سرد الواقعية الموضوعية. * - رواية أزمنة الترحال والعودة للروائي الحسن محمد سعيد.

سرد الواقعية الموضوعية. * - رواية أزمنة الترحال والعودة للروائي الحسن محمد سعيد. الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد حسين. يطرح الروائي الحسن محمد سعيد، سردية تحتكم إلى ثقافة راسخة مجتمعية في إطار معرفى متكامل ونجد أن ،علاقات شخصيات الرواية، السياسية والفكرية والثقافية بالمكان متغيرة احيانا

سرد الواقعية الموضوعية. * - رواية أزمنة الترحال والعودة للروائي الحسن محمد سعيد.

سرد الواقعية الموضوعية. * - رواية أزمنة الترحال والعودة للروائي الحسن محمد سعيد.
الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد حسين.

 

 


  يطرح الروائي الحسن محمد سعيد، سردية  تحتكم  إلى ثقافة راسخة مجتمعية في  إطار معرفى متكامل ونجد أن ،علاقات شخصيات الرواية، السياسية والفكرية والثقافية بالمكان متغيرة احيانا،  بفضل ظروف موضوعية، وحدوث اضطراب سياسي  وأحيانا مأخوذة إلى تواصل مع الأزمنة المتعاقبة، المرتبطة  بالواقع المعاصر وعلامات التاريخ الماضي على صفحة الراهن.  ويمتلك الأستاذ الحسن،  مخزونات، لغوية وثقافية واجتماعية، يستخدمها بمعرفته الواسعة بها داخل  نص أزمنة الترحال والعودة بمهارة ودقة.و للشخصيات السردية تواصل، مع  المجتمع أي ، انخراط وتفاعل ومشاركة، ومواجهة مع مايمثل الض، د مع المكان.  آثار هذا المجتمع تظهر جليا،  في سمات كل شخصية، المدهش حقيقة أن السارد العليم،  يتكلم بلسان ويترك ألسنة شخوص الرواية تعبر عن ذواتهم،  في صورة سردية شاملة، تتخذ من التاريخ الاجتماعي، إبعاد كلها،  تصطف، وفي وجهة معيارية محددة، لقياس المبادئ واعلاء قيمة إلانسانية، والابتعاد عن التعصب في ا خطاب عرقية أو سياسة، أو اصطحاب الماضي لمحاسبة الحاضر، دون النظر إلى المستقبل. التأكيد على أن الثابت، من أخلاقيات المجتمع وسلوكيات الصفوة  في أزمنة ترحال وعودة من المكان وإليه، لابد أن تقودها قيم عليا وطنية، وقيم رفيعة في الخلافية السياسية.  والسارد لايمضى في سرد قالب وضده، إنما يضع فلب الحدث السردي في قالب مديني، يصطحب معه أسئلة تطوير المجتمع، وصراع الذات والواقع، مع العنت السياسي، وفي ظل شمولية  سياسية، قابضة، تزداد فيها روح التعصب السياسي، أو الانتهازية في انتقال شخص إلى ضفة مضادة له من اجل فائدة ذاتية،  ويستفيد السارد، من قيم المجتمع ومايطرأ عليها طارئة التغيير في الصراع الدرامي، في حركة البطل  (معروف ) وازمنته السياسية والنفسية في تأكيد قيم المجتمع الكامنة، بمواقف (شعيب)  وحيث الضمير، والعقل الراجح هو الحكم،  وهو الوعي والتاريخي والراهن  واستشراف المستقبل. يتميز نص رواية - ازمنة الترحال والعودة - برمزية كبيرة بالنظر إلى التمسك بالأرض، إذ يمثل  شعيب، ضمير الإنسان المتمسك بالأرض والناس، ويظل هذا الضمير، مستيقظة حواسه كلها في ساعة الخطر، وساعة زوال الخطر. تساهم روح شعيب، الواثقة والمبتعدة عن التعصب المناطقي، في صد كل مامن شأنه، تلويث صحيفة المبادئ الوطنية والإنسانية المتعارف عليها داخل المجتمع الواسع المتنوعة ثقافته. ويققف مع-شعيب- في الرباط الروحي والوطني، الصديق والتلميذ (معروف ) وهو يمثل :الترحال، والذات الساردة في بحثها عن اليقين، واللجوء إلى المكان البعيد مداواة لجراح المكان القريب-غربة الوطن -.. يقول الدكتور  (محمد برادة) في كتابه"الرواية العربية ورهان التجديد "  " ويمكن القول بنوع من التعميم، أن الرواية العربية، أسهمت في التعبير عن جزء من المتخيل الوطنى  والاجتماعي والنفسي، خلال فترات ومنعطفات برزت في تاريخ المجتمعات العربية، وبالنسبة إلى الرواية الجديدة المكتوبة خلال العقدين الاخيرين، نلاحظ  أن مجالها المعرفي، يتصل بأبراز التصنيفات الاجتماعية الناجمة  عن اتساع المدن"2 واتساع ازمنة الترحال، من شحوب هذه المجتمعات، جراء العنت الاقتصادي والعناد السياسي للحكومات الباطشة بشعبها.. تقول سيزا قاسم في كتابها "بناء الرواية -دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ ". "الزمن في( الأدب ) هو الزمن الإنساني "إنه وعينا كجزء من الخلفية الغامضة للخبرة، أو كما يدخل الزمن في نسيج الحياة الإنسانية، والبحث عن معناه إذن لايحصل إلا ضمن نطاق حياة إنسانية تعتبر حصيلة هذه الخبرات، وتعريف الزمن هنا هو خاص، شخصي، ذاتي، أو كما يقال غالبا، نفسي، وتعنى هذه الألفاظ، أننا بالزمن الذى يدخل في خبرتنا حضورية مباشرة "2

