المفكر السودانى الدكتور الحاج حمد...القضايا الوطنية. .

المفكر السودانى الدكتور الحاج حمد لكليك توبرس : خريجو المدارس العسكرية والمدنية مرتبطين بالخارج لذلك تجد التنافس والتناقض والانحراف عن القضايا الوطنية. . أكد المفكر الدكتور الحاج حمد أستاذ التاريخ سابقا بجامعة الخرطوم، أن خريجي المدارس العسكرية والمدنية، ساهموا في كل ما أصاب الدولة السودانية من أزمات

المفكر  السودانى الدكتور  الحاج حمد...القضايا الوطنية. .

المفكر  السودانى الدكتور  الحاج حمد لكليك توبرس  :  خريجو المدارس العسكرية والمدنية مرتبطين بالخارج لذلك تجد التنافس والتناقض والانحراف عن القضايا الوطنية. .  

 


أكد المفكر الدكتور الحاج حمد  أستاذ التاريخ سابقا بجامعة الخرطوم، أن  خريجي  المدارس العسكرية والمدنية،  ساهموا في كل ما أصاب الدولة السودانية من أزمات، تكاد الآن تعصف بها.  وأشار إلى أن هذا الصراع  كان ولازال يتمحور حول الوظيفة العامة،  وتكديس الثروات دون الإهتمام بقضايا التنمية.  وأضاف حمد والذى يعد من ابرز خبراء التحليل السياسي والاقتصادي وقضايا التنمية ويرأس المجموعة السودانية للدراسات الإستشارية،  إلى الدور الكبير الذى لعبه نظام الإنقاذ في وضع البلاد داخل دائرة الأزمات المتلاحقة واستدعاء  التدخل الدولى باتباع سياسة غير حكيمة في التعامل مع قضايا السودان والعالم ، وتحقيق النظام المباد كل ماطلب منه وأكثر للولايات المتحدة دون مقابل، مشيرا إلى أهمية سعى حكومة الفترة الانتقالية إلى عقد شراكة اقتصاديه مع امريكا،  والاتحاد الاوروبي،  دون تبعية وأوضح أن استثناء امريكا للصمغ العربي من العقوبات على السودان،  يقف دليل على بحثها عن مصالحها،  وأن إقامة اكبر قاعدة (تصنت )امريكية في منطقة سوبا بالخرطوم دون مقابل من جانب النظام السابق يجب تصحيحه. وحول آثار جائحة كورونا على العالم قال:إن العالم سيتغير فقط في حالة خروج العالم الثالث من التبعية للرأسمالية المتوحشة.  

 


الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد حسين.
*تعاقب الحكومات المدنية والعسكرية، أضر بالحياة السياسية ومشروع النهضة، لماذا ظلت المؤسسة العسكرية في صراع دائم مع القوى السياسية، رغم اختلاف الوظائف وكذلك مانراه من لجوء المؤسسات السياسية للعسكر في كثير من القضايا الوطنية المفصلية؟
-هذا التنافس، نتيجة حتمية، لظاهرة ارتبطت، بتكوين الدولة الوطنية، أو ما اصطلح علية بدولة ما بعد الاستعمار، وهي دولة تمت هندستها استعماريا لصالح بقاء الاستعمار رغم ماتراه من مظاهر الاستقلال. وهذه الفئات من عسكرية وسياسية وإجتماعية، مرتبطة بالخارج ارتباطا وثيقا، لذلك تجد التنافس والتناقض، والانحراف عن القضايا الوطنية لصالح حلول مؤقتة تنتهى دائما إلى حالة انقلابية أو حالة سيولة سياسية أو حالة انتظار مفتوح لاستقرار أو فوضي.

 


*هذه الفئة مكونة من أي مجموعة في دائرة السكان ووظائفها في الدولة؟
-السؤال عن المكون، له علاقة وثيقة بالدور الذى تقوم به. خريجو المدارس المدنية والعسكرية، وهم مع اختلاف الانتماء السياسي أو الفكرى، أو الأيديولوجي، إلا أنهم تجدهم على صعيد واحد وهدف واحد، هو السيطرة على الدولة والتنافس حول الوظيفة العامة وكيفية البقاء دائما داخل إطار الدولة وتحديد مستقبلها. وخذ مثلا : بريطانيا عندما دخلت السودان، كان عمر الإمبراطورية ثلاثة قرون، وكانت الدولة العثمانية قد استنفدت أغراضها واستنزفت، واستخدمت بريطانيا كل خبرتها في السيطرة في وضع إطار حكم ومعرفى للدول التى نالت استقلالها لاتخرج منه ابدا، إذا كان الحاكمين عساكر أو مدنيين.
*برنامج هذه الفئة وخط سيرها؟
-برنامجها الاقتصادي مع المؤسسات المالية الدولية والحفاظ على مصالحها داخل الدولة، وإذا نظرت إلى هذه الفئة تجدها تنتمى إلى وسط رعوي أو زراعي ثم نالت حظها من التعليم وتسعى للسيطرة والسلطة والثروة وهي في قطيعة دائمة مع مناهج الحكم الرشيد، ويتشكل وعيها خارج رحم الوطنية السودانية وترتبط ارتباطا قويا مع الخارج، وتنقسم في كل مرحلة من مراحلها السياسية بإرادة الأطراف التى تقودها، وهي تبحث دائما عن تميز يدخلها النادي السياسي العالمي أو النادي السياسي الداخلى والذى أعتبره أقصر الطرق إلى الوظيفة العامة التى تستولي على"الريع" الوطني وتتحكم في قسمته.
*دور قوى السوق العالمي في الانحياز لفئة دون أخري إذا كانت عسكرية أو مدينة؟
-قوى السوق العالمية لايهمها سوى الوصول والحصول على الموارد والتحكم فيها والمواد الأولية رخيصة الثمن، وبالتالي فإن قراءة المسرح  السياسي الداخلي لكل دولة من دول العالم الثالث، يرتبط أساسا بموارد الدولة وكيفية سيطرة القوى العالمية عليه ودور هذه الفئات في الإبقاء على الدول في حالة عدم استقرار دائم.

 


*كيف تقرأ سيرة الأجيال المتعاقبة المدنية والعسكرية في صراع السيطرة على الدولة؟
-مرحلة ماقبل الاستقلال، كانت فترة مهمة جدا للمكون السياسي السوداني لوضع الدولة داخل إطار مدنى ديمقراطي، عززته درجة الوعي في الوصول إلى الاستقلال منذ بداية حركة مؤتمر الخريجين إلا أن حالة الانقسام الأولى بين الجيل الأول في النظر إلى العلاقات مع مصر وبريطانيا، والصراع الكبير في هذه المسألة فإنها ظلت ملازمة للحركة السياسية في حالة الصراع أو في حالة السلطة والوصول اليها بالانتخابات، مع وجود تيارات سياسية صاعدة من يسار أو يمين تنمو هنا وهناك وتسعى للوصول إلى الصف الأول وقيادة الساحة وادي كل ذلك إلى معضلة جديدة متمثلة في دخول العسكريين في دائرة الصراع وتحول الصراع من صراع سياسي مرتبط بجذب الجمهور إلى صراع حول السلطة يستخدم فيه كل فريق آلياته لاستقطاب العسكريين ولبس العكس في بناء الدولة وجعل العسكري حارس للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحفظ الأمن وكل هذه الخطوات الأخيرة التى ذكرتها لصالح الدولة المدنية.
*تأثير هذا الصراع على الحركة السياسية في مراحلها المختلفة؟
-بعيدا عن إتهام هذه الجهة بتسليم السلطة للفريق عبود وتدشين الانقلاب الأول، أو التآمر لوصول العقيد جعفر النميري للسلطة أو الوقوف خلف انقلاب واستبداد وفساد نظام العميد عمر البشير، فالحقيقة الواضحة فإن القوى السياسية كانت في كل مرحلة من مراحلها للاستحواذ ووراثة الاستعمار كانت تستنهض داخل الجيش روح المغامرة وبالتالي خرجت من المسعى لاستقطاب دعم مصر أو بريطانيا إلى صعود جديد في دائرة الانحياز إلى المعسكر الغربي أو الشرقي، ولازال هذا الانقسام موجود رغم بروز قطب أوحد يحرك الأزمات ويجبر الجميع على الحلول المفروضة وفي كل مرحلة من المراحل يعاد إنتاج الانقسام داخل الحركة السياسية بجميع تياراتها.
*كيف يعاد إنتاج الانقسام السياسي في السودان مع وجود قطب واحد في قيادة العالم؟
*بالطبع الجناح الغربي في المعادلة هو الأقوى، وكانت بريطانيا هى المحرك واللاعب الرئيسي في حلبة الصراع السياسي في السودان، ثم انحدرت إلى دور ثانوى في المعادلة، وصعدت الولايات المتحدة وصارت هى الحاضنة لهذه الفئات والمحركة لها، 
والمقياس ليس في الوجود المباشر ولكن في تحريك الأشياء عبر آليات متعددة وواجهات مختلفة وأصوات تظهر هنا وتختفي هناك. المعيار الأمريكي للتعامل مع العالم الثالث والسودان ضمن هذه المنظومة المعيار الوحيد هو المصلحة الأمريكية.

 


*الفارق بين الحضور الأمريكي الحالي والحضور البريطاني القوي سابقا في السياسة السودانية؟
-هو فارق في الأساليب، وإذا نظرت نجد أننا لم نشهد على مدى تاريخنا السياسي منذ الاستقلال، صراعات حول التنمية وكيفية بناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة واحترام حقوق الإنسان. تجد الصراع يهتم بالقشور دون اللباب، يهتم لإفساد المبادرة دون دراستها أو الإضافة إليها، تمارس الساحة السياسية الصراع المميت للوصول إلى السلطة، وبالتالي تجد كل الحواضن المختلفة تسعى في كل الأزمنة لتحقيق أكبر المكاسب وأعلى نسب الاستهلاك دون تنمية حقيقية تؤدي إلى رفاهية الشعب وانهاء المعاناة أو رفع درجة التحديث والمدنية ومثلا :هناك خطوطا حمراء في كل حقبة من الحقب السياسية مفروضة من الخارج والمثال الناصع أن العسكر في زمن الفريق عبود، قادوا الانقلاب أو كان الأمر بالتسليم والتسلم لأن الشارع انحاز إلى السوق الشرقي وأراد منع دخول المعونة الأمريكية وكان الجيش تسليحه "غربيا"
*التكالب الأممي على السودان؟
-مربوط بالمصالح الأمريكية في السودان.
*ماهى مصالح أمريكا في السودان؟
-حققتها حكومة الإنقاذ بامتياز وكتابع مسلوب الإرادة تجاه تحقيق هذه المصالح وهناك فرق شاسع بين التبعية والشراكة وكانت الإنقاذ تعمل بتبعية شديدة وتظهر المقاومة وكذلك سعت بعد تحقيق كل ماطلب منها دون مقابل وكنتيجة لسياسة غير حكيمة في التعامل مع دول المحيط أو دول العالم. والفرق شاسع كما قلت لك بين التبعية والشراكة ومثال الشراكة بالنسبة للولايات المتحدة، نجدها في علاقاتها مع تركيا، مصر، إسرائيل، أما التبعية فتتلخص في إعطاء الطرف (القوى )كل مايطلب وفوق مايطلب منك دون أن تسأل ماهو المقابل؟ وهذا الموقف من جانب حكومة الإنقاذ لم يكون تعامل بالمثل بين الدول لذلك فإن خروج السودان من دائرة العقوبات أو دائرة حرمانه من الاستفادة من موارده وعلاقاته مع العالم كدولة رائدة في كل مراحل تطور علاقات الدول بعضها البعض، تجده مرتبط بموقف الولايات المتحدة الأمريكية.
*هل من أسباب بطء استجابة دول العالم مع ماحدث من تغيير و الإطاحة بالنظام السابق في السودان فيتو أمريكي؟
--بالتأكيد، الاصطفاف الأوروبي إذا أراد تقديم مساعدات إلى السودان، أو دعم عملية الانتقال الديمقراطى أو دعم التنمية أو قيام شراكات اقتصادية، فإن اعتراض الولايات المتحدة، يكون هو الأساس في منع وصول هذه المساعدات أو قيام هذه الشراكات.
*ماذا يحتاج الموقف الدولي،  حتي يتغير من حالة الابتعاد عن دعم السودان الى داعم للانتقال والديموقراطية؟
-يحتاج إلى فهم مغاير وسلوك مختلف وفهم أكثر لطبيعة السودان ومرحلة مابعد سقوط نظام البشير، وقطع الصلة بماضى الإنقاذ في التعامل مع السودان، ويتحقق ذلك بارتفاع من جانب الحكومة ومجلس السيادة من موقف التبعية إلى الشراكة، وهذا لن يتم إلا بموقف قوي وحاسم ويذكر امريكا بماحققته من مكاسب من النظام السابق المباد دون مقابل ومنها منع تصدير الصمغ العربى الذى استثنته أمريكا من العقوبات الاقتصادية والسؤال لماذا الصمغ العربى من العقوبات أليس لمصلحة الولايات المتحدة. والسؤال أيضا أين مصالح السودان.!  