زهرة الصبار *** قراءة أولية

زهرة الصبار *** قراءة أولية بقلم / صابر جمعة بابكر عندما نطالع النص الروائي للكاتب السوداني الزين بانقا الموسوم "زهرة الصبار" تسعفنا دلالة العنوان في إستخلاص رؤية فلسفية أثرت النص والرواية من منشورات دار المصورات بالخرطوم .

زهرة الصبار *** قراءة أولية

زهرة الصبار *** قراءة أولية
بقلم / صابر جمعة بابكر

 


عندما نطالع النص الروائي للكاتب السوداني الزين بانقا الموسوم "زهرة الصبار" تسعفنا دلالة العنوان في إستخلاص رؤية فلسفية أثرت النص والرواية من منشورات دار المصورات بالخرطوم .
في مستهل الرواية يقول صلاح صديق وهو أحد شخوص الرواية هنالك من البشر من يشبه زهرة الصبار يتألق بقوة وسطوع حتى يكاد يضئ ظلمات الحياة ولكنه سرعان ماينطفئ ويسود الظلام مجدداً .
النص الروائي لبانقا بقدر مايمنحك لذته وغوايته بقدر مايحتويك عالمه الجمالي ونسيجه الرؤي الكاتب وفق في إبداع نص روائي محكم في البناء السردي ينثال الحكي تارة يسرد السارد الوقائع والأحداث وتارة أخري تتقاسم الحكى شخصيات أخرى يتخذ إسلوب الإسترجاع الفلاش باك الزمن الروائي حافل بالوقائع يثريه بالأسقاط التاريخي يستدعى أزمنة سابقة فترة التركية والحكم البريطاني وسنوات الحكم الوطني فترة مايو والأحزاب أما شخصياته الروائية نجده يتعامل معها بحميمية يتقاطع السرد وتتداخل الأزمنة ويكون المنلوج عامل مؤثر في نسيج السرد تغيب الشخصية المحورية وهذا التكتيك قد يحدث تشويش وارباك في القراءة المألوفة للنصوص وأحسب أن أدب مابعد الحداثة يستلزم الكثير من التقنيات حتى يواكب الطفرة والمتغيرات المذهلة في النصوص الروائية .

 


شخصيات الرواية :
صلاح صديق : أمه إمراءة سوداء من منطقة حاج اللين جده لأبيه عمر ود أبشعر من الجعليين الذين إشتغلوا بتجارة الماشية وامتلكوا الإبل والضان وأثروا سريعاً بعد أن فطنوا لغياب الحس التجاري عن أهل تلك الأرياف عشقوا الصحراء ولبن الإبل ونساء الواحات زحفوا إلى المدينة إستجابة لمطالب التعليم وحركة التجارة وجماليات المكان .
محمد ريحان : يصفة الراوي قارب الخمسين من عمره بقليل طويل مزهو بنفسه على قدر ظاهر من الوسامة جاءته من جدته السكات وجده عبد الكافي عرف بولعه بالكتب والعرقى والأقاشي قال أحد أصدقائه أنه أكثر من طالتهم غواية الشعر حظاً ، زوجة جملية ، مرموقة استاذ جامعي ، قدر معقول من الثراء، بيت يتألق بالورود والموسيقى والكتب


