مسرحية الكنداكة تزييف التاريخ لشيء من حتى أبوطالب محمد
مسرحية الكنداكة
تزييف التاريخ لشيء من حتى
أبوطالب محمد
قدمت هذه المسرحية بمسرح قاعة الصداقة الخرطوم - السودان 3 نوفمبر 2022م بمشاركة أدائية لمجموعة من الفنانين الموهوبين السودانين في مجالي التمثيل والإخراج.
تقف خلف المسرحية السفارة الإسبانية في السودان، وجهات أخرى.
تحكي المسرحية في دوران أحداثها الزمنية عن حقبة من تاريخ السودان القديم وترتكز فيه بصورة مباشرة على حياة الملكة النوبية (أماني ريناس) أو (أمانجي ).
قدمت المسرحية غزو الملكة أماني للإمبراطورية الرومانية، مستهدفة بذلك نبذ الحروب التي نبذها شاعرنا العربي من أزمان سحيقة قائلا: (وما الحرب إلا ما علمتم وذقتهم وما هو عنها بالحديث المرجم - متى تبعثونها تبعثوها ذميمة وتضرى إذا ضربتموها فتضرم).
تدعو المسرحية للجلوس على طاولات السلام، ثم تعلي من قدر الكنداكة القديمة والكنداكة المعاصرة بحسبان أن أحداث المسرحية في خواتيمها أبرزت دور المرأة في ثورة ديسمبر الظافرة وماحدث فيها من إقتتال مستنكرة عطاء الرجال فيها.
جيء في المسرحية بمعلومة مغلوطة ترى أن (أماني) خاضت حروبا مع الإمبراطورية الرومانية. والحق يقال أن (أماني) في التاريخ كما أخبرتنا المراجع بأنها أرسلت خطابا لسادة العالم بأن ما يحدث في مصر لا يمكن حدوثه في مملكتها، حينها كان الرومان يديرون حروبا ضروس في مصر. ثم استغلت انشغال إمبراطور الرومان بحروبه في الجزيرة العربية، وقادت جيشها لأسوان وتمكنت من طرد حامية الجيش الروماني، واستطاعت أخذ أسرى رومان، علم الإمبراطور الروماني بهذا النبأ اغتاظ فبعث بجيش روماني ضغط على الجيش النوبي في أسوان، و هزمت و تراجعت (أماني) بجيشها إلى كوش، ثم أقيمت حامية رومانية لتفصل حدود الملكتين، أعادوا الرومان الكرة مرة أخرى وطاردوها حتى مملكة نبتة، ولما عرف الرومان عن قوتها وبسالتها أبرموا معها مفاوضات سلام، وقد جاءت أهم بنودها وضع حدود فاصلة بين المملكتين.
فرسالة المسرحية أن الحرب غير مجدية تخلف لنا غلام أشئم. على غرار هذه المعلومة التي نحن نتفق فيها حول نبذ الحروب، لكن النبذ لما يكون لشيء من حتى، يثير فينا تساؤلات حول تحول التاريخ من مساره الصحيح إلى مسار كشفت عنه الدلالات الفنية في الخشبة المقترنة بأزياء المؤديين، يلاحظ أن الدلالات على اختلاف تنوعها تضاربت بين الزي الإفريقي والإغريقي والعصري، لم تفض إلى ربط تاريخي أو وحدة موضوع، جاءت عائمة وغير ذات جدوي بالقيمة التاريخية، إنما عكست دور ثقافة بغيضه فيها شيء من التأنيث الذكوري، وهذا التأكيد ربما أراد المخرج الترويج ونشر هذه الثقافة في وطن غالبية رجاله ، بذلوا دمائهم في الثورات السالفة والحاضرة رخيصة، وفي كرري كان الصمود و في شيكان كانت الملحمة، و في ديسمبر ما زالوا يدقون الصخرة حتى يخرج لهم ماء وقمحا.
إنسياب ثقافة المثليين على خشبة مسرح الصداقة طعن في شرف رجال الفيهم مشهودة تعرفهم المكارم والحارة بخوضها.
أثارت الدلالات الفنية مثل وضع الجثث والتعامل معها بطريقة فيها شيء من الاجحاف وعدم التقدير والتقليل من شأن الذين استشهدوا في المعارك، أما الحراب والسهام كانت غير ذات جدوى طالما نبذت دور الرجال واستبدلت هيئتهم بأزياء فيها من الأحالات الأنثوية الكثير، مما أحدثت ربكة في بنية المسرحية بجعلها للتاريخ متجزأ بين أمرين، الأمر الأول: اعتقاده بأن (أماني) خاضت حروبا مع الرومان.
ثانيا: تتبع نضال المرأة حتى يومنا هذا، لم يستوف حقه قدمت المرأة في حالة بكاء ورثاءات لأبنائهن وبعولتهن، بمعنى أن دورها لم يكن بالقدر الذي وضعه فيها المخرج بتوسله لدور الكنداكة (أماني).
قاد التضارب في الدلالات إلى عدم انسجام فني يفضي إلى وحدة موضوع تخلص فيه إلى نبذ الحرب كما تبنت. بدلا عن الادخال في ثقافة تستبدال فيها هيبة الرجال لصالح أجندة.
للمزيد من المعلومات الرجوع إلى :
- أسامة عبد الرحمن النور، دراسات في تاريخ السودان القديم، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي.
- أسامة عبد الرحمن النور ،ملكوت الضمير وذاكرة الجماعة، كتاب تذكاري، الناشر مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي.