كمال الجزولى..او فى مديح الالتزام... _______ *السر السيد...
*كمال الجزولى..او فى مديح الالتزام...
_______
*السر السيد...
كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
يرقدُ الآن فوقَ بقايا المدينة
وردةً من عَطنْ
هادئاً..
بعد أن قالَ "لا" للسفينة
.. وأحب الوطن
امل دنقل
ستدخلون الى مقامات كمال الجزولى الباهرة المبهرة من ابواب شتى اما انا فسأدخل من باب التعلم والمحبة والود الفسيح. كان لقائي الاول بكمال الجزولى وجها لوجه فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى واتحاد الكتاب السودانيين يدشن ميلاده الاول ثم التقيته للمرة الثانية فى مكتبه فى شارع الجمهورية مع محمد الاسباط وعبدالمنعم الكتيابى والاتحاد يعد العدة لتدشين ميلاده الثانى وكان هذا فى بحر العام 2005 ومنذ ذلك العام ومع مرور الايام والسنوات توطدت علاقتى بكمال...كانت علاقة موصولة بحبل من التعلم وبحبل من المحبة والود الفسيح، بهما ابحرت ولامست عوالم تلك المقامات المبهرة..قد لا يكون من الضرورى ان ادعى ان كمال صديق لى او حتى ان اصنف نفسى صديقا له ولكن ما استطيع ان ادعيه وبلا تلجلج انه قد شملنى بمحبته واسكننى وده الفسيح ودعمنى فى احلك الملمات وساعدنى كثيرا فى كنس اشواك الطريق وتعبيد وعورته، فعندما تعرضت ذات مرة او بالحرى ذات مرات كثيرة لهجوم ينهض على ابعاد سياسية من افراد كثر شكك بعضهم حتى فى أحقية ان اكون عضوا فى اتحاد الكتاب السودانيين كان هو اول من ساندنى ودعمنى وعندما نصبنى احدهم ملحدا دون ان يرف له جفن فى محاضرة فى مركز الفيصل الثقافى بالخرطوم، ثم على صفحات جريدة الصيحة ،كان هو ايضا اول من ساندنى ودافع عنى ووقف معى جلسة تلو اخرى فى محكمة الملكية الفكرية بالخرطوم٢ والتى انتهت بالشكل الذى رسمه لها هو ومكتبه ممثلا فى المحامى الاستاذ بدرالدين حمزة..طوال معرفتى به لم ار فيه الا تلك الطاقة الخيرة والنفس الابية والصدق والمصداقية التى تحلق عاليا..عاليا فى كل آن ومكان، فقد التقيته فى مكتبه وفى بيته وصحبته فى عربته عشرات المرات فما وجدت غير شخص لا يؤنسه الا الحق ولا يوحشه الا الباطل..ما وجدت غير شخص ينظر للعالم بعين الشعر وهو المناضل السياسي والحقوقى والكاتب الذى لا يشق له غبار..رايت شغفه باللغة العربية_اللغة التى يكتب بها_...رأيت اشتغاله فى اسئلة الواقع بماركسية يقظة وخلاقة تنم عن مقدرة كبيرة فى تسخير المعرفة فى اكتشاف العالم وتغييره لا جعل المعرفة عطرا نرشه على ياقات قمصاننا.
رايت انا الداخل الى مقاماته المبهرة من باب المحبة والتعلم والود الفسيح، رأيت محبته ووفاءه للراحلين من اصدقائه فى مراثيه حمالة الود والجمال والامتنان والمعرفة...رأيت قفشاته الودودة مع الفقيدين العزيزين الدكتور عبدالله حمدنا الله والدكتور الطيب زين العابدين ومشاغباته الابوية ل عمر عشارى فى اجتماعات مجلس امناء جائزة محجوب محمدصالح للصحافة السودانية.. رأيت مشاكساته مع مامون التلب وسليمان الامين فى اجتماعات اللجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب.. بل رأيت قلب الشاعر يحترق،مع كل حريق فى البلد او فى اى ركن من اركان العالم...
الشاعر المفكر والمناضل والمثقف العام الذى تجده حاضرا فى محاكم النظام العام وفى توقيف السياسيين وفى الوقفات الاحتجاجية وفى محاكم حرية التعبير والحقوق الثقافية كمرافعته عن اتحاد الكتاب السودانيين عندما تم حله من قبل وزير الثقافة الاسبق الطيب حسن بدوى،فقد تابع الاستاذ جلسات هذه المحكمة مقدما وقته وماله وجهده الى ان تم الغاء قرار الوزير واستعاد الاتحاد حقه فى الوجود وحقه فى مزاولة انشطته ، وكيف لا والاتحاد يأتى فى مقدمة اجندته واولوياته على الاطلاق حتى وهو خارج اللجنة التنفيذية لذلك منحه وقتا كبيرا وجهدا كبيرا فلا تمر ساعة او يوما الا ولكمال مهاتفة تحمل سؤالا او عتابا او تنبيها او اقتراحا على صلة بالاتحاد وهذه هواتف يعرفها التلب وشنقر وراشد وطلال ونادر السمانى. وعصام عبدالحفيظ.على الصعيد الشخصى تعلمت من كمال الجزولى المثابرة و"ضبط الجودة" فى كل شئ والالتزام والوضوح وتبجيل الاصدقاء.فى المجال العام بتنوعه على مستويات السياسة والثقافة والقانون والعمل المدنى مثل كمال الجزولى ضميرا مقلقا وصوتا مزعجا ليس بالنسبة لخصومه فقط وانما حتى لبعض الذين يقفون معه فى نفس الخندق اما مأثرته الخالدة و التى ارتقت به ومنحته بريقا خاصا هى (بقاؤه داخل الوطن متحملا كل تقلباته برغم جراح القلب و"قلة الزاد".. هذه المأثرة التى صنعت فرقا فيما يمكن تسميته ب (علاقات القوة وموازانات التغيير).
سيبقى كمال الجزولى ما بقى للمستضعفين والمستضعفات أمل فى غد أفضل.
رحم الله كمال الجزولى وأنزل عليه مغفرته ورضوانه.