"64" عاماً في بلاط صاحبة الجلالة

"64" عاماً في بلاط صاحبة الجلالة أحمد بقادي يحكي تاريخ الصحافة السودانية  طردني أبو الصحف في أول يوم صحافة..! خرجت من ليبيا رفضاً لسياسة القذافي بقتل الخصوم تحت مسمى "الكلاب الضالة"..! مطابع "الرأي العام" في ثورة أكتوبر حرقتها تحريضات الأحزاب منصور خالد وعمر الحاج موسى ومرتضى ابراهيم "فصلوني" من اعلام الأمم المتحدة..! حوار -عامر محمد احمد 

"64" عاماً في بلاط صاحبة الجلالة
أحمد بقادي يحكي تاريخ الصحافة السودانية 
طردني أبو الصحف في أول يوم صحافة..!
خرجت من ليبيا رفضاً لسياسة القذافي بقتل الخصوم تحت مسمى "الكلاب الضالة"..!
مطابع "الرأي العام" في ثورة أكتوبر حرقتها تحريضات الأحزاب
منصور خالد وعمر الحاج موسى ومرتضى ابراهيم "فصلوني" من اعلام الأمم المتحدة..!

 

 

 

 


حوار -عامر محمد احمد 

يعد الأستاذ أحمد علي بقادي أحد أقدم الصحافيين السودانيين, اذ دخل عالم الصحافة في العام 1951م.. ويقول صاحب كتاب الصحافة بالسياسة ان الصحافة العربية تعيش حالياً أعلى مراتب المتابعة ولكنها في حاجة لتبادل الخبرات والغوص في المجتمع اكثر.. واضاف ان بعض الصحف قد أعادت الربيع العربي الى صيف التناحر, وان مساهمة الصحافة في التنوير منذ بداياتها والحفاظ على الأمة العربية ووحدتها والمصير المشترك حتى ولو كانت في أقل درجاتها.. 

 

 


وأكد بقادي ان الصحافة في أمريكا حيث عمل بها الأكثر حرية ولكنها حرية ناقصة بانخفاض الدعم أو الاعلان, وحول عمله مترجماً للعقيد القذافي أوضح بقادي أنه لم يمارس أي عمل سياسي في ليبيا مع جهة أو ضد جهة ولكنه عمل موظفاً أو مترجماً للعقيد القذافي وان خروجه في العام 1980م كان لأسباب تتعلق بالأوضاع في ليبيا عندما أطلق العقيد القذافي حملة ضد معارضيه تحت مسمى "قتل الكلاب الضالة"..
ورفض بقادي اتهام جيله بالتقصير في قضايا الوطن وان أهل زمانه من ينصفهم كتاب التاريخ والصحافة المكتوبة شاهد عليه.. وقال ان جيله قد تربى في ظل استعمار شرس وناضل من أجل خروجه ونجح في ذلك, وأشار بقادي الى ان فصله من اعلام الأمم المتحدة كان بايعاز من وزير الاعلام آنذاك عمر الحاج موسى والدكتور منصور خالد ووزير الري مرتضى احمد ابراهيم اذ نشبت معركة صحفية شرسة بين بقادي ومرتضى أحمد ابراهيم حول انهيار "بيارة السوكي" استمرت شهوراً ولبقادي تاريخ طويل في الأحداث السياسية والصحفية ومنها تسببه في حريق مطابع صحيفة "الرأي العام" في ثورة اكتوبر 1964م..
وأوضح بقادي ان هدفه من مقالات كانت ضد استغلال القوى السياسية لمشكلة الجنوب من أجل الإطاحة بنظام عبود لأنها قضية قومية يجب ألا يتم استغلالها في الأزمات الحزبية وعاد أحمد علي بقادي الى صحيفة الرأي العام بعد نصف قرن من مغادرته لها اذ يعمل حالياً كاتباً صحفياً بالرأي العام والى اللقاء.

 

 

 

 


× كتابكم صحافة بالسياسة, مذكرات شخصية أم عامة؟


= سمها ما شئت, هي ذكريات وآراء وخواطر و"مطبات" صحفية, وسفر وعذاب وآمال وأحلام, هي محاولة للقول الشخصي بعد أن أخذني القول العام ما يقارب "السبعة عقود من عمري"..

× هل أنصفت زمانكم؟

= زماننا ينصفه أهل التاريخ, والصحافة المكتوبة شاهد علينا, ما كتبناه يحكم علينا..