الهام : يصفها الرواي بلسان زوجها دكتور ريحان ، حياة زاهية مترفة ، خليط من أتراك ومغاربة وهي كما نعلم في الرواية أن اسرتها أسترقت أجداد دكتور ريحان .
زكية بنت عطرون : مومس في حي البغاء حي رايت .
مكي ياسين: موظف في مكتب البلدية تربطه علاقة بإحدى الفتيات الأثيوبيات .
عز الدين حسين : حفظ القرآن حتى ربع بسن تلقى دروساً في السيرة والعبادات وأحكام التجويد في خلوة جده عبد الرسول القرعاني لايستطيع نطق الكثير من المفردات بسبب عجمية لسانه حتى بعد دخوله المدرسة جده كان يدهش الناس ببياض بشرته وبهاء طلعته ملامح عربية تعود لبلاد اليمن قال بعض العارفين أن القرعان كانو يشتغلون بتعليم القرآن حتى غلب عليهم أسمه وقال آخرون أنهم فلول من بقى من دولة الغرامطة أنو فهم مستقيمة حتى بعد أن خالطوا بطونا من تشاد وأفريقيا الوسطى ودولة النيجر .
نازك الياس دوكة : زوجة عز الدين حسين السابقة
مختار عمر : خمسيني مولع بالموسيقى
عالية فضل الله : زوجة مختار
ياسر الفاضل : ثوري متارجح بين ميوله الوجودية ومواقفة اليسارية التقدمية
فوزية : زوجة ياسر الفاضل
علي البلة : مسرحي وشرطي قديم
رحاب : ضيفة حلت على منزل دكتور ريحان وأصبحت حبيبته فيما بعد
مي عبد العال : صحفية أحبت علي البلة
إخلاص ضيين كافي : طبيبة ،رسامة ، مثقفة متحررة ، عاشرت كل الشلة تقريبا مفرطة في نزقها بصورة مبالغة .
عبد الكافي : رقيق ثائر
تناول المسكوت عنه كردفان نموذجاً :
يتناول ظاهرة الرق التي كانت مستشرية في عهود ماضية بالأخص فترة التركية أيضاً نستبين الخصائص السوسيولجية الجينولوجية الثقافية التي ميزت المجتمع الذي إستقى منه نصه البازخ وثمة شذرات عن إشارات هويات متجذرة ومتنافرة : الآخر سيكون معك يوسع اناءه البهيم حتى تقاطر فيه بذرتك الرجيمة ويضج الكون بمسوخ تتداخل فيهم سحنات عبده الطوطم وإجلاف لم تفلح تهذيب قحتهم الفتوحات بعثات التبشير وحملات الإتجار بالرقيق مزيج من عرب ونوبة وبربر وفلول هارية من عهود الإنحطاط المتتالية :
الفانتا زيا والغرائبية :
موت صلاح صديق وإخلاص ضيين ، ماتا بذات التعابير والدهشة التي لاحدود لها ومنلوج صلاح صديق مع نفسه (اريد أن اعرف من أنت أيتها الجنيه المعطونة في رحيق الأرض المشربة بحمرة  الشفق  الفراديسي أنت إخلاص ضيين أم الأخرى ؟ أم أنكما الإتنين معاً ؟ ومنلوج إخلاص : حملت عطري وثيابي .
وجئته وقد كان وكاد الشوق إليه يقتلني أدركت أنني لم أكن أنثى قبله ولن أكون أنثى بعده لم يك مافعلته قبل أن القاه وأعرفه سوى أعصار صغير .
أخذ صلاح ينظر إلي بدهشة ويسأل : ماهذا الذي تفعلين ؟ قالت له الآخرى : لا تخف لن أريق دمك فأنا لا أطيق منظر الدماء ولن أعمل على خنقك لأنك برغم مايستهلكه الجنس منك قوي كالثور وساقتلك وكأنني الثم شفيتك حين جئت في الصباح الجمني موته كانت علي وجهه دهشة لاحدود لها أنها غريمتي وقد إقتصت مني بقتله .. آه ياصلاح في المساء جاءتها الأخرى متشحة بالسواد غارقة في الزهو ، سمع الجيران شجارهما وشتائمهما قالت لها الأخرى : الأن وقد تطابقنا فقد آن أوان خسوف قمرك وجاء ليلك أما عشيقك فأنا قاتلته وأنا من تلقيت عسله وأنا وارثة أفكاره ومخطوطاته القت بنفسها عليها قاومتها لكنها كانت الأقوى كان تناظح جبلاً صفعتها مرات ومرات وقادتها مرغمة عبر متاهات محمومة وانفاق تطفح بروائح مقززة وعفونة تبعتها في صمت مسلوبة الإرداة ، صعدت ورائها إلى مرتفعات كأنها تعرفها منذ عهد ضارب في القدم وهبطتا إلى وديات تخيف وحشتها المطمورة في عتمة الليل السوداء وبرك الدم ، غرقت بيديها وسقتها طمياً كالنحظل وهي تقول مقهقهة بفرح : عودي إلى طينتك الأولى وانتظري حتى تنفخ فيك حياة أخرى في الهند أو السند على تلال بلادكم المشحونة بالتقوى والعهر.

 


ثمة ملاحظة عند قراءتنا للنص الروائي تتبدي في الطرح السايكولوجي المتاخم سقف الباراسايكولوجي إذا نجد التقارب والتشابه بين شخصية صلاح صديق وإخلاص ضيين فكلاهما متفوق ويشتغلا في البحث عن بواطن الأشياء ، يقول مكي ياسين كان وجهها يتغير وصوتها يتبدي كانها إمرأتان مركبتان في شخص واحد تعوي بلغات متعددة وكان هناك علماء فلك ودارسو انثربولوجيا فلاسفة قدامى ووثنيون ضاربون في تاريخ أفريقيا واحراشها يجوسون في عقلها ويعيرونها مفرداتهم ولغاتهم ، كانت تعرف الكثير من الأشياء الغريبة تحضير الأرواح ، ورقصات الكجور وأسرار إيقاعات الطبول وطقوس زواج العزاري من الموتى .
صلاح صديق يقع فريسة لوساوسه وهواجسه القديمة بقرينته اتي تتبدى له في شكل إمرأة خارقة ومن أطياف وعوالم مغايرة أما إخلاص ضيين فأنفصامها يشابه إنفصام دكتور جايكل / هايد ، ولصلاح صديق مخطوطة عن التوارث وتواصل الأرواح يفاجئنا الراوي بمواصلة دكتورة إخلاص ضيين أبحاثه إذ تعمل أستاذة للأنثربولوجيا في جامعة متشجان بالولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد وفاتها مباشرة ودفنها في مقابر دليل المحسي وبموت صلاح وإخلاص يكون الحدث الدرامي أستنفذ أغراضه وأكتملت الرؤية الفلسفية للنص وتبقت النهايات السعيدة لأبطال الرواية فعلى البلة وزوجته مي عبد العال عادا من مهرجان بغداد المسرحي بعد أن حصد الجوائز ، مكي ياسين عاد لمحبوبته الأثيوبية كيدان بعد عودتها من أمريكا ، مختار عمر وزوجته عالية فضل الله ينتظرون مولوداً ، عز الدين حسين إشتغل في إحدى منظمات الإغاثة وكاد ينهي كتابه عن رحلة القرعان لبلاد السودان أما ياسر الفاضل كتابه عن تاريخ المدينة السري لقى ترحيباً وخصومة حادة ، دكتور محمد ريحان أذهل الأوروبيين بكتابه عن دور اللغة في توحيد العالم وإختار رحابة زوجة له.