تجربتي مع الحبس المنزلي
تجربتي مع الحبس المنزلي صلاح الدين سر الختم تجربة قد تبدو مختلفة وقد تبدو عادية جدا .. الكورونا زلزال ضرب الكرة الأرضية فجأة، من العدم جاء بدون سابق إنذار وبلا إخطار ولا مقدمات، تماما كضيف ثقيل حط على الناس وهم متأنقين في طريقهم إلى سهرة مع مطربهم المفضل انتظروا حلولها منذ بدء العام، لكن غراب البين حط فجأة وسمرهم جلوساً وهم له كارهين
تجربتي مع الحبس المنزلي
صلاح الدين سر الختم
تجربة قد تبدو مختلفة وقد تبدو عادية جدا .. الكورونا زلزال ضرب الكرة الأرضية فجأة، من العدم جاء بدون سابق إنذار وبلا إخطار ولا مقدمات، تماما كضيف ثقيل حط على الناس وهم متأنقين في طريقهم إلى سهرة مع مطربهم المفضل انتظروا حلولها منذ بدء العام، لكن غراب البين حط فجأة وسمرهم جلوساً وهم له كارهين، يبتسم بلا سبب ويحكى قصصا مملة لانهاية لها ولا يبدو مكترثاً بمظاهر استعدادهم للخروج ولا بصمتهم ونظراتهم القلقة إلى الساعة الحائطية تارة وتارة أخرى إلى ساعات الأيدي في معاصمهم ثم إلى صاحبنا، لكنهم أسمعوا لو نادوا حيا، والخلاصة لا الضيف غادرهم ولا هم أدركوا ما فاتهم، عن نفسي لم أتذوق طعم الحرمان من سهرة منتظرة كما حدث لهؤلاء الأشقياء بضيفهم الكورنابي الطبع (اشتقاقا من الكورونا ).... الكورونا وحبستها كانت فرصة للراحة الإجبارية للجسد المنهك وكانت فرصة للكثير من المراجعات وكانت فرصة لتأليف كتاب جديد كانت مادته متوفرة منذ عامين لكن الزمن الكافي للكتابة كان ينقصني فتكفل السيد كوفي 19 الذي فاق كارلوس وجماعات اختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن في بث الرعب في العالم، تكفل بمهمة توفير الوقت اللازم... صورة العالم كلها تغيرت على وقع هذا الإرهابي غير الإسلامي ربما للمرة الأولى في العشرين سنة الماضية لا يرتبط شئ مروع بأعظم الحضارات الإنسانية الداعية إلى السلام والسلم.... بدأ ترامب غير سعيد وهو يظهر في مؤتمراته الصحفية باحثا عن جهة ما ينسب إليها هذا الإرهاب الجديد.
بدأ راعى البقر للمرة الأولى فاقداً للسيطرة وللاتجاه . تارة يلوم الصين ويلقي باللوم عليها ويريد الإيحاء بنظرية مؤامرة كامنة خلف العميل الصيني السري كوفيد ناينتين الذي فاق جيمس بوند وسامة وقدرة على جندلة الخصوم في إيطاليا المافيا بضربات خطافية صغيرة فاقت لكمات محمد على كلاي التي قضت على خصومه صرعى في لمح البصر حتى أن إيطاليا صرخت في وجه الحكم والاتحاد الأوروبي لإيقاف المباراة غير المتكافئة حتى أن قلوب أعضاء المافيا التي قدت من صخر رقت وباتت في رقة الفاتنات اللائي يملكن وحدهن القدرة على جندلة هؤلاء الوحوش وإذا بهم ينفقون بلا حساب للاقتصاص من ذلك الوحش الذي أقتحم دائرة اختصاصهم وجردهم من دافعي الأتاوات ومن مشترى المخدرات ومن الضحايا بلا رصاص... وجعلهم رسميا بلا عمل....
أما الأندلس ساحرة الإرهابيين العرب فخصمها هذه المرة لم يكن منهم لم يمتط جواداً ويغزوهم باسم الدين .. في الحقيقة لم يكن له جيش ولم يره أحد... فقد تجول العميل الوسيم في شوارع إسبانيا وحاناتها المكتظة بالزبائن وساحات تعذيب الثيران الرائجة فيها مستعرضاً عضلاته ووسامته نافخاً فيهم بفمه ناصع الأسنان فتساقطوا كالذباب.. خلت الساحات والشوارع من المصارعين الجبناء الذين لاذوا بالفرار فتبسم الثور ضاحكاً من سرعتهم في الركض وباتت الثيران وحيدة تتمخطر في دلال دون أن يضايقها أحد.. اكتظت المستشفيات تحت وقع ضربات الكوفيد حتى امتنعت عن استقبال المسنين مقدمة الأصغر سناً عليهم في الحق في الحياة.. صرخت تلك العجوز الباكية من جور أهلها على زوجها المسن حتى رق قلب الكوفيد وتخطاه واتجه صوب شاب وسيم فجندله قائلا للكهل (أما أنت فقلوبهم القاسية كفيلة بك ).. هكذا قضيت الحبس متأملاً ومستنداً على زوجتي محذراً إياها من العيش في بلاد تقتل من الخوف شيوخها... ويحي من بلاد تقتل من الخوف شيوخها .... حضارة تقتل الحصان في آخر المشوار حضارة (...... ) بالكوفيد.................... اكتب الكلمة المناسبة بشجاعة من فضلك.
الخرطوم/ مايو 2020م