× جيلكم متهم باضاعة السودان؟

= من قال ذلك..

× قالته الأيام؟

= جيلنا تربى في ظل الاستعمار وناضل من أجل خروجه, ونجح في ذلك, ولكن الأجيال التي في الساحة الآن حاصرتها الخصومات السياسية والشخصية وتغلبت عليها "الإحن" لذلك تجدني في كتاباتي أحاول أن أقرأ مع الناس مآلات الساحة العامة, بلا شك ساهمت الايدلوجيات المتطاحنة في تأخير تطور ونهضة السودان ولكن..

× أول يوم صحافة؟

= هذا يوم بعيد جداً, من يومنا هذا, والقصة تتلخص في نشاط سياسي كنت أمارسه في جامعة فؤاد الأول "القاهرة لاحقاً" وكنت أدرس العلوم السياسية والاقتصاد ومقيماً في "بيت السودان" على نفقة الحكومة ولنشاطي السياسي, حاول مسؤول بيت السودان "رشوتي" حتى أترك النشاط السياسي..

× رشوة؟

= نعم قال لي بصريح العبارة "أنت تحتاج المال من أجل ملابس جديدة وأموال تصرفها وقدمها في قالب "أبوي" وعند رفضي قلت له "أبي لا يرشوني".. قال لي لا تخبر الزملاء في بيت السودان, وكان ردي الرفض, وأخبرت الزملاء وكانت النتيجة ايقاف الاعانة الحكومية, وطردي من بيت السودان..

 

 

 

 

× والجامعة؟

= كان من الصعب الاستمرار فيها على نفقتي الخاصة عدت الى السودان من أجل العمل وتوفير "المال" والعودة للدراسة. وكان لي صديق اسمه الطيب طلب مني العمل بالصحافة وهو يعلم ميولي الصحفية..

× كان يملك صحيفة؟

= أبداً كان خاله الأستاذ أحمد يوسف هاشم "أبو الصحف" مالك ورئيس تحرير صحيفة "السودان الجديد" فذهبت مع صديقي "الطيب" الى صحيفة "السودان الجديد"..

× وظيفة صديقك "الطيب"؟

= سكرتير لناشر السودان الجديد..

× لا يعمل بالصحافة؟

= هو سياسي وصاحب ميول يسارية..

× وساطة مضمونة؟

= "يضحك" على عكس ما تعتقد..

× ماذا حدث مع الأستاذ أحمد هاشم؟

= رحب جداً بفكرة عملي معهم..

× وكان أول يوم صحافة؟

= كان يوماً عجيباً جداً وكاد يتسبب في عدم عملي بالصحافة فبعد الترحيب من "أبوالصحف" قال لي من يزكيك للعمل معنا, ودون أن أنظر أمامي أو خلفي, أشرت على "الطيب" وكان الطيب جالساً في المكتب ولم يرد على تحيتي ولعله كان يعلم رد فعل "خاله" وماهي إلا لحظة صغيرة حتى سمعت صوتاً داوياً يأمرني بالخروج من المكتب..

× صوت من كان؟

= أبوالصحف أحمد يوسف هاشم..

× لماذا؟

= قال بصريح العبارة "نحن لا نوظف "الطيب حسب الرسول" ولا أمثاله..

× الرجوع الى مصر والعمل بالصحافة "السرية"؟

= بعد طردي من مكاتب "السودان الجديد" ذهبت الى القيادي بحزب "الأشقاء" "محمد الحسن ياسين" وتربطني به صداقة وكان ينتمي لجناح "محمد نورالدين" في الحزب وكانوا يصدرون صحيفة "السوداني" وهي جريدة "مؤجرة" من الصحفي "يحيي محمد عبدالقادر" ويحررها وحيداً الزميل "زين العابدين أبوحاج" وهي جريدة حزبية وذهبت اليهم وقابلتهم ووافقوا على عملي معهم, وأصبحت محرراً للأخبار الخارجية..

× هذه صحيفة "علنية"؟

= نعم وفي السوق..

× كيف أوصلتك الى الصحافة "السرية" في مصر؟

= اكتسبت خبرة من خلال احتكاكي بعمال المطبعة التي تطبع الصحيفة, وكانت مطبعة صغيرة وكانوا يطبعون "الحرف" في كلمة والكلمة في "جملة" والجملة في "سطر" وهذا القول يرددونه هم للتعريف بعملهم, وكان هؤلاء "العمال" مهرة جداً وأصحاب "خبرات" وأريحية في التعامل ولا يبخلون عليك في اجابة عن كل ما تسأل, فأكتسبت خبرة عملية في الطباعة وبعد أن وفرت بعض "المال" ذهبت الى مصر لمواصلة دراستي الجامعية..

