مذكرات المشاهير.. كل هذا البؤس

مذكرات المشاهير.. كل هذا البؤس
كليك توبرس -عامر محمد أحمد

يقول وزير الثقافة الأشهر في تاريخ فرنسا, الكاتب السياسي الناقد الفني "اندريه مالرو" في كتابه "لا مذكرات" "ومذكرات القرن العشرين ذات طبيعتين فهي من ناحية شهادة عن الأحداث مثل مذكرات الجنرال ديجول عن الحرب وأعمدة الحكمة السبعة تؤرخ للسعي وراء هدف كبير وهي من ناحية أخرى, الاستيطان الذي يراد به دراسة الانسان وكان "حيد" آخر ممثليه المشهورين ولكن مؤلف "اوليس" ومؤلف البحث عن الزمن المفقود قد استخدما شكل الرواية.. ان "المستيطنين المعترفين" قد غيروا من طبيعة أعمالهم" ويذهب الباحث الأكاديمي والناقد الدكتور مصطفى الصاوي في رسالته للدكتوراة "السير والمذكرات في الأدب السوداني" الى "ان السير جنس أدبي قديم وهو أولاً: جزء من علم تدوين التواريخ من الناحية المنطقية ومن ناحية التسلسل الزمني "ولا تميز السيرة في منهجها بين رجل الدولة والرجل الذي لا يلعب دوراً في الحياة العامة.. ان اية حياة مهما كانت ستكون ممتعة اذا رويت بصدق"..
الصدقية
يقول الممثل شارلي شابلن في "مذكرات شارلي شابلن" "كان أبي يفقد أعصابه بسهولة وفي احدى نوبات هياجه تركت له أمي البيت وهربت الى برايتون فأرسل لها برقية غاضبة يقول فيها "ماذا تنوين أن تفعلي أجيبي حالاً"., ردت ببرقية مماثلة "سهرات, رحلات, وحفلات" ويضيف شابلن "كانت جدتي نصف غجرية وكانت هذه الحقيقة تعد سراً عائلياً دفيناً لا يجوز افشاؤه بالرغم من ان جدتي كانت تؤكد ان عائلتها اعتادت دائماً ان تدفع ايجار الارض التي تقيم عليها" وفي مذكراته "أوراق العمر – سنوات التكوين" التي بلغت صراحتها مداها يرسم الدكتور لويس عوض صورة أمه "وكنت في صباي لا أرى أمي إلا رائحة غادية في البيت تحمل هذا أو تنظف ذاك, فإن جلست فإنما كانت تجلس لتقشير البطاطس أو تقميع البامية أو خرط الملوخية وكنت اقارن هذه الحركة بخمول أبي عامة الوقت وهو جالس يقرأ الصحف أو حتى الكتب, فبدأت أتنبه منذ حداثتي الى الظلم الواقع على النساء في مصر واختلال العدالة" ويقول الراحل عبدالرحمن الابنودي في مذكراته "أيامي الحلوة" كانت "فاطنة قنديل" أمي تفخر بأنها حققت – بي – أكبر معجزة في الدنيا, وهي انها ابقتني على قيد الحياة في قتال مرير وحرب ضروس ضد الطبيعة وقوانين الوجود بخبرتها الطبية النادرة ووعيها بتجارب السابقين, ذلك انها في أيام الحمل والوحم رأت بعينيها حمارة ولدت جحشاً رفيعاً عليلاً. رأت أمي الجحش الهزيل ورأتهم يربطون ركبتيه بحبال كي تتماسك, لذلك حين أنجبت ابنها السقيم فيما بعد ورأته غير قادر على استعمال ركبتيه كأنداده, استوحت فكرة حبال الجحش ونقلتها من ركبتي الحيوان الى ركبتي الانسان فحققت بذلك سبقاً علمياً كبيراً".
يقول الرسام سلفادور دالي في مذكراته "أنا والسوريالية" "في سن الخامسة اتذكر يوماً خدشت فيه خد عنزتي بدبوس, حين وجدت محل الحلوى مغلقاً, بينما كان السبب الرئيسي أن خدها ناعم أحمر طبع كالأردواز, واستطعت ان اكتب اسمي بالدم عليها كان اسمي "دالي" يعني الرغبة بالكتالونية" "في سن الخامسة دفعت رفيقي في اللعب للفضاء بينما كنت اساعده لركوب دراجته ذات العجلات الثلاث تأكدت ان لا أحداً يرانا, كنا فوق جسر بلا قضبان, دفعت به من ارتفاع عدة امتار ليسقط على الصخور اسفل الجسر ثم تظاهرت بالجزع مهرولاً احضر نجدة"..
