطنية National interest بمعهد بروكلين للسياسة الخارجية ومؤلف كتاب "أي طريق الى فارس" which road to Persia" الى ان الموديلات الحالية في إستخدام الإسلام السياسي ناجحة ويمكن إستخدامها لتفكيك ايران.
والآن يدير بالحاج عمليات التدريب وحشد الموارد لما يسمى بالجيش السوري الحر تحت اشراف الناتو. وما يعرقل سرعة سقوط النظام السوري – رغماً عن عزلته الداخلية بسبب تحول المشروع الوطني التحرري في اخر مراحل انهيار ايديلوجية البعث الى حكم العشائرية الاسدية المتمثلة في العودة بالتاريخ لعصر الإستبداد الشرقي هو درجة عمالة هذه المعارضة. وهذه الآداة القديمة المتجددة دفع ثمنها المسلمون موتاً وتفككاً ونهباً للموارد وتمثلهم قطر والسعودية وبلدان الخليج الموديل الناعم لهذه الهيمنة الجيوعسكرية للغرب المفلس. ويكفي ان نشير الى مستوى التدجين الذي بلغته هذه البلدان من فزاعة القاعدة التي صنعتها الإستخبارات الغربية لقهر الحكومات والشعوب العربية والاسلامية.
تحت هذه المظلة وهذه الموالاه للغرب من المسلمين غثاء السيل الذين نزعت المهابة منهم من قلوب اعدائهم بحب الدنيا واستمراء الجهاد ضد المسلمين كصنائع لأعداء المسلمين.
لقد أعلن الرئيس نكروما عشية استقلال غانا(1968) " ان على الشعوب والدول الناشئة ان الاستعمار عاجلاَ او اجلاً سيسعى لتهديد السيادة الوطنية والاستقلال بتحالفات من الداخل مع القوى الرجعية ان المشكلة جدية ولكن يمكن التغلب عليها متى ما تم وضع خطوات للتغلب على هذا التحالف" (راجع ايام سوداء في غانا ص 157-258). ويستطرد نكروما قائلاً " ان اجهزة الإستخبارات الإستعمارية تعمل بقوة لإخضاع النخب السياسسية وجرى ويجري رشوة او ترويع الضباط والجنود والكتاب والأدياء والمفكرين وابتزازهم بالجشع وحب الجاه والسلطة ليعملوا ضد سيادة وارادة ومصالح شعوبهم. والمخزي ان رؤساء دول افريقية وعربية واسلامية (والاضافة من عندنا) يدعمون الإمبريالية والإستعمار الجديد دون ان يطرف لهم رمش عين". ونضيف لهذا التحليل الخالد للزعيم نكروما الجماعات الدينية الإسلاميةوما يسمي بالتكنقراط من اصحاب الجنسيات المزدوجه
أعلنت ادارة اوباما في رأس السنة بدفع المزيد من القوات الامريكية "لمكافحة الخطر المتزايد للقاعدة" ليبلغ عدد القوات الأرضية 35000 (فقط خمسة وثلاثون الف جندي) في افريقيا. ولذا نلحظ حيثما كان للإمبريالية مصالح مباشرة وفي منافسة من أطراف السوق الإمبريالي كانت هناك عمليات عسكرية علنية او سرية وخاصة من واشنطون سواء كان في مصر و تونس والسودان وافريقيا الوسطى ومالي والصومال وجنوب افريقيا وزمبابوي ونجيريا وغيرها. وقد أعلن اوباما – وهو الذي تم ابرازه في الآليات الإعلامية صانع التنويم المغناطيس - بانه نقلة نوعية في سياسة الولايات المتحدة – أعلن بأن 35 دولة يجب ان تنتشر فيها قوات امريكية "لحفظ السلام ومكافحة الارهاب "الدولي" تارة "الاسلامي" تارة أخرى. والحقيقة ان تسارع خطى الإنهيار الإقتصادي الرأسمالي وخروج مجموعات ضخمة من الإقتصاديات الدولية من جيب الدولار واليورو- أي تشظي وحدة سوق رأس المال المالي من الداخل والخارج جعل هناك تصاعد في معدلات البطالة وارتفاع الدين المحلي وتصاعد الفقر بمعدلات لم يعرفها الغرب منذ الحرب العالمية التانية ولذا اتجهت نحو العسكرة لحجز ما تبقى من اسواق واعده وموارد اولية يجب ان تكون أرخص من أي وقت مضى لإنقاذ الهلاك المحتوم للنظام الإمبريالي.