أعتقد أن السلطة الانتقالية إذا لم تخرج من موقع التبعية إلى الشراكة فإن السودان سيظل في دائرة العقوبات حتي وإن تم اعلان إلغاءها مع إبطاء وضع العلاقات في درجة الشراكة الاقتصادية لن نخرج من دائرة '  الازمات والتردى الاقتصادي، وهناك مسألة أخرى يتحاشاها الجميع في هذه العلاقة وهي وجود أكبر قاعدة "تصنت" في إفريقيا في منطقة "سوبا"،  دون مقابل بل مجانا وهذا بوضح لك مدى الاختلال في هذه العلاقات بين السودان وأمريكا.
*التاريخ السياسي السوداني، ارتبط بالاضطراب وغياب الرؤية الكلية في معالجة أزمات الدولة؟
-بالنظر إلى تكوين الدولة وسيطرة خريجى المدارس العسكرية والمدنية على الدولة، فإن هناك مكون رئيسى، يتم ابعاده من هذه النخبة  عند اقتسام السلطة والثروة، ويتمثل في قطاعات تقليدية وتبلغ نسبتها 68% من السكان وكل هؤلاء يعيشون على هامش الحياة ، رغم ماتراه من بداية تحديثية وتطوير مدينى بحكم العصر وليست نتاجا لحركة النخبة المدنية والعسكرية وهؤلاء يعملون بالمثل الشعبى الذى يتحدث عن أن  (الجاه) يأتي بالثروة، لذلك تجدهم يتنافسون على الوظيفة في الدولة وهذا التنافس هو المتحكم في صراعهم الطويل منذ استقلال السودان.
*كيف السبيل إلى تجاوز معضلة ثورة يعقبها انقلاب فثورة؟
-شوف -من أهم أدوات التغيير الإيمان به وأهميته والبناء على ذلك في طرح قائم على أبعاد استراتيجية بعيدة المدى وكذلك مشاريع قصيرة المدى من اجل حلحلة المشاكل، لذلك التعامل مع القضايا برزق اليوم باليوم ورد
الفعل، ظل هو مايقود الدولة والحركة السياسية، مع وجود اشراقات هنا وهناك ولكنها دائما يتم وأدها، ولا اريد أن أذكرها لأنه ليس الآن وقت حصرها.. المهم في الأمر الطريق طويل وكل ماتراه من أسباب عديدة تساهم في الأزمات وتنتهي بدوامة التشاكس حول وظائف الدولة، فإن الخروج منها يرتبط، بتقديم التنمية على كل ماعداها، والابتعاد عن المماحكات  والصغائر  في الممارسات السياسية والإيمان بالداخل أكثر من الخارجي وأن الوظيفة العامة لخدمة الناس وليس تراكم الثروة والنهب.
*بعيدا عن اتهامات الدكتور منصور خالد، للنخبة بالفشل، هل هذه النخبة (حقا )فاشلة؟
-أولا :لابد من تعريف الفشل، بالنسبة للحركة السياسية، ومن ثمة التمعن في مسألة إدمانه، ومثال بناء الدولة مقارنة مع دول نالت استقلالها في نفس توقيت استقلالنا أو دول من بعدنا، فإن الفشل كان حليفنا، ومن مظهر آخر نجد تكالب ابناء المدارس المدنية والعسكرية لازال قائما ودخلت فيه عناصر جديدة لم تكن مثلا قبل حكم الإسلام السياسي موجودة، بل أنها الآن تسعى حتي تكون اللاعب الأول في الساحة تحالفات المال الطفيلى وماظهر من تشكيلات عسكرية أو مدنية ماكان في الساحة وهذه بلا شك تزيد الأمور تعقيدا. ولكل ذلك فإن الفشل يحتاج تعريفا جديدا علميا، ينظر إلى الفشل القديم باعتباره قمة النجاح.
*جائحة كورونا؟
-لن يكون العالم كما كان سابقا. وصراع الولايات المتحدة والصين، سيأخذ ابعاده الجديدة. ولكن العالم الثالث إذا لم ينظر إلى  أنه شريك حقيقي في إدارة هذا العالم، وخرج من محور التبعية، فلن يكون هناك تغيير في خارطة الاستغلال وجشع الرأسمالية المتوحشة