ثنائية المكان في رواية المهجر وأثرها في البناء السردي الكاتبان ليلي أبو العلا وأمير تاج السر نموذجاً دراسة
ثنائية المكان في رواية المهجر وأثرها في البناء السردي الكاتبان ليلي أبو العلا وأمير تاج السر نموذجاً دراسة بقلم صابر جمعة بابكر النص الروائي الناجح يحاور وسائل العالم من زوايا مختلفة لأن قيمة الحياة وثروة نشيد الحياة تكمن في تنوع اللحظة الواحدة فكلما حاول الكاتب ممارسة الحفر في ذاكرة الزمن وذاكرة المكان وذاكرة الجسد والكائنات اكتشف تاريخية اللحظة واكتشف جزء من الكتابة وغموضها الذى هو جزء من جمالياتها وعنصر اساسى في تعريفها (ربيعة جلطى) . يتناول هذا البحث عمليين روائيين لكل من الكاتبه ذات الاصول السودانية المصرية ليلي أبو العلا والكاتب أمير تاج السر وقد أخترت العمليين لأن المكان يطغي على المعمار السردى في النصين الابداعين ولانه اى المكان يعتبر من المداميك الاساسية والمؤثرة في البناء الادبى السردي الملاحظ أن كل من المبدعين يتناول خواص المكان بأبعاد وزوايا مختلفة ترى أمير تاج السر في روايته أرض السودان الحلو والمر تنداح شخصياتة المتعد
ثنائية المكان في رواية المهجر وأثرها في البناء السردي الكاتبان ليلي أبو العلا وأمير تاج السر نموذجاً دراسة
بقلم صابر جمعة بابكر
النص الروائي الناجح يحاور وسائل العالم من زوايا مختلفة لأن قيمة الحياة وثروة نشيد الحياة تكمن في تنوع اللحظة الواحدة فكلما حاول الكاتب ممارسة الحفر في ذاكرة الزمن وذاكرة المكان وذاكرة الجسد والكائنات اكتشف تاريخية اللحظة واكتشف جزء من الكتابة وغموضها الذى هو جزء من جمالياتها وعنصر اساسى في تعريفها (ربيعة جلطى) . يتناول هذا البحث عمليين روائيين لكل من الكاتبه ذات الاصول السودانية المصرية ليلي أبو العلا والكاتب أمير تاج السر وقد أخترت العمليين لأن المكان يطغي على المعمار السردى في النصين الابداعين ولانه اى المكان يعتبر من المداميك الاساسية والمؤثرة في البناء الادبى السردي الملاحظ أن كل من المبدعين يتناول خواص المكان بأبعاد وزوايا مختلفة ترى أمير تاج السر في روايته أرض السودان الحلو والمر تنداح شخصياتة المتعددة والتى ينجح في رسم ابعادها ونموها ومواقفها ببراعة من داخل الفضاء السردى أما ليلي أبو العلا فالمكان يبدو لنا عاملاً مؤثراً في تحديد الهوية ويأتى ملتبساً بالحنين النو ستا لجى للوطن فهو الملاذ وحائط المبكى لهمومها واشجانها وهي تتشظي بين اصطراع الثقافات وهسيس الذات الطامحة لسبل الخلاص وتجسد شخصية بطلتها الصراع الحضارى بين الشرق والغرب كما تطرق له الاديب السوداني الطيب صالح مثلاً في رواية موسم الهجرة الي الشمال أو توفيق الحكيم في رواية عصفور من الشرق وقد حصلت قصتها ( المتحف) التى تضمنت مجموعتها القصصية (اضواء ملونة ) على جائزة كين العالمية للادب الافريقي بلندن ووضعت روايتها (المترجمة) مثار بحثنا هذا قائمة المائة كتاب البارزة في التصنيف السنوى الذى تصدرة صحيفة نيويورك (تايمز) . الاسلوب والفضاء السردي لرواية المترجمة : تحبذ ليلي انتهاج الاسلوب الكلاسيكي في بناء عالمها الرؤائي ونحن هنا نستخدم عبارة