 

 


مفتتح السرد.
يستمد الروائي الحسن محمد سعيد،  معرفته العالية بتاريخ الاجتماعي والسياسي للمجتمع المتخيل، في رسم صورة سردية، يلعب فيها المكان، دور واضح كمقياس للثبات، رغم الهزات الطارئة.. يفتح السارد، المشوار، باضطراب للجميع في لحظة انطلاق شائعة وفاة شعيب، عنوان التمسك بالأرض والمبادئ  دون تعصب "ما إن يعلن خبر موته، حتي تتسابق الأخبار المضادة نافية ذلك، مؤكدة أنه لايزال على قيد الحياة، وكأن الدنيا في السودان، تحولت وانقسمت إلى فريقين متنافسين ومتصارعين، أحدهما يعمل على وفاته، والآخر يعمل على بقائه حيا.. في لحظة قدرية وشعيب، يتمدد  على فراش المرض في مستشفى الخرطوم، تركز الإهتمام كله في تلك اللحظة، وكأن حياة الرجل، ترتبط بحياة كل إنسان سلبا، وايجابا، فريق يتمنى موته، وفريق يرجو له الحياة"3.. هذه الثنائيات التضاد، سنجدها في كل مراحل السرد، ثنائية الهوية، ثنائي الحب رغم الاختلاف العرقي والديني والثقافي بين معروف والاسكتلندية (جيني) ثنائية الشرق والغرب، حتي الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، وتصحيح التاريخ في  الحكم الثنائي، بأن إنجلترا كانت تحكم مصر والسودان، استعمارية لاينفع معها الإدعاء بأن
الحاكم في مصر، كان من اسرة محمد علي -ومامعنى هذا كله، معناه أن نظرة الراوي العليم للتاريخ، رؤية  كلية،   بالابتعاد عن النظرة الضيقة، كذلك من الواضح جدا، الصلة المتينة بين النص المتخيل، والوعي بالتاريخ، وجذور الإنسان الواعي، في تأسيس مقولة سردية فاصلة، تتخيل أن الواقع الحقيقي، يحقنه المتخيل بالحقائق التى، يراد طمسها لصالح، اجندة أخري، تتمثل أزمتها، في تزوير الحقيقه لصالح بقاء رؤية الاستعمار.

