قصة فيلم  بقلم : زين العابدين الحجّاز ( ناقوس الغوص والفراشة The Diving Bell and the Butterfly ) 

قصة فيلم     بقلم : زين العابدين الحجّاز   ( ناقوس الغوص والفراشة The Diving Bell and the Butterfly ) 

قصة فيلم 

 

بقلم : زين العابدين الحجّاز  

 

( ناقوس الغوص والفراشة    The Diving Bell and the Butterfly ) 

 

تدور قصة الفيلم حول حياة (باوبي) بعد إصابته بسكتة دماغية شديدة تركته بحالة تعرف طبيا باسم " متلازمة الانغلاق " وهي حالة نادرة للغاية يكون فيها المريض مشلولا جسديا تقريبا لكنه يظل طبيعيا عقليا .  

 

في الثامن من ديسمبر عام 1995  (جان دومينيك باوبي) رئيس تحرير مجلة الأزياء الشهيرة عالميا و البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عاما كان يعيش حياته السعيدة إلى أقصى الحدود لكنه أصيب بسكتة دماغية تركته في حالة من الشلل التام و غير قادر على التواصل اللفظي  فيما يعرف في الطب بـ " متلازمة الانغلاق ". كانت وظافه العقلية سليمة تمامًا حيث كان يرقد بلا حراك في سريره في مستشفى بيرك سور مير بشمال فرنسا تعلم (باوبي) التواصل مع العالم الخارجي باستخدام جفنه الأيسر وهو الجزء الوحيد من جسده الذي يستطيع تحريكه . خلال الأربعة عشر شهرا التالية  باستخدام رموز اتصال طورته معالجة النطق و قامت بكتابتها مساعدة ناشرته تمكن (باوبي) من تأليف مذكرات مفجعة عن صراعه في الحياة حرفا بحرف . توفي (باوبي) في عام 1997 بعد يومين من نشر تلك المذكرات بسبب التهاب رئوي . 

