قصة قصيرة

قصة قصيرة . نار الفرح بقلم د, ريم أحمد محمود " كاتب في حياة كاتبة مستوحاة عن حياة اراغون و إلزا" ! كتب إليها "المس في عينيك عيني اراغون ذلك العبقري المجنون ! .... فالإله العظيم لا يرجم العبد إذا كان في جلال السجود"

قصة قصيرة

قصة قصيرة .
نار الفرح
بقلم د, ريم أحمد محمود

  " كاتب في حياة كاتبة
مستوحاة عن حياة اراغون و إلزا" !

كتب إليها "المس في عينيك عيني اراغون ذلك العبقري المجنون ! .... فالإله العظيم لا يرجم العبد إذا كان في جلال السجود"
فكتبت إليه " تقصد صاحب الخطوط الأمامية الملتهبه! فلاح باريس و أحاديث الغناء الجميل.... لويس آراغون صاحب نار الفرح ! ، كان عليك ان ترى عيني إليزا تريولة التي انعطفت بحياته أولا !!!"
هكذا كانا يتراشقان بالنصوص ذات مساء ساحر ، اشتهيا فيه أن لو كانا إلتقيا قبل ذلك بقليل فيحدث فرق كبير في روايتهما معا ، و لكن .... هي الحسرة !
...تفقدت وجهها في المرآة و ابتسمت ، بدى و كأنها تنظر في كل مرة إلى المستقبل و تتفحص بعناية ملامحها التي بدت اصغر ... هكذا أصبحت مذ عرفته ( هو ) .
قالت للمرأة التي تحدق بها داخل المرآة ( أعلم انك سعيدة ، و كذلك انا ايضا ، سعيدة كما لم أكن من قبل .... )
مشطت شعرها بعناية ، عدلت رسم خط الكحل الذي يؤطر عينيها الجميلتين ، و ألقت نظرة أخيرة على المستقبل الذي يصنعانه في كل يوم معا ...
تعرف ان الذي جمعهما ، وهم لا يصدق ، و شذوذ عن الحياة نفسها ! و لكن إحدى إشتراطات القص ، أن يشابه الخيال الواقع ! أما الواقع فلا يفترض به ذلك !
لهذا كان الواقع بينهما غرائبيا و بلا إستثناءات.  
عندما خيل لهما بأنهما لن يفترقا؛  إشترطا  الا تكون لهما شروط سوى شرط أن يبقى كل منهما على جنونه ! و تواعدا  الا وعود بينهما سوى ان يعود أحدهما للآخر في النهاية مهما حدث !  
تعرف ( هي ) ان الوقت ينفذ بينهما و ان حدثا مهما سيحدث بينهما يوما ما ! .... و تعرف ايضا ، أنه الموت من يحاصرهما أكثر من الفشل الذي افلتا منه أكثر من مرة ....
كان يكتب في غرفته المجاورة مقالا جديدا ، و كانت في غرفتها تكتب كتابا عنه ( هو ) و لم يكن يدري بذلك ، فمذ عرفته و هي تكتب عنه فقط .
كانت تكتب الوهم و بعض المذكرات ، لتسكن ألمها و ألم  الآخرين ، ففي زمن كساد القضية القومية لا سبيل لتسكين الجراح سوى بإختلاق  الكثير من الوهم الجميل ! ، أما  (هو ) فلم يكن يعول على قدرات الوهم كثيرا ، فكان أكثر شجاعة منها لمواجهة الواقع متحديا كساد القضية بالحقيقة العارية  في كتبه و خطبه ...
في بيتهما الصغير حجز كل منهما لنفسه ركنا بعيدا عن الآخر ليمارس وهمه كيف يشاء و كانت تعرف دائما ان هذا البعد هو ما يقربهما على الدوام ، و كان هو يعرف انها تريد ذلك ايضا حتى لا تنطفئ يوما ما شعلتيهما .
في كتابها عنه ، جعلت بين صفحات الإهداء صفحة واحدة فارغة ، لأنها ظنت أن حياتها الماضيه تستحق أن تفرد لها هذا الحيز الصامت من كتابها الأول ( عنه ) فما عاد الماضي  يعنيها إلا بقدر الألم الساحق الذي علمها الكتابة لاحقا ...
لم تشأ أن تكتب فيها شيئا سوى إشارة صغيرة تلفت فيها إنتباه القراء إلى نسيانها تلك الحياة بعد ان تعرفت على حياتها الجديدة (معه ) .
و في نهاية الكتاب تقدمت بالشكر لكل من أنجزه معها سواء أكان يعي بذلك ام لم يكن ، مجموعة رائعة من الأصدقاء و الأقارب كانت أنفاسهم ترافقها طوال عمر كتابة هذا الكتاب (عنه ) ...
ثم أفردت الصفحه الأخيرة( له ) وحده ، و كتبت "
ليست هي كثيرة ، تلك اللحظات التي يحاصرنا فيها عجز الكلمات عن إضافة معنى جديد لمشاعرنا تجاه من نحب . فكلماتنا تتنفس ، تفرح ، تشعر باليأس و تصاب بالعجز مثلنا .
لكن في لحظة عجز كهذه ندرك جيدا ، أن هذا الحب الذي يجمعنا قادر على منحنا أبدية لا تنتهي بانتهاء الحياة في أجسادنا و في انتظار الموت كنت اعرف انه الحدث الوحيد الذي لن نتمكن انا و أنت من تشاركه معا ، و قد فكرت فيه طويلا ، و تذكرت كيف كنت تقول لي يوما ( ستنفجر رأسك من التفكير يا فتاة! ) فرددت عليك بما قاله برنارد شو يوما ( لا يمكنني التوقف عن التفكير لأنني إن فعلت فسوف تحاصرني الأفكار )
اود ان أشكرك يا عزيزي عن الحاضر الذي أدهشني بوجودك ! و عن الماضي الذي أصبح تافها بفضلك ! و عن المستقبل الذي جعلتنا نصنعه سويا كيفما نشاء .! ...
    شكرا لك على تلك القوانين المزعجه التي خرقناها معا و تلك القواعد المتحديه التي شذذنا عنها معا .....
شكرا لك على كل ذلك الكذب الجميل الذي عشناه معا و كل ذلك  (الكفر الحلو ) الذي اعتنقناه معا ....
شكرا على كل ذلك الحب الذي غير كثيرا من الأشياء بداخلنا و لم نجد وقتا  لنا معا ، لنعترف به !
قد تظن أن هذا جنونا !
    لكني فكرت انه ان اخذك الموت أولا فسيكون لدي من الذكريات الجميلة ما يجعلني استمر بإقتفاء اثرك و سيكون بمقدور نار الفرح التي اشعلتها في حياتي ان تدفئني ما تبق لي من العمر ....
   و اما إن أخذني الموت انا اولا فلا  اتمنى ان تتألم بعدي و اعرف تماما ان الشاعر الذي بداخلك يحظى بألم مضاعف عن الآخرين و لهذا اكتب هذه السطور للمرأة التي ستكون بعدي معك ( ابقيه سعيدا فهو يستحق الفرح )
              وداعا ....لك كل الحب
                      إلزا