الصبا
يقول شارلي شابلن "ومع اننا – أنا وأخي سيدني – كنا نفهم مافي دخول الملجأ من عار فإننا فكرنا في الأمر, عندما أخبرتنا به أمي كمغامرة مثيرة وأجازة من الحياة في حجرة واحدة مزدحمة وعندما جاء ذاك اليوم الحزين لم ادرك حقيقة ما كان يجري إلا عندما دخلنا من بوابة الملجأ, فعندئذ وضح لي ما ينطوي عليه الأمر من ألم وتعاسة" ويذكر اندرية مالرو "كان والدي قد عاد من القسطنطينية منذ اقل من اسبوع وعلى رنين الجرس قبل البكور وغبش الظلام يسود الغرفة سمع والدي خطوات الخادمة تتجه نحو الباب ثم تقف ودون ان ينبس الشخص الذي دق الجرس بكلمة اخذت تردد في صوت حزين "مسكينة ياجان.. مسكينة ياجان" وقال والدي – لقد سمعت كثيراً من السخافات حول موضوع الانتحار.. وهل الانتحار من أعمال الشجاعة, أم لا, سؤال لا يطرح إلا على الذين لم يقتلوا انفسهم"..
سياسة
يقول "ويليس بارنستون" في كتابه بورخيس – مساء عادي في بوينس ايرس – مذكرات" "أحد الكهول اقترب وصافح بورخس وقال انه سعيد انه ما يزال يوجد على الأقل ارجنتيني واحد شجاع بما فيه الكفاية لكي يتحدث في السياسة معرضاً مسيرته وحياته للخطر" ويقول اندريه مالرو "هربت عام 1940م مع القس الذي اصبح فيما بعد راعياً, والتقينا بعد الهروب بوقت قليل في قرية وكان لم يزر باريس ابداً.. فقد انهى دراساته في ليون وكنا نتابع الحديث الذي لا ينتهي..
 – منذ متى تتلقى الاعتراف..
 – حوالي خمسة عشر عاماً..
-ماذا علمك الاعتراف عن البشر..
-انت تدري ان الاعتراف لا يفيدنا بشيء فما ان ابدأ في تلقي الاعتراف حتى اصبح ولكني اقول لك أولاً: ان الناس اتعس مما تظن" في كتابه الجنرال الثائر – سعد الدين الشاذلي يقول خالد ابوبكر "حاول نظام مبارك عبر تخطيط ممنهج محو اسم الشاذلي من تاريخ مصر.. من تاريخ اكتوبر.. من ذاكرة اجيال, الا ان هذا النظام فشل في ذلك بامتياز" وفي مذكرات عبداللطيف البغدادي – الجزء الأول نقرأ "كان الخلاف بين محمد نجيب واعضاء مجلس قيادة الثورة قد بدأ يتزايد يوماً بعد يوم حتى اصبح الموقف في النهاية وبعد عدة مصادمات وكأن محمد نجيب في جانب واغلبية اعضاء المجلس في الجانب الآخر, وقد بدأت الخلافات عندما أثار صلاح سالم موضوع اتصال محمد نجيب اليومي بموظفي الاذاعة, وكان يطلب اذاعة خطبه بالكامل, كما كان يطلب اعادة اذاعتها, عدة مرات في اليوم الواحد" وفي مذكراته "كنت رئيساً لمصر" يقول اللواء محمد نجيب "تعرضنا الى هجوم من كل صحافة العالم خاصة صحافة الغرب واطلقت علي تلك الصحافة لقب الديكتاتور العادل أو الديكتاتور المهذب, ولكوني ديكتاتوراً عادلاً تعرضت للنقد الشديد من اولئك الذين يريدون ديكتاتوراً حقيقيقاً كان اولئك يحلمون باتاتورك مصري.. وجاء عليهم وقت اعتقدوا فيه ان فاروق كان يمكن ان يلعب هذا الدور.. واعتقدت انا كذلك لكنه خيب ظننا.. وبعد الثورة توقعوا ان العب انا هذا الدور.. لكنني خيبت ظنهم ايضاً, فاتجه تقكيرهم الى جمال عبدالناصر ليقوم بهذا الدور ولا اعتقد انه خيب آمالهم"..
