رؤية جمالية في رواية مارخدر لعمر الصائم…

رؤية جمالية في رواية مارخدر لعمر الصائم…

رؤية جمالية في رواية مارخدر لعمر الصائم…

*د.عبد الغفار الحسن محمد محمد أحمد،الأستاذ المشارك بقسم اللغة العربية بكلية المعلمين بجامعة وادي النيل :

           تعتمد رواية "ما رخدر" للأديب السوداني عمر الصايم على استثمار معطيات فكرية وثقافية وتقنية متعددة ،ومتجهة في ذلك اتجاهين :تاريخي وواقعي.وتعد العجائبية إحدى أهم  التقنيات السردية التي وظفها الكاتب وطوعها لإبراز مشكلة الهوية السودانية وما تعانيه من تشظ وتفتت ،وخلق نموذج عجائبي يتبنى قيم التسامح والتعايش والتجاور الطيب .إضافة إلى تقنيات مهمة أخرى تتعلق بسيمياء العتبات النصية ،وتعدد أشكال السرد والساردين  ،وانفتاح الفضاء السردي وتعدده، وتوظيف اللغة المجازية والإشارية والمتعددة المستويات ؛للتعبير عن التنوع  الثقافي ،وتشخيص المكان بما يحويه من أشخاص وأنماط حياة وسلوك؛ مما يضع هذا النص في جنس الرواية التجريبية والسرد الجديد الذي يفارق طرائق السرد التقليدي ،والذي يعتمد على تفاعل القارئ ؛لإنتاج دلالات النص.

 

 

مقدمة:

      تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها دراسة لعمل روائي سوداني جديد ومتميز للروائي السوداني عمر الصايم [1] في روايته الجديدة "مارخدر" [2] والتي تصدرت في العام الحالي 2016 م والذي تتمتع بقدرة هائلة على تقديم السرد Narrativeبشكل جاذب للقارئ بصورة واضحة. حيث بدا هذا السرد متميزا من حيث لغته الباذخة وبلاغته العالية وقدرتها على التصوير، والإيحاء بدلالات غير مباشرة تعتمد على فطنة القارئ، وقدرته على ملاحظة الانحراف في استخدام اللغة وانزياحها الدلالي، خاصة في عتباته النصية، وكذلك في قدرتها على تقديم الكثير من الرموز ذات الدلالات الثقافية والدينية والحضارية.

  أما إشكالية الدراسة فتتجلى في البحث عن مدى اعتماده على تقنية العجائبي والغرائبي بصورة واضحة، تجلت منذ العنوان، ورافقتنا حتى نهاية الرواية تتقاطع مع ما هو واقعي ويومي وعادي. ومحاولته من خلال هذا العنصر إبراز مشكلة الهوية السودانية، وأن السودان يعاني تعددا في الهويات استثمر في الصراعات والحروب، وكأن الكاتب يريد القول من خلال تمثيله السردي: إن السودانيين في حاجة إلى كائن خارق وفوق طبيعي؛ حتى يستطيع أن يعيد للسودان تجانسه وهويته التي ليس بالضرورة أن يكون تنوعها سببا للصراع والحرب.

كما تهدف هذه الدراسة إلى بيان رؤية الرواية وتمثيلها السردي لقضية الهوية، ثم دراسة التقنيات السردية الجديدة في بناء هذه الرواية.

       وفي هذا الإطار تحاول هذه الدراسة قراءة هذه الرواية من خلال محورين:

 المحورالأول: رؤية الرواية وتمثيلها السردي لقضية الهوية من خلال نموذج العجائبي.

أما المحور الثاني فيدرس: التقنيات السردية الجديدة في بناء الرواية. متضمنا دراسة تقنيات عدة وظفها الكاتب في هذه الرواية التجريبية التي تفارق طرائق السرد التقليدي المحكم، وتعتمد على تقنيات جديدة مثل: سيمياء العنوان والعتبات النصية، تقطيع السرد، تعدد الساردين وتعدد الأصوات، انفتاح الفضاء السردي وتعدده، وشعرية اللغة وقدرتها على التصوير للمدلولات الثقافية والاجتماعية بطريقة رمزية وسميائية.

            وقد جاءت هذه النظرة لتقسيم البحث انطلاقا من مبدأ نقدي أعمل به، وهو أن العمل الأدبي لابد أن يكون ممتعا ومفيدا في الوقت نفسه.

      أما من حيث المنهج: فقد اتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي.

     تجدر الإشارة إلى أن مادة البحث الأصلية هي رواية "مارخدر" لعمر الصايم، ثم تجيء بعد ذلك عدة مراجع تمت الاستعانة بها في مواقع مختلفة من هذا البحث، وفقا لما تقتضيه الضرورة المنهجية. هذا والله المستعان.

                             (1)

            لعل رواية مارخدر واحدة من المحاولات الأدبية الجديدة لتشخيص أزمة الإنسان السوداني المعاصر،وما يعانيه من صراع وأزمة حول الهوية السودانية وأنها أس المشكلات التي تولد عنها الصراع والحروب، رغم رحابة هذا البلد وتنوع مناخاته ونيله ،إلا أن الصراع لم يتوقف فيه منذ أقدم عصوره التاريخية قبل نشوء السودان الحديث منذ الحضارة المروية ومملكة سوبا وسنار وحتى يومنا الراهن.فالرواية ترسم صورة لهذا المجتمع السوداني الذي يتداعى بسبب الصراع والحروب الأهلية لعدة أسباب أبرزها :التمييز العرقي والديني؛ وما ينتج عنه من مشكلات سياسية وحروب وفقر ونزوح،واستبداد سلطة ،وفشل قوى التغيير، واستبداد قيم بالية ،والذاتية والتي عادة ما تهزم الرؤية والفكرة.وصل هذا التداعي والصراع ذروته بانفصال الجنوب وبالحروب الأهلية التي ما زالت تستعر في أطرافه وتهدد عمقه وبقاءه.

       لم يحاول الكاتب الالتصاق بواقع سياسي محدد، لكي يحمله كل أزمة السودان، بل تحدث بطريقة رمزية تجعل من كل الأنظمة السياسية المعاصرة منذ الاستقلال مقصودة: الشمولية منها والديمقراطية. مما يوحي بأن الكاتب لا يرى أن المشكلة الأساسية للصراع تكمن في نوع الحكم، بل يراها تكمن في الرؤية التي يدار بها الصراع.

       والكاتب في روايته مارخدر يطرح رؤية جديدة New Vision لكي يتجاوز بها الشعب السوداني صراعاته تتجلى جدتها في كونها لم يُعمل بها ولم تُجرب، رغم كونها معروفة ومعلومة للجميع بأنها الطريق الأوحد للاستقرار السياسي بالسودان ، هذه الفكرة عبر عنها الكاتب بطريقة فنية من خلال شخصية عجائبية هي شخصية "مارخدر"التي تشكل نموذجا للتسامح الديني والتمازج اللوني والقيم الإنسانية بعيدا عن التصنيف .وكأنه يوحي من خلال النموذج العجائبي بتعقد الحالة الراهنة واستعصائها على الحل بواسطة الأشخاص الواقعييين الموجودين ،فكلهم لم يستطع أن يتجاوز مشكلاته وذاته ولونه ،ويرقى إلى مرتبة الصلاح التى تؤهله لخرق الواقع وحل الأزمة الراهنة .

           ولعل أهم المشكلات التي حاولت الرواية تمثيلها سرديا هي:

1- قضية التمييز بسبب اللون أو الدين: فشخصية إستافنيوس الذي يعاني الحرمان العاطفي، والاعتداء الجنسي عليه من قبل الآخرين بسبب لونه المختلف (الأبيض)ووصف هذه الطائفة (بالحلب)، ويعاني كذلك من التمييز الديني بسبب عقيدته فهو مسيحي قبطي يحس بأنه مختلف، عند موعد حصة التربية الإسلامية فعليه أن يغادر والتلاميذ ينظرون إليه لماذا غادر؟ [3]

         صديقه مدثر يمثل اللون الأشهب أوالأسمر والدين الإسلامي ،بينما مثّل بقبريال الجنوبي صديقهما أيضا لمشكلة التمييز بسبب اللون(الأسود)ووصف هذه الفئة(بالعبيد) ،يقول قبريال عندما سأله مدثر عن عدم ذهابه للكنيسة أو المسجد:"لأنني شلكاوي أكتفي بنيكانج .السود وفق العهد القديم مجرد عبيد لأولاد سام"(ص 54)، فمثل هذا التصنيف يمكن أن يسبب  أزمة تدفع بالشخص للتمرد والثورة على الواقع ؛ فها هو قبريال ينضم للمتمردين في الجنوب، وهو إن كان يشترك مع مدثر في فقره وأفكاره الثورية للتغيير؛ إلا أنه يحس أنه مختلف تبرز عنده  مشكلة اللون أعقد بمراحل من مشكلة الفقر التي يعاني منها صديقه مدثر، فها هو مدثر يدخل الجامعة ويكتفي بالهتاف والكلام فقط من أجل التغيير ،بينما قبريال يذهب إلى الغابة ويحمل السلاح ويلقى حتفه[4].ولعل مشكلة التمييز الديني تبرز في رفض كابلا لقبول حب إستيفانيوس صديق الطفولة والجار، رغم كونها بيضاء البشرة مثله فهي من أصول تركية أو أفغانية [5]وذلك لكونه قبطي.وكذلك سارة زميلة مدثر وقبريال تحب مدثر وقبريال جميعا في العمل العام أما الزواج من قبريال فترفضه وتراه مسألة أخرى، لعل اللون هنا ينهض كسبب مباشر في رفض سارة لقبريال  لكون قبريال ينتمي إلى أسرة خليط من المسلمين والمسيحيين وهو وثني يؤمن بعقيدة وثنية كجورية ،وهي ترفض فكرة أن تتزوج من أحد إخوته المسلمين التي اقترحها عليها مدثر [6].أيضا يرفض والد كابلا من زواجها بأستاذها آدم حسنين ذلك الأستاذ الجامعي الفنان والرسام لا لسبب آخر إلا لكونه يخاف أن يقول الناس: إنه زوج ابنته بعبد.[7] وقد حاول الكاتب طرح رؤيته الإيجابية على لسان مدثر في هذا الحوار مع إستيفانيوس:

" قلت لإستيفانيوس: أنت أبيض غير مرتاح، وقبريال أسود معذب، وأنا ملون بائس، فما الحل؟

قال لي: الحل في عصا نورانية تربطنا جميعا". (ص55)

    وفي هذا السياق يبرز الكاتب التوظيف للشخصية العجائبية "مارخدر" ذلك الرجلان الذان يظهران فجأة كالومضة ويسيران في خفة وكأنهما يمسان الأرض مسا  يراهما مدثر وصديقه إستيفانيوس مرة رجل أبيض كفيف أمامه أسود مبصر وبينهما عصا  ،ويرونهما مرة أخرى رجل أسود كفيف أمامه أبيض مبصر وبينهما العصا النورانية.يعطي الرجلان مارخدر الطفلين دوما ولالوبا وعندما يأكلانهما يحس الطفلان بأن بصيرتهما انفتحت وأصبحا أكثر قدرة على حفظ ما يلقى لهما في المدرسة من معارف وعلوم ،ويحاولان تفسير هذه الشخصية الروحانية شخصية الرجلين فيظنان أنهما من أولياء الله الصالحين المباركين ؛فيظن إستيفانيوس أن الأبيض هو القديس الصالح مارجرجس الذي يعرفه من خلال ثقافته المسيحية ،بينما يظن مدثر أن الأسود هو الخدر عليه السلام الرجل الصالح الذي عرفه من خلال ثقافته الإسلامية [8].ويستطيع القارئ أن يتفاعل مع هذه الشخصية التي تحمل قيم التسامح والتسامي والتعايش بمحبة من غير إقصاء أو قطيعة بسبب دين أو لون .هذه الشخصية أصبحت حلما في حياة الطفلين مدثر وإستيفانيوس ،عادة عندما يخرجان من المدرسة يتمنى كليهما أن يلتقيا بالرجلين مارخدر .حتى الناس في المجتمع يعرفون مارخدر الرجل سريع الندهة الذي يحل مشكلات المغلوبين المعقدة ،فها هي مشكلة الجدة الحسناء التي طردت من قبيلتها لكونها لا تستطيع أن تنجب المحاربين الأشداء ،وأنها لا فائدة منها، تلتقي به فجأة بسوق الهجيج وهي تبحث عن رجل يستطيع أن يجعلها تحبل بأميرة ،وها هو يعدها بذلك ،وتحس فجأة بأعراض الحمل؛ لتنجب بعد ذلك ابنتها التي تحلم بأن تكون أميرة ،وتبقى في رحلة بحث عن الرجل المبارك الذي هو سبب إنجابها[9] .وبعدما خربت مدوي تحل روح مارخدر في جثة ذلك الصبي؛ ليكون الأشهب أو ود الموية أو بخيت الأخدر[10]، في تجل جديد لصورة العجائبي في الرواية ،ولعل هذا النموذج استقاه الكاتب من الأساطير النوبية القديمة وكتاب الموتى لقدماء المصريين الذين يعتقدون بامتداد الحياة بعد الموت وذلك يظهر من خلال عنايتهم بمقبرة الملك الذي يموت وما تحويه من أمتعة وأغراض يعتقدون احتياجه إليها في حياته الثانية [11].ولكن عادة ما يفسر القدماء عودة الروح للحياة في جسد على هيئة شبح أو ظل بغرض الثأر أو الانتقام خاصة إذا مات مقتولا[12]،فهنا تتجلى هذه الروح روح النحات المدوي(أو روح مارخدر) التي قرر صاحبها أن يكون جسده ذلك الصبي الذي قُذف به من القارب حتى يخففوا حمولته ،ولكن ما حدث هو موت جميع من على القارب ونجاة هذا الأشهب بفعل موجة مباركة أخرجته إلى بر الأمان[13].ومن هنا تبدأ قصته العجائبية في مجتمع سوبا التي كانت على آخر أيامها وقبيل خرابها.هذه الروح تختلف عن تفكير القدماء في الشبح حيث كونها شخصية لا تبحث عن الثأر أو الانتقام وإنما على العكس من ذلك تماما تبحث عن الحب وإشاعة روح التسامح والتعايش السلمي الطيب.