× متى كان ذلك؟

= العام 1951م وكنت قد ذهبت لأول مرة للدراسة في العام 1949م..

× محطة "السرية"؟

= التنظيم الذي كنت أنتمي اليه "الحركة السودانية للتحرر الوطني" "حستو" قدمني للاخوة في التنظيم المصري "حدتو" وكان لهم مكاناً سرياً يطبعون فيه منشوراتهم واستعانوا بي وبالخبرة التي اكتسبتها في مجال الطباعة, وطبعنا منشورات أنيقة بمقياس ذلك الزمان وكان الضباط الأحرار وقتها لهم نشاط ضد النظام الحاكم وكان ذلك قبل ثورة "يوليو" ولعلاقة ما واطلاع على منشوراتنا طلب الضباط الاحرار أن نطبع لهم منشوراتهم وفعلاً امتلأت "القاهرة" بمطبوعات أنيقة تحكي عن الضباط الاحرار وتنظيم "حستو" وقبض علينا, وأودعنا الحراسات ومن ثم السجن..

× متى كان ذلك؟

= قبل الثورة المصرية بشهور..

× مدة الحكم عليكم؟

= اربعة سنوات ونصف..

× اطلق سراحكم بعد قيام ثورة يوليو 1952م؟

= من قال ذلك..

× تقول بذلك وقائع طباعتكم منشورات الضباط الأحرار؟

= لم يطلق سراحي ومن معي إلا بعد استقلال السودان بنصف عام, وقبل انتهاء محكوميتي بنصف عام..

× لماذا؟

= الدولة العميقة كانت مسيطرة وكان البوليس السياسي موجوداً ولم يتم الغاء كثير من مخلفات عهد فاروق..

× زملاء السجن؟

= شخصيات عظيمة لا تنسى, ومنهم المرحوم شهدي عطية, ازدادت معرفتي باللغة الانجليزية من خلاله وكذلك الدكتور "شريف حتاتة" درسني الفرنسية وأسماء عديدة لا زلت أذكرها..

× ذكريات السجن؟

= ضمنتها مذكراتي "صحافة بالسياسة" وكانت حلوة ومرة, حلوة للايمان بالمبدأ و"مرة" للابتعاد عن الوطن وكذلك رفض السلطات المصرية عودتي مرة اخرى الى مصر وكنت قد التزمت بعدم العودة عند اطلاق سراحي واتمام الدراسة وأنا داخل السجن..

× أول يوم صحافة في السودان بعد السجن؟

= التحقت بصحيفة "الميدان" الناطقة بلسان حال الجبهة المعادية للاستعمار ولكن مع استعدادي للعمل وجدت العمل في الميدان قطعة من جهنم, وكان ذلك في النصف الثاني من العام 1956م..

× كيف ذلك؟

= على الرغم من المستوى الأكاديمي والثقافي العالي للزملاء في الصحيفة والذي لا يقارن مع الصحف الأخرى إلا انها كانت محدودة التوزيع..

× لماذا؟

= موضوعاتها سياسية جافة, وآلات طباعتها أثرت على اخراجها وكذلك هروب الاعلان عن صفحاتها وكانت تصدر مرتين في الاسبوع يومي الاثنين والخميس إلا ان اعدادها يستغرق الاسبوع كله ويستمر العمل يومياً لمدة "18" ساعة..

× اليوم كله؟

= ندخل الساعة "9" صباحاً وكنا نتناول افطارنا وغداءنا وعشاءنا لا نبرح مكاننا إلا في اليوم التالي ونتولى جمع الأخبار وتحريرها وكتابة المقالات السياسية والتعليقات وترتيب الصفحات وأحياناً نشرف على الطباعة. ومما زاد من صعوبة مهمتها انها كانت الوجه العلني المشروع لحزب سياسي محظور وبرغم انها كانت من الناحية الرسمية لسان حال "الجبهة المعادية للاستعمار" وهي حزب مشروع إلا ان كل الناس بما في ذلك السلطات كانوا يعلمون ان لها صفة مزدوجة ولم تحاول اخفاءها لأن كل محرريها كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي السوداني..

