خلال أيام إقامتي في السودان الشقيق

خلال أيام إقامتي في السودان الشقيق عائشة حداد... الجزائر إستأجرت شقة صغيرة يحرسها بواب مسن ،لا يتكلم كثيرا وقليل الحركة أيضا. زوجته كانت جميلة سمراء

خلال أيام إقامتي في السودان الشقيق

خلال أيام إقامتي في السودان الشقيق :

عائشة حداد... الجزائر

 

إستأجرت شقة صغيرة يحرسها بواب مسن ،لا يتكلم كثيرا وقليل الحركة أيضا. زوجته كانت جميلة سمراء كلها حيوية توزع الإبستامات والموجات الإيجابية ممتلأة تثرثر كثيرا تتحدث بكل عفوية .في إحدى الصباحات كان علي ان أخرج باكرا ووجدت أن البن قد نفد .لجأت الى زوجة البواب سألتها : إن كان لديها قليلا من البن؟.فطأطأت رأسها مجيبة: الحمد لله.أعدت السؤال ، فأعادت الإجابة نفسها :الحمد لله. وعرفت بعدها أن إجابتها تعنى أنها لا تملك بنا . وهي بذلك تحمد الله على ما أعطى وعلى ما لم يعطه. بكل رضا وقلب طيب.
خرجت على عجلة وشربت القهوة عند إحدى البائعات في الشارع والتي أجلستني بجانبها في الظل تحت الشجرة .وشرحت لي انواع النكهات والخلطات للبن.كانت تضحك من لهجتي ومن الأسماء المختلفة للتوابل.  كان لدي فقط عملة صعبة وليس لدي عملة سودانية لم ترض بأن تأخذ  مني فلوسا، وأخبرتني أنها لزوم الضيافة وعن طيب خاطر .علما ان فنجان القهوة الذى  تبيعه للمارة هو مصدر رزقها الوحيد.
وحين عودتي للشقة إلتقيت البواب أخبرته أنني البارحة فزعت  لأنني سمعت  صوتا أخافني. أكد لي انه كان عراكا لمجموعة من القطط وانه ليس هناك ما يستدعي الخوف. وانه يبيت حارسا.
وفي اليوم الموالي فتحت باب شقتي كي أجده وقد  نقل فرشه ومطرحه عند باب الشقة .وقال لي هكذا لن تخافي.
ناديت زوجته وطلبت منها أن تعيرني مرآة لأني لم أجد في حمام الشقة ولم أحمل معي واحدة سكتت برهة،  قلت لها وأنا أبتسم هل لديك أم الحمد الله؟.ضحكت حتى الأضراس غابت وجاءت تحمل المرآة العاكسة لدراجة زوجها النارية القديمة .بعدما فكتها من الأسلاك المثبتة بها . ضحكت ثانية وهي تقول أنا أستعمل هذا .إستعمليه إن كان يرضيك.
بعد عودتي إلى وطني وبعد إنتفاضة الشارع والشعب السوداني. وعلى إحدى مواقع التواصل رأيت رئيسهم يطلب من الرئيس بوتين المساعدة ومد الدعم،  ورأيت نظرات بوتين الذي قال يوما أن حكام وسلطات إفريقيا يذهبون للسياحة في ألمانيا ويتعالجون في فرنسا ويدرس أبناؤهم في أمريكا ويضعون أموالهم في البنوك سويسرا .و قبل موتهم يصرون على أن يدفنوا في أوطانهم الإفريقية وتساءل بوتين ساخرا : كيف لمقبرة أن تزدهر.؟؟
بكيت بكاءا مرا .وأنا أصرخ حكامنا لا يمثلوننا ليسوا منا ولسنا منهم.

سبتمبر ٢٠١٨