2-التمييز القبلي والعنصرية والعشائرية :وهذه مثل لها الكاتب من خلال التاريخ بالصراع الذي خرب سوبا بين الملك وجيوش التحالف العشائري القبلي الذي يريد مهاجمة سوبا والاستيلاء على العرش .وتظهر في هذا الأفق عدة قضايا أثارها الكاتب بطريقة فنية ومثلها سرديا تعد من مشكلات السودان المعاصر وسببا في نزاعه المستمر وحروبه المتصلة، إذ يظهر من خلال الشخصيات نماذج للبشر الذين يحبون ذواتهم أكثر من حبهم للوطن ،وأنهم يستخدمون المكائد والدسائس التي تضر بالدولة ؛لتحقيق أطماعهم الذاتية .وأن الملك لا يهمه من أمر شعبه إلا قواته وجنوده الذين يحرسون ملكه ،أما بقية الشعب فلا يهتم لأمره .وأن زعماء العشائر يوظفون حمية القبيلة ؛لتحقيق أمجاد شخصية يحلمون بها،فحكاية الجدة الحسناء[14] تجسد الأنانية والمكيدة وتحقيق المكاسب مهما كلف الأمر : من خيانة أو بيع للجسد أو وعود كاذبة أو استغلال لمن تحب.وشخصية قائد زعماء العشائر تمثل استغلال السلطة الأبوية لفرض الذات وإقصاء الآخر، مهما كان حقه مماثلا لحقه في الوطن والتراب والتنافس الشريف على سبل العيش الكريم. في هذا الجو الذي صوره الكاتب لسوبا وهي على حافة الانهيار والتصدع الذي أودي بمملكة سوبا يظهر بخيت الأخدر كمصلح اجتماعي ورجل مبارك يحتشد له الناس ،والكل يريد أن يوظفه لصالحه ،ولكنه يختار أن يكون داعيا للسلام والتعايش ونبذ الحرب[15] .ولكنه رغم كونه روحا مباركا إلا أنه يفشل في تحقيق أهدافه الإيجابية وترجع روحه للماء،يقول عن نفسه:"أغرقوني في النهر كآخر الحلول للتخلص مني وتفريق أتباعي من حولي ،ألقوا بي في منتصف مدينة أجدادي ،حيث لا زالت أرواحهم المباركة تقفز مع الأمواج ..."(ص137) ،ولكنه يؤكد أنه لن يكون حبيسا للأبد ،وأنه لا بد أن يخرج يوما ما، مما يفتح نافذة للأمل في غد جميل ومشرق وخال من الصراعات القبلية والدينية وصراعات المكاسب الذاتية  .

       وهنا تبرز جمالية توظيف عنصر العجائبي في مقاربته بالواقع "ويتحدد مفهوم العجائبي بأنه يمثل خروقات للقوانين الطبيعية والمنطق، ويعمل على تأسيس منطقه الخاص به، ويعكس في تجلياته المتباينة منطق الحياة وقوانينها ". [16]

      أيضا نستطيع أن نستنتج أن الكاتب وإن انفتح على التاريخ في سرده إلا أنه يشخص مشكلة الوضع الراهن من خلال قراءة الماضي قراءة ثقافية ذات علاقة بوضع المجتمع المعاصر ونوعية التفكير والإدراك. فأحد الباحثين يرى:"أن الروائي لا يتوخى الاضطلاع بهمة المؤرخ المدقق للكشف عن معلومات غير مسبوقة، وإنما يحرص على الانطلاق من وعيه بالحاضر؛ ليعيد قراءة الحدث في ضوء أسئلة راهنة". [17]

       وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وعي الكاتب بالتحولات الجديدة في الكتابة الروائية التي "تتجه إلى مزج السردي والمجازي بالتاريخ و...وعلامات الحياة اليومية والرؤى الفلسفية والإبداعية للكون".[18]

"إن تفكيك الواقع إلى شخصيات وأماكن هامشية وذكريات وآثار وإحلات إلى أعمال فنية لكل منها بكارة الحضور وحداثة التكوين يطرح إشكالات عديدة حول مفهوم السرد الروائي"[19]والتقنيات الجديدة التي فارق بها السرد التقليدي وهذا ما ستناقشه الدراسة في محورها الثاني.

                                          (2)

       مدخل:

       لا يخفى على قارئ رواية "مارخدر" جدة هذه الرواية من حيث تقنياتها السردية؛ إذ يمكننا أن نجنسها أولا ضمن الرواية التجريبية التي فارقت طرائق السرد التقليدي المحكم والواقعي، مما يجعلها إضافة حقيقية في تطور الرواية السودانية واستجابة للتحولات الكبرى التي شهدتها الحالة السردية التي لا تعرف الثبات، بل تتحول باستمرار بفعل استثمارها لمختلف الأشكال التواصلية، وتغير إيقاع التواصل العام [20] وتقنياته ووسائله.

          فهذا الشكل التجريبي الجديد يجعل النص أكثر انفتاحا على التعدد في التقنيات ،التي تجعل النص قابلا للقراءة المتجددة المنتجة بتعدد القراء ،والذي يتأبى على أن يفض بكارته القارئ من ملامسته الأولى ،بما يتمتع به من تحصينات فنية ولغة إشارية تنزاح عن الدلالات المباشرة ،ورموز وأساطير تجعل احتلاب دلالات النص من القراءة الأولى أمرا عسيرا.وهذا التطور في لغة الرواية يجعلها أكثر شعرية من ناحية، وأكثر جمالا وإمتاعا للقارئ الذي لم يعد ما يهمه متابعة تطور الحكاية أو الانسياق مع تيار تفاصيلها وفق خط سردي متصل يكون القارئ أسيرا له،بل أصبح ما يهم القارئ كيفية نسج الحكاية وحياكتها فنيا بصورة مموهة ومحرفة وموحية .ولعل هذة الفكرة من النسج والحياكة وكونها سر الأدبية ليست بجديدة في حد ذاتها فهي ما أشار إليه الجاظ بقوله:"المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي  والقروي والبدوي ،وإنما الشأن في إقامة الوزن ،وتخير اللفظ ،وجودة السبك ،فإنما الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير"[21]فإن كان الوزن شأنا قاصرا على الشعر دون غيره يبقى الحديث عن جودة السبك وحسن التصوير شأنا أدبيا يخص السرد كما يخص الشعر أيضا .وتتفق رؤية البنيويين مع الجاظ في ذلك، ومنهم هوسرل الألماني(Edmund Husserl) الذي يرى"أن المعنى سابق على اللغة وأن النص الأدبي هو التعبير اللغوي عن المعنى في ذهن صاحبه أوالذي يمثله،والتأويل للنص يتغير بتغير المتلقي"[22].

        فالنص الأدبي كما تراه البنيوية ليس مجرد وثيقة شاهدة على المجتمع الذي أنتجها، أو أن العلاقة بينهما علاقة انعكاسية، بل هي في الحقيقة توليد مبدع للحياة والمجتمع في رؤية فنية أدبية فاعلة بين المبدع واللغة والحياة. [23]

       بهذا المفهوم تتجدد وظائف اللغة السردية، من كونها مجرد علامات لنقل المعنى بصورة واضحة إلى كون النص الأدبي عبارة عن "كلمات أو علامات اجتماعية فاعلة (دينامية) قابلة على تقبل معاني ودلالات مختلفة لدى الطبقات الاجتماعية المختلفة في المواقف الاجتماعية والتاريخية المختلفة "[24].

         ومن هنا جاء الموقف النقدي من ضرورة الوقوف عند سيمياء العنوان والعتبات النصية وسيميائيتها وما تحمله من دلالات ومعان عميقة تتجاوز سطح النص ومعناه المباشر. واستثمار اللغة والصورة في النص السردي؛ لعكس الأبعاد الثقافية والاجتماعية؛ ولرسم صورة الفضاء الحكائي.

      وكذلك استثمار تقنيات تعدد الساردين والأصوات المتكلمة داخل الرواية، وحضور الحكاية مجزأة ومتشظية سرديا، وتغير إيقاع السرد تبعا لتغير مواقع الساردين ووضعيتهم والذوات المتكلمة داخل النص.

