نص
نص سونيا الفرجاني.. تونس الآن، في نقطة من العالم ،على ضفاف الساحل الشمالي من جزيرة في المتوسّط ،جنوب البلاد التونسية شرقا،في العام الأكثر عبثيّة في تاريخ البشريّة
نص
سونيا الفرجاني.. تونس
الآن،
في نقطة من العالم ،على ضفاف الساحل الشمالي من جزيرة في المتوسّط ،جنوب البلاد التونسية شرقا،في العام الأكثر عبثيّة في تاريخ البشريّة ،
الآن،
امرأة تثب على نهاية الأسبوع الأول من شهر ماي،محاولة أن تنقضّ على أطرافه،لتتصيّد سارق كلمات،أو سارق الوقت .
لا تشعل مصابيحك أيها اليوم الهزيل،سأبحث وحدي.
لا تقبلني على وجنتيّ محاولا فكّ شيفرات غضبي،قلّما أحتفظ بحقّي في اقتسام ميراثي معك،على أن يكون نصيبك وقت ،ونصيبي وقت،والثلث الباقي نصيب الوقت مناّ.
في هذا الزمن الكونيّ المعطوب ،تتناطر الجرذان في رأسي وعلى طاولة الساعات اللّاصقة بالحائط كخفاش مريض.
للزّمن المعلّق فوق الجدران ،طاولات وكراسي وخطط مُعدّة لتسييجنا وتدجيننا وتعطيل الحلم بفكرة النوم ليلا.
ابتلع الليل أحلامي.
الآن ،أفكّك أرقام الدوائر وعقاربها المسمومة وأفتكّ وقتي ،أو يخيّل لي أني أفعل.
أحاول غرس هذه التفاصيل الحديديّة في ثقب كبير ،داخل المرتبة الإسفنجيّة .
الحفرة التي أحدثها المقصّ الصّدئ ليست عميقة ،والساعة المجاورة تتابع حركتي أو تراقبها ،مباعدة بين أرقامها .تتلصّص في حذر فاشل.
لقد انتبهتُ.
لن أغيّر مجرى حركتي،وإن وشت بي إلى كل ساعