إبداع شعر

إبداع شعر الدكتورة زينب الأعوج.. الجزائر يا جدتي العتيقة ‎طال صمتك أيتها البهية

إبداع شعر
إبداع شعر

إبداع شعر

الدكتورة زينب الأعوج.. الجزائر

يا جدتي العتيقة

‎طال صمتك أيتها البهية
‎من يرمم الجرح ويغمرني بالمحال
‎من يخيطني شعاعا بالسماء
‎ويعمد قصائدي بالأعشاب البرية
‎من يبارك كلامي المتلبس بالدهشة
‎ويرفع لغتي سراجا في البيوت الخلفية
‎من يدفئ قاماتي هذا الخريف
‎لا جذوة في رمادنا
‎الجمر بارد
‎ولا من يحكّ الحجر بالحجر 
‎ كي تتفتح أزهار النار 
‎هنا البربرية تطرق باب الريح
‎تغرس عطرها في قلب الرمل
‎تهدي عبق حنائها نشيدا للغائبين
‎تصلي 
‎كما يصلي النور على كفي حمامة
‎ذاب فيها الصمت منذ بدء الحكاية
‎هنا البربرية ناصبة الخيام
‎تطالب بحقها في الرمل
‎وبرشفة ماء
‎هل يمكن للماء أن يعرّش
‎كزيتون الأجداد
‎يمسح عنه ارتعاشة السراب
‎ويدفن في عمق الرحيل
‎أنين المطر
‎هنا الوجوه مغلقة 
‎اللغة ناشفة والكلام مسدود
‎هنا يُجرح الدم ويُجرح الماء
‎ويحدث أن تُجرح كأس
‎على وشك تقبيل لون الحناء
‎انتصبي هتافا لا يلين
‎هنا انكمشت الحناجر 
‎على ما تيسر من الجمر المكين
‎هزي شجرة الحياة
‎باليد التي لم تمت بعد 
‎لعل ريقا منها يمر بدمنا
‎لم نعد ننجب لا الأنجم الراقصة 
‎ولا غناء العصافير
‎لا صنعة هنا ولا حرفة
‎إلا لحفاري القبور والنائحات في السرّ
‎لم يعد أحد يحمل الحياة بين كفيه
‎لا الشمس تبرجت لنورها
‎ولا الليل 
‎أغمض العين على حلم يُشتهى
‎لا دهشة ترتمي في الأحضان
‎لا سكينة تغفو على الصدور
‎ولا نبض 
‎يتجلى في مستهل العتبات
‎يا جدتي العتيقة
‎لأننا لا نحب أنفسنا كما يجب 
‎فإن الحياة تعرض عنا
‎وتمضي بعيدا عن رياحنا
‎لأننا لسنا أوفياء لتربتنا 
‎بالقدر الذي ندّعي
‎سافرت بلقاحها إلى حيث 
‎"الغناء كثير والكلام قليل"
‎لأننا لم نتعلم كيف نرعى عشبنا
‎تدفق القحط في مرابعنا
‎  ذاب الملح المبارك وأزهرت الصواعق
‎لأننا افترينا كثيرا عليك يا الله 
‎وعلى أنفسنا
‎كنسنا رمق الحياة من عتبات الدار 
‎كما تكنس التربة وبقايا الغبار