         كذلك توظيف عنصر العجائبي الذي وجدناه يمنح النص الروائي التجريبي بعدا من الترميز المفتوح على الدلالات. وتولد المحكيات بفضل العنصر العجائبي خرقت منطق السببية واجهضت قانون التسلسل السردي، وغيرت موقع القارئ الذي لم يعد منتظرا لما سيحكيه السارد ولما سيؤول إليه الحكي الخاص، بقدر ما أصبح قارئا مرنا في علاقاته مع الحكاية، قارئ ينتظر كل الاحتمالات التي قد توقف المحكي العام، وتحول المحكيات الصغرى إلى محكيات كبرى. [25]

      كذلك جعل الفضاء السردي مفتوحا ومتعددا من حيث الأزمنة والأمكنة داخل النص السردي.

      وستحاول هذه الدراسة البحث في توظيف الأديب عمر الصايم لهذه القنيات السردية في روايته "مارخدر" .

سيمياء العنوان والعتبات النصية: أول ما يمكن الوقوف عنده عتبات النص الأدبي؛ وهي مهمة في سبر أغواره باعتبارها المحطة الأولى التي نقف أمامها في التحليل النقدي بعامة. [26]

والعتبات المقصودة هنا هي عنوان الرواية "مارخدر"، وعناوين الفصول الأربعة: "حفيف أجنحة الصخور "،"طريق النهر.. أحذية الشوك"،"أحلام على سطح مقبرة جماعية "،"هوامش لمتن غائب".

        يلحظ قارئ هذه العناوين جميعا بما فيها عنوان الرواية سمة أساسية وهي سميائيتها أو إشاريتها وانحرافها إلى دلالات عميقة لا يعبر عنها العنوان مباشرة. وبما أن العنوان إشارة سيميائية فقد" يدفعك إلى أن تعيد قراءة كل شيء كان مألوفا لديك بل هو جزء من ثقافتك، ولكنه يغريك بإعادة قراءته؛ لأنه يفجر فيك طاقات جديدة، وكأنه مع العنوان يبدأ فعل القراءة، ومن ثم فعل التأويل. فالعنوان إذن ذو حمولات دلالية، وعلامات إيحائية شديدة التنوع والثراء مثله مثل النص، بل هو نص مواز، كما عند جيرار جينيت (Gerard Genette)."[27]

فالعنوان"مارخدر" عنوان غامض وهو تركيب مزجي لن نستطيع الوصول إلى معناه إلا بقراءة الرواية والوصول فيها إلى تلك الحكاية العجائبية حينما يرى الطفلان مدثر وإستيفانيوس الرجلين الأبيض والأسود أحدهما أعمى والثاني مبصر وبينهما عصا نورانية يسيران بخفة وكأنهما يمسان الأرض مسا ،ويمران بالطفلين ويعطيانهما دوما ولالوبا(ثمار موجودة في بيئة الرواية)عندما يأكلانهما يحسان بأنهما قادران على حفظ كل ما يلقى عليهما من علوم ومعارف،ويحاول الطفلان إيجاد تفسير لهذين الرجلين من يكونا هذين المباركين الصالحين؟فيرى إستفانيوس  أن الرجل الأبيض هو مارجرجس ذلك القديس النصراني الصالح،بينما يرى مدثر أن الرجل الأسود الصالح هو الخدر (الخضر) عليه السلام العبد الصالح.

      من هنا تاتي إشارية العنوان وانزياحه لدلالات دينية واجتماعية تعبر عن أزمة الواقع السوداني المأزوم بسبب صراعات الهوية والدين. وكأن الروائي يشير من خلال العنوان إلى الحاجة لكائن مزجي جميل يجمع كل الألوان ويتسع قلبه لتقبل الآخر المختلف والارتباط معه بعصا نورانية تتجاوز حالة الانقسام والحروب والتناحر الموجودة في الواقع السوداني. وليكن هذا الكائن هذا العجائبي الخارق هو "مارخدر".

        أما عنوان الفصل الأول حفيف أجنحة الصخور " فتغيب دلالته الظاهرة بسبب إضافة الأجنحة إلى الصخور، فالأجنحة مرتبطة دائما بالطيور والخفة، ويمكن أن تنسب مجازا للريح مثلا؛ لأن كلمة حفيف ترشح هذا المعنى بالذات فالحفيف هو صوت الريح. ولكن ما علاقة الصخور بالأجنحة؟

        لعل عنصر العجائبي وراء هذا الغموض ولعل جزءا من سرد الحكاية داخل الفصل يزيل بعض الغموض: فبعد أن قتل الكهنة النحات المدوي كوهامين في (إشارة الحضارة المروية بالسودان)"بنى له الفنانون منحتا كبيرا أسفل الجبل المقدس، ووضعوا تمثاله في الأعالي " وهنا لابد من تذكر أن النوبيين القدماء كانوا يعتقدون بحياة الأرواح بعد الموت وتمثل الروح في هيئة جديدة عرف في ثقافة قدماء المصريين باسم شخصية الظل أو الحيبيت أو الشبح الذي يحل في الحياة اليومية بديلا لتك الشخصية الميتة المومياء. وبالتالي تنتفي عندهم فكرة الموت الأبدي ،وهذا ما يفسر اهتمامهم بأهراماتهم ووضع بعض الأمتعة بها لاعتقادهم أن الميت سيحتاج إليها في حياته الثانية [28].فيطور الكاتب الأسطورة هنا ويجعل من حياة هذه الروح كأنها حياة حقيقية لدرجة كونه يسرد حكايات عن عصره ،وما حدث فيه من أحداث سياسية واجتماعية ،فيقول:"كنت أجيء مع الريح فأسكن الحجر ،وأشهد احتفالات الشعب بعودتي المرتقبة ،وظلت الاحتفالات تقام لقرون ،يغني الصبيان والصبيات لمارخدر التاسيتي،ويتمرغ الشيوخ والمسنات بتراب الجبل،كنت دائما أشعر أنني بينهم ،وأن عودتي ليست إلا تجل تحدث هنا أو هناك، في شجرة أو مدرة ،في زأرة لأسد أو بيضة لنعامة."(ص12)فمن هنا نستطيع أن نستشف الدلالات المجازية لحفيف أجنحة الصخور وأنها حالة من التعبير عن الطرب والفرح بحلول هذه الروح المباركة التي حلت على الجبل مع الريح.ولعل هذا كله يثبت ما ذهبنا إليه من أن العجائبي ثيمة أساسية في بناء هذه الرواية تغير منطقها وتحول مجرى أحداثها وتجعل من الشخصية  العجائبية ساردة تحكي كثيرا من الحكايات التي يقوم عليها النسيج العام للرواية.

       أما عنوان الفصل الثاني "طريق النهر أحذية الشوك"فلغته أيضا سيميائية منزاحة عن معناها المباشر؛ فنلحظ من خلال الحكايات الستة الواردة في هذا الفصل دلالات عميقة يريدها الكاتب تشير إلى معاني المكابدة والمعاناة من أجل الوصول إلى الغايات وتجاوز العقبات، فالنهر يشير إلى الغايات والأمنيات، في مقابل الشوك الذي يشير إلى المعاناة والصعوبات.

- فمدثر الذي يحاول أن يعد مسرحية لنقد سياسة الدولة الزراعية، من أجل التغيير للأفضل، يزج به في المعتقل.

-الجدة الحسناء التي تهرب ببنتها من قرية العناقريب على ظهر مركب في ليل دامس وتتحطم بهما،تجد نفسها على مشارف سوبا وتدخل القصر وتصبح فجأة رئيسة للمطبخ الملكي ،بعد مكيدة دبرتها للرئيسة السابقة ،وهكذا تقترب من حلمها بعد هذه المقامرة.

