تاج السر الحسن من رواد التجديد فى قصيدة التفعيلة
تاج السر الحسن من رواد التجديد فى قصيدة التفعيلة محمد نجيب محمد على يعد الشاعر السوداني الراحل تاج السر الحسن " 1930- 2013" من شعراء السودان الذين حفروا عميقا فى مسيرة الشعر العربي
تاج السر الحسن من رواد التجديد فى قصيدة التفعيلة
محمد نجيب محمد على
يعد الشاعر السوداني الراحل تاج السر الحسن " 1930- 2013" من شعراء السودان الذين حفروا عميقا فى مسيرة الشعر العربي ، وكانت لهم إضافات فى تيار الشعر الحديث ومنهم محمد مفتاح الفيتوري وجيلى عبد الرحمن ومحي الدين فارس الذين جمعهم معهد القاهرة الدينى والمنابر الشعرية الأدبية المصرية فى خمسينات القرن الماضي . يقول تاج السر فى آخر حوار جمعني به قبل شهر من رحيله أن "الأدب السوداني المصري قديم قدم الشعبين, قدم الحضارة الشعبية المصرية السودانية.. من قبل التاريخ, مروراً بنشوء مروي وكوش والحضارة الفرعونية في الشمال, وهنالك الكثير من الشعراء السودانيين الذين عاشوا قبلنا في مصر, خصوصاً من الجالية السودانية من الشمال, من عبري وساي وسركمتو, وأنا اكتشفت أن هنالك شعراء سودانيين كانوا موجودين بمصر من أيام محمد علي باشا.." وتاج السر الحسن نشأ فى بيئة صوفية وجمع فى شعره ما بين الأصالة والتجديد إذ انه درس فى معهد النهود العلمي ثم من بعدها درس فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر وإنتقل بعدها للدراسة فى الإتحاد السوفيتي وحاز على درجة الدكتوراة برسالته " الإبتداعية فى الشعر العربي الحديث " وهذه الرسالة تناول فيها فترات الرومانسية العربية وعلاقتها بالشعر العالمي مركز فيها على الشاعر السوداني التجاني يوسف بشير .ويعد تاج السر الحسن من المجددين فى كتابة شعر التفعيلة وقال لى فى ذات حواري معه "أن من لا يعرف كيف يكتب القصيدة البيتية لن يستطيع كتابة شعر التفعيلة وأن الكثير من شعراء مصر قد تأثروا بهم وأن أحمد عبد المعطى حجازى كان أولهم " وهو بجانب أنه شاعر كان ناقدا وباحثا ومترجما فقد ترجم العديد من أعمال الأدباء الروس إلى العربية منها أعمال لجرمانتوف ورسول حمزتوف وغيرهما ، أتاحت له إجادته للغة الروسية الإضطلاع على معظم إنتاج الأدباء فى البلاد الآسيوية والأوربية والإفريقية بجانب دراسته للأدب الروسي ، وتعد قصيدته " آسيا وأفريقيا " والتى كتبها عام 1955 بالنهود عقب مؤتمر باندونق الأول بأندونيسيا ركيزة من ركائز الشعر الملحمي الذى وثق للأمكنة والأزمنة والشخصيات التاريخية التى لعبت دورا فى تأسيس حركة عدم الإنحياز ،وارتبط إسمه بهذه القصيدة مما دفع البعض لأن يطلق عليه لقب عاشق آسيا وأفريقيا يقول فى مقطع منها :
سأغني آخر المقطع للأرض الحميمة
للظلال الزرق فى غابات كينيا
والملايو
للمنارات التى شيدها أول مايو
لليالي الفرح فى الصين الجديدة
والتى أعزف فى قلبي لها ألف قصيدة
وتغني بهذا النشيد الفنان السوداني عبد الكريم الكابلي ووجد شهرة كبيرة .
وعاد الدكتور الراحل تاج السر الحسن إلى السودان عام 1972 م وشغل منصب الأمين العام للجنة السودانية للتعريب بوزارة التعليم العالي حتى العام 1994 ، وعمل أستاذا بجامعة الخرطوم والجامعة الأهلية حتى رحيله يقول البروفسير معتصم أحمد الحاج مدير مركز محمد عمر بشير بالجامعة الأهلية أن تاج السر وجيلى عبد الرحمن ومحمد الفيتورى ومحى الدين فارس كانوا رباعيا متميزا وأحدثوا الدهشة لدى الشعراء العرب من خلال نتاجهم لأنهم لم يتوقعوا مثل هذا المستوى الرفيع من الشعر ومن التجارب مع قضايا الأوطان ومع القضايا الإنسانية وأن يكون مثل هؤلاء الناس فى السودان ، لذلك كان هؤلاء يمثلون قيمة رمزية كبيرة وهم الذين عرفوا بالسودان للأدباء العرب بل للحركة الأدبية والثقافة العالمية . ويضيف البروفسير بشير أن قصيدة آسيا وافريقيا تعكس ثقافة الشاعر وانتمائه الثقافي والسياسي فى الخمسينات والستينات ، وهذه القصيدة عندما كتبها كان فى النهود وتلك الأماكن التى ذكرها فيها لم يرها أصلا ، ولو كنا فى أمة متحضرة لحملته طائرة إلى كل مكان وكل بقعة ذكرها ، ولكن نحن ببداوتنا نضيع كل تراث هذه الأمة ، ودعا البروف إلى الإهتمام بطباعة مذكرات تاج السر الحسن بإعتبارها جزءا من تاريخ السودان زمصر وجزءا مكملا لسيرته وادبه وشعره وهى ستكون مكسبا كبيرا للحركة الأدبية الثقافية العربية والسودانية . بينماذهب الناقد عامر محمد أحمد حسين إلى إن
تاثير الدكتور تاج السر الحسن لا يقتصر على حركة الشعر السوداني ولكنه من رواد حركة تجديد الشعر العربى على مستوى حرية القصيد ة وفى اختيار الشاعر لطريقة وصول رسالته، والشعر كان مكبلا بروح وشكل القصيدة القديمة بكل مافى الشعر من أغلال ترتفع وتأثر محاورها داخل ابنية مجتمع ليس بعيدا عن الشعر الحر بل عن الحرية كمفهوم للنهوض من غفوة الحياه إلى مجتمع أنهض الشعر فية جذور التجديد وجذوة استنارة غائبة بفعل تكلس الشعر القديم داخل قوقعة وإصرار حراسه على بقاء الحال على ماهو عليه فى هذه اللحظة التاريخية كان الانقلاب الشعري من مدارس ابتدأت من نازك الملائكة والسياب وتأتى مرحلة اولاد السودان الشباب فى القاهرة وعلى رأسهم تاج السر والفيتورى وجيلى عبدالرحمن وفارس ومن نافلة القول التأكيد على ان المدارس الشعرية العربية كانت من العراق وفى القاهرة كان تاج السر وصحبه
تاج السرإذ تميز شعره ببلاغة المعنى وقوة الفكرة وصعود العالى فى الرؤية و لم تكن الافلاك التى يخاطبها الشاعر تاج السر إلا رؤيا لها من الواقع سيرة فى أبصارهم لموقع الشعر فى مسيرة التحديث والحداثة والنهوض
وتاج السر قامة شعريه سامقة لم تجد حظها من الدراسات لاسباب منها غلبة الدراسة الأكاديمية على الشعر و هنا مربط فرس قراءة شاعر كان من رواد التجديد ولكن كانت لعوامل بعيدة عن الشعر دورها فى ابتعاده عن محبوبه الذى وهب له شبابه ويقول الناقد مجذوب عيدروس ل " سوداناو "أن الشاعر تاج السر كان جزءا من حركة الشعر العربي الحديث وشعر التفعيلة وهو من الذين التقطوا هذا التيار من بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي ومن الذين إنتصروا لشعر التفعيلة بجانب زملائه وهذا الأمر دفع الناقد المصري الكبير المعروف "زكريا الحجاوي" والذى كان قد التقى بتاج السر والفيتوري وجيلي عبد الرحمن وتحدث معهم في الشعر وكتاباتنهم , في عام 1956 ونشر بعد هذا اللقاء مقالاً بجريدة المصري كان عنوانها كالآتي "ثلاثة شعراء سود ينتزعون زعامة الشعر من السمر والبيض, ويغرسون لواء الفن القومي في السودان. " وأثار ذلك الكثير بين شعراء مصر . وتاج السر كان أكاديمي دارس وشاعر وناقد وكان مثقا وبسيطا ومتواضعا واضاف الكثير للشعر العربي وله فى ذلك تجربة ثرة وله العديد من المطبوعات فى مجالات الشعر والدراسات الإنسانية والبحوث .