هذا الهجوم المسعور يقابله مقاومة رائعة الشعوب وهي ستنتصر حنماً لا محالة. ونقدم امثلة حيه على هذه المقاومة المتمثلة في الخروج من النظام المالي الآحادي للإمبريالية لرحابة السوق العالمي المفتوحة على بلدان البركس التي تدفع بالقروض والشراكة لأجل التنمية دون القرصنة والإرهاب العسكري الإمبريالي.
اما آن لإسلامي السودان ان يعوا ان الإدعاء بمعادة الإمبريالية شكلاً والإرتماء في اجندتها ممارسةً هو الذي جلب عليهم انحسار التأييد والركود السياسي الذي جعلهم يتسابقون لإفتتاح طرقات الخرطوم التي صبيحة افتتاحها تتفتت سفلتتها بسبب الفساد الذي يزكم الانوف.ثم كانت الاطاحه بالنظام بالانتفاضه التي بسلميتها تكالب عليها قوي السوق العالمي وتمكن من السيطره علي هياكل الحكم الذي خرج من رحم محاولات الحاق الهزيمه للثوره .
الوفاق الوطني: صمام الأمان من العسكرة الإمبريالية
إن الطريق للخروج هو توسيع المواعين السياسية اولاً داخل الحركة السياسيه نفسها لأن فاقد الشئ لا يعطية وذلك للسماح لا من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ان ترفع قضايا الفساد وتفرض على النخبة السياسية الطهر السياسي بتطهير الصفوف وتجديد الدماء القيادية بإحلال الديمقراطية وقواعد الانتخاب الحر مكان الإجماع السكوتي المتآمر ونظم الكوتات الجهوية والعرقية. وما تقوم به الطغمة الحاكمة الخانعة لشروط الإمبريالية داخل اجهزة الحكم هو ما تقوم به من جهود فرض التشظي وخراب الذمم في الممارسة السياسية بين كافة الأحزاب.
لقد تحررت الخرطوم من قوة الإستعمار القديم بفضل الوحدة الرائعة التي خلقتها قيادة المهدي بفكر ثوري خلاب جمع السودانيين بكافة مدارسهم الدينية إسلامية وغير إسلامية وكافة أعراقهم من الغرب والشمال والشرق والجنوب فأفرزت تلك المسيرة الوطنية ظاهرة ضد خليفة المسلمين السلطان العثماني الذي باسمه تم غزو البلاد وإحتلالها.
ليس سراً ان اسرائيل صنيعة الإمبريالية جهزت معارضة عسكرية متخذه من اراضي الجنوب قاعدة للثورة المضادة لطموحات الشعب السوداني في الشمال والجنوب. وتظل الغالبية المسلمة في المعارضة والحكومة من غثاء سيل آخر الزمان الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه يتهافتون على قصعة الإمبريالية. فإن كان شمال وغرب افريقيا يشقى من صراع الولايات المتحدة وفرنسا فان منطقة شرق افريقيا والسودان تشقى من الصراع الأمريكي الإسرائيلي.وقد نجح هذا التحالف في تحقيق اختراق للسياده الوطنيه في مسعي آخر لحصار الثوره الشعبيه واستمرار السيطره علي الاجهزه الامنيه الوطنيه كاداه رئيسيه في هذا الحصار وزيارة قائد القوات الامريكيه والوفد الامني الاسرائلي تاكيد علي ذلك ومعيار الحقيقه هو الممارسه
ان برنامج حد ادنى وطني يتطلب في عصر الهجوم الشرس من الإمبريالية على المنطقة تنازلات من كافة الأطراف تجاه مبدأ التداول السلمي للسلطة لصالح وحدة التراب والسيادة الوطنية. ونقترح ان تكون الخطوات التالية هي أجندة برنامج حد ادنى وطني لمؤتمر جامع – تتولى منظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بالحكومة او المانحين – وقادة الرأي العام والشخصيات الوطنية سكرتاريتها وان تكون لديها صلاحيات لجمع الصف الوطني على آلية وطنية يعلن الجميع قبولها لتشرف على تنقيح وليس وضع دستور جديد.