 

 


"قال له ذات يوم:
-حرمني الانجليز من الذهاب لمصر
-ذلك زمن مضى وأصبح تاريخا الآن..
-لا لم يكن تاريخا، إنه يعيش في داخلي حتي اليوم.. اعايشه في مواطن كثيرة وفي مواقف أراها قائمة وماثلة والتوقيع4".. هذا  الحوار السردي، بين شعيب ومعروف، وهو مستمر داخل أبنية الرواية، بين الشخوص الروائية، واحيانا، يتعلق بحدث تاريخي، لازال اليوم حوله اختلاف، في مسارات التاريخ السوداني المعاصر. ودائما يشكل المتلقي أو القارئ، ركيزة من ركائز الخطاب السردي، في روايات (الحسن محمد سعيد ) دون وصاية على القارئ. يتكئ السرد في رواية -أزمنة الترحال والعودة -على تعدد الأصوات -صوت الراوي العليم -وأصوات ثانوية في معادلة الحكاية والانا الساردة، غزيرة الثقافة، كثيرة الالتفات إلى مصدر الصدق  في حركة السرد ولغة الخطاب، ومع ذلك فان السارد، يكمل صدقية الحدث، بهذا التداخل السردي، ولغة الحوار في ارتفاع معدل  الشفافية السردية  ودرجة  حضور الحرية، بين كل صوت وآخر،  داخل  البناء السردي، لذلك تجد خاصية السرد المفتوح، وازمنة داخلية متشابكة، مع الذات /الآخر /المجتمع /تاريخية للحدث /تاريخ المجتمع، بل أن الرواية تجد المكان والزمان والهجرة وصراع الشرق والغرب، تجدها في حضور سردى مدهش داخل المتن الحكائى،  استفاد الأستاذ الحسن محمد سعيد، من تقنية -القطع السينمائية، في اجزاء كثيرة من الرواية، وهي تقنية تعتمد -المونتاج - وتقول "هدى شنايبي" في مقال بعنوان "أهم تقنيات المونتاج التى يجب على كل عشاق السينما معرفتها" علينا أن نتفق أن المونتاج هو (فن)اكثر من كونه "مهارة تقنية، حيث أنه لايتعلق فقط باختيار وترتيب المشاهد، لكنه يتعلق في الأساس بالتوصل إلى الترتيب المثالي، لكل لقطة، معرفة الذى تستغرقه، معرفة المؤثرات، والأهم التوصل إلى الطريقة المثلى، لتكوين مشهد قادر على تعريف المشاهد بمكان الأحداث، وكذلك ايصال عدد معين من المعلومات في وقت قصير "5. اعتمدت رواية؛ ازمنة الترحال والعودة - على قيمة الزمن، في تقديم الزمن السردي، حركة الشخصيات، من مكان إلى آخر، كما يمثل الزمن، مقياسا للزمن المهدر، سلبا و إيجابا، وعدد السنين للوطن والهجرة والعودة، اتفق إسم الرواية، مع حركة السرد، والحدث في مصائر، شعيب ومعروف ويونس وظهور  (جيني) التى تمثل الحضور المؤقت للاستعمار في حركة التاريخ - علاقة والد (جيني) بداية التعرف على الثقافات وفق فهم الآلية الاستعمارية، للثقافة، نسترشد دائما بالمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، في خلخلة النصوص وقراءة مافيها من تعدى على الشرق. إلا أن الناظر لكثير من النصوص في  كتابه( الاستشراق) ولكن دعاة (المستفرقين) الاوروبيين،  يحاولون دائما فصل ثقافة أفريقيا،  إلى شمال إفريقيا،  وافريقيا جنوب الصحراء وبالتالى يحرمون العالم من ثنائية رائعة في المجال الادبى بمختلف انواعه والمعادل في ثنائية الهوية /عربية/زنجية، ( وهذه الزنجية تقع ضمن مدرسة الاستفراق وهى غير موجودة في كل ماكتب عن التاريخ الاستعمارى في السودان - ولكن نجد أن  الاستشراق هو الغالب على قراءة واقع السودان الاجتماعي والثقافي، وقد  تركت الإمبريالية البريطانية، أمر سياسة الاستعمار في السودان إلى مجتمع مدنى، غارق في مدرسة المستعمر، وكانوا من فئات ذات علاقات بأرقى الجامعات، ووالد( جينى وجينى نفسها، كانا من علامات الابتعاد عن -خزعبلات - المستشرقين ) وفق وصف الشخصيات سرديا،  ورواية (ازمنة الترحال والعودة) في اطار ثقافي واضح، تحاول أن  تضع، مدارات العلاقات الإنسانية والغرام الأوروبي بالشرق المختلف، في قالب حديث، يتجاوز ازمنة الاستعمار، ويؤمن بأن الحوار بين الثقافات والحضارات والابتعاد عن التعصب، يمثل الخيار الأمثل، للتعامل مع تعقيدات الحياة، وثمة تداخل زمني بين بداية الرواية ووصف حقبة النميري في حكم السودان، والضيق بالرأي الاخر، وبداية التشريد والهجرة عن البلاد، رغم تأييده من فئات مثقفة