بيروت

بيروت شعر : أمجد محمد سعيد مَررنا ببيروتَ ذاتَ مساءٍ وكانت رياحُ الشتاءِ خناجرَ والثلجُ يطبقُ فوق المدينةِ كالنسرِ

بيروت

بيروت

شعر : أمجد محمد سعيد

 

 

 

 

مَررنا ببيروتَ ذاتَ مساءٍ
وكانت رياحُ الشتاءِ خناجرَ
والثلجُ يطبقُ فوق المدينةِ كالنسرِ
كانَ ذلك من نصفِ قرنٍ وأكثر َ
..........
في فندقٍ دونَ تدفئةٍ
أو فُطورٍ
مكثنا سُويعاتِ
في ساحةِ البرجِ
..........
عُدنا بُعيدَ المغيبْ . !!

ساحةُ البرج ملاذٌ
وفضاءٌ مشرقيٌّ
باعةُ المفردِ
 صحنُ الفولِ
 بسطاتُ الرصيفِ
البنسيونُ
الشايُ
كان الوقتُ قد فاتَ ولم ندركْ سوى
أصداءَ بيروتَ ,,
رجعنا
نام كل الباصِ من بردٍ
وظل الثلجُ يسّاقط  ,
يساااقط
يساااااا

لم أعرفْ بيروتَ
ولم أشربْ فيها كأساً
ما غازلتُ آمرأة
لم أنشرْ كتباً
أو أجلس في مقهى أو بارٍ في الحمرا
ظلتْ حلما من خزفٍ
ظِلا في أقبيةِ الذاكرةِ المنسيةْ.

صدفةً مكسورةً كانت
وظلت رغبةً مبتورة أن ألتقي بيروتَ
ظلت رغبة
حلما بعيدا حائراً
حتى توارى .
حلم يرحل مرات ومرات إلى الظلِّ
ويخبو مثلَ أحلامِ السُكارى .

أعرفُ بيروتَ ..
ولا أعرفُها
ظلت طيوفٌ من رؤآها العابرة .
حائمة في ظلِّ أنقاضِ الحكاياتِ
وتيهِ الذاكرة .
هي ما يشبهُ وجهاً غائماً في لوحةٍ مشقوقةٍ
قابعةٍ في مخزنِ المُتحفِ
أو أغنيةً متربةً تاهتْ بقُرصٍ مُدْمَجٍ
مرآةُ لم تنظرْ إليها آمراةٌ منذُ سنينْ .
لكنني أعرفها
أيقونة الشرقِ
وقنديلَ العربْ .
حتى إذا فجَّرها الحقدُ على بوابةِ الميناءِ
فزَّ القلبُ منْ غيظٍ
وتاهَ الحلمُ كالمجنونِ في وسْطِ اللهبْ .

القاهرة 29-8-2020