× وخرجت من الميدان؟

= تم تعطيل الصحيفة من قبل حكومة "عبود" وفي صباح يوم تعطيل الصحيفة داهمتنا قوات الشرطة وتم تفتيش مقر الصحيفة وما ان همت القوات بالخروج من المقر بعد التفتيش حتى عثر أحد الضباط على نسخة من ميزانية العام 58-1959م وكانت ترقد باهمال وداخل الميزانية كان هناك فصلاً سرياً عن ميزانية الدفاع ولا يسمح لغير نواب البرلمان بالاطلاع عليه..

× والعقوبة؟

= سبع سنوات سجن, وكان قد صدر أمر باعتقالنا ولكنني أفلت من الاعتقال, فرجال الأمن كانوا يعرفونني بالاسم ورفضت تسليم نفسي طائعاً مختاراً وسجل رجال الأمن في أوراق التحقيق انني هربت من العدالة واختفيت..

× هربت؟

= لم أهرب ولم اختفي بل سافرت الى مدينة الابيض ومنها الى الفاشر وقرأت وأصدقاء خبراً في صحيفة الرأي العام وكان فحوى الخبر "تأجيل النظر في قضية الميدان بسبب اختفاء بقادي"..

× ماذا فعلت؟

= اتصلت بسلطات الأمن في المدينة وأخبرتهم انني لم اختفي وأبديت استعدادي لتسليم نفسي وتعاملت مع سلطات أمن الفاشر بطلف شديد, وكتبت التزاماً بتسليم نفسي الى سلطات أمن الخرطوم وارسلت رسالة الى صحيفة الرأي العام انفي فيها خبر الاختفاء فأبرزته الصحيفة في مكان بارز بالصفحة الاولى ومن حسن حظنا ان القاضي قد شطب القضية واطلق سراحنا..

× ورد فعل الحزب بعد انتهاء المحاكمة بالبراءة؟

= عند خروجي من قاعة المحكمة وجدت من يخبرني أن أمثل أمام محكمة حزبية لأجيب على بعض الأسئلة المتعلقة بالبرقية التي نفيت فيها نبأ اختفائي..

× والتهمة؟

= أخبرني المسؤولون الحزبيون ان برقيتي الى الرأي العام قد حملت في طياتها "تباهياً" برجوازياً بالشجاعة وادانة للأعضاء الحزبيين الذين اختفوا من أعين رجال الأمن بعد انقلاب الفريق عبود, وعبثاً حاولت أن أشرح لهم الظروف التي حتمت علي ارسال تلك البرقية..

× التحقت بصحيفة الرأي العام؟

= هذه قصة أخرى فقد كتبت مقالاً عن كتاب "ملامح من المجتمع السوداني للأستاذ "حسن نجيلة" وكان مقالاً نقدياً تضمن عرضاً للكتاب, وأعجبني الكتاب وموضوعه واسلوبه, وكانت مفاجأة بعد نشر المقال, دار نقاش بيني وأحد أعضاء الحزب الشيوعي الذي قال لي "قرظت كتاب حسن نجيلة" وكان ردي "لم اكتب تقريظاً وانما تقويماً وعرضاً للكتاب"..

× ما كان رده؟

= قال لا يهم لأن مؤلفه "حسن نجيلة" والحزب لا يسمح لعضو منتم اليه بالثناء على كتاب ألفه ذلك الرجل..

× الالتحاق بالرأي العام؟

= منتصف العام 1961م عرضت علي الرأي العام العمل كمحرر للشؤون الخارجية, وما كان يخالجني أدنى شك بقبول الحزب الشيوعي لذلك وكنت أخبرتهم بالعرض الا انهم رفضوا ذلك وكان "الفراق" وعملت بالرأي العام حتى ثورة اكتوبر 1964م..

× تسببت في حريق الرأي العام؟

= سافرت الى جنوب السودان في مهمة صحفية مبعوثاً من الرأي العام وكتبت مقالات حول التمرد ومحاكمته وكانت السبب في ابتدار نقاشات في الجامعات حول مشكلة الجنوب وكانت وجهة نظري ولا زالت ان القضايا الوطنية يجب اخراجها من "ضيق الحزبية" وكتبت مقالات مناهضة لاستغلال الأحزاب النقاش حول أزمة الجنوب, وتداعت الأحداث بعد قيام حركة اكتوبر 1964م واعتقدت بعض الجماهير وبتحريض من قوى سياسية ان الرأي العام ضد الثورة وكان اشعال الحريق في مطابع الرأي العام..