العمل والوظيفة
يقول شارلي شابلن "كان الموزعون في تلك الأيام جماعة من التجار بليدة الحس والأفلام بالنسبة اليهم مجرد بضاعة يساوي المتر منها كذا قرشاً وخيل الى انني اجدت عرض قضيتي عليهم وتكلمت باخلاص وقلت لهم انني في حاجة الى زيادة قليلة لأنني انفقت اكثر مما كنت اتوقع ولكني كنت اشبه بعامل مصنع يطلب علاوة من جنرال موتورز فما كدت افرغ من كلامي حتى ساد الصمت, ثم بدأ الناطق بلسانهم يقول.. اسمع ياشارلي, نحن رجال أعمال وأنت قد وقعت عقداً ننتظر منك ان تفي به.. قلت بايجاز.. في استطاعتي ان اسلمكم ستة افلام في شهرين, اذا كان ذلك الطراز من الافلام هو ما تريدون.. فأجابني الصوت الهاديء: هذه مسألة تخصك انت.. اني اطلب الزيادة حتى احتفظ بمستوى عملي وعدم اكتراثكم هذا يكشف عن افتقاركم الى الفهم وبعد النظر انكم لا تتاجرون في "السجق"..
يقول المخرج الايطالي "فديركو فيلليني" في كتابه "أنا فيلليني" "أم ادع المنتجين الى بيتي يوماً في أي وقت املاً في ان ينتجوا لي فيلماً وهذا لا يعني ان المنتج لا يرحب به في بيتي, بل يرحب به ولكنه كشخص كان اعتبار الزيارة شأناً شخصياً امراً لابد منه" ويرسم سلفادور دالي لوحة "تصادف مرور بيير لوبب – متعهد الفن الباريسي الذي كان يفخر بكثرة الفنانين الذين زعم اكتشافهم مع الفنان "ميرور" الذي يعرفني ويحب اعمالي وبعد اسبوع وصلني خطاب من المتعهد يحثني فيه على العمل حتى اصل الى تطوير صفاتي التي لا تنكر حتى يستطيع أن يتولى أمري..
عبقرية
وفي كتاب اينتشاين "حياته وعالمه" يقول والتر ايزاكسون "كان بطيئاً في تعلم الكلام وقال فيما بعد "كان ابواي قلقين لدرجة انهما استشارا طبيباً وحتى بعد ان بدأ يستخدم الكلمات, بعد سن الثانية ظهرت عليه غرابة الاطوار جعلت الخادمة تطلق عليه لفظ "المغفل" وكان آخرون في اسرته يلقبونه بـ "المتخلف" وكان نموه البطيء يقترن بتمرده الوقح تجاه السلطة مما جعل أحد المدرسين يعاقبه بالطرد. وقال له مدرس آخر انه لن يصبح شيئاً ذا قيمة..
شكوى
يقول السلطان عبدالحميد الثاني في كتابه "مذكراتي السياسية 1891 – 1908م" "يتهمونني بالخور لانني لم اشترك في الحركات القومية قلباً وقالباً وشيء مضحك ان نتهم بتعذيب الأرمن واستغلالهم لو جال المرء بنظره في تاريخ امبراطوريتنا لثبت لديه ان الأرمن كانوا دائماً اغنياء الذين يعرفون حقائق الأمور يؤكدون تفوق الأرمن مالياً على رعايانا المسلمين, لقد تقلد الأرمن في جميع العهود أعلى المناصب الوظيفية في الدولة بما فيها منصب الوزير الأعظم ولا أكون مبالغاً اذا قلت ان ثلث الموظفين هم من الأرمن, وفيما عدا ذلك ليس على الأرمن الخدمة العسكرية شأنهم شأن باقي الرعايا والبدل النقدي الذي يؤدونه رمزي, وتجارة الأرمن في وضع ممتاز.. ثم أليست ادارة الضرائب تكاد منحصرة فيهم, ومن سوى الأرمن عارض الغاء قانون الالتزام "بقابل قانون الجزية في المفهوم الاسلامي" عندها ارادة عبدالمجيد لم يتنازلوا عن امتيازاتهم فقاوموا هذا الالغاء باصرار ونجحوا بابقاء كل شيء على ما كان"..