سنين الجمر بين الوعي واللاوعي
سنين الجمر بين الوعي واللاوعي *بقلم: سيف الدين حسن بابكر * منذ عهد بعيد، بل قبل ثلاثون عاماً مضت أقفرت الحياة في عيون شعبي واستغلقت الأشياء وقدرهم يواجه أقبح نظام باطش حاكم بأمر الله! فتسوخت أقدامهم
سنين الجمر بين الوعي واللاوعي
*بقلم: سيف الدين حسن بابكر
*
منذ عهد بعيد، بل قبل ثلاثون عاماً مضت أقفرت الحياة في عيون شعبي واستغلقت الأشياء وقدرهم يواجه أقبح نظام باطش حاكم بأمر الله! فتسوخت أقدامهم والتقت الوجوه بالوجوه والأقدار بالأقدار..!! فظلوا يتساءلون كيف يقهرون الطغيان؟ بل كيف يثلمون عيناه وقد ثمل أعينهم وسامهم ألواناً من العذاب استنبطها من مفردات "أبو جهل" "والسافاك" "والكي جي بي" "والسي آي إي" ومعسكرات الإعتقال النازي "بيوفن فالد" "وقوانتنامو" سيء السمعة.
وحين دوى نفير الثأر لجراح ثلاثين عاماً إمتشقوا كلهم سيوف الضعفاء وأشعلوا نار فقرهم وذلهم وأندلقوا إلى شوارع بلادهم يفترسهم الرمل الغليل والشمس تمتص دمهم ورصاص القهر يحصد أرواحهم ويخترم رؤوسهم وصدورهم قبل أن يفتت عظام أرجلهم وأياديهم، أطفالاً ونساءاً، شيباً وشباباً، فاندفعوا كساجنة مندفعة من أعلى الجبال إلى ساحة "القيادة العامة" حتى إذا ما بلغوها استحمت وابتردت أرضها بدمائهم وسقط أشرف الشهداء وهتافهم مختلطاً بأرواحهم وهي ترتفع هناك فوق البواسق البيضاء – "حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب"، "نحن الجيل الراكب راس ما بيحكمنا رئيس رقاص"، "نحن الجيل الما بيتغشا نحن الجيل السقط بشه".
والآن تسترد تلك الجموع وعيها ويزهو ذلك الشعب بأعظم مجد ويخفق على رأسه ألف علم وعلم شاهد على عظمته وتفرده كمعلم للشعوب والأجيال وكصانع للتاريخ، فالشعوب الرائعة دائماً هي من تصنع الحدث وتنقل بلادها من دائرة اللاوعي إلى وعي كامل يتحرر فيه مواطنها من الخوف والجهل والمرض والعوز.
"ماركيز" كتب "أعيش لأروي". والسعادة تكون أحياناً في أن تعيش لتكتب عن الوعي واللاوعي في عصرك..!