أم درمان
أم درمان لحاج محمد عثمان نقد ن أين أبدأُ يا فتاتِي والهوَى * والذكرياتُ تَمورُ في وُجْدَانِي ؟ من أين أبدأ والخُطوبُ عظيمة * لم يَبْقَ من جَلَدٍ سِوَى النِسْيَانِ ؟ أمْ كيف أطرَبُ والأمانِي كُلها * ذبِحَتْ بِلَيْلِ الحَالِمِ اليَقظانِ ؟ أَبِعَهْدِ ذاكَ المُهْتَدِي باللهِ أَمْ * مِن هَبّةِ الأفذاذِ في (شيكانِ) ؟
أم درمان
لحاج محمد عثمان نقد
ن أين أبدأُ يا فتاتِي والهوَى * والذكرياتُ تَمورُ في وُجْدَانِي ؟
من أين أبدأ والخُطوبُ عظيمة * لم يَبْقَ من جَلَدٍ سِوَى النِسْيَانِ ؟
أمْ كيف أطرَبُ والأمانِي كُلها * ذبِحَتْ بِلَيْلِ الحَالِمِ اليَقظانِ ؟
أَبِعَهْدِ ذاكَ المُهْتَدِي باللهِ أَمْ * مِن هَبّةِ الأفذاذِ في (شيكانِ) ؟
أمْ مِن ذرَا (كَرَرِي) رَوَتكِ دِمَاؤهُم * وَلئِنْ تَخلّى النَصْرُ في المَيدَانِ
شَتّانَ بين مُقاتِلٍ (بِمَدَافِعٍ) * ومُدَافِعٍ فِي قِتَالِهِ بِسِنَانِ
أمْ مِنْ عُهُودِ ( الأَزْهَرِيّ) وصَحْبِهِ * نِعْمَ الحُدَاةُ لِذلكَ الرّبّانِ
كُل الأُلَى بَذَلُوا لِمَهْرِكِ غَالِيا * وَالمَهْرُ بالدَمِ بَاهِظ الأثمَانِ
يَا لَيتَ قَادِمَنا توَسّمَهُم خُطاً * أو عدّهُم ذخْراً له لِزَمَانِ
كلُّ المَهَازِلِ قد تَمُرُّ وتَنقضِي * إلا الهَوَى والهَزْلَ بِالأوْطَانِ
سَيخلدُ التارِيخُ ذِكْرَى مَنْ هُمُو * أَهْلٌ لذاكَ الذِكْرِ والإحْسَانِ
يا (بُقْعَة) المَهْدِيّ هَلْ مِن صَوْلَةٍ * أو غَضْبَةٍ مَنْظورَةٍ لأوَانِ ؟
ما بَالُ سَيْفِكِ قَدْ ثَوَى فِي غِمْدِهِ * وامْتَدَ لَيْلُ اليَأسِ بالفِرْسَانِ ؟
قومِي ابْعثِي في كل جَنْبٍ صَرْخَة * فِي الرُّوحِ فِي الأنفاسِ فِي الأبْدانِ
كلُّ الذي ضَحِكَتْ بِهِ أعْمَاقنا * نَجْترّه صُوَرا من الهَذيَانِ
(أكتوبرُ) المَبْكيّ مَرّ كَأنهُ * لَمْ يَختَلِجْ يَوماً بِكُلّ جَنَانِ
وكأنّمَا يَا صَحْبُ ما التَمَعْتْ بِهِ * تِلكَ المَآقِي أَوْ سَرَى بِلِسَانِ
وَكَأنهُ لا الصُبْحُ أصْبَحَ فَانْمَحَى * أثرٌ لِوَجْهِ السّجنِ والسّجَانِ
وَلعلهَا تِلكَ الأَمَانِي حِينَهَا * زِينَتْ لَنَا بِالإفْكِ وَالبُهْتَانِ
أم أنهُ أمْرٌ سَمَا إِدْرَاكُهُ * أمْ حِكْمَة شَرُفَتْ عَنِ التِبْيَانِ
سبحانك اللهم عَدلكَ قائِمٌ * عَجّلتَ أمْ أَجّلتَهُ سِيّان
هِيَ الأَمَانَةُ مَا ادّعَى أهْلا لَهَا * أو ظنّهَا غُنْماً سِوَى الإِنسَانِ
ظلما وَجَهْلا ما تَبيّنَ وارْتَضَى * فَمَضَى يَنُوءُ بِأثقلِ الأَوْزَانِ
وَهَوَاكِ (عَزّةُ) مَا خَبَا فِي خَاطِرِي * وَلَئِنْ تَعَزّى القلبُ بِالسّلوَانِ
مَا زَالَ وَجْهُكِ مُشْرَباً بِمَلاَمِحِي * إِنْ مَرّ طَيْفُكِ عَابِراً وَاسَانِي
وَعُيُونُكِ السُمْرُ التِي اكْتَحَلَتْ بِأضْوَاءِ الأَصَائِلِ خِلْسَةً تَلْقاَنِي
ولِصَدْرِكِ المُخْضَلِّ تَحْمِلُنِي مُنىً * والقلبُ مني ذائِعُ الخَفقانِ
أختَ (الخليلِ) كَسَاكِ أَسْنَى حُلةً * وَشَدَاكِ قِدْمًا رَائِعَ الأَلْحَانِ
ولَكَمْ تَمَنّى مَشْيَة أَو (قَدْلَة) * كانت بِفجْرِ صِبَاهُ أغْلى أمَانِي
جَزْلَانُ يَمْشِي فِي ثَرَاهَا حَافِياً * الخَطْوُ وَانٍ وَالعُيُونُ رَوَانِ
والمَيْلُ طُاغٍ للشبابِ وكلّنا * ذاك الشَّجِّيُ لِذلكَ الرَّيْعَانِ
أينَ (المَزَالِقُ والمَغَالِقُ يا خليلُ ومن عَلَايْلَ ابْ رُوفِ والدّورانِ)
أينَ (المَعَدّيَه) ومَرْسَاهَا ضُحَىً * أيْنَ (التّرَامُ) وَرَعْشَة القضْبَانِ
وَرُؤى الضَوَاحِي والمَدَائِنِ لفّهَا * فَلَقُ الصباحِ الآسرِ الفتّانِ
صَوْتُ (الحَقيبةِ) في لَيالِيكِ الحِسَانِ مُؤرّقٌ يَهْتَاجُ كلّ كَيَانِ
وَحِسَانُكِ الغُرّ المِلاَحُ خَطَرْنَ فِي * عُمرِ الوُرُودِ وَمَيْعَةِ الأغْصَانِ
النِيلُ بَثكَ وَجْدَهُ وَهُيَامَهُ * هَتفتْ بِهِ الشُّطآنُ لِلشُّطآنِ
هذِي هِيَ (ام درمانُ) إِنْ عَبَثتْ بِهَا * أيْدِي الطغَاةِ وَكيْدُ كُلِّ جَبَانِ
سَتظلُّ سَامِقةً كَسَامِقِ دَوْحِهَا * وَتظلُّ تَسْتَعْصِي عَلى الطغْيَانِ
يَا دُرّةً حَفِلَتْ بِنا وبِنيلِهَا * أَفَمَا يُجَازَى الفضْلُ بِالعِرْفانِ ؟