حجيتك ما بجيتك: ترجمات من الأدب السوداني الشعبي
حجيتك ما بجيتك: ترجمات من الأدب السوداني الشعبي نفيسة زين العابدين - شيكاغو في رحلة بحثي في مواقع أكاديمية وثقافية عن مراجع ومقالات باللغة الإنجليزية تتعرض إلى الأدب السوداني، أستطيع الرجوع إليها في بحث أعد للقيام به
حجيتك ما بجيتك: ترجمات من الأدب السوداني الشعبي
نفيسة زين العابدين - شيكاغو
في رحلة بحثي في مواقع أكاديمية وثقافية عن مراجع ومقالات باللغة الإنجليزية تتعرض إلى الأدب السوداني، أستطيع الرجوع إليها في بحث أعد للقيام به، لم أجد الكثير الذي يعول عليه، لكن رغم ذلك لفت نظري مقال على موقع مكتبة Jstor الرقمية الأكاديمية، قامت بنشره جامعة انديانا في العام ١٩٨١، لأكاديمية تدعى اليزابث فرنيا. رأيت أن أنقل مراجعتها إلى العربية برغم السنوات الكثيرة التي تفصل بين العام ١٩٨١ ووقتنا الحاضر.
المراجعة التي قامت بها فرنيا هي لعملين، الأول يسمى، "Selections from Sudanese Literature " والثاني يسمى، "Wisdom from the Nile: A collection of Folk stories from Northern and Central Sudan" لأحمد الشحي وف. س. مور، وفي رأيها أن هذين العملان، على الرغم من اختلافهما في النطاق والغرض ، يعتبران إضافة مهمة إلى القلة القليلة من الأدب السوداني المترجم إلى الإنجليزية، حينذاك.
العمل الأول ،هو نسخة ذات حجم صغير يتضمن مجموعة مختارات من الأدب السوداني، نشرها المكتب الثقافي في السفارة السودانية بواشنطن. وتتضمن المجموعة مقالات نقدية، ومختارات أدبية تتكون من أربعة قصائد لكل من التيجاني يوسف بشير، ومحمد أحمد محجوب، ويوسف مصطفى التني، ومحمد أحمد المهدي مجذوب. أيضا تحتوي المجموعة على أربعة قصص قصيرة لكل من الطيب صالح، وجاكوب أكول، وعلي المك، وجوناثان ماين نقرن. هذه الأعمال الأحادية لكل كاتب، جعلت الكاتبة ترى أن عملا واحدا للمؤلف ليس كافيا لتشكيل حكم ورؤية أدبية واضحة، لكنها تنحاز وتفضل النثر على الشعر لأنه في رأيها يثير إعجاب القارئ بشكل عام، لأن الترجمة لا تظهر جماليات الشعر العربي كما هو في أصل لغته.
تعتقد الكاتبة بأن قراء هذا العمل سيبتهجون لقراءة نصوص نثرية لكُتّاب من الشمال المسلم والجنوب المسيحي، وتأمل في أن تحفز هذه التجربة مزيدا من الترجمات الممكنة لمختارات أدبية أخرى.
النسخة الثانية التي ذكرتها فرنيا في مراجعتها هي كتاب "حكمة من النيل" وهو عبارة عن مجموعة قصص شعبية من تراث شمال ووسط السودان، وهو في تقديرها عمل جيد وطموح، ويعتبر مهما لوجوده ضمن مختارات الأدب الأفريقي في جامعة اكسفورد.
تشير فرنيا إلى أن الكتاب يحتوي على احدى وسبعين قصة، أعدها أحمد الشحي ومور. وتقع مقدمته في ستين صفحة، تعرف القارئ بالبيئة الطبيعية والاجتماعية للمنطقة المحاذية للنيل بين وادي حلفا والخرطوم، حيث جُمعت معظم النصوص. بالإضافة إلى ذلك، قام المحرران بتجهيز واعداد القارئ بتقديم تحليلات موجزة وقصيرة عن قصص معروفة مثل قصة (فاطمة السمحة).
لكنها ترى أن مقدمة الكتاب وضعت القصص في سياق اثنوغرافي عام، لم يضع الحكايات بشكل متناغم مما جعلها تفتقر لأن تحتوي على تفاصيل أكثر، كأن يتم التعريف برواتها، وأماكنها، ومبتكريها. لكن تبقى تلك الحكايات مقارنة بالأدب الشعبي الأفريقي والشرقي أوسطي، ذات أهمية خاصة في الادب الشعبي على نطاق أوسع، نسبة لموقع السودان الجغرافي بين دول الشرق الأوسط كمصر وليبيا، ودول الجوار الأفريقي مثل كينيا وأوغندا.
تتوقف الكاتبة عند الحكاية رقم ٥٦، وهي احدى قصص جحا، أو نصر الدين هوجا، الشخصية المعروفة جدا في الأدب الشعبي العربي والتركي بأنه الأحمق الحكيم. ونجد بأن الكاتبة تتساءل بالنظر إلى قصص جحا الأخرى، إذا كان هذا يعكس وجهة نظر سودانية خاصة.
تنوه فرنيا إلى أن الحكايات التي يتضمنها كتاب حكمة من النيل، قد تم جمعها من قبل طلاب في جامعة الخرطوم وتمت كتابتها من خلال الترجمة الفورية. النصوص في الكتاب تصفها فرنيا بأنها حكايات عن الحيوانات، والبشر، رجالا ونساء، والعالم الطبيعي والخارق للطبيعة، كما أن كثير من تلك الحكايات تراها رائعة في تعبيرها عن المثل العليا والصراعات الثقافية داخل المجتمعات التي تصورها، وهو الأمر الذي ذكرت بأن المحررين قد قاما بالإشارة اليه. على سبيل المثال، تذكر فرنيا الحكاية المعروفة (فاطمة السمحة) بأن التنوع فيها يعبر عن المشاكل المتأصلة في الزواج داخل المجتمع الواحد، بالإضافة إلى مشاكل الحفاظ على الأرض والميراث والتحكم فيها إذا ما تم الزواج خارج القبيلة. ولكنها ترى أنه كما هو معلوم لأي حكاء أو راوي، فقد تعتمد التفاصيل المتنوعة، وكذلك الأحداث في كثير من الأحيان، و إلى حد كبير على من يروي الحكاية (ذكرا أو أنثى)، وما إذا كانت تُروى للبالغين أو الأطفال، وماهية خلفية الراوي بالنسبة للجمهور المستمع. كما تشير أيضا بأن السياق أيضًا يؤثر على الأسلوب.
في نهاية مراجعتها، ترى فرنيا بأنه على الرغم من الأشياء الكثيرة التي تفتقر إليها المجموعة، إلا أنها مرحب بها، وكل ما تستطيعه هو تهنئة المحررين وطلاب الدراسات العليا الذين قاموا بوضع النصوص التي تتألف منها المجموعة، لتكون بداية جيدة لمزيد من العمل في هذا المجال المهم.