تحديات امام الراديو التلفزيون الحكوميين السرالسيد
تحديات امام الراديو التلفزيون الحكوميين
السرالسيد
مدخل :
تعني هذه الافكار العامة بالراديو و التلفزيون الحكوميين أى الإذاعة القومية وما يتبعها من خدمات كإذاعة البيت السوداني وإذاعة السلام وإذاعة القران الكريم وإذاعة الشباب والرياضة والإذاعة الأفريقية وتعني بالتلفزيون القومي وما يتبعه من خدمات كقناة النيلين و غيرها....
الراديو و التلفزيون .. سيرة قصيرة :
أنشأت الإذاعة القومية في العام 1940م وأنشأ التلفزيون القومي في بداية الستينيات من القرن الماضي وبرغم هذا العمر الطويل وبرغم الأدوار التى قام بها هذين الجهازيين في التعليم و التثقيف والتنوير والترفيه وحفظ ذاكرة الأمة إلا أنهما لا يزالان يعانيان من القصور في الكثير من إحتياجات العمل الإعلامي ولعل هذا يعود بالأساس إلى تقلبات الأنظمة السياسية وعلاقتها بهذه الأجهزة أو بشكل أدق يعود إلى ما يمكن تسميته بالسياسات الإعلامية التى حكمت هذين الجهازين...هذا القصور بمرور السنوات والأيام شكل منظومة من التحديات التى تواجه هذين الجهازيين وتعيق تمكنهما من أداء مهامهما .
التحديات :
هي كثيرة ومتداخله وتم الحوار حول أكثرها في الإعلام و المنتديات ومن أصحاب القرار... في هذه الافكار العامة سأركز على ما أرى أنه يمثل التحديات الأكثر جذرية وسأتعرض إلى كل تحد بصورة عامة على أمل أن تستكمل التفاصيل لاحقآ عبر الحوار او التعليق .
لعله أذا رتبنا هذه التحديات بالأهم فالمهم فإنها ستكون كالآتي :
أولآ : تحدي الديمقراطية :
أعني بالديمقراطية هنا الكيفية التى يتم بها تداول السلطة داخل الجهازيين وما يستتبع هذا من صناعة القرارات وإتخاذها ومن ثم طريقة إدارة المؤسسة ولعل ما نلاحظه هنا والذي يعد تجاوزآ صريحآ للديمقراطية هو تعين المدير العام.هذا التعيين والذي هو تقليد قديم في هذين الجهازين ساهم في تركيز السلطات في أيدى المدير العام وعمل على إضعاف مساعديه من مدراء و رؤساء أقسام، الأمر الذي إنعكس في الأخير على عمل الجهازيين حتى في البرامج....ما لا يعرفه الكثيرون خاصة في العشرين سنة الأخيرة من عمر الجهازين هو أن المدير العام أصبح كل شي حيث كل السلطات تحت يديه يفعل ما يشاء وقد تفاقم هذا بعد توقف ما يعرف بمجلس الإدارة ولسنوات طويلة وحتى الان... هذه السيطرة للمدير العام أثرت على البرمجة وبالتالى أثر على دور الجهازين في صناعة الديمقراطية والتمرين عليها فكما هو معروف (فاقد الشئ لا يعطيه) .
ثانيا: تحدى الحريات:
وهو على صلة بالتحدى الاول فاذا كان فى استطاعة المدير والذى جاء بالتعيين ان يوقف البرنامج ويوقف منتج البرنامج و يحدد اوجه الصرف والميزانيات ويحدد سقف الحريات المتاح وذلك بسبب انه لا تحكمه سياسات ولا لوائح وانه دائم النظر للسلطة..غاض الطرف عن منسوبيه من العاملين...هذا التحدى وبما انه الاكثر تعقيدا فأنه يحتاج الى حوار اكثر.
ثالثا: تحدى هوية الجهازين :
ونعنى هنا تراوحهما بين القومية والحكومية..القومية التى تعني افتراضا أنها تعبر عن كل السودان وأنها أجهزة للمجتمع، و الحكومية والتى تعنى انها تعبر عن ما تريده الحكومة وثقافتها المهيمنة.. التحدى هنا كيف يصبح الإعلام الرسمي قوميآ وليس حكوميآ ؟؟ ولعل هذه المراوحة تقف وراء الكثير من مشاكلنا والتى أهمها الحرب حيث ان من بعض اسبابها كما صرح بعض قادة حركات الكفاح المسلح انهم لا يرون انفسهم فى هذه الاجهزة. .