هذا الدستور لا يعدل الدستور الحالي في القضايا الرئيسية وهي:
الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع.
الديمقراطية والتمثيل النسبي.
وثيقة الحقوق.
وما يجري تعديله هو الإلتزام المتزمت بفصل السلطات وان تكون تلك القضايا الكلية قضايا جامدة يحرسها القضاء العادل العادي وغير المعين والمنتخب وفق ضوابط الاهلية العلمية في مدخل الخدمة او الترقي. هذا القضاء هو الحكم الفدرالي المستقل الذي له القدرة بأن يحقق العدل. فالشريعة الإسلامية احدى ادوات المجتمع المسلم لتحقيق العدالة والاصل في الحكم الإسلامي والإنساني هو العدل وقد أثبتت الدولة الإسلامية ان نجاحهااو فشلها على مرَ القرون في النجاح في تحقيق العدل او الفشل فيه. ولذا فان سيدنا عمر بن الخطاب حين قضى العدل برفع حدود الشريعة في عام الرمادة فعل ذلك دون ان يرمش له جفن ولم يحتج اي احد من الصحابة على هذا القرار لأنهم يعلمون بداهة ان الحكم اساسه العدل وليس العقوبات ولذا فان القضاء هو الذي يحدد نوع العقوبات ومدتها وكيفية تنفيذها وهو المطلوب لتحقيق الشريعة الإسلامية. فالمسلمون يقوم ادناهم بامرهم وهذا الأدنى يأتي عبر آليات القضاء المستقل. وآفة الدستور لم تكن في نقص مواده الحاكمة بل كامنة في ضعف الممارسة واطلاق يد الساسة للعبث بالحقوق الدستورية مما أفقد سيادة حكم القانون محتواها ا[خلاقي وبالتالي عاد السودان لعصر الجاهلية حيث كانت القوة هي الحق والإسلام جعل الحق هو القوة.
تنقيح آخر من الضروري ان يطال الدستور الإنتقالي هو ان يمنع ادخال اي شيئ يحد من اطلاق الحقوق مثل تلك العبارة المخذية "وفق ما يقتضيه القانون" حيث يجب اضافة "بما لا يتعارض مع انقاص الحق المعني" او اضافة "لتعظيم هذا الحق".
لا شيئ يعلو على سيادة حكم القانون وفصل السلطات وينعكس ذلك قي الممارسة بعدم احتلال أكثر من وظيفة واحدة للشخص الواحد. فمن يتولى وظيفة تنفيذية لا يسمح له عرفاً وقانوناً ان يتولى وظيفة تشريعية ووظيفة حزبية فإدماج الوظائف العامة من سمات القرون الوسطى وفي دولة سيادة حكم القانون والحداثة تعني احتقاراً للغرض العام وحقوق المواطنة. يجب ان ينص الدستور على مبدأ تكافؤ الفرص ولا يتولى شخص الوظيفة العامة إلا عبر آليات الإنتخاب الشفاف للإدارة السياسية او التشريعية للبلاد او عبر قنوات التعيين العامة. ومن يتولى وظيفة عامة ويرغب في وظيفة تشريعية عليه الإستقالة ويجب أن ينص القانون على ذلك.
