السينما في السودان. حينما توارت البهجه
السينما في السودان. حينما توارت البهجه صلاح الدين عبدالرحيم /مخرج وناقد سينمائي تداعت في خاطري متتاليات لصور نازفة تعضدد مافي الروح من قيد.. هي صور لحالنا الذي لايخفى عنا نحن السنمائيين السودانيين الذين عملوا على صون عبق الزهرة ورموا أثقال الغيوم ،هي تلك الصور والتي عرضها ببراعة وعبقرية والروائي عبد الحكيم قاسم في {أيام الإنسان
السينما السودانية ...أو حينما تورات البهجة
صلاح الدين عبدالرحيم /مخرج وناقد سينمائي
تداعت في خاطري متتاليات لصور نازفة تعضدد مافي الروح من قيد.. هي صور لحالنا الذي لايخفى عنا نحن السنمائيين السودانيين الذين عملوا على صون عبق الزهرة ورموا أثقال الغيوم ،هي تلك الصور والتي عرضها ببراعة وعبقرية والروائي عبد الحكيم قاسم في {أيام الإنسان السبعة}عالما من القداسةوالجلال يتهاوى .. أن السماء الرحيبة ذات الرواء البهي والعمق اللانهائي والقدرة المطلقة على اشاعة الأمن والمأنينة ، تسقط ويكابد البطل محنة السقوط الوحدة في مواجهة العالم الصلب الخشن المدبب المحدد الراسخ المغلق بإحكام بحسب قو الناقد/محمود عبدالوهاب فأن القرأة لقصة {رجوع الشيخ}لابد أن تكشف للقارئ كم تخلفنا عن الماضي حين فقدنا الكثير مما عرفه اجدادنا عن صور النظافة والاناقة والجمال ورهافة الذوق والاهتمام بجلال العمارة وانسجام ورهافة النقوش وتناسق الزخارف . وفي هذا العالم الضيق الخانق الشائه المترع بألوان الدمامة والقبح، تعشش الكأبة المعتمة وتنمو الغلظة وتندلع الرغبات المكبوتة عدوانية وشراسة بالغة الضراوة ، فالناس مكسورون ..شاحبون.. سملار وناحلون.. فزعون كاطيور ، صامتون ومنظرون .. نسيت قلوبهم حتى الحكايات القديمة لكن الخوف ظل ماثلا.
وحينما صرح دانتي {انتم الداخلون ، تخلوا عن كل أمل } كأنما يعني القادمين الى ردهات وحدة أفلام السودان ، حيث الكلام عن الموت مثل الحيث عن الطقس أو المطر؛ هي وحدة افلام السودان اليوم والتي اصبحت جسرا الوتى المتراصين ..هي مكان يولد الكأبة ويخنق الصرخة وينهك الانفاس.. هي هي مدينة فقدت حتى لونها وعطرها ونبضها ؛ طوال تللك السنوات المنصرمة لم تلق السينما المكان اللائق بها كأهم الفنون والفن الاكثر جدارة بالحترام وهي الفن الذي ينبض حيوية بقدار تنوع وظائفها الى الدرجة التي يقر بها {رالف ستفنسون} الى أنه {من العبث تقييد طاقتها اللامتناهية ضمن صيغة صارمة والتي تماثل تقييد الحياة فالسينما تعبير عن الحياة وشكل من اشكالها }.
طوال تلك السنوات العجاف من تاريخنا السينمائي وعلى مدار كل العهود كانت تلك النظرة المختلفة تجاه السينما ومع كل التغيرات الادارية والمؤسسية والتي طرأت على وضعيتنا لم تستقر الدولة على مل تريده من السينما هل هي صناعة ام وسيلة اعلامية أم وسيلة ثقافية ، أن تخفيف المعادلة الصعبة يحتاج الى وضوح الرؤية إذ ان لإنتاج الدولة أو الانتاج السينمائي شروط وتقاليده فالسينما تنتمي الى صيغة اقتصادية مختلفة .
فجأة كان الانقاض على وحدة أفلام السودان بقرار خاص بالتصفية والحاقها بالهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون والاستيلاء على مبانيها ، وهي سابقة لامثيل لها في كل أركان الدنيا الابع ولعلم هؤلاء المعتهون بأن السينما لاتقل عن تنقيب الذهب وبناء السدود والجامعات التي يفوق عددها ثلاث اضعاف الجامعات المصرية .
وبالمقابل فرص شارع واحد في مدينة الثورة يعادل إنتاج ثلاثة أفلام تسجيلية .
خيوط أخرى: تتشابك لنسج المسأة .. تشريعات محافظة ووهن إداري لاأنزل الله به من سلطان يعبر تماما عن ما يجري من نفعية سياسية تثير الاشمئزاز .
مزايدة بإسم الوطنية الثقافية ؛ أنه حقيقة نزيفا للجسد الموجع .. هو واحدا من اكبر الجرائم الثقافية في تاريخنا المعاصر .