رابعا :تحدى ادارة التنوع :
وهذا مرتبط بالتحدى السابق فجهازى الإذاعة والتلفزيون الحكوميين حتى الأن لم يستطيعا أن يعبرا عن التنوع ولعل السبب هنا يكمن في الإستسهال وأعني به فهم التنوع على أنه بث أغنيات أو رقصات للمجموعات السودانية المختلفة , غاب عن هؤلاء ولا يزال غائبآ أنه لا يتم ولا يمكن التعبير عن التنوع دون وجود تنوع في الكادر الذي يصنع الرسالة الإعلامية فمما يؤسف له أنك بالكاد تجد في إعلامنا الحكومي منتجآ لبرامج من جبال النوبة أو شرق السودان، هذا على سبيل المثال.. أنا هنا لا أتحدث عن الإستثناءات وإنما أتحدث عن سياسات تضع هذا الأمر في أجندتها .
خامسا : تحدى الرسالة الاعلامية :
وأعني هنا ماذا يريد إعلامنا الحكومي أن يقدم أو ما هو المطلوب من إعلامنا الحكومي ؟ ما هي رسالته ؟
أعتقد أن الإجابه على هذا السؤال بالنظر إلى واقعنا الإعلامي عصية وذلك بسبب غياب السياسية الإعلامية التى عبرها تصنع الرسالة فعلى سبيل المثال أذا قلنا أن ما يجب على إعلامنا هو أن يعرف شعوب السودان بعضها ببعض فهل يفعل إعلامنا هذا ؟ لا أعتقد !! فنظرة سريعة إلى تعامل إعلامنا مع إرثنا الغنائي على سبيل المثال لا الحصر نكتشف فقر الخيال في إدارة هذا المورد الثر ، دعك من المجالات الاخرى.
سادسا : تحدى المحلية :
وهو تحدى لا يتم الحديث عنه برغم خطورته فعلى الرغم من اننا دولة تشكل سؤالآ كبيرآ على مستوى العالم من حيث الموارد و من حيث تهم الارهاب و تهم الابادة الجماعية ومن حيث الموقع الجغرافي الا اننا لازلنا نقدم اعلامآ محليآ صرفآ ليس فيه ذرة من خيال التسويق والتعارف مع محيطنا العربي و الافريقي –حتى الان،هنا لا نمتلك رؤية لمواجهة هذا التحدى , هذا لو كنا اصلآ نعتبره تحديآ !!
سابعآ : تحدى حفظ و حماية الارث المرئي والمسموع :
وهنا اقول وبكلمة واحدة ان هذا الارث الكبير في مختف المجالات يعاني اهمالآ كبيرا مع سبق الاصرار و الترصد فهو عرضة للتلف بسبب سوء التخزين وقد تلف بعضه بالفعل وعرضه للنهب والسرقة وقد سرق بعضه بالفعل , ارى لمواجهة هذا الاهمال البداية وباسرع ما يمكن و عبر لجنة متخصصة بحصر هذا الارث والبداية فورآ باصلاح بيئة تخزينه وكذلك سن قانون لحمايته وحفظه ولمن لا يعلم عن هذا الارث اقول له ان الكثير من ذاكرة الشعب السوداني يوجد في هذا الارث .
ثامنآ: تحدى حقوق العاملين :
وهنا نرى لابد من وضع سياسات جديدة لشروط الخدمة وللائحة انتاج البرامج فاكثر ما يؤلم في هذين الجهازين هو وضع العاملين الذي يشبه وضع الاقنان حيث لا حقوق ولا بيئة عمل صالحة، و هنا اشير وبالكثير من الغضب والحزن للوضعية غير العادلة التى يعيشها ( المتعاون/المتعاونة ) برغم ما يتمتعان به من مهنية عالية وبرغم ما يقومان من دور عبر وظائف العمل الاعلامى المختلفة.
ختامآ :
التحديات بالطبع كثيرة ومتنوعة ولكننى آثرت ان اتعرض لتحديات لا يتم التطرق اليها كثيرآ .
الصورة تأتى احتفاء بالاعلامى الكبير استاذنا بروف صلاح الدين الفاضل الذى مثل وجسد وعيا نوعيا فى ادارة المؤسسات الاعلامية...تحية واحتراما استاذ الاجيال.