× ليبيا العقيد القذافي؟

= هذه محطة سبقتها محطة العمل في اعلام الأمم المتحدة بالخرطوم وكنت قد كتبت مقالاً حول "انهيار بيارة السوكي" لم يعجب وزير الري المهندس مرتضى احمد ابراهيم وكتب عدد سبعة حلقات للرد على مقالي وبعد ذلك تم تقديم شكوى ضدي بحكم أنني موظف أممي ويجب أن لا أتدخل في قضايا داخلية تخص دولتي أو أي دولة أخرى وجاء المسؤول الاعلامي وكان الفلسطيني "أحمد صدقي الدجاني" وتم ايقافي بايعاز من الوزراء منصور خالد ومرتضى ابراهيم وعمر الحاج موسى..

× محطة ليبيا؟

= عملت مترجماً للقذافي لمدة "ست" سنوات وخرجت احتجاجاً على حملة شنها القذافي ضد معارضيه تحت مسمى "قتل الكلاب الضالة" وكانت حملة شرسة قتل فيها ابرياء بالشبهة فقط..

× القذافي؟

= كان يقتل المعارضين بلا محاكمة ولكنه كان على علم واسع باللغة الانجليزية..

× خرجت من ليبيا؟

= ذهبت أولاً الى لندن ومنها الى قبرص وعملت في الصحافة العربية ومن المحطا التي لا تزال عالقة بذهني مجلة "الموقف العربي" وكانت بها مجموعة خيرة من الصحفيين والكتاب العرب ولكن "ليبيا" لم تعجبها مواقف "المجلة" وأغلب أعضاء المجلة من كل أقطار العالم العربي والمجموعة متجانسة فكان همها انسان الوطن الوطني..

× عدت الى السودان؟

= اتصل ناشر صحيفة السوداني محجوب عروة وأخبرني وكان في زيارة لقبرص بأنه بصدد اعادة صحيفة السوداني للعمل من جديد ووافقت على العودة الى السودان وكان هذا في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي, وعملت مستشاراً للتحرير, ولكن تم ايقاف الصحيفة واعتقالي والتحقيق معي وبعدها خرجت من السودان الى قبرص ومنها لاجئاً الى الولايات المتحدة الأمريكية..

× صحافة أمريكا؟

= عملت في صحافة جاليات, وهي محدودة التوزيع وتخاطب قضايا الجاليات العربية والمسلمة, ولم استمر كثيراً فيها وعملي الأساسي كان تدريس الكمبيوتر لكبار السن من اللاجئين العرب والأفارقة..

× مارست الصحافة في افريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وكاتباً صحفياً في آسيا, ماهو الفرق؟

= مقدار الحرية..

× أي مقدار؟

= أمريكا توجد حرية ولكن لها حدود الدعم أو الاعلان, فهي حرية ناقصة..

× وفي السودان؟

= كل عهد له مزاياه وسلبياته, وان أصابت الشمولية الصحافة كما أصابت به المجتمع..

× الاعلام العربي؟

= متقدم جداً مهنياً وتكنولوجياً, والقنوات الفضائية ربطت الوطن العربي ببعضه والنقاش فيها على مستوى كبير ولكنه أقل من سطوة الاعلام الاوروبي والأمريكي على المجتمع ويحتاج الاعلام العربي الى حرية اكبر في مساحاتها..

× الصحافة العربية؟

= الشبكة العنكبوتية جعلتها في متناول اليد وفي أعلى مراتب المتابعة ولكنها لا تزال في حاجة ماسة لتبادل الخبرات والغوص في المجتمع أكثر وأزمات المجتمع العربي أعقد من أزماته السياسية وسابقاً الصحافة العربية كانت جريئة جداً وتسير في مشروع النهضة جنباً الى جنب مع الساسة والمفكرين..

× الآن؟

= كل الفرص أمامها لقيادة المجتمعات الى الأفضل.

× صحافة الربيع العربي؟

= بعضها أعاد الربيع الى صيف التناحر والآخر بشر بالتغيير وحاول ولها أجر المحاولة ولكنها عموماً الصحافة العربية اذا استمرت "ورقية" أو تحولت الى "الكترونية" ستساهم في التنوير وكانت رسالتها منذ بداياتها التغيير وكيفية الحفاظ على الهوية ولا تزال رسالتها واسئلتها هي نفس أسئلة الرواد..

× الصحافة السودانية؟

= تحتاج الى وقفة والسؤال عن مستقبلها ودورها في المجتمع..