احملني على كتفيك

احملني على كتفيك سارة عبد المنعم واكاد احملني على كتفيك ". واكاد اتصنع البكاء، وقبل ذلك يلبي سيدي طلبي البسيط لديه. أبي لماذا تمنعك جدتي عن ذلك؟

احملني على كتفيك

احملني على كتفيك "

سارة عبد المنعم

 


.
واكاد احملني على كتفيك ".
واكاد اتصنع البكاء، وقبل ذلك يلبي سيدي طلبي البسيط لديه. أبي لماذا تمنعك جدتي عن ذلك؟ هل تخشى عليك مني، لكني لست بثقيلة الوزن، لماذا لا تخبرها بذلك كي تسكت عني ؟! لا تضحك، اظن الخرف قد نال منها فقد زجرتني البارحة، قالت لي أن الفتيات مكانهن الأرض وليس على ظهر الرجال، واقسمت بأن تقرص فخذي إن رأتني اتعلق برقبتك، ليتك تخبرها انك  من تريد مني الجلوس على كتفيك ، ابي، ماذا تقصد تلك العجوز  ؟!.
 لم يكن ابي يستمع لتلك المحاذير التي لم تمل جدتي من تلاوتها، ولم ينصت لسخرية نسوة يتغامزن بأن الأجدى به حمل الصبي قرب رأسه فهذه فتاة، ولم يخرس تساؤلي عن مقصدهن، ولماذا تصر جدتي على قولها أن البنت مكانها الارض! وظللت على حالي كلما لمحت أبي أمد نحوه ذارعي توقا للحظة يجلسني فيها على كتفيه، يهرول بضحكاتي، وتارة يلف بي الارض، واتمسك بعنقه ورأسه رغم يقيني أنه لن يتركني للسقوط.
كبرت، وكبرت، وتعجبت من أمس قريب كنت أتمنى فيه أن أكون كون بمحاذاة قامة أبي، والآن شعرت بشئ من ندم فقد حرمتني سيقاني من فرحة الأمس، حين كان أبي يحملني، لم تسمح لي أعوام النضج بمجرد التفكير في إستعادة تلك الأيام ، ولم أعد بصدق تلك الطفولة  فكيف لي أن أخبره عن حنيني للحظة كان يريني فيها الحياة فسيحة وأنا اتكئ على رأسه ضاحكة غير مبالية بحديث جدتي ووعيدها، أدركت بعد تلك الأعوام أجوبة ظلت تؤرق عقل الأمس، أدركت أني إبنة رجل حملني على ظهره دون أن يلتفت لغير سعادتي، علمني أن لا مكان لفتاته سوى العلياء التي حملني اليها وأذاقني حلاوة النظر منها لما حولي، وأن قلبه لا يفرق بين بنت وولد فقد ظللت الأقرب إليه، واني بعد تلك الأعوام ادركت معنى أن تكون الفتاة تاجا على رأس أبيها وتبادله الفخر.
الآن وبعد أكثر من عشرين عاما ويزيد، تمتم الطبيب بأن هناك إنزلاق في سلسة ظهر أبي ، وأن عنقه لم يسلم منها، للحظة شعرت بحزن دفين، وددت سؤال أبي عن وزني بأمس طفولتي هل كنت ثقيلة عليه! وهل كان من أجل ضحكاتي يحتمل؟! أم انه مثلي افتقد جسده تلك الأيام وعاد مضربا عن التعافي جزاءا على امتناعي عن تسلق رقبته والجلوس على كتفيه! ولأن أبي كان دائما ما يمنع عني الدموع، تجاسرت أمام قول الطبيب، وآريت دموع سخينة خلف ابتسامة أشد بها من ازري، تمنيت أن يأخذ الله عافيتي ويجلس ألمه على جسدي، ولمحت في عينيه نظرة حزن ندمت على تسببي فيها، فمن غير أبي يخشى عليّ من آهة تزفرها انفاسي حين عناء، زجرني وردد دعاءه بأن لا تفارقني العافية، ولأنني لا أقوى على الصمود أمام تحمله هربت بأدمعي بعيدا وتركت ضحكاتي وسخريتي بأنه يتصنع ويدعي المرض كي أهبه إهتمامي ومكوثي قربه فقد شغلتني عنه البلاد البعيدة وأعمال أخرى.