والحق يقال أن الجميع لعب ادوارا في نسج هذه الجريمة.
حتى المثقفين ينظرون للسينما باحتقار والفن السينمائي عندهم كما يقول الناقد سامي السلموني وهي قناعة كاملة في اعماقهم مهما حاولوا التنصل عنها ، ي في احسن حالاتها نوع من قضاء الوقت وعند البعض نوع من المسخرة ، وصحيح ان جزء من السبب هو أنه حتى هذه الشريحة من قمة المثقفين هي نفسها جزء من تكوين شديد التلخف اي كانت ادعاته ، بدليل انهم يحرصون على متابعة افلام برجمان أو فلليني للمباهاة ومع اعتقاد وراسخ بان السينما ليست فنا جديرا بالاحترام دون ان يشغلوا انفسهم كثيرا بمحاولة تفسير هذا التناقض.
وحتى السينمائيون بافتراض انهم المحروقون بالجمرة كانوا في اود يهيمون وهمةيرون بام اعينهم اغتيال القصيد الجريح.. فلا اتحاد السينامئيين ولا منظريته السينما الذين لايعجبهم العجب ادلوا بدلولهمةوتصدو حتى بأضعف الايمان لتلك الكارثة.
وغير ذلك العاملين سابقا بادرة الانتاج السينمائي والذين تلقى الكثيرين منهم تدريبا حرفيات السينما وكانوا لن ارصيدا هاما نستند عليهم في العملية السينمائية ..تم الحاقهم بادارت التلفزيون بعد تصفية ادارة الانتاج السينمائي .. اصابهم الوجل والذعر ، وعندما يكون الحديث عن السينما يعني لهم ذلك الارتماء مرة اخرى الى ادارة الانتاج السينمائي ويعني ضياع مكتسباتهم المالية الجديدة بهيئة التلفزيون .
هزتنا الرعود والقصف العنيف فنهضنا جميعا ، مشهد صغير كبير من مشاهد الكوميديا السوداء اصابني بالارتعاش ساعتها وذلك حين تسارع المثلون ذوي الابتسامة البلهاء والتي تعلن عن زهو الخيبة وهم يقولون بلملمة الاجهزة كمن يعمل على ازالة الالغام !.
ومصاب جلل لا انزل الله به من سلطان اصابني وجعلني مثل عابدين المجنون في ام دمان ذلك الزمان .
كنت اضحك واطقطق حجر مع حجرّ! اعني حكاية الشوم التي عايشها وانا المسؤول عن ارشيف السينما بالتلفزيون قالوا المكانيكية ةالذين اصبحوا سينمائيين في زمن الكيزان يعبر عن كل شيء ام تخرج الشمس من المغرب ! قالوا لي اخرج لا نريدك واكتملت الجريمة كلهم لاقفال مخازن معدات اجهزة السينما تحت مسؤلين .!!
هي عائلة كيزانية صعبة المراس لا يمكن مصارعتها .. قال لي القانوني الضليع..
لم يعد يأتيني عيد .. كنت العق التراب والحمدلله على كومونة ديسمبر وعاشت ثورة ديسمبر التي فتحت لنا الباب الوصيد حتى نعشق الحياة اكثر من العاشقين .
هي دعوة لكل مثقفينا للالتفاف السينما في بلادنا ، لأن الرصاص الذي يخترق القلب والمحكم يالتمام والكمال باتجاه اغتيال السينما يستقر في ذاكرة التاريخ .
انه ليس وساما لخلود والمستقبل حيث ينابيع الضوء والذي كان فيه السينمائيون أول من حفر له مجرى، هو فعل يصادر افكارنا فيما بينها، ينهد حاجزا ضخم لنشاهد حينذلك سهلا قاحلا وعلى مد البصر لينصب شعرنا فوق رؤوسا ونسارع الخطى ونصيح يا مثقفي السودان .
كونوا معنا.. كونوا معنا حينما نعلن بصوت عال صيحة جارسيان في }{جحيم{{ ساتر {ها أنذا موجود ، اتذوق نفسي ، اني احس بالطعم القديم للدم والماء الحديدي وذوقي اني أحيا والحياة هي هذه ، اني اتمتع وارتوي منها بلا ظمأ.. أربعة وثلاثون عاماً وقد كبرت .. قد اشتغلت وانتظرت وبلغت ما كنت اريد.. مارسيل وباريتي والاستقلال} أن انبهارنا بالسينما هو انبهار بالحياة .. انبهار بالحرية وكما قال }{اندرية جيد} {{ أنة أشرب الشوكولاتة بالقرفة معناه انني اشرب اسبانيا .. ان كل عطر .. كل مشهد يبهرنا ويلقي بنا بعيداً خارج انفسنا.. إن إمتلاء الكينونة هو الابدية الحقة }.