هدير المواكب.. حصافة المحو الخلاق

هدير المواكب.. حصافة المحو الخلاق لمياء شمت مرة بعد أخرى تسلف المواكب يد نضالها السلمي الجليل، الحازم الحاسم، صادعة بصوت شعب راسخ مهيب، وشباب نابه جسور إذا وعد أبر، وإن قال طال، وإن أرعد اسمع. وإن برز سدد وقوّم، ورجح كفة ثورته، وأعاد لها هيبتها وبأسهاكما كانت حينما كشر وطلع

هدير المواكب.. حصافة المحو الخلاق

هدير المواكب.. حصافة المحو الخلاق

لمياء شمت

 

 

 

مرة بعد أخرى تسلف المواكب يد نضالها السلمي الجليل، الحازم الحاسم، صادعة بصوت شعب راسخ مهيب، وشباب نابه جسور إذا وعد أبر، وإن قال طال، وإن أرعد اسمع. وإن برز سدد وقوّم، ورجح كفة ثورته، وأعاد لها هيبتها وبأسهاكما كانت حينما كشر وطلع، فخلع واقتلع. وأعلى صوت مطالبها وأهدافها على ما سواه، بذات العزم الجبار واليقين المتماسك الذي فج به الدروب وكحل بنوره عماء الظلمات، وجلل بسناه عتمات وقتام الإجحاف والاستبداد. ولطم بشدة بأسه أحابيل المداهنة والمكر، والنهم السلطوي المسعور. وحاصر بثباته شهوة القتل العارمة، التي غافلت سلطان الضمير والقانون لتسقط بالأمس جرحى ومصابين، وتزيد شهيدا آخر، أعزل إلا من هتافه، يصرعه الرصاص الأخرق العجول، فيحرمه عسفا من سلامة العودة إلى ظل بيته وأهله. وهو ما يوجب تحقيقا فوريا ومباشرا لا تبطؤه تبريرات أو تراخ ذرائعي.

 

 

 ثم انكبت الجموع المهابة متدافعة بقريحتها الوهابة الخيرة لغرس البذور، وسقي البراعم، ورفع مداميك العمار، وتجسيد حصافة المحو الخلاق، الذي هو نقيض التخرص الشعاراتي الزاعق الكذوب الذي ظل يتوخى هدما حقودا لا يعقبه بناء.

تماما كما انهمر مدها ومددها أول مرة، فمدت يدها المقتدرة لتمحو تواريخ القهر البغيضة، والخيبات المخزية؛ تبدلها مراسا وجدارة بشارات انتصار إرادتها التي لا تطمس ولا تقهر. ومضت في جيشانها الثوري المتقد المتجدد لتستعيد بوعيها الناصع وصولاتها المشهودة صفحات شائنة شائهة من رزنامة التاريخ، تراجع سطورها وتكشط ما سجل فيها من تواريخ ظلت تنز بؤسا وخزيا وهوان، لتكتبها من جديد بمداد وقارها واقتدارها؛ فتعيد تدوين الثلاثين من يونيو وفق مرادها وإرادتها؛ ناصعة غراء بلا خبث أو دنس، وهي تلحقها بالسادس من أبريل، الذي استردته عنوة من دركات الخيبة والتضييع.

 

 

 

 يدفق نيل جموعها الثجاج لتمضي إرادتها النافذة التي تعرف كيف تهشم بؤس تواريخ حوالك كوالح ظلت تحاصر عافية وجودها وذاكرتها ومخيلتها، فتحول، تارة أخرى، انكسارها إلى انتصار، ودامس عتمتها إلى إصباح وضاح. قبل أن تبسط ذات الكف العزيز الراجح المهاب لينا وحلما لتستزرع وتسقي به فسائل السلام المرتجى.