ودعاة تنوير إلا أن الهوس السياسي والديني والانتهاكات والانتهازية، كلها مؤشرات على أن الرواية قد وصلت إلى ماتسميه الدكتورة  (هويدا صالح )في كتابها -الهامش الاجتماعي في الأدب -قراءة سوسيو ثقافية ) "إن الخطاب الذى يقوم على توظيف الهوامش، إنما يراد به تقوية المكتوب وتعضيده وذلك بتوسيع الإشارة ودقتها حيث ايراد التواريخ في نوع من التركيز أو استحضار الشاهد العميق الدلالة علاوة على إضفاء البعد الواقعي، لأن بتقوية المكتوب وتعضيدة تسير بالنص من صفته الخيالية نحو الواقعية الموضوعية"6،  المتتبع للسرد في رواية  (ازمنة الترحال والعودة) يجد أن قالب الكتابة مع تنويع السرد، مع الحوار بين الشخصيات، يستلهم من كل ذلك، -استحضار الشاهد-السارد الثانوي، المعضد للسرد-وكذلك إضفاء البعد الواقعي وأن اختلفت قليلا في أن  الخيال أيضا، يعضد الواقعي، ويضعه داخل دائرته،  اجتماعية /تاريخية/. لحقبة سياسية، وثقافية مهمة جدا في حركة المجتمع نحو الحداثة،  والتحديث،  في معمار العقل وقراءة تاريخ المكان السوداني، ضمن المكان /العولمة / والثقافة الراكزة في المجتمع. بناء رواية -ازمنة الترحال والعودة، قام على ثقافة عالية للسارد ونص مثقف، التزم خط الأفكار داخل المجتمع بنخبته والعامة.
اسئلة الواقع.
 . تقول "سيزا قاسم "ومن الجدير بالذكر أن محفوظ، نجح في أن يربط بين الافتتاحية وباقى الرواية، وذلك عن طريق امتداد الايقاعات الزمنية التى ظهرت فيها إلى باقي الرواية "7.. ونجد أن ازمنة الترحال والعودة-تبدأ بسؤال المدينة -الخرطوم عن شائعة وفاة، شعيب، وتنتهي بحضور شعيب والطبيب يونس ومعروف "وقال في ذاته :إن نجحت الفكرةو أثمرت في شد وجذب هذه الجموع التى يراها تتزايد يوما بعد يوم في حوش بيته، فإن الأمر قد يتطور إلى حزب جديد " يسعى الراوي العليم، رغم انحيازه غير المصرح به سرديا، إلى تركيز الخطاب، حول اتساع الهوة، بين النخب، وصراع السلطة الحزبية والسياسية، ومتغيرات المجتمع، الإيجابية والسلبية، يسعى إلى التنبيه بأهمية الانحياز إلى التجرد من الأهواء في محيط الحياة والاقتداء بالنموذج الحقيقي المتميز عن بقية النماذج الموجودة في ساحة الحياة في الإصرار على الصحيح والابتعاد المؤقت عن الصراع والعودة من اجل، بناء آخر يعتمد القيم المجتمعية المرتكزة على ثقافة قيم وفضيلة تكامل وتكافل وقتل الأنانية داخل الشخص..
غربة داخلية..
"هاهو (معروف ) مرة ثانية، في هذه المدن الثلاث، بعد أن ادارت له ظهرها.. ترى هل تغير قلبها الذى احس بقسوته،  وجبروته، يوما ام لاتزال كما هى عندما تركها مهاجرا"- رواية ازمنة الترحال والعودة-" أحيانا قد يتوصل القارئ إلى إدراك أوصاف المكان، بتتبع حركة السرد، ويرى في بعض اللقاءات بين الشخصيات داخل المتن الحكائى بانها "صدفة مفتعلة" مثل  لقاء (معروف واوجينى، الاسكتلندية)في مدينة  (لاغوس ) ومعرفة والدها عن طريق  (شعيب) والآن هى تلميذته في الجامعة، ووالدها مهتم، بثقافة (الانقسنا) ولكن هذه اللقاءات -الصدفة.. تتسق مع حركة السرد وانتقال من محطة حياة الى أخري، ومن مكان إلى آخر، الخرطوم، عطبرة، لاغوس، لندن، بيرغن. والنظرة إلى العلاقة مع الغرب، وسؤال مزدوج عن الأب، ورحلته إلى ثقافة  (الانقسنا)الابنة  (جيني)ورحلتها إلى الشعر العربى السوداني. ورحلة -معروف- إلى العواصم والقارات من لاغوس إلى  لندن وبيرغن، اقتراب المسافات مع "سف وروميو وجينى. " ابتعاد الروح عن الوطن والشوق إليه.. حضور شخصية مصطفى سعيد، في حميمية العلاقة مع (جيني) وساحة التذكر بين النموذج  (سعيد )مع الاستعمار واحابيله، ومابعد الاستعمار مع الباحثة عن سحر الشرق، بانفتاح، وصورة زاهية من الأب  (كيمر) جاءت العلاقة بين (جينى) ومعروف؛ في غربة وحياة فردية، وانتهت سريعا، رغم مانشأ من محبة ولكن ظل حاجز ثقافي، يمهد الطريق إلى الاكتشاف أكثر في رحلة الهروب من الوطن المقيد بسلاسل الاستبداد ورفض أبناء التيار السياسي الواحد لبعضهم.