بدأت أحداث الفيلم عندما خرج (باوبي) من غيبوبة عميقة استمرت ثلاثة أسابيع غير مدرك لما حدث له وما يدور حوله وما هو مكان وجوده . ما شاهدناه  ليس شخصا مستلقيا على سرير المستشفى ولكن صورة غير واضحة مع بعض الصور الظلية كانت تتحرك داخل وخارج السرير.  نحن تسائلنا : "ماذا يحدث هنا ؟ " وكذلك تسائل (باوبي) في تعليق صوتي . سرعان ما أصبحت الصورة أكثر وضوحا و فهمنا بأننا ننظر بشكل شخصي من وجهة نظر(باوبي) إلى غرفة بالمستشفى . في مجال رؤيتنا ظهر وجه رجل عرف نفسه على أنه الدكتور (مرسييه) وطرح أسئلة على (باوبي). أجابه (باوبي) لكن الطبيب لم يفهم إجاباته لأن (باوبي) لا يستطيع الكلام فقد كنا نحن نسمع صوته الداخلي فقط . في مشهد تشويقي فقد تم الكشف عن وجه المريض بشكل تدريجي . حصلنا أولا على لمحة عن وجه (باوبي) الذي انعكس في المرآة وهو يتجول في القاعة الكبرى بالمستشفى .  " يا إلهي من هذا ؟ يبدو أنني قد خرجت من وعاء من الفورمالديهايد " . كان ذلك تعليق (باوبي) عندما شاهد انعكاس صورته في المرآة . في الواقع استغرق الأمر حوالي ثلاثين دقيقة من بدء الفيلم قبل أن نتمكن من رؤية وجه (باوبي) المشوه والمجمد بوضوح . قدم مساعدو المستشفى أنفسهم الى (باوبي) وأكدوا له تفانيهم الكامل في رعايته الطبية ورفاهيته . كان من بينهم (هنريت) معالجة النطق التي ستعلمه رموز الاتصال و (ماري لوبيز) أخصائية العلاج الطبيعي الخاص به والدكتور (ليباج) جراح الأعصاب الذي سيشرف على رعايته . إلى جانب فريق العلاج في المستشفى كانت هناك أيضا (سيلين) زوجته المنفصلة عنه وأم أطفاله الثلاثة. العلاج الذي يسمح بطريقة للتواصل معه يتكون من الحروف الأبجدية وهي مرتبة بالترتيب الذي تستخدم به  الحروف في أغلب الأحيان  . بدأت (هنريت) معالجة النطق في قراءة تلك الحروف الأبجدية وكان (باوبي) يومض عينيه عندما تنطق الحرف المطلوب . بمجرد أن تبدأ الكلمة يمكن للمعالجة في كثير من الأحيان تخمين الكلمة بعد بضعة أحرف مما يوفر الوقت والجهد . بدأ العلاج بملاحظة مخيبة للآمال إلى حد ما عندما قام (باوبي) اليائس بابعاد (هنريت) و قال لها : " ذلك لن ينجح . دعيني وشأني" . غير رأيه بعد زيارة صديقه القديم (روسين) الذي كان سجينا كرهينة لمدة أربع سنوات في بيروت . وعن تجربته الخاصة  قال له (روسين) : " تشبث بالإنسان الذي بداخلك " فأجاب عليه (بوبي) : " هذا سهل قوله " . ومع ذلك  في لقائه الثاني مع (هنريت) معالجة النطق  قال لها (باوبي) : " أريد أن أموت " مما تسبب في احباطها . إن قوة شخصية (باوبي) الظاهرة قد دفعته في النهاية إلى الاعتراف بموقفه اليائس ولكن دفعته أيضا الى إدراك أنه لا يزال لديه خيال وذكريات . في استعارة جميلة شاهدنا ناقوس غوص كان يسجن المريض (باوبي) جسديا بداخله و فراشة قد خرجت من شرنقتها وارتفعت وهي ترفرف بأجنحتها بين حقول الزهور كرمز لتحرير خياله وذكرياته . كان لدى (باوبي) عقد مع الناشرة (بيتي) لكي يكتب لها النسخة الأنثوية من رواية " كونت مونتي كرستو" . وهي مدركة لحالة (باوبي) الصحية في الوقت الحالي فقد شعرت (بيتي) بالذهول عندما تلقت مكالمة هاتفية من (هنريت) أخبرتها فيها بأن (باوبي) مستعد وقادر على الوفاء بشروط عقده معها . ​​لكي ينجو من محنته دون أن يفقد عقله قرر (باوبي) كتابة مذكراته  لكي يثبت لزملائه السابقين بأنه ليس نوعا من الخضروات " متسالا :    " أي نوع من الخضروات ؟ هل جزرة أم كراث ؟ " ما زالت (بيتي) متشككة إلى حد ما فأرسلت مساعدتها (كلود) لأخذ إملاء من (باوبي) بطريقة رموز الإتصال و كتابتها . سرعان ما بدأ في الإملاء . إنها عملية بطيئة ومملة بالنسبة له حيث كان يستيقظ في الساعة الخامسة صباحا و يظل حتى الساعة الثامنة صباحا  يؤلف ويحفظ أجزاء من النص مسبقًا ليتم إملاءها لاحقا الى (كلود) لكي تكتبها . كان التقدم شاقا فقد كان يملي عليها فقط صفحة واحدة إلى صفحة ونصف من النص يوميا . طور (باوبي) علاقة وثيقة جدا مع (كلود) لدرجة تبدو و كأنها قد وقعت في حبه . فيما يلي  نرى حلقات من تخيلات (باوبي) وهي عبارة عن مزيج من الذكريات والأحلام بعضها مؤثر وبعضها كوميدي أو مثير مع بعض المشاهد الرائعة . منها على سبيل المثال المظاهر الخادعة لشخصيات مثل (نيجينسكي) أو الإمبراطورة (ايوجيني) . مشاهد رمزية مثل (باوبي) وهو جالس في كرسيه المتحرك داخل مركب معزول على الشاطئ . انهيار الأنهار الجليدية في البحر. عشاء في مطعم مأكولات بحرية شهير في باريس مع امرأة جميلة. كانت هناك ذكريات رائعة ومؤثرة عن (باوبي) وهو يمزح ويضايق والده (بابينو) البالغ من العمر 92 عاما أثناء حلاقة لحيته  . كانت (سيلين) تأتي لرؤيته كثيرا في المستشفى وتساعد بقدر ما تستطيع وتنظم له نزهة على الشاطئ مع جميع أفراد الأسرة في عيد الأب أو تقرأ له الرسائل الضخمة التي كان يتلقاها يوميا . إنتهت أحداث الفيلم بمشاهد استرجاعية لأحلام متسلسلة أظهرت المشهد الافتتاحي لفيلم " الأربعمائة ضربة " بالأبيض و الأسود لكن هذه المرة كان الفيلم ملونا حيث ظهر (باوبي) وهو يقود سيارته الجديدة عبر باريس . أسعدته رؤية أطفاله في منزل زوجته (سيلين) المنفصلة عنه . أخذ ابنه (ثيوفيل) في جولة وفي تلك الأثناء عانى من سكتة دماغية . 

 

( ناقوس الغوص والفراشة ) فيلم  درامي فرنسي  عبارة عن سيرة ذاتية تم انتاجه عام 2007  استنادا إلى مذكرات (جان دومينيك باوبي) التي كتبها عام 1997 التي تحمل الاسم نفسه وهو من إخراج (جوليان شنابل) و بطولة (ماثيو امالريك) في دور (باوبي) و (ايمانويل سيقنر) في دور (سيلين) و (آن كونسايني) في دور (كلود) و (ماري كروز) في دور (هنريت) . فاز الفيلم  بجوائز في مهرجان كان السينمائي و بجائزة قولدن قلوب و بجائزة سيزار وحصل على أربعة ترشيحات لجوائز الأوسكار . صنفه العديد من النقاد لاحقا كواحد من أفضل الأفلام في عقده . تم تصنيفه من ضمن أعظم 100 فيلم من إنتاج بي بي سي في القرن الحادي والعشرين .