- ملك سوبا الذي اتهم بخيت الأخدر بالخيانة وحكم عليه بالموت، بأن يغرق في حوض الجير غير المطفأ، وبعد أن يفاجأ الملك والجميع بأن بخيت أخرج حيا من الحوض ولم يصب بسوء، يذهب إليه الملك بنفسه ويجلس تحت قدميه يستجديه في أن يعالج الوباء الذي فتك بجنوده، فتضيع هيبة الملك وصولجانه في سبيل استجداء هذا الفقير المبارك؛ لينقذ ملكه وجنوده الذين يحرسون مملكته من ذلك الوباء.

-الجدة الحسناء والتي أعدت ابنتها تاسي لتكون أميرة وكأجمل ما يكون وعلمتها كذلك فنون الإغواء والإغراء، مع تحذيرها أن يمس جسدها أحد، والتي تحبها وتعدها كأميرة متوجة، ها هي ترسلها عبر الغابات الموحشة إلى قرى جهينة أو الفونج لتنقل أخبار سوبا لخصومها من زعماء العشائر ومن ثم تحقق الجدة رغبتها بأن تزوج ابنتها للملك المنتصر، فتصير هي الملكة الحاكمة.

فالطريق ليس سهلا، وتحقيق الرغبات والأمنيات متبوع بتقديم التضحيات والتنازلات. وهكذا نستطيع أن نقرأ العنوان ونستشف دلالاته.

       أما عنوان الفصل الثالث"أحلام على سطح مقبرة جماعية "فهو أيضا يتسم بالانحراف عن معناه المباشر بدليل أن كلمة أحلام في العادة لا تحيل إلى الموت أو الخراب، وإنما تحيل إلى الحياة العامرة بالحب والأمن والاستقرار.

    ويمكننا قراءة هذا العنوان من خلال معرفة حكاية الجدة الحسناء التي تسعى أن تتوج ملكة على سوبا باستغلال جمال ابنتها تاسي،وبالسعي بين ملك سوبا وزعماء العشائر بالمعلومات التي تحفزهم على القتال، ممنية نفسها بأنها ستكون بمنجاة من هذا الصراع ،وأن الملك المنتصر سيأتي ويتزوج بابنتها تاسي ،وتتحول هي من مجرد خادمة بالقصر إلى مصاف الملكات مباشرة .هذا الحلم ظل يراودها وهي تعمل لصالحه رغم محاولات بخيت الأخدر في حفز الناس على السلام والتجاور الطيب وأن الأرض تسع الجميع،إلا أنها سعت بكل مكرها لقيام الحرب والتي دمرت سوبا .ولعلها هي نفسها تمثيل سردي لشخصية أصبحت مضرب مثل في الثقافة الشعبية السودانية (عجوبا ال خربت سوبا).

       وفي هذا الفصل تعرضت أغلب شخصيات الرواية لمصائر كارثية وضياع للآمال والأحلام في وطن يسع الجميع، خال من الحروب والنزوح والفقر، يعيش فيه الناس على التسامح والاحترام المتبادل والتعايش السلمي.

       أما الفصل الأخير بعنوان"هوامش لمتن غائب" فهو أيضا عنوان مشكل وتتجلى سميائيته في تركيبه؛ فالهامش عادة ما يكون شرحا أو تفصيلا للمتن، ولكن إذا غاب المتن فما قيمة الهامش؟

        لعل الكاتب أراد أن يشير من خلال هذا العنوان إلى حالة من الإحباط؛ نتيجة لغياب كل القيم النبيلة والجليلة التي طرحها من خلال سرده: من تحقق الأمن والاستقرار في السودان، والتعايش والتجاور الطيب، ونبذ القبلية والعنصرية والحرب. فهذه القيم في مجملها ما أشارإليه الكاتب بالمتن الغائب.

       أما الهامش فهو فعل الشخصيات الرئيسة  ومصائرها في نهاية الرواية ،ومدى قدرتها على تحقيق تغيير .فها هو بخيت الأخدر يعلن في فاتحة الفصل أنه لن يظل حبيس النهر الذي أعاده إليه المتحاربون في سوبا،وأن روحه ستخرج يوما ما على ضفة هذا النهر "ستكون الحياة قد اختلفت ،سيكون الناس أكثر استقرارا أو أعظم تيها،ولكنني لن أنساهم سأخرج من جديد"(ص145)فيعطينا الكاتب بارقة أمل في العودة للحياة الآمنة المستقرة رغم أن الحال العام الآن لا يشير إلا إلى معاني الغياب،فالحرب الأهلية كما يقول مدثر لصديقه إستيفانيوس في إحدى رسائله ما زالت مستعرة ،ومتوهمو النبوة ما زالوا يظهرون ويدعونها صراحة عبر وسائل الإعلام ،والكل يريد أن يكون متبوعا ، ويضم الآخرين إليه ،وأغلب قوى التغيير رضيت أن تكون تابعة.فلم يلح في أفق السرد ما يشير إلى وجود رأي رحب يسع الجميع .وهكذا ستظل الهوية الجامعة غائبة والمشكلة الوطنية متجذرة في انتظار عودة بخيت الأخدر.

تعدد الساردين والأصوات المتكلمة:

     يستطيع القارئ تلمس هذه السمة منذ بداية الفصل الأول من الرواية حيث جاءت أول حكاياته السردية بضمير المتكلم لتكتشف أولا أن السارد شخصية روائية غير المؤلف،ثم لا يلبث أن يتحول السرد في الحكاية السردية التالية بالضمير نفسه إلى سارد جديد ،ثم إلى سارد ثالث ورابع ...حيث لمسنا تعدد الساردين بتعدد الشخصيات الروائية ؛مما ينفي وجود شخصيات مركزية وأخرى هامشية من ناحية،ويجعل المؤلف أو الروائي خارج مجال النص تماما من ناحية أخرى  ،حيث نلحظ عدم تدخله في مجال الرواية تماما ،بل جعل الحكي بمضير المتكلم السارد؛ فيكون هو من يحكي قصته ويلم بتفاصيلها الدقيقة ويحكي خلجات نفسه وموقفه الخاص والشخصي من الشخصيات والأحداث .ومن ثم فلا مجال لتدخل الروائي لتوجيه السارد أو الحدث.وهذا يجعل السارد تقنية سردية لا أكثر ؛يقوم بوظيفة حكي الحكاية وجعلها تتحقق نصيا. إضافة إلى أن استخدام هذه التقنية "يحرر الكاتب من المسؤولية المباشرة عما يكتب، ولكي يطلق يده في الكتابة بطرائق عديدة بعد أن كانت الطريقة واحدة. [29]

     وبما أن هذه الرواية اعتمدت على تقنية العجائبيMiraculous في بنائها، فيمكن للشخصية العجائبية أن تكون ساردة ومتكلمة وفق هذا المنطق العجائبي الذي ارتضته الرواية الجديدة. فمارخدر شخصية عجائبية تقوم بوظيفة السرد، وكذلك بخيت الأخدر،شأنهما في ذلك شأن الساردين الآخرين .ولعل ما ترويه الشخصية العجائبية يتضمن معلومات تاريخية ودينية وثقافية وأسطورية ،فهو سارد narrator" يشارك الشخصيات في صناعة الأحداث ويتزاحم معها في صراعها مع الزمان ،أو يشهدها الصراع ويراه بعينه".[30]

    وقد تغير وفقا لهذا الطريقة السردية الجديدة عدة مفاهيم جديدة تتعلق بالحالة السردية من بينها:

- مفهوم الحدث الذي لا يأتي مكتملا ضمن بنية الحكاية [31]،والاعتماد في إنجاز ذلك على تقنيتي الاستباق prolepsesوالاسترجاع analepses.