فضاء بوصفة قابلاً للاتساع في المحمل السردى بعيداً عن محدودية الوصف المكاني المالوف، وقد ميز الأديب غالب ملسا (المكان لثلاثه أنواع : مكان مجازى ومكان هندسى ومكان بوصفه تجربة تحمل معاناة الشخصيات وافكارها ورؤيتها) المكان الهندسي تصورة الروايه بثقة محايدة فتقل أبعاده البصرية والمكان المجازى هو ساحة لوقوع الاحداث ويتجاوز دوره التوضيح ولا يعبر عن تفاعل الشخصيات والحوادث وقد حظى كل من الفضاء والمكان في الرواية بأهتمام كثير من الدارسين لان المكان فى النقد الروائي يتجاوز كونه مجرد شئ صامت أو خلفيه تقع عليها احداث الرواية فهو عنصر غالب في الرواية حامل لدلاله ويمثل محوراً أساسياً من المحاور التى تدور حولها عناصر الرواية يرى البعض أن العمل الأدبي حين يفتقد المكانية فهو يفتقد الخصوصية بالتالى أصالته وله تأثير خارج النص الروائى اذ يلعب دور المفجر لطاقات المبدع ويعبر عن مقاصد المؤلف . المكان بصفته محفزاً للحضور ..... ينبوعاً للأمان ترسم الراوية مستنطقة شخصية بطلتها سمر مشاهد تصويريه رومانتيكية عذبة متقدة بجمرة أحساسها لإلفة المكان حين عودتها لارض الوطن الذات هنا متكفئة ، منعكسة ، يتقمص المكان وشاح وعيها وصلصال كينونتها ..... جلست سمر تحت العريشة قرب شتلات الصبار العجوز في أصصها الفخاريه والجهنمية المغروسة في الطين لم تشعر بذرة رطوبة في الهواء .... ليس سواء الحرارة والجفاف والغبار الصحراوى ... الناس منا يبتسمون عندما ادخل الغرفة .... هذه الشجرة ... شجرتي ... وهذه الحديقة المتواضعة حديقتي ..... هذه الشمس لى وهؤلاء الاطفال اطفالي .... لا أحد هنا يمكن أن يقول الي أخرجي من هنا ... أخرجي أبتعدى عنى الأن ...... ص 203- 204. تستحضر المؤلفة كل مخزونها الأدبى من لدن الروايات العربيه والانجليزية حتى وأن بدأ لعين القارئ الحصيف إستخدامها الديالوج بصورة رتيبة إلا انها تفلح قي استخدام المونتاج لربط المشاهد مابين المكانين الاسكتلندي والخرطومي . الاسلوب السردى وتقنية الراوى العليم : يأتي السرد بضمير الغائب وهو سرد يسم الرواية الكلاسيكية ويكون الراوى مهيمناً خارج نطاق الحكى وعلى حد تعبر (سعيد يقطين) . يرى من منظوره الخاص لانه سيد العالم السردى الذى يملك مفتاحة واسرارة . الثيمة النصية : تدور حول اشكالية الهوية ويمكن القول أن الكاتبة وظفت عالمها السردي لحبك اقصوصة عاطفية ملبئة بتوترات قطبي عالمين متصارعين أو حضارتين تتجاذبان وتتنافران حيناً وتبدو سمات التقارب بين نصها ونصوص توفيق الحكيم والطيب صالح مع اختلاف الطرح والتناول لطبيعة الازمنة والمتغيرات التي حدثت بعد أفول شمس الاستعمار بصورة مباشرة ولكنة حتما عائد بصورة غير مباشرة بالاعلام والميديا والعولمة وحينما تهيمن على العقل الأوربي فوبيا الاسلام بصوره المتطرفة وتمترس المركزية الاوربية واقصائها للاخر المختلف ويبلغ الاستقطاب والاغتراب حدته في نفس بطلة قصتها رغم العلاقة الحميمة التي تربطها بالمؤرخ والمحاضر المختص بشئونه
