المستعمر المدهش..

المستعمر المدهش.. ----------------------. الحسين مجلي.. دخول المستعمر الانجليزي للسودان أوجدت واقعا جديد، أقرب الي الدهشة والاستغراب لما قاموا به من، بناء وتعمير وتحقيق شئ من العمارة المختلفة، بادخال مواد بناء مستحدثة في بناءها الجديد

المستعمر المدهش..

المستعمر المدهش..
----------------------.
الحسين مجلي..

 

 


دخول المستعمر الانجليزي للسودان أوجدت  واقعا جديد، أقرب الي الدهشة والاستغراب  لما قاموا به من،  بناء وتعمير وتحقيق شئ من العمارة المختلفة،  بادخال مواد بناء مستحدثة  في بناءها الجديد  .وبدخول القطار وبناء محطاته بالطوب الاحمر بطراز حديث و كان مشروع الجزيرة بترعته الانسيابية ودخول الكهرباء،  والانارة والالة الحربية والطائرات كان كل هذا الامر يكاد يصل إلى  مافوق  الدهشة  للكثيرين وجعل من الخواجة (سوبرمان) في عقول السودانين المشبعة بكرامات الاولياء ،  الشئ الذي اعطي الانجليز،  فترة طويلة من الزمن  لم يثور عليهم فيها هذا الشعب نتيجة لحالة الاصابةبمتغيرات  هذا المستعمر المدهش  ، كل هذا التغير الذي حدث  جعل الجميع يتنازل عن قيمه ومعاييره الوطنية ويستلب بقيم معاير المستعمر،  ويجعلها (نمط حياة ) جديد له  ... ( مواعيد انجليزية، صناعة انجليزية)  الي اخر مايدهش به الانجليز ... وبما ان فترة حكم المهدية ارجعت للسودان حياة  عنت ومشقة كانت اقرب  الى الاستعباد وحياة القصور  والجواري ، الا انه وعند قدوم الانجليز.  انضمت هذه المجموعات إلى طوابير العاملين تحت الانجليز وكانت الحجة هى رفض ممارسات وفكر الدولة المهدية وكانوا  في الصف الاول من  الخدمة المدنية التي بناها الانجليز، واسسوا لها مدارس لتأهيل موظفين لادارة الدولة الجديدة  ، الا انهم بعد تحررهم من قيد المهدية  اسقطوا ماضيهم واحساسهم بالهزيمة الشخصية في  تعاملتهم مع الاخرين ، فانبطحوا  للمستعمر الذي حررهم  من ربق قيد دولة قهر واستعباد، فكانت الخدمة المدنية والي يومنا هذا مثال   لسلوك الافندية مشبع بتعالي علي بقية الشعب من الذين لم يجدوا حظهم في مدارس ومعاهد  المستعمر  ، الشئ الذي اتاح لهم  قيادة المجتمع بكل مايحملونه من حمولات ومركبات الدونية  ، فعظموا المستعمر وتعالوا علي الشعب و القيادات القديمة بطريقة حديثهم باللغة الانجليزية التي ادهشت المستعمر نفسه  . الي ان بدأت هذه القيادات والاسر في ادخال ابناءها الي هذه المدارس وتنازلت عن شعار ( مابخش مدرسة المبشر عندي معهد وطني العزيز ) .  وبدخول هؤلاء الأبناء بدأت مرحلة جديدة  نتج عنها  اندهاش آخر  لهؤلاء الابناء الجدد لما وصل اليه هذا المستعمر من تطور ، فوقعوا بإندهاشهم هذا في مأزق التبعية وضياع الهوية ومشوا في ذات الطريق المفخخ بالاندهاش الذي وقع فيه اوائل المستلبين بالمستعمر ومارسوا نفس التعالي علي غيرهم ووصفهم بالرعاع والقطيع والجهل الخ ، ما أحدث حالة من الانقطاع مابين جيل الاباء والابناء، ليصبح هؤلاء الأبناء الاباء الجدد المندهشين بالخواجة فقاموا بمحاكته وتقليده ووضعوا انفسهم في مكانه وساعدهم هذا الانجليزي في ذلك لمعرفته سيكولوجية  التابع والاستفادة منهم ، وذلك لمعرفتهم  بالتواصل بينهم وبين عامة الشعب  لانهم يمتلكون المعرفة، بمفاتيح المجتمع ، فاصبحوا وكلاء المستعمر لإدارة السودان ، ماجعل من المستعمر ينعم عليهم العطايا،  ويكرمهم بالنياشين الملكية بغية ان يضيف لهم شئ من ( البرستيج ) و باعتبار انهم يعينونه علي ادارة البلاد التي لم تنفك نخبتها الاولي التي اسست الخدمة المدنية