- والحكاية تصبح لها محطات من التلقي وفق نسق دائري،يعود فيه الراويnarrator إلى سرد حكايته بعد انقطاعها لدخول شخصية ساردة جديدة ،فيعود السارد لقصته من نقطة ارتكاز معينة [32]  ؛ ليروي حكايته من وجهة نظره؛حيث تتكسر خطية السرد وفقا لهذا النسق،  فتجد تداخلا واضحا في سرد أحداث في أزمنة متفاوتة ،فتداخل الزمنين الماضي والحاضر والإشارة إليهما بشكل عشوائي لا يسير على وفق نظام أو ترتيب زمني واضح يحدد دلالة هذا النسق وطبيعته،ومثل هذا النظام لا يؤثر على سير الأحداث وتلقي الحكاية فهو نظام جمالي أكثر منه دلالي"لأن اللعب بالأزمنة داخل القصة عمل جمالي بحيث لا يؤثر على الأحداث من حيث الماهية والوجود ،وإنما من حيث الصياغة والترتيب [33].فهنا تبدأ حكاية يعرف تفاصيلها السارد ،ثم لا يلبث أن يكملها حتى تبدأ حكاية بلسان سارد جديد ،يعتمد القارئ على الاسترجاع والتذكر في ربط الحكايات المسرودة على ألسنة الساردين .

- خروج القارئ من سلطة الحكي المبرمج بواسطة السارد العليم ،وذلك لتكسر خط السرد وتحول منطقه بدخول ساردين جدد وأصوات عديدة ومتناقضة داخل النص تنجز الكلام الروائي وتحقق للنص حالته السردية بناء على موقعها ورؤيتها الخاصة.[34]

     ففي رواية مارخدر هنا يبدأ السرد بلسان النحات المدوي ويحكي حكايته مع الملك والكهنة الذين قاموا بقتله،وتحوله إلى روح حية متجسدة تسمع وترى وتسرد الأحداث وتطورها عبر الأزمنة والأمكنة المختلفة ابتداء من العصر المروي إلى عهد مملكة سوبا،يتجول هذا السارد العجائبي (الروح)بأشكال وهيئات مختلفة :(مارخدر)الرجلان الأبيض والأسود وبينها العصا النورانية ،(بخيت الأخدر)في زمن مملكة سوبا .ولكن السرد لا يتصل على لسان هذا السارد وحده بل ينقطع لتبدأ حكايات جديدة تعيدنا إلى الحاضر ،فيبدأ التلميذ مدثر بسرد علاقته بصديقه إستيفانيوس القبطي بالمدرسة ومدي محبتهما لبعضهما البعض،وعندما يتجلى لهما "مارخدر"الرجلان الأبيض والأسود أحدهما أعمى والثاني مبصر أمامه بقوده بعصا،ويعتقدان أنهما رجلان مباركان،تبرز القيمة الجمالية للسرد ؛ليتدخل القارئ ويفهم سر العلاقة وسر نجاحها ورمزيتها الدالة على معاني التسامح والإنسانية والحب.

      وتتداعى في ذاكرة القارئ صور التمييز والإقصاء التي يعانيها في الواقع الراهن في مجتمعه السوداني،جراء عدم وجود قوة خارقة قادرة على لم شتات هذا الشعب الذي مزقته الحروب والصراعات.

        ثم قبل أن تكتمل حكاية مدثر ينتقل السرد في حكاية ثالثة لسارد جديد هو الجدة الحسناء (فردوس)لتحكي حكايتها منذ طردها من قبيلتها بسبب عقمها ،ومن ثم استقرارها بمدوي جوار سوق الهجيج ،وزواجها من خمسة رجال وخيانتهم جميعا،ولقائها المبارك بمارخدر الذي وعدها بأنها ستحبل بتك الأميرة التي كانت تتمناها؛ لتحقق عبرها أحلامها في الحياة وتصبح ملكة.وقبل أن تكتمل حكايتها ينقطع السرد ليكمل النحات المدوي (أو الروح )حكايته ثم يتحول السرد في قصة جديدة على لسان إستيفانيوس ثم تاسي بنت الجدة الحسناء...وهكذا لا يتوقف السرد عند محطة واحدة ،بل تأتي الحكاية مجزأة متشظية .وكأن كل سارد يحكي قصته الخاصة ،وعلى القارئ أن يجد العلاقة التي تربط بين هذه الحكايات ويكون من مجموعها قصة مكتملة.[35]

- تعدد طرق السردDiversify narrative ways : وإن كانت الرواية قد اعتمدت على ضمير المتكلم وتعدد الساردين في فصولها الثلاثة الأولى، نلحظ تغير أسلوب السرد في الفصل الأخير، الذي استخدم فيه الكاتب الضمير نفسه ،ولكن عبر أسلوب الرسائل؛ لأنه الأسلوب الأنجع في حالة كون التواصل لا يكمن أن يكون مباشرا بفعل هجرة أحد الطرفين فكان أسلوب الرسائل والمذكرات حاضرا ؛مما يثري السرد وينوع من أشكاله .

-  الوصف Description:والذي عادة ما يتخلل السرد ويكون له وظيفة جمالية تصويرية تشخص المكان الروائي وتصف مجتمع الرواية وثقافته من خلال توظيف اللغة الدالة على ذلك"الأرض تحتفي بالوجوه المحروقة والأحجار تخبئ الذهب والعشب"(ص9)فهذا الوصف مثلا يشف عن طبيعة المكان وطبيعة ساكنيه.

     ومن خلال الوصف تتجلى بعض القيم الثقافية المرتبطة بزمان ومكان الحدث الروائي:"سقط الكاهن تحت الفرس،تلوى كأفعى مرتعدة،وتتوسل كزوجة ستقبر مع زوجها الميت"(ص12)الأمثلة على ذلك كثيرة داخل الرواية والتي وظفت الوصف ؛ ليعبر عن العادات والتقاليد والألوان والسحنات ،والحالة الاقتصادية والاجتماعية.واستخدم كثيرا من الكلمات استخداما إشاريا يرمز إلى ناحية ثقافية أو اجتماعية أو دينية .

أما من حيث لغة الرواية فقد اعتمد الكاتب عل لغة باذخة جميلة وتصويرية ومحملة بالدلالات الاجتماعية والثقافية والدينية فقد سمى كثيرا من أنواع الأطعمة التي تعبر عن ثقافة معينة مثل: الكجيك والعصيدة والمريسة ،وغيرها من الكلمات السودانية :الدوم اللالوب و القرض من الثمار البرية ،ولم يذكر مثلا التفاح والعنب والأناناس ؛لأنها غير موجودة في بيئة الرواية.إلا أنني ألحظ التزام الروائي بمستوى لغوي واحد في أغلب الأحيان وعدم ميله لاستخدام لغات الساردين وألسنتهم ،بل صاغ الرواية كلها بمستوى لغوي واحد حتى الحوار فيها كان أغلبه بالفصيح ولم تتخلله الدراجة إلا قليلا. وهذا من وجهة نظرى ليس عيبا فنيا؛ فالروائي ينتظر قارئا عربيا يفهم اللغة الفصيحة ،ولا يستطيع أن يتوغل به في مجاهل اللهجات العامية، والتي يعتبر الإكثار من استخدامها إقصاء للقراء غير السودانيين،ودبغ عمله بصفة المحلية.ولكن قد يطرح هذا الاستخدام لمستوى لغوي واحد إشكالية ما زالت مثارة في النقد الأدبي حول مدى واقعية هذه اللغة والتصاقها بأصحابها.

