الدكتور المطرب أنس العاقب في أسرار (القعدات )

الدكتور المطرب أنس العاقب في أسرار (القعدات ) (*) (القعدات ) مدرسة فنية تخرج منها الكثيرون (*)الكابلي جمع في تجربته بين غناء (الإنداية ) والغناء الخفيف والغناء بالفصحي ،وكانت لديه الكثير من (الأغنيات الهابطة ) (*) غنيت في قعدات كان فيها عبد الخالق محجوب ومحمد أحمد محجوب وبابكر كرار وبروفسير عبد الله الطيب والكثير من المشاهير

الدكتور المطرب  أنس العاقب في أسرار (القعدات )

الدكتور المطرب  أنس العاقب في أسرار (القعدات )

 

 

 

(*) (القعدات ) مدرسة فنية تخرج منها الكثيرون

(*)الكابلي جمع في تجربته بين غناء (الإنداية ) والغناء الخفيف والغناء بالفصحي ،وكانت لديه الكثير من (الأغنيات الهابطة )

(*) غنيت في قعدات كان فيها عبد الخالق محجوب ومحمد أحمد محجوب وبابكر كرار وبروفسير عبد الله الطيب والكثير من المشاهير

(*) كانت تموه إجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي  بعمل (قعدة ) في نفس مكان الإجتماع غنيت في إحداهن

(*) سألني هاشم العطا قبل إنقلابه بشهرين في (قعدة ) إنت ما بتغني في الإذاعه ليه ؟ وقال لي خليك كده لما نحن نجي حتغني بي شكل جيد

(*) في الديمقراطية كانت ( قعدات الصحفيين ) في منزل محمد الحسن أحمد وكان يحضرها محمد سعيد محمد الحسن ومحمد سعيد معروف وحسن نجيلة ومحجوب عثمان وكان النقاش في السياسة والإقتصاد

(*) ( الأنادي ) هي النبع الأول لما يسمي غناء البنات

 

(*) اليوتيوب الآ ن ملك (القعدات )
لم يكن المجتمع السوداني _ فيما مضي _ مفتوحا كما هو الآن ،كانت تحكمه الكثير من التقاليد ،وكانت تثار حول الغناء والمغنيين الكثير من الإتهامات والصفات غير المحببة ، لذا لم يكن ميلاد الأغنية السودانية هينا ، عبرت الكثير من الأطوار ، وهنالك من كبار المغنيين من بدأوا خطواتهم الأولي في الأنادي أو في (القعدات الخاصة  ) قبل أن يأتي ظهورهم من خلال الأجهزة الإعلامية .ولا شك أن هذه الأماكن المغلقة شهدت الكثير من الأسرار والحكايا خاصة وأن من كانوا يشاركون فيها هم من النخبة ( الساسة والمثقفون وأصحاب الوظائف الكبيرة ) ومن المطربين الذين بدأت حياتهم الفنية في جلسات ( القعدات ) الدكتور الموسيقار أنس العاقب الذي قال لي ( أنا ملك القعدات من بعد الكابلي ) جلست إليه نهارا في منزله في جلسة مفتوحة لتوثيق أسرار بعض تلك ( القعدات )

 

 

 