ظل ابي على جسارته، قويا بإيمانه، يواسيني بغد آت علينا بالفرح، وظللت أثنيه عن فكرة اني بجوار رجل سواه ستكون افراحي، وظللنا على حالنا يريد كل منا اقناع الآخر بوجهة نظر أمنياته، ولم استطع اقناعه بأني ما زلت طفلته التي لا يجيد سواه تدليلها، وكي اقطع عليه محاولاته أخبرته بأني في رحلة بحث عن رجل مثله، يحملني على كتوف السعادة، لا يخجل من رفقتي له، يسندني، رجل لا هم له بموانع يشيدها المجتمع لتكبيلي، رجل يدرك أن مكاني ليس الارض وعلى ذلك ستكون بناتي .
اليوم أدركت أن حديث جدتي كان فيه صدق خفي التمسته حين غاب عنا صبي الأمس وهاجر لبلاد أخرى، طوال اعوامي ظللت على يقين بأني لا اقل عن شقيقي في شئ، ورفضت فكرة أني بنت، فصرت أقوم بكل ادوار الرجل في بيتنا، عقدة تربية جعلت تاء تأنيثنا تعاني من تلك التفرقة، اليوم أدركت اني كنت واهمة، فجسدي ابي الذي تتوكأ خطواته على جسدي النحيل ، لم يكن ليعاني ان كان إبنه قربنا، فحتما كان ليحمله، ويحمل عني الخوف من غد آت، كان سيبث فيني الطمأنينة بجواره، يا لغبائي؟! كيف أني ظللت طيلة تلك الاعوام بفكر بليد لم اكتشف فيه أن الله حين خلقني قوية بجسد نحيل اصطفى قوة الجسم للرجال، واننا خلقنا من ضلع آخر خلق ليحمينا ويقوينا، ولعنت فكرة مساواة تطالب بها بنات جنسي، ولعنت عجزي عن حمل رجل ظل يحملني طوال عمره.
كفكفت دموع افتقاد لغائبي البعيد، هرولت صوب أبي اتفقده، بالكاد حملت قدميه عن الأرض ورفعتهما على مخدعه، نلت دعواته، واندلعت ضحكاته من قولي أني لا استطيع حمله لكني سأتكفل بحمل قدميه، واختلطت مشاعري حين طلبه بأن أظل رافعة رأسه دون أن انكسه،  أومأت برأسي، و لم أجد سوى عنقه مكانا اداري فيه دموعي، أدركت حينها انه سيظل قادرا على حملي وتحملي كلما احتمت به ذراعي، فأنا لديه لن أكبر. طلبي البسيط لديه. أبي لماذا تمنعك جدتي عن ذلك؟ هل تخشى عليك مني، لكني لست بثقيلة الوزن، لماذا لا تخبرها بذلك كي تسكت عني ؟! لا تضحك، اظن الخرف قد نال منها فقد زجرتني البارحة، قالت لي أن الفتيات مكانهن الأرض وليس على ظهر الرجال، واقسمت بأن تقرص فخذي إن رأتني اتعلق برقبتك، ليتك تخبرها انك  من تريد مني الجلوس على كتفيك ، ابي، ماذا تقصد تلك العجوز  ؟!.
 لم يكن ابي يستمع لتلك المحاذير التي لم تمل جدتي من تلاوتها، ولم ينصت لسخرية نسوة يتغامزن بأن الأجدى به حمل الصبي قرب رأسه فهذه فتاة، ولم يخرس تساؤلي عن مقصدهن، ولماذا تصر جدتي على قولها أن البنت مكانها الارض! وظللت على حالي كلما لمحت أبي أمد نحوه ذارعي توقا للحظة يجلسني فيها على كتفيه، يهرول بضحكاتي، وتارة يلف بي الارض، واتمسك بعنقه ورأسه رغم يقيني أنه لن يتركني للسقوط.
كبرت، وكبرت، وتعجبت من أمس قريب كنت أتمنى فيه أن أكون كون بمحاذاة قامة أبي، والآن شعرت بشئ من ندم فقد حرمتني سيقاني من فرحة الأمس، حين كان أبي يحملني، لم تسمح لي أعوام النضج بمجرد التفكير في إستعادة تلك الأيام ، ولم أعد بصدق تلك الطفولة  فكيف لي أن أخبره عن حنيني للحظة كان يريني فيها الحياة فسيحة وأنا اتكئ على رأسه ضاحكة غير مبالية بحديث جدتي ووعيدها، أدركت بعد تلك الأعوام أجوبة ظلت تؤرق عقل الأمس، أدركت أني إبنة رجل حملني على ظهره دون أن يلتفت لغير سعادتي، علمني أن لا مكان لفتاته سوى العلياء التي حملني اليها وأذاقني حلاوة النظر منها لما حولي، وأن قلبه لا يفرق بين بنت وولد فقد ظللت الأقرب إليه، واني بعد تلك الأعوام ادركت معنى أن تكون الفتاة تاجا على رأس أبيها وتبادله الفخر.