     أيضا لا بد من ملاحظة بعض الهنات اللغوية خاصة النحوية والإملائية رغم اهتمام المؤلف بضبط روايته بالشكل، ولكنها هنات قليلة لا تؤثر في جودة العمل الفني ككل ولكن وجب التنبيه عليها لأهمية وضرورة أن يتقن الروائي والكاتب المهارات اللغوية في الكتابة بشكل ممتاز يجنب عمله التشويه.فمن الأخطاء على سبيل المثال: تنوين كلمة خضراء ص16 وتنوين جمع المؤنت السالم تغيرات بالفتحتين بدلا عن الكسرتين في قول:"لمحت تغيراتا" ونصب المجرور في قوله:"وهو يتمنى إنجاب ولدا".ومن أمثلة الأخطاء الإملائية القليلة التي وقع فيها الكاتب:وضع همزة القطع بدلا عن همزة الوصل في الفعل الماضي التفتَ ص28 والاسم الانقراض ص25 أيضا كتابة الزاي ذالا قصيرة في كلمة الجزر جمع جزيرة ص 32 وكلمة تمازج ص89وكتابة الذال زايا في كلمة باذخ ص125وكتابة الفعل ينضوون ينضون.ص89 وهذه الأخطاء كما ذكرت ليست بالكثرة التي تشوه الكتابة الروائية ككل، ولكنه واجب الناقد متابعة سلامة استخدام اللغة والتمكن من أدواتها بالنسبة للمبدع ؛لأن اللغة هي أداته ووسيلته في التعبير.

الفضاء السردي:

      فمن حيث الفضاء الزماني:  يتحرك النص في زمنين متباعدين ،يحكي ضمن الماضي ،ولكنه ينتقل للواقعي والراهن ،ويحقق عبر منطق السرد حوارا بينهما .ولعل الإشارات الحاضرة في الزمن الراهن هي التي تذكر القارئ بأن الحكي وإن اعتمد نصوص الماضي أو التاريخ ،إلا أن مكانها الزمن الحاضر.[36]

      أما من حيث الفضاء المكاني: جاء الفضاء المكاني في الرواية مفتوحا على عدة أمكنة ذات دلالات ثقافية وحضارية وتاريخية واجتماعية وطبيعية متعددة. وقد اتسم بالتجريد وأسماء للأماكن من صنع الراوي في كثير من الأحيان، إلا أننا نجد من بينها أسماء أمكنة تاريخية موجودة فعلا مثل سوبا ومكوار، أما مدوي فلعلها اسم تجريدي يدل على مكان الحضارة المروية.

        فقد اهتم الروائي بالفضاء المكاني المرتبط بالحضارة السودانية النيلية منذ منذ العصر المروي مرورا بسوبا والعصر السناري، وقد عمق المكان بذكر بعض الملامح الأثرية المخلدة له: مثل الأهرامات والمنحوتات على جدران المعابد مثل الكباش والأسود؛ مما يشي بحضارة المكان وعمقه الثقافي. كذلك قصور الملوك في كل من مدوي وسوبا وكونها مبنية بالحجارة أو الطوب الأحمر مما يدل على التطور المعماري والحياة الحضرية في تلك الأزمنة السحيقة.

        ثم وصف الكهنة والمعابد والكنائس،مثل وصفه للمعبد الذي بناه "كوهامين"في العصر المدوي بأمر جلالة الملك "لجاكوما"لعامة الناس وبه حمام روماني للبدو .والمظاهر الحضرية للمكان كتسوية طريق الرعاة .ثم معالم ثقافية جمالية وعقدية متمثلة في تلك الرسومات على جدران المعابد "النساء المكتنزات بجوار الرجال على حائط المعبد"(ص9) كذلك وصفه لكنيسة مينبالي بسوبا "أعطوني أكبر حجرات الكنيسة ،حجرة مغطاة بالرخام وعليها عنقريب وثير ،ودكة  عالية تشرف من عل على دكات أصغر منها، سيكون على أن أتربع لأدير مجلس القساوسة من هنا ،وأحيانا الوزراء" (ص67) مما يشير أيضا إلى مكانة الكنيسة في عهد سوبا المسيحية والعلاقة بين الدين والدولة.

           وفي المقابل يصف أماكن العامة وهي عادة أماكن تمثلت في الزمن الماضي في المباني البسيطة مثل القطية، كتلك التي بنتها الجدة الحسناء، وكانت مكانا لأزواجها الخمسة مجتمعين. ومباني سوق الهجيج من غير ملامح واضحة لمبانيه، ولكن يدل على أنه سوق للقوافل المتحركة والتبادل التجاري بين المتحاربين والمتسوقين.

          أما الأماكن التي جاء ذكرها في الأزمنة الواقعية فقد خلت من ذكر أسماء المدن أو الأحياء، ولكنه شخص أماكن شخصياته حسب طبقاتهم الاجتماعية فالأثرياء بيوتهم فخمة وبها أثاث جيد، كبيت آل رندا عثمان إحدى شخصيات الرواية،والفقراء بيوتهم من الطين وضيقة وعدد سكانها أكبر من حجمها ؛مما يكرس لوصف حالة البؤس والفقر، كوصفه لبيت آل مدثر.

    أيضا ثمة وصف لبعض الأمكنة الطبيعية كالأنهار والبحيرات والغابات الكثيفة وما بها من أنواع الحيوان والطيور،والصحراء والرمال ،والأجواء الخريفية الماطرة .وهذا النوع من الوصف يشخص المكان الروائي من ناحية ،ويعمق من الدلالات النفسية المرتبطة بحب الوطن والمكان.أيضا وصف التحولات التي تصيب المكان بفعل الإنسان وصراعه على الأرض ففي بعض الأحيان يصف تحول الغابات إلى صحراء جرداء بفعل قطع الأعواد لصناعة القسي والهراوات والسلاح الأبيض ،واحتراق بعضها بفعل الحرب ،وطمر الرمل لها بما تحويه من معالم حضارية وأهرامات غابت تحت الرمال،ولنأخذ مثالا على هذا النوع من الوصف الذي جاء على لسان مارخدر:"قطعوا الأشجار لصناعة مراكب شراعية تبحر بهم بعيدا ،...،بدأت ذرات الرومل تزحف على المدينة كنت أسمع صفير الريح تلج  آذان الكباش التي صنعتها أمام المعبد ذات يوم ،لأمجد الرعاة ،أنصت إلى عواء الذئب تجوس في ردهات المسرح الإغريقي الذي بنيته في عهد صديقي نجاكوما،أشعر بغصة تطوي روحي كبرش قديم ،كأن أرواح القتلى والمحروقين تلبست الأرض فصارت تهزأ بالرمال."(ص32)

       كل هذا الوصف له وظيفة دالة على ما يفعله عدم الاستقرار والحروب والنزاعات من ضياع للوطن بكل ما فيه من جميل ، سواء كان جمالا طبيعيا أو صناعيا.

  النتائج:

       بعد هذه القراء في رواية مارخدر للأديب السوداني عمر الصايم، من حيث الرؤية والبناء يمكن تلخيص أهم نتائجها فيما يلي:

1- اعتمد الكاتب في روايته على إبراز تشققات الهوية السودانية متمثلة في التمييز الديني والعرقي، إضافة إلى القبلية وحب السلطة كمعوقات وأدت فرصة وطن آمن ومستقر ويسع الجميع. كما حاول بث قيم إيجابية كالتسامح الديني والتجاور الطيب، كبديل للعنف والحروب الأهلية.

2-  لم يعمل الكاتب على تقرير أي فكرة أو رؤية، وإنما مثّل لكل ذلك تمثيلا سرديا يعمق من القيمة الجمالية لهذه الرواية.

3 - أفاد من التاريخ والأساطير السودانية والتراث، كما أفاد من الواقع الراهن.