حوار : محمد نجيب محمد علي

(*) نبدأ بالحديث عن تاريخ القعدات متي بدأت ، ولماذا وكيف ؟

(_) تاريخ القعدات يعود إلي العقد الثاني والثالث من القرن الماضي وسبقتها الأنادي التي كانت تقع في أطراف المدينة ، كان النشاط الغنائي محدودا جدا ،وظهور القعدات مرتبط بظهور النخب في التعليم ودواوين الحكومة ، ربما يكون أول ظهورها في (دار فوز ) تلك التي إستفاد منها خليل فرح لنشر الغناء والثقافة الفنية كنشاط سياسي ، القعدات لم تكن قاصرة علي ظهور  الفنانين فقط بل أصبحت مركزا لظهور الشعراء والأدباء والصحفيين والسياسيين
(*) وما الفرق بين غناء الأنادي وغناء القعدات ؟
(_) القعدات أفصحت عن غناء جديد ، غناء الأنادي كان يمثل ( الغناء السري ) غناء البنات ، وبالأنادي عادة يوجد بنات أما بالقعدات فلا ، لذا فالأنادي هي النبع الأول لما يسمي غناء البنات . وفي القعدات كان (العود ) ملازما
(*) تعني أن هناك تطورا قد حدث في مجال الغناء قي ( القعدات )؟
(_) من أوائل الذين طوروا شكل القعدة أستاذنا عبد الكريم الكابلي في الخمسينات . أنشأ الكابلي أول قعدات له بمروي والكابلي جمع في تجربته بين غناء الإنداية والغناء الخفيف والغناءالفصيح ويعتبر الكابلي أول من وسع شكل الغناء داخل القعدة وتجاوز مدرسة خليل فرح

(*) أنتقل بك الآن إلي تجربة أنس العاقب في غناء القعدات ؟

(_) كانت البداية في منتصف الستينات في كسلا ،متأثرا بوحي تسجيلات الكابلي التي انتشرت ذلك الزمان بين المثقفين .. الكابلي كان ملك التسجيلات ، وتلك التسجيلات كان بها الكثير من الأغنيات الهابطة للكابلي وكنت لا أميل لها كثيرا
 (*) نعود إلي قعدات أنس العاقب والحديث عن ذكريات ورفقاء القعدات ؟
(_) كانت هناك قعدات مع سياسيين بشكل عام أتذكر أنني غنيت في جلسات ضمت محمد أحمد محجوب وحسن محجوب وعبد الخالق محجوب وبابكر كرار والشريف حسين الهندي وحسب الرسول أحمد عمرابي وعون الشريف قاسم وعبد الماجد أبو حسبو وأحمد السيد حمد وآخرين ، وأنا أكون فيها ( ديكوري ) يطلب مني أغني قليلا

 


(*) إذا كانت هناك ( قعدات حزبية )؟

(_) أذكر قعدات كانت في منزل بابكر كرار ، كل من كانوا في القعدة كانوا من الشيوعيين ، وكانت القعدة للتمويه عن إجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي يعقد في ذات بيت القعدة أنا كنت أغني في جهة من المنزل والإجتماع يعقد في جهة أخري

(*) وهل من ذكريات أخري ؟
(_) أذكر أيضا أول مرة غنيت فيها في بيت السيد عبد الرحمن المهدي في (قعدة ) في زواج البروفسير موسي عبد الله حامد من إبنة السيد عبد الرحمن . لم يكن مسموحا إقامة حفلات في ذلك المنزل ولذلك أستعيض عنها بقعدة حضرها السيد الصادق المهدي والسيد أحمد المهدي ، الصادق كان رئيس الوزراء وأحمد المهدي وزير الداخلية

 

 

(*) وكانت لك قعدات أيضا فيما علمت مع غير السودانيين ؟

(_) أجل في منزل حسب الرسول أحمد عمرابي الذي كان يعمل وكيلا لوزارة المالية كانت هناك قعدة مع الشاعر نزار قباني وأيضا قعدة مع عبد الرحمن الخميسي وكذلك مع صلاح جاهين ، وقعدة أخري مع عبد اللطيف الحمد مدير صندوق النقد الكويتي في الستينات وهذه القعدة لها قصة
(*) ما هي القصة ؟

