قصة كتاب

قصة كتاب بقلم : زين العابدين الحجّاز ضمير السيد زينو (Zeno's Conscience) تمّ تقديم القصة باعتبارها مذكرات كتبها (زينو) الذي قال أنها مليئة بالأكاذيب التي نشرها طبيبه النفسي . ترك الطبيب ملاحظة صغيرة في البداية قائلا إن قد طلب من (زينو) كتابة سيرته الذاتية لمساعدته في تحليل نفسياته . قام الطبيب بنشر المذكرات انتقاما من (زينو) لأنه قد توقف عن مواصلة العلاج معه

قصة كتاب

قصة كتاب

بقلم : زين العابدين الحجّاز

 

ضمير السيد زينو   (Zeno's Conscience)

 

 

 

 

تمّ تقديم القصة باعتبارها مذكرات كتبها (زينو) الذي قال أنها مليئة بالأكاذيب التي نشرها طبيبه النفسي . ترك الطبيب ملاحظة صغيرة في البداية  قائلا إن قد طلب من (زينو) كتابة سيرته الذاتية لمساعدته في تحليل نفسياته . قام الطبيب بنشر المذكرات انتقاما من (زينو) لأنه قد توقف عن مواصلة العلاج معه  .  المذكرات لا تتبع ترتيبا زمنيا بل تم تنظيمها في فصول كبيرة  كل منها يتناول موضوعا معينا : إدمان التدخين  - وفاة والده -  قصة زواجه  وما إلى ذلك . الفصل الأخير فقط هو يوميات حقيقية كتبها (زينو) عن أحداث ذات تاريخ محدد وقعت في فترة الحرب العالمية الأولى .

كتب أولا عن إدمانه لتدخين السجائر . المرة الأولى التي دخن فيها عندما كان طفلا . اشترى له أحد أصدقائه سجائر و بعد ذلك سرق المال من والده لشراء السجائر  لكنه قرر أخيرا عدم القيام بذلك بدافع الخجل . في النهاية بدأ يدخن المتبقي من سيجارة والده التي كان يترك نصفها بدون تدخين . بدأت مشكلة   " آخر سيجارة " له عندما بلغ العشرين من عمره . أصيب بالحمى وأخبره طبيبه بأنه يجب عليه الامتناع عن التدخين لكي يتعافى . اقتنع بأن التدخين سيء بالنسبة له ودخّن سيجارة باعتبارها ستكون " آخر سيجارة " حتى يتمكن من الإقلاع عن التدخين نهائيا . ومع ذلك لم تكن تلك الأخيرة  وسرعان ما أصبح يعاني من    " آخر السجائر".  حاول الإقلاع عن التدخين في الأيام التي تمثل أحداثا مهمة له و في كل مرة كانت تفشل السيجارة في أن تكون الأخيرة . ذهب إلى الأطباء وسأل الأصدقاء لمساعدته على التخلي عن تلك العادة ولكن دون جدوى . ذات مرة تم حبسه في عيادة لكنه هرب. الموضوع كله على الرغم من كونه خطير إلا أنه تم التعامل معه بطريقة فكاهية.  

 

 

 

كتب زينو ثانيا عن وفاة والده . عندما وصل (زينو) إلى منتصف العمر بدأت صحة والده في التدهور. صار يعيش بالقرب من والده الذي ربما يتوفي في أي وقت . هو مختلف تماما عن والده الرجل الجاد  بينما هو يحب المزاح . على سبيل المثال عندما قال والده بأن ابنه مجنون ذهب (زينو)  إلى الطبيب النفسي وحصل على شهادة رسمية بأنه عاقل . أظهر تلك الشهادة لأبيه الذي أصيب بأذى بسبب تلك النكتة وأصبح أكثر اقتناعا بأن (زينو) يجب أن يكون مجنونا . والده يخاف أيضا من الموت لأنه غير مرتاح عن كيفية صياغة و صيته. في إحدى الليالي اشتد المرض على والده وفقد وعيه. حضرالطبيب و عالجه و أخرجه من براثن الموت . خلال الأيام القليلة المقبلة أصبح والده قادرا على النهوض واستعاد قليلا من صحته . كان لا يهدأ ويتنقل  في كثير من الأحيان من مكان الى آخر من أجل الراحة على الرغم من أن الطبيب قد نصحه بأن البقاء  في السرير سيكون مفيدا لدورته الدموية . في إحدى الليالي  بينما كان والده يحاول النهوض من السرير منعه (زينو) من التحرك حسب نصيحة الطبيب . وقف والده الغاضب ثم صفعه على وجهه بالخطأ قبل أن يموت .