الشرق الاوسط والمحاضر في العلوم السياسية للعالم الثالث (راي ايلز) ولكني له مثل تلك النخلة مخلوق له أصل له جذور وله هدف إلا انها تأتي مشوبة بثنائيات قاسية فهما يعيشان قي عالمين تشطرهما الحقائق البسيطة ... الدين ، الوطن ، العرق .. ولكنها تنتصر لإرادة الحب في عودة (راى) للسودان بعد أن اصبح مسلما حتي يتسني له زواجها كما تريد. التناص مع رواية موسم الهجرة الي الشمال للطيب صالح : في مستهل الجزء الثاني لمؤلفها تستعيد الكاتبة المبدع الروائي الطيب صالح وسرده العبقري الشفيف وهذه الاستعادة ومجمل تمسكها بذاتها وهويتها المحاصرة في بيئة مغايرة وذات مركبه افريقية شرقية اسلامية هذا الوعى بالخصوصية يأتي كترياق لتوهان روحها المعذبة على المستوبين البيولوجي والسايكولوجي ... ولكن الضباب راح واستيفظت ثاني يوم وصولي في فراشي الذى اعرفة في الغرقة التي تشهد جدارنها على ترهات حياتي في طفولتها ومطلع شبابها وارخيت أذني للريح ذلك لعمري صوت اعرفة له في بلدنا وشوشة مرحة صوت الريح وهي تمر بالنخل غيره وهي تمر بحقول القمح وسمعت هديل القمري ونظرت من خلال النافذة الي النخلة القائمة في فناء دارنا وعلمت أن الحياه لا تزال بخير .... أنظر الي جزعها القوي المعتدل والي عروقها الضاربة في الارض والي الجريد الاخضر المنهزل فوق هامتها فأحس بالطمائنينة أحس باني لست ريشة في مهب الريح ولكني مثل تلك النخلة مخلوق له أصل له جذور وله هدف . أرض السودان الحلو والمر : ينسج الكاتب السوداني الروائي أمير تاج السر عالمه الإبداعي المتخيل وتدور أحداث الرواية في نهاية القرن التاسع عشر مابين انجلترا والسودان . يجعل للنص السردى عتبات تتجزأ لثلاث وعشرون عنواناً بها يكتمل النص السردى للمبدع أمير والذى كعادتة دائماً يأتي مسبوكاً وطازجاً ككاتب محترف وعالمي اليراع . الفضاء المتخيل وبنية السرد : تبدأ أحداث الرواية بضمير المتكلم السارد والشاب الانجليزي جلبرت اوسمان الذي سيصبح أسمة عثمان الزمزمي لاحقاً ، بعد سرد موجز من قبل المؤلف عن خلفية البطل السارد وبيئتة وقراره خوض مغامرة لارض السودان وركوبة الباخرة من ميناء ليفربول المتجهة للاسكندرية حيث تنداح شخصياتة على متن الباخرة كالقبطان لوجر ( اركاميسون) ورهبان ارتوذكس ونجمة الباخرة الاستعراضية (سونيا افرين) والبحار ذو الميول الشاذة (جون هايدي) حتى وصوله وادى حلفا بالباخرة ومن ثم الي الخرطوم ابان الاستعمار البريطاني للبلاد ويجعلنا نكشف معه طبيعة المكان والحياة في السودان ومايحفها من عادات وطقوس واناس من مختلف المشارب والطبقات كسيف القبيلة صديقة تاجر الابل ومستكة صاحبة النزل التي قيل أن جذوها ترجع لقبائل البربر في شمال القارة الافريقية وعبد الرجال زافو الخادم الذى اعتقه وفردوس الصعيدية وزوجها الشرير جبريل الرحال وبعض رجال الطرق الصوفية ونفر من الاوربيون والهنود والمصريين والاقباط ثم هنالك (شرفية) الفتاة الممسوخة التي تزوجها فيما بعد وكما ذكرنا فإن الكاتب يعيد تمثل الذات والهوية السودانية في الفضاء السردى مجسداً بصوت بطله الاجنبي المفترض عندما ارتدي عثمان أو أوسمان العمامة والجلباب البلديان وحذاء جلد الماعز أو عندما تقدم المراة المضيفة (سكر) لعثمان وصديقة سيف القبيلة اطعمة بلدية ووصف الرواي للمراة المضيفة بوضعها الزمام علي انفها ووجهها الموسوم بالشلوخ أو عندما يمتطون الابل سفن الصحراء انذاك وينيخون برواحلهم في منطقة (أبري) كذلك وصفة لتفاصيل عرس سوداني كامل الدسم ، العروس مزينة بعقود الخرز والقصدير واساور الذهب والنحاس ومخضبة بالحناء كذلك العريس ، وجلد الرجال (البطان) في ظهورهم العارية . المقدمة ..