 

 

 


سف-جيني -روميو.. مرسيدس.
يقول الأستاذ الدكتور محمد شاهين في كتابة  (إ. م. فورستر وسياسة الامبريالية ) "يرى ايميه سيزير، في كتابة  (حديث في الاستعمار )أن اتصال الحضارات المختلفة بعضها ببعض أمر جيد، وأن امتزاج العوالم المختلفة شئ رائع، وان الحضارة التى تنكمش على ذاتها تضمحل مهما تكن عبقريتها الخاصة بها. ويضيف :ولكنني أعود فأسأل السؤال الآتى :هل وضع الاستعمار الحضارات في وضع يجعل بعضها يتصل ببعضها الآخر؟  أو فلنقل : هل كان الاستعمار أفضل الطرق لإنشاء تلك الصلات؟  اجيب فأقول : لا"8. هذا السؤال الذى يطرحه الأستاذ الدكتور محمد شاهين، على لسان -ايميه سيزير، نجده، واضحا، في صورة، كيمر الأب -جيني الابنة-الاصدقاء -سف- روميو. وأسئلة الثقافة واللوحة والابتعاد عن التعصب وذكريات الاستعمار، الجيل الذى تناقش دوره في التاريخ السياسي والثقافي والاجتماعي، هو جيل اكتمل عنده النمو العقلى والعاطفي، عقب خروج المستعمر، وكان نموذج الدولة عنده، مرتبطا بثنائية الصراع العالمي، والحرب الباردة، التى بدأت في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي، مع مولد جيل جديد وجد الحركة الوطنية قد استولت على الشارع والامبراطورية البريطانية،  تغرب شمسها، لذلك نشأ دون الإحساس بسطوة المستعمر، إلا أنه عاش كل ابعاد الصراع، الأميركي /السوفيتي.. مساحة هائلة التى يقطعها السارد في رسم العلاقات بينه ويونس، مع (سف ) وروميو، مع اكتشاف أرض جديدة النرويج، ليس لها علاقة بالاستعمار ولكن علاقة بالحياد الموجب. واطفاء النيران،؛ "كان (روميو) شرقيا في سلوكه معه.. كأنما يريد ابقاءه معه في هذه المدينة.. لعله قد وجد فيه سحرا لشيطان الفن كما تقول : (جيني)ولايريد لهذا الشيطان أن يرحل.. تشاء الاقدار أن يجد له وظيفة في جامعة بيرغن، لتدريس اللغة العربية.. استقرت حالته النفسية كثيرا، فكتب إلى يونس باوضاعه الجديدة.. وقال له إن  (مرسيديس )لعبت دورا مهما في هذا التغيير النوعي في ظروفه وحياته.. كانت الجامعة بيئة صالحة للعمل الفكري والفنى.. لم يكن الأمر قاصرا على الأدب، شعرا أو قصة او مقالا نقديا، وإنما تعدى ذلك إلى المقال السياسي،  وهو يعرض تجربة الوطن على هذا المجتمع الذى يجهله ويجهل اهله.. ورغم أن بيرغن في أقصى شمال الكرة الأرضية بصقيعها إلا أن ريح الوطن تهب عليه بحرارتها اللافحة عندما يشتد عليه الحنين "
ونخلص إلى الآتى :
1/طبعت رواية -ازمنة الترحال والعودة-في العام 2005. ولكن القارئ بجد كأنها كتبت اليوم، تميز الكاتب بثقافة عالية، ومعاصرة الأحداث، والقدرة على الامساك بالسرد، مع تعدد الأصوات داخل الرواية.
2/ الشخصيات الرئيسية داخل النص، تميزت بموضوعية وشفافية وظلت في كل مكان من أمكنة السرد، تزود عن ماتؤمن به وتدافع عنه.
3/ رسم الكاتب، شخصية، شعيب،  بمداد صدق سردي، ومعرفة بمثل هذه الشخصيات ودورها المحوري،  في المجتمع.
4/ علاقة الشرق والغرب في غربة (معروف. ) وكانت  بوابة لقراءة جديدة في اطار شامل لحوار إنساني، يستوعب الثنائيات في الوطن وخارجه. ولعل المصطلح المرضي عنه في هذا الجانب؛ حوار الحضارات بمايمتلكه المرء من ثقافة، وقيم،  واخلاق في تعامله.مع الآخر المختلف.
5/أبرزت الرواية، الصراع السياسي، ومع ذلك حافظت الشخصيات على محبة الوطن، دون إحساس بأن أنظمة الاستبداد، تمثل الوطن.
6/الايقاع السردي، التزم التوازن، والاحالة إلى التاريخ المعروف احيانا، كان من باب الالتزام الموضوعي بالتاريخ وعلاقة السرد بالواقع السياسي والثقافي والفكري لتلك المرحلة.
7/تتميز روايات الأستاذ الحسن محمد سعيد بخاصية النص المثقف بابعاده الكونية وثقافة الكاتب العميقة التى تجدها والقدرة الفائقة، على بناء الحكاية، دون ترهل في السرد.
*المراجع..
1/الرواية العربية ورهان التجديد -دكتور محمد برادة. ص 68 كتاب مجلة دبى الثقافية -مايو 2011م -الإمارات العربية المتحدة.
2/بناء الرواية -دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ. ص. 62.  سيزا قاسم.. طبعة اولى 1985م- (النص مقتبس من الزمن في الأدب؛  ميراهوف-ترجمة  اسعد رزوق -مؤسسة سجل العرب )   --دار التنوير -لبنان.
3/ رواية زمن الترحال والعودة -الحسن محمد سعيد -مركز عبادي للدراسات والنشر -طبعة أولى -2005 -صنعاء -اليمن.
4/رواية زمن الترحال.. مصدر سابق.
5/دراسات سينمائية-مقال، أهم تقنيات المونتاج التى يجب على عشاق السينما معرفتها؛ هدى اسنايبي.
6/دكتورة هويدا صالح -الهامش الاجتماعي في الأدب -قراءة سوسيو ثقافية -ص. 45. رؤية للنشر والتوزيع 2015. مصر.
7/سيزا قاسم -بناء الرواية -مصدر سابق.
8/إ. م. فورستر وسياسة الإمبريالية -الدكتور محمد شاهين -ترجمة محمد عصفور -طبعة اولي 2008. المركز القومي للترجمة -مصر.
* في عنوان الدراسة -إشارة إلى كتاب -الهامش الإجتماعي في الأدب -دراسة  سوسيو ثقافية للدكتورة هويدا صالح.