        4- تعد العجائبية عنصرا أساسيا في بناء هذه الرواية؛ تؤثر في منطقها وأحداثها، وقدرتها على مراوغة القارئ؛ بإخفاء كثير من دلالاتها وراء الرموز والأساطير مما يجعلها رواية قابلة للقراءة المنتجة.

5- وظف الكاتب تقنيات جديدة تدل على متابعته لتحولات الخطاب الروائي عربيا وعالميا، وفارق طريقة السرد التقليدية المحكمة، فقامت روايته على تعدد الساردين، وتعدد الأصوات، وتكسير خط السرد، وتقنيات الاستباق والاسترجاع والتذكر، وانفتاح الفضاء الروائي وتعدده وتجريده.

6- لغة الرواية جاءت لغة عالية من حيث بلاغتها وقدرتها على التصوير، وتشبعها بدلالات ثقافية ودينية وحضارية، معبرة عن مجتمع الرواية، وندرت فيها الأخطاء النحوية والإملائية.

7- كما يمكن القول بأن هذه التجربة الروائية تعتبر من جنس الكتابات الجديدة والتجريبية التي تعتبر تطورا في بناء الرواية السودانية وتحولاتها السردية المواكبة لتطورات هذا الجنس عربيا وعالميا.

الهوامش:

[1] عمر محمد أحمد الصايم 1972 من جيل الروائيين الشباب، تخرج في جامعة الخرطوم، في كلية الآداب قسم اللغة العربية، ويعمل معلما بالمرحلة الثانوية، من مواليد مدينة كوستي بجنوب السودان ،وتعتير رواية مارخدر(2016)م باكورة إنتاجه الروائي ،وإن كانت له تجربة سابقة في السرد عبارة عن مجموعته القصصية بعنوان "العجكو مرة أخرى" التي صدرت في العام 2012م

[2] عمر الصايم، مارخدر(رواية)، دار المصورات للنشر، ط1 ،2016م، عدد صفحاتها 177 من القطع المتوسط.

[3] انظر الرواية ص 13

[4] انظر السابق ص 115-116

[5] انظر السابق ص 77-78

[6] انظر السابق ص 54

[7] انظر السابق ص 132

[8] انظر السابق ص 14

[9] انظر السابق ص17-18

[10] انظر السابق ص 47-50

[11] انظر سيد القمني :أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة ،المركز المصري لبحوث الحضارة ،ط2 ،1999م ،ص125 وما بعدها.

[12] انظر السابق ص 137-138

[13] انظر الرواية ص 33

[14] انظر السابق ص 59-60 وص 90-91 وص124-130

[15] انظر السابق ص 139-144

[16]  ت.ي.ابتر: أدب الفنتازيا (مدخل إلى الواقع)ترجمة صبار السعدون ،دار المأمون للترجمة والنشر ،بغداد،1989م،ص 10

[17] محمد برادة :الذات في السرد الروائي العربي – (متابعات) جريدة الرياض بتاريخ 21/10/2014م

[18] محمد سمير عبدالسلام:فضاءات جمالية وكونية-قراءات نقدية في الرواية المصرية المعاصرة ،2010م ،ص24

[19] السابق ص 24

[20] زهور كرام،السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم ، مقال ضمن أبحاث مؤتمر أدباء مصر بعنوان أسئلة السرد الجديد 2008م ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ط1 ،القاهرة 2008م ص19

[21] الجاحظ:الحيوان،تحقيق عبد السلام محمد هارون ،القاهرة 1945م ،ج2 ص 131-132

[22] محمد زغلول سلام ،النقد العربي المعاصر، منشأة المعارف ،ط2 ص35

[23] السابق، ص 36

[24] السابق ،ص 28

[25] انظر زهور كرام ،السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم ،ص25

[26]انظر محمد فكري الجزار :العنوان وسيموطيقا الاتصال الأدبي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،ط1 ،1988م ،ص 8 .وانظر ياسين النصير :الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،مصر،سلسلة كتابات نقدية العدد 75 يونيو 1998 ،ص 26

[27]عبد الله الخطيب،النسيج اللغوي في روايات الطاهر وطار ،دار فضاءات للنشر والتوزيع ،عمان ،الأردن،ط1،2008م ص ص60

[28] سيد القمني:أوزيريس وعقيد الخلود في مصر القديمة ص 125 وما بعدها

[29] أسمهان على العقيل:الراوي في الرواية الأردنية بين جيلين –دراسة نقدية تطبيقية ،أمانة عمان ،الأردن،ط 1، 2008 م ،ص 25

[30] عبد الرحيم الكردي ،الراوي والنص القصصي،مكتبة الآداب القاهرة ،ط1،2006م ،ص 120

[31] زهور كرام ،السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم،ص 16

[32] فاضل ثامر الصوت الآخر الجوهر الحواري للخطاب الأدبي،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد،ط1 ،1992م  ص 121وانظر السابق ص 16

[33] موريس أبو ناضر :الألسنية والنقد الدبي في النظرية والممارسة ،دار النهار للنشر ،بيروت ،1979م ص 85

[34] زهور كرام :السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم ،ص 16

[35] انظر يوسف حسن نوفل ،القصة بعد جيل نجيب محفوظ،دار المعارف ،مصرد.ت ،د.ط ،ص8

[36] زهور كرام :السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم ،ص24

المصادر والمراجع:

1.أسمهان على العقيل:الراوي في الرواية الأردنية بين جيلين –دراسة نقدية تطبيقية ،أمانة عمان ،الأردن،ط 1، 2008 م

2.ت.ي.ابتر: أدب الفنتازيا (مدخل إلى الواقع)ترجمة صبار السعدون ،دار المأمون للترجمة والنشر ،بغداد،1989م

3.الجاحظ:الحيوان،تحقيق عبد السلام محمد هارون ،القاهرة 1945م ،ج2

4.سيد القمني :أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة ،المركز المصري لبحوث الحضارة ،ط2 ،1999م

5.زهور كرام:السرد الجديد وتحولات اشتغال المفهوم ، مقال ضمن أبحاث مؤتمر أدباء مصر بعنوان أسئلة السرد الجديد 2008م ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ط1 ،القاهرة 2008م

6.عبد الرحيم الكردي ،الراوي والنص القصصي،مكتبة الآداب القاهرة ،ط1،2006م

7.عبد الله الخطيب،النسيج اللغوي في روايات الطاهر وطار ،دار فضاءات للنشر والتوزيع ،عمان ،الأردن،ط1،2008م

8.عمر الصايم ،مارخدر(رواية)،دار المصورات للنشر ،ط1 ،2016م ،عدد صفحاتها 177 من القطع المتوسط .

9.فاضل ثامر الصوت الآخر الجوهر الحواري للخطاب الأدبي،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد،ط1 ،1992م 

10.محمد برادة :الذات في السرد الروائي العربي – (متابعات) جريدة الرياض بتاريخ 21/10/2014م

11.محمد زغلول سلام ،النقد العربي المعاصر، منشأة المعارف ،ط2

12.محمد سمير عبدالسلام:فضاءات جمالية وكونية-قراءات نقدية في الرواية المصرية المعاصرة ،2010م

13.محمد فكري الجزار :العنوان وسيموطيقا الاتصال الأدبي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،ط1 ،1988م ،

14.موريس أبو ناضر :الألسنية والنقد الدبي في النظرية والممارسة ،دار النهار للنشر ،بيروت ،1979م

15.ياسين النصير :الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،مصر،سلسلة كتابات نقدية العدد 75 يونيو 1998

16. يوسف حسن نوفل ،القصة بعد جيل نجيب محفوظ،دار المعارف ،مصرد.ت ،د.ط