الخاتمة .... الاحالة لعتبات النص : يفتتح المؤلف عملة السردي بالعبارات الاتية : بحثت في سير الاجداد عن الفطنة .... لم تك سلعة تباع في السوق ولا درساً يلقيه المعلم ويمضى ولا خزانة بلا قفل تئن ناضبة ، لعلها في الفجر ان كان يوجد فجر لعلها في قلبي ولا اعرفها أو لعلها تلك الدهشة التي ارتسمت على الحاجبين وظنتها دهشة ... ارتأى المؤلف إيلاج هذه العبارات وجعلها كمؤشرات تضئ النص وتكشف من ثم عن الترميذات المخبؤة في ثنايا النص وفلسفة الفعل الابداعي بما يحتويه من تأويلات مفارقه لعادية الحكي وبما نستنبطة من خاتمة فاقت ضفاف الواقعية السحرية عند بعض الكتاب لتخوم الفانتازيا المرعبة والماسطرة حينما استيقظ بطل قصتة السارد عثمان وهو على فراش الزوجية في ليلة دخلتة بان الفتاه التي اجتهد في جعلها كائن بشري متحضر بعد أن كانت مسخاً وجد نفسة يرقد على أرض قذرة في عشة من الصفيح وسط الجرذان الميتة والطيور السوداء . محطمة الاعناق وسائل لزج كأنه دم يخرج من بين فخذة ويركض في المكان وعروسة النحيلة السمراء شعرها مقصوص كصبي وبين شفتيها ليمونة مقشرة تمتصها في تأن، بهذا السرد المتشظي أو الكتابة بافقها الميتأ سردي يتيسر لنا أيجاد مقاربة في مفهوم الشكل المتشظي أو الكنابة في صياغتها الادني عند الأديب محمد برادة حينما يفسر تشظي الشكل الروائي الي اهتزاز الشكل الواقعي الكلاسيكي ، استناداً للتحليل النفسي وتعددية الذات والانا وتعايش الخطاب الملفوظ مع طبقات من الحوار الداخلي المنلوج ليصبح السارد يحكي وهو يضع مسافة بينه بينه وبين محكياتة ليكشف ماهو قابع تحت السطح ويتيح للذات المشروخة المتشظية أن تشكك في تماسك الواقع وتقدمه بثقوبه وثغراته بضوضائة وصمتة . والميتاسرد الذي افترضناه هنا يأتي بمثابة تقويض للهيكل السردي ولضعضعة التماسك الظاهري للنص وإيجاد دوال تؤشر لمدلول ينفتح ثغرات متولدة بين النص والمعني مما يتيح لنا قراءة النص بتأؤيلات ووجهات نظر متعددة ومختلفة .
هوامش :
* ربيعة جلطي شاعرة واكاديمية من الجزائر . * المترجمة راوية ليلي أبو العلا – ترجمة الخاتم عدلان – الناشر دار عزة الخرطوم .
* مجتزأ من الحوار الذي اجراة الشاعر السوداني محمد نجيب محمد على مع الروائية- الجزيرة نت .
* أرض السودان الحلو والمر- أمير تاج السر – الدار العربية للعلوم- ناشرون ط1 1433هـ -2012م . مصادر : 1/ غاستون باشلار- جماليات المكان – غالب هلسا ط ه بيروت – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر 1987 ص 6، 5. 2/ حسن بحراوي- بنية الشكل الروائي الفضاء – الزمن – الشخصية - ط1 الدار البيضاء – المركز الثقافي العربي 1990م ص 32. 3/ محمد برادة- الرواية العربية ورهان التجديد دار الصدي – مجلة دبي الثقافية مايو 2011 ص 51.