الآن وبعد أكثر من عشرين عاما ويزيد، تمتم الطبيب بأن هناك إنزلاق في سلسة ظهر أبي ، وأن عنقه لم يسلم منها، للحظة شعرت بحزن دفين، وددت سؤال أبي عن وزني بأمس طفولتي هل كنت ثقيلة عليه! وهل كان من أجل ضحكاتي يحتمل؟! أم انه مثلي افتقد جسده تلك الأيام وعاد مضربا عن التعافي جزاءا على امتناعي عن تسلق رقبته والجلوس على كتفيه! ولأن أبي كان دائما ما يمنع عني الدموع، تجاسرت أمام قول الطبيب، وآريت دموع سخينة خلف ابتسامة أشد بها من ازري، تمنيت أن يأخذ الله عافيتي ويجلس ألمه على جسدي، ولمحت في عينيه نظرة حزن ندمت على تسببي فيها، فمن غير أبي يخشى عليّ من آهة تزفرها انفاسي حين عناء، زجرني وردد دعاءه بأن لا تفارقني العافية، ولأنني لا أقوى على الصمود أمام تحمله هربت بأدمعي بعيدا وتركت ضحكاتي وسخريتي بأنه يتصنع ويدعي المرض كي أهبه إهتمامي ومكوثي قربه فقد شغلتني عنه البلاد البعيدة وأعمال أخرى.
ظل ابي على جسارته، قويا بإيمانه، يواسيني بغد آت علينا بالفرح، وظللت أثنيه عن فكرة اني بجوار رجل سواه ستكون افراحي، وظللنا على حالنا يريد كل منا اقناع الآخر بوجهة نظر أمنياته، ولم استطع اقناعه بأني ما زلت طفلته التي لا يجيد سواه تدليلها، وكي اقطع عليه محاولاته أخبرته بأني في رحلة بحث عن رجل مثله، يحملني على كتوف السعادة، لا يخجل من رفقتي له، يسندني، رجل لا هم له بموانع يشيدها المجتمع لتكبيلي، رجل يدرك أن مكاني ليس الارض وعلى ذلك ستكون بناتي .
اليوم أدركت أن حديث جدتي كان فيه صدق خفي التمسته حين غاب عنا صبي الأمس وهاجر لبلاد أخرى، طوال اعوامي ظللت على يقين بأني لا اقل عن شقيقي في شئ، ورفضت فكرة أني بنت، فصرت أقوم بكل ادوار الرجل في بيتنا، عقدة تربية جعلت تاء تأنيثنا تعاني من تلك التفرقة، اليوم أدركت اني كنت واهمة، فجسدي ابي الذي تتوكأ خطواته على جسدي النحيل ، لم يكن ليعاني ان كان إبنه قربنا، فحتما كان ليحمله، ويحمل عني الخوف من غد آت، كان سيبث فيني الطمأنينة بجواره، يا لغبائي؟! كيف أني ظللت طيلة تلك الاعوام بفكر بليد لم اكتشف فيه أن الله حين خلقني قوية بجسد نحيل اصطفى قوة الجسم للرجال، واننا خلقنا من ضلع آخر خلق ليحمينا ويقوينا، ولعنت فكرة مساواة تطالب بها بنات جنسي، ولعنت عجزي عن حمل رجل ظل يحملني طوال عمره.
كفكفت دموع افتقاد لغائبي البعيد، هرولت صوب أبي اتفقده، بالكاد حملت قدميه عن الأرض ورفعتهما على مخدعه، نلت دعواته، واندلعت ضحكاته من قولي أني لا استطيع حمله لكني سأتكفل بحمل قدميه، واختلطت مشاعري حين طلبه بأن أظل رافعة رأسه دون أن انكسه،  أومأت برأسي، و لم أجد سوى عنقه مكانا اداري فيه دموعي، أدركت حينها انه سيظل قادرا على حملي وتحملي كلما احتمت به ذراعي، فأنا لديه لن أكبر.