خارج المتاهة/محمد عتيق  لمصلحة الشعب ، لثورته ، وللوطن

خارج المتاهة/محمد عتيق  لمصلحة الشعب ، لثورته ، وللوطن

خارج المتاهة/محمد عتيق 
لمصلحة الشعب ، لثورته ، وللوطن
________________________________
                   (١)
   وكأنّنا بين خيارين لا ثالث ولا رابع ؛ كأن الصراع الإجتماعي(الاقتصادي السياسي) أصبح محصوراً فقط بين الاسلامويين (بأشكالهم وألوانهم المختلفة) وبين القوى التي وقَّعت معهم ما عُرِف بالاتفاق الإطاري !!
     أم هو إمتدادٌ للسياسة السائدة في المنطقة ، أو انعكاس لها ؛ السياسة التي استثمرت ضعف الحركات الديمقراطية القومية والاشتراكية وتراجعها في المنطقة وانتشار الأنظمة العسكرية والعائلية الوراثية فيها لإظهار المعركة وكأنها محصورة بينها ، بمعنى أن الخيار أمام الشعب محصورٌ بين الإسلام السياسي والأنظمة الدكتاتورية السائدة ؛ هذا أو تلك ؟؟

 غير أن شعب السودان - ولحسن حظه - قد جَرَّب المنهجين : العسكري الدكتاتوري والإسلاموي الأكثر دكتاتوريةً وشراسةً ، ودفع في تلك التجاريب جزءاً طويلاً من عمره الوطني تحت وطأة البؤس والجهل والمرض ، وأرواحاً عزيزةً من بين أبنائه البررة ، وأعواماً مديدةً من أعمار مناضليه في المعتقلات .. ومن أُتُون هذه التجارب ومجامرها اللاهبة ، وبعد محاولات متعددة في الأعوام ١٩٢٤ و ١٩٦٤ و ١٩٨٥ وغيرها ، خرجت ديسمبر ٢٠١٨ عصٍيَّةً على التركيع ، متمردةً على السائد ، وفي طريقها إلى الاستواء على العرش الذي أقامته على قواعد من السلمية والإصرار العنيد ...  
    
هذا الإسلام السياسي الذي حكم السودان ثلاثين عاماً ، ومهما غَيَّرَ أهلها الجلود والرموز ، ستصعب  عليه العودة إلى حكم الشعب الذي خرج بجرأةٍ وثبات في وجه الاستبداد والعنصرية والعسف .. تجربة السودانيين العملية أثبتت أن الإسلام السياسي دعوةُ دكتاتوريةُ وانتهازيةٌ كاذبة ..  

   إذاً ، كُل واحدٍ من الخيارين عاجز من أن يكون تعبيراً دقيقاً عن الثورة السودانية الجارية .. 
                (٢)
          معسكر اللجنة الأمنية يضم بقايا الاسلامويين في القوات المسلحة الخاضعين لتخطيط وتوجيه قياداتهم المدنية إلى جانب قوات الدعم السريع بقيادة "الجنجويد" وزعيمها حميدتي ... هذا المعسكر هو الطرف الأول في "الإتفاق الإطاري" ، الطرف الذي في سدة الحكم وتحت سطوته إرادة الرفض والقبول مع القوة الباطشة للقوات النظامية ، والمحروس بالمليشيات الخفيةوالعلنية...  ومع ذلك هنالك صراع أساسي وضخم داخل هذا المعسكر ، يلوح ويختفي :
- يعمل التحالف الاسلاموي المشار إليه على التخلُّص من حميدتي لأنه غير متعاون معهم بل أصبح في عداءٍ سافر للكيزان وأذيالهم في أروقة الإدارة والطرق الصوفية ، رغم إظهاره علناً التأييد والدعم للاتفاق الإطاري... وفي دارفور تفيد التقارير أن المجازر البشعة التي شهدتها بعض القرى في منطقة "بليل" بجنوب دارفور في (٢٣ و ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٢ الماضي) إنما هي بتدبيرٍ من الأجهزة الأمنية للنظام الساقط (الاسلامويين) ، باعتبار أن الذهن الشعبي ، وهو المُشبع بجرائم الجنجويد ، سيتجه تلقائياً إلى حميدتي المعروف بالتوَرُّط الواسع في جرائم دارفور أثناء قيادته للجنجويد وبالتالي يزداد السخط الشعبي عليه وذلك على طريق إضعافه أكثر وأكثر ..
                      (٣ )
   هذا الصراع سينتهي بمواجهات دامية لأنه صراع مرتبط بمصير الوطن ، صحيح أن القيادات العسكرية القائمة ، وبحكم ارتباطها بخطط النظام الساقط ، لن يهمها مصير الوطن بقدر اهتمامها بمصالحها ومصادر نهبها .. رغم ذلك ، وفي لحظات النداء الكبير المجلجل ستنقلب عليها أقسامٌ من تلك القوات النظامية وتفرض خوض المعركة مع أبناء الشعب انتصاراً لوحدة البلاد وعزتها وازدهارها...

    بعيداً عن معسكر النظام الساقط نجدد الدعوة للطرفين ، أهل الإتفاق الإطاري ومعارضوه ، أن يتنازلوا قليلاً عن مواقفهم ودعواتهم : هؤلاء عن الإتفاق الإطاري والتحالف مع البرهان/حميدتي ، والآخرين عن التصلُّب في مواقفهم وشعاراتهم ، أن يعودوا إلى الوطن وجراحه وإلى الشعب في أمنه ، غذائه ودواءِه .. 

    هل هي الأيام الأخيرة قبل أن تتقدم لقيادة الأحزاب عناصر -أراها- من الأجيال الشابة المخلصة ، تُزَيِّنها ثقافة أصيلةٌ ملؤها التواضع والتسامح والوعي الوطني الناضج ، عناصر من لجان المقاومة ؛ لتكون بنود الثورة والوطن جامعةً للأحزاب وحولها الشعب العظيم ؟..
 08.01.2023