اننا ننادي كافة الاحزاب للإشتراك في ذلك متى ما إلتزمت هي بآليات التداول السلمي في داخلها وان يتسامح اطراف تشظيها ويتوافقوا بالرجوع كل الى حزبه ثم عقد مؤتمر جامع لكل حزب وينتخب من القواعد ولا يصعد شخص من اعلى. ومن ثم يعقد المؤتمر الدستوري
ان دعوتنا للأحزاب جميعها لأن الواجب الوطني- ان كانت تدعي الوطنية الحقة- هو الذي يحتم الوفاق الوطني كدرع ضد مؤمرات ومناورات الإمبريالية التي تريد وطناً ممزقاً وترفع علمها على كل بئر ماء او بترول او منجم معدن على حده. لأنها تعلم ان السيادة الوطنية تعني حماية رأس المال الوطني ومستقبل التنمية للمواطن السوداني وليس الأجنبي مهما قرب او بعد بالدين او العرق او الانسانية.
وندعوها لتحمل نتائج اخطائها في التماهي مع مصالح الأجنبي من اقصى اليمين الى اقصى اليسار على مختلف فترات التاريخ الحديث. وآخرها الوثيقه الدستوريه الذي اجاز هذا الدستور الذي تمت صياغته ليجعل حق المواطنة ضعيفاً بلا سند قانوني وخرجت من ضعفه قوانين اصبحت فوق الحقوق الطبيعية لدولة العدل والقانون فالعدل هو خضوع أجهزة الدولة لحق المواطنة وليس العكس.
الدستور الجديد لا يسمح للجهاز التنفيذي عسكرياً كان أم مدنياً بإقامة أجهزة موازية او تجنيب اموال او جباية اموال لم يقررها البرلمان لذا يتم تعطيل قيام مجلس تشريعي . والبرلمان نفسه محاسب من قبل حركة المجتمع المدني وليس فوق القانون ولذا يجب ان يحمي الدستور الحق المدني في مقاضاة ومراجعة كافة القوانين والسياسات وأساليب إنفاذ السياسات.
إن الهوية السودانية هي العيش المشترك والنجاحات المشتركة والإخفاقات المشتركة هي التي تصنع الشعب السوداني في مجرى تاريخ صاعد نحو الوحدة في اطار التنوع. ان وحدة التراب السوداني حققها بعانخي (750 ق.م) وحققتها الكنداكة شنكدختي (31م) والملك جورج (856م) حين وطأ بلاط الخليفة العباسي المعتصم مطالباً بضرائب النوبين المقيمين في اصقاع الامبراطورية الإسلامية. وحققها بادي ابوشلوخ حين صد الإعتداء الحبشي(1762) والإمام المهدي والأزهري هذه النجاحات الضاربة في أعماق التاريخ هي رصيدنا الذي استدعته ثورة ديسمبر والتي يجري الالتفاف عليها بتحويل الصراع بين المكونات الوطنيه بدلاً من ان يكون جوهر الصراع بين الوطنيه والامبرياليه ومن يهن يسهل الهوان الهوان عليه .
في ذكري تحرير الخرطوم من دولة الحكم المختلط بين الاتراك العثمانين والانجليز وتستمر الامبرياليه في حصار الوحده الوطنيه السودانيه لانه دون التشظي الوطني لن تكون المواد الاوليه رخيصه ولن تحدث الهيمنه المطلقه علي الاسواق وما الفوضي في دافور الا لاستمرار تهريب الصمغ العربي فهل يعقل ان يكون في دارفور اكثر من ثمانين حركه مسلحه الا اذا كان الغرض هو الحفاظ علي تدهور اسعار السلع من خلال التهريب .والهاء الشعب من سيطرة العسكر لصالح المشروع الهلامي المسمي بالحرب علي الارهاب الذي شرحنا كيف تم صنعه في اروقة المخابرات الدولية
اللهم أحمنا من شرور أنفسنا ... وسيئات أعمالنا ...
وأغفر لنا وأرحمنا أنت مولانا فأنصرنا على القوم الظالمين.