كتب ثالثا في مذكراته عن زواجه . عندما بدأ (زينو) في التعرف على عالم الأعمال التقي مع والد زوجته السيد (مالفينتي) رجل الأعمال الذكي والناجح الذي أعجب (زينو) به. كان لدى (مالفينتي) أربع بنات وهن ( أدا) و(أوقستا) و(ألبرتا) و(آنا) وعندما قابلهن (زينو) قرر أن يخطب (آدا) بسبب جمالها واعتبر أن (ألبرتا) شابة جدا و(أوقستا) سهلة جدا و (آنا) فقط فتاة صغيرة . لم ينجح في ذلك واعتقدت العائلة بأنه يحاول فعلا مغازلة (أوقستا) التي وقعت في حبه . التقى مع (قويدو) منافسه في حب (آدا) وهو شاب وسيم و لديه شعر رأس  كامل مقارنة برأس (زينو) الأصلع . في ذلك المساء قام كل من (قويدو) و (زينو) بزيارة عائلة (مالفنتي) و تقدم (زينو) لخطوبة (آدا) ولكنها رفضته بسبب حب (قويدو) لها . بعدها تقدم   لخطوبة (ألبرتا) التي كانت لاترغب في الزواج أساسا و رفضته أيضا. أخيرا تقدم (زينو)  لخطوبة (أوقستا) التى كانت تعرف بأنه قد تقدم أولاً لخطوبة أختيها فقبلته لأنها تحبه فعلا .سرعان ما تزوّجا وبدأ (زينو) في إدراك أنه يمكن أن يحب (أوقستا) وتفاجأ بأن حبه لها لم يقل . ومع ذلك التقي مع (كارلا) المغنية الطموح الفقيرة و دخلا في علاقة غرامية و كانت (كارلا) تفتكر بأن (زينو) لا يحب زوجته . في تلك الأثناء تزوج (قويدو) من (آدا) ومرض السيد (مالفينتي) . ازدادت عواطف (زينو) لكل من (كارلا) و (أوقستا) التي أنجبت له ابنة سماها (أنتونيا) في وقت قريب من وفاة السيد (مالفينتي) . ذات يوم عبّرت (كارلا) عن رغبة مفاجئة لمقابلة (أوقستا) . (زينو) خدع (كارلا) و جعلها تقابل (آدا) بدلا من ذلك  فقابلتها و تأثرت (كارلا) بتدهور صحتها وجمالها ولذلك قطعت علاقتها مع (زينو) .  

كتب رابعا عن نشاطه التجاري . أقام  (زينو) علاقة شراكة تجارية مع (قويدو) وأنشأ الرجلان شركة تجارية معا في تريست . قاما بتوظيف عاملتين هما (لوسيانو) و(كارمن ) التي أصبحت عشيقة (قويدو) وحاولا تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح . ومع ذلك و بسبب هوس (قويدو) بالديون والائتمان وكذلك بمفهوم الربح فإن أداء الشركة قد أصبح ضعيفا . بدأ زواج (قويدو) و (أدا) في الانهيار كما تدهورت صحة (آدا) وجمالها . قام (قويدو) بافتعال محاولة انتحارية لاكتساب عطف (آدا) فطلبت من (زينو)  مساعدة شريكه الفاشل . بدأ (قويدو) التعامل في البورصة وفقد المزيد من المال . في رحلة صيد (قويدو) سأل (زينو) عن الاختلافات في التأثيرات بين حبوب  فيرونال وفيونال  فأجابه  بأن فيرونال قاتل في حين أن فينوال ليس كذلك . أصبحت مقامرة (قويدو) على البورصة مدمّرة للغاية وحاول  انتحارا آخرا لكسب تعاطف (أدا) ومع ذلك فقد  أخذ كمية مميتة من حبوب فيرونال و مات . غاب (زينو) عن  حضور جنازته  لأنه  كان مشغولا بالمقامرة  بأموال (قويدو) في البورصة و استطاع أن يستعيد ثلاثة أرباع الخسائر .

كتب أخيرا في مذكراته يصف حياته الحالية  . خلال الحرب العظمى كبرت ابنته (أنتونيا) التي تشبه (آدا) إلى حد كبير  وكذلك كبر ابنه (ألفيو) . كان يقضي معظم وقته في زيارة الأطباء باحثا عن علاج لمرضه المتخيل . زعم أحد الأطباء بأنه يعاني من مرض عقدة أوديب لكن (زينو) لا يعتقد بأن ذلك صحيح  ولم يكن هناك طبيب واحد قادر على علاجه . في مايو من العام 1915 لا تزال إيطاليا محايدة كما يريدها (زينو) فقضى هو وعائلته عطلة على ضفاف نهر  إيزونزو الخضراء . (زينو) لم يتوقع  بأن تلك المنطقة ستصبح قريباً ساحة معركة رئيسية . استأجر منزلا في قرية لوسينيكو و ذات مرّة خرج (زينو) في نزهة صباحية عادية دون أن يلبس قبعته وسترته . في تلك اللحظات  اندلعت الحرب بين إيطاليا والنمسا والمجر وتحوّلت المنطقة إلى منطقة حرب وانفصل (زينو) عن زوجته و أبنائه على خط  المواجهة . كان يجب عليه العودة بمفرده إلى تريست لكنه بعد ذلك بكثير قد اكتشف بأن زوجته (أوقستا) وأبناؤه قد وصلوا سالمين الى مدينة  تورين  .                                                                                                                                        في مارس من العام 1916 كتب (زينو) السطور الأخيرة من مذكراته . عندما ترك (زينو)  لوحده في تريست خلال الحرب استطاع أن يجني الكثير من المال من المضاربة والتكديس لكن ذلك لم يجعله يشعر بالسعادة في الحياة . لقد توصّل إلى إدراك أن الحياة نفسها تشبه المرض لأنها تعاني من تقدم وإنتكاسات وتنتهي دائما بالموت . التقدم البشري لم يمنح البشر أجساما أكثر قدرة على مقاومة الأمراض ولكن منحهم الأسلحة التي يمكن بيعها وشرائها لإطالة عمرهم . هذا الانحراف عن الانتقاء الطبيعي قد سبب المزيد من الأمراض والضعف لدى البشر . تخيّل (زينو) وقتا من الأوقات سيتمكن فيه شخص ما من اختراع سلاح قوي وجديد من أسلحة الدمار الشامل وسيتمكن شخص آخر من شرائه ويدمر به العالم  ويخليه من الأمراض .

(ضمير السيد زينو) قصة إيطالية للكاتب الإيطالي (ايتالو سفيفو) تم نشرها عام 1923 و قد صدرت باللغة الإنجليزية بعنوان (إعترفات زينو) .