تشعر بالاحساس بالدونية التي ادخلتها فيهم فترة المهدية . فبعد فترة قليلة من حكم  المهدية استطاع المستعمر استنساخ صور متعددة هنا وهناك بعضها يشبه زمن المهدي واخر صورة أخري مندغمة في تيار مجتمعي مختلف  ومن . هنا زادت رقعة المندهشين بهذا المستعمر الذي لم يحتاج الي آلة قمعية ضخمة ، وكل مافعله ادهش الناس بما عنده من آلة ميكانيكيه،  وطفرة علمية ، جعلت من يتعامل معهم يندهش وبعدها يذهب  ويتعالي علي الاخرين كون انه وجد فرصة في العمل مع هذا المستعمر . فاصبح كل من التحق بمؤسسة بناها المستعمر يحس بالزهو،  والتعالي،  ماجعل من شريحة المزارعين،  والزراعة  مواطنيين من الدرجة الثانية ، بعتبار انهم لم يكونوا في حوجة  للانضمام الي مؤسسات المستعمر نتيجة لاستقلالهم الاقتصادي وعدم ارتباطهم بالمدن .وعندما حاولوا  ان يخرجوا  من هذه الدرجة ، نتيجة لرغبتهم في المشاركة في الحكم ، تركوا الرعي والزراعة و انضم بعضهم  الي مؤسسات الدولة الإدارية ، فاستنسخ لهم المستعمر الادارات الاهلية ، ما ادي بدوره الي خلل في قيام دولة القانون فاصبحت مشكلة الحكم في السودان الي يومنا هذا عبارة عن صراع مابين النخب الريفية والمتمدنة .الشئ الذي اوصلنا الي هذا الفشل الاقتصادي والواضح الذي يعاني منه السودان الي يومنا هذا . وافرز بدوره كتلة تريد ان تكون الحامية لكل هذه الاطراف المتنازعة، الا وهي الكلية الحربية التي اسسها المستعمر وفق لما يراه وصب فيها من زوح المغامرة  التي افشلت،  الواقع السياسي . وافرزت ازداوجية المعايير،  فكان من يلتحق بمؤسسات المستعمر التعليمية او العسكرية او منظوماتها المدنية يتعامل بالتعالي وفي نفس الوقت يحس، بالنقص والدونية تجاه كاريزما  المستعمر المدهش  ... كل هذا الاحساس بالدونية ادي الي خلل في المجتمع اثر علي جيل الابناء وجعلهم  يبحثون عن الصيت والجاه في ماضي الاباء عندما  ينظرون الي صور اسلافهم  المعلقة مع مشاهير المجتمع في ذلك الزمان  وتعظيمهم بذكر ثناء  المستعمر لهم ، مازاد من التفاصيل والطقوس الحياتية في سلوكهم اليومي في كل شئ بغية الظهور واصرارهم علي ابراز وجه اختلافهم  وتميزهم الزائف عن  غيرهم من بقية الشعب ، كون ان آباءهم شركاء الانجليز المميزين بالمعرفة التي لم تضيف الي البلاد الا الفرقة والانقسام.   . وبخروج المستعمر بدأ جيل الاحفاد ونتيجة لفشل جيل الاباء، والاجداد في ادارة الدولة وافشالها وتخلفها بدأ البحث عن بديل  جديد و مستعمر بنفس مواصفات المستعمر الانجليزي ، فوجدوا ضالتهم في الهجرة والبحث عن الحياة المنظمة والراقية وبعضهم انضم الي منظمات المجتمع المدني التي تربطهم بالرجل الابيض فاصبحت المنظمات، هي التي تبث تقافة مستعمر جديد، للمفاهيم وزيادة للدخل مازاد من عددها فاصبح عددها يفوق العشرة الف منظمة تعمل في السودان في مجالات لا تخدم عجلة التنمية الشئ الذي جعل المستفيدين منها يسعون بدونية لاخذ الاعانات التي جعلت من يدهم  دنيا غير منتجة تنتظر الاعانات في بلد غني ، ماجعل من الوطن عرضة للتدخلات الدولية و دول تهدد امنه القومى  وجهات استقطاب و التي تنجح  في استقطاب، من يمدها باسرار الوطن، وبالتالى، اصبح ابناء الوطن غير  قادرين علي بناء مشروعهم الوطني الذي يمنحهم القدسية ويجعلهم دولة ذات سيادة وطنية ، فتجدهم يقدمون خدماتهم للمستعمر ، (بسبهللية  وعفوية ،) مايجعلنا في حوجة ماسة لغربلة كل المفاهيم السودانية منذ دخول المستعمر والاخذ باسباب العلم والتقنية لتطوير البلاد والعباد .
وصناعة مشروع وطني يلتف حولة كل الشعب ....