(_) كانت هناك مباحثات بين السيد عبد اللطيف الحمد مدير صندوق النقد والحكومة في مسألة قرض ،وكان وزير المالية آنذاك السيد شريف حسين وفي تلك القعدة كنت قد غنيت أغنية (أنت أدري ) للشاعرة سعاد الصباح ،وأعجب بها السيد الحمد وطلب أن يكافؤني بمبلغ من المال فرفضت ،وفي اليوم الثاني طلبني وزير المالية حسين الشريف وقال لي ( يا أنس العاقب ما فشل فيه السياسيون نجحت فيه أنت ) ومنحني الوزير مكافأة كان الحمد قد صادق علي القرض رغم فشل المباحثات بينه والحكومة وقال لوزير المالية ( ما ممكن أكسف الولد ده )

 

 

 

(*) هل من ذكريات أخري دكتور أنس ؟

(_) أذكر (قعدة ) قبل أنقلاب يوليو بشهرين ، كان معنا فيها هاشم العطا وكانت في منزل عباس عبد العال في أمدرمان ،وكانت تلك المرة الأولي التي التقي فيها بهاشم ، وأعجب هاشم بغنائي وقال لي جملة لم أنساها أبدا ( إنت يا أنس ما بتغني في الإذاعه ليه ؟) فقلت له : ( الإذاعة الغنا فيها صعب ) فرد علي ( خليك كده . لما نجي نحن حتغني في الإذاعة بشكل جيد )
(*) وانت كنت من الذين أيدوا إنقلاب هاشم العطا ؟

(_) ربما هذا هو السبب الذي جعلني أؤيد إنقلاب هاشم العطا بخطاب التأييد المشهور الذي قدمه الفنانون الديمقراطيون يوم الإنقلاب وضم محمد وردي ومحمد الأمين وعلي ميرغني وأنس العاقب وجمعة جابر وآخرين ،وتم إعتقالنا بعد عودة نميري وما خفف عني أني لم أسجن لوجود بعض زملاء دفعتي في بورتسودان الثانوية بحهاز الأمن ، وأكتفوا بفصلي من وزارة التجارة ون معهد الموسيقي ومنعي من دخول اجهزة الإعلام

 


(*) هل كانت لك (قعدات ) مع صحفيين ؟
(_) أذكر في فترة الديمقراطية كانت هناك قعدات في منزل محمد الحسن أحمد وكان يحضرها بشير محمد سعيد وحمد سعيد معروف ومحجوب عثمان وعبد الكريم ميرغني وكنت أحضرها بدعوة من محمد الحسن كان النقاش فيها يدور حول المشاكل الإقتصادية والعلاقة مع مصر ومشاكل الأحزاب والخبطات الصحفية

(*) أذكر مرة قلت لي فيها أنك كنت تعمل مصححا في الرأي العام ؟
(_) أتذكر بالتحديد ضربة ودنوباوي بعد إنقلاب مايو أنا كنت أعمل مصححا في الرأي العام ، عينني الفاتح التجاني من إحدي القعدات ،وذهبنا لنغطي الحدث وكان الرصاص لا يزال والجثث في الشوارع وكان هناك عميد إسمه أنس عمر بالدمازين حاول أن يقوم بإنقلاب وأن يأتي بقواته وألجريدة في تغطيتها للخبر كتبت في المانشيت بدلا عن أنس عمر أنس العاقب وإكتشف الفاتح التجاني الخطأ في الوقت المناسب

(*) والقعدات يا دكتور كانت  ترتبط بحوادث هل من حادثة في الذاكرة ؟
(_) في كسلا كنا محتفلين بفوز فريق كرة قدم بالدوري وبدأت القعدة في بيت وأنتقلنا لبيت آخر ، وأذكر فجأة أنني أصبت بإنقباض فأخذت عودي وإنصرفت وفي صباح اليوم التالي علمت أن جريمة قتل قد حدثت في تلك القعدة وكنت أنا الوحيد الذي لم يدخل الحراسة

 

 

(*) والآن يا دكتور هل لا تزال تشارك في القعدات ؟
(_) أنا إنقطعت تماما من القعدات من السبعينات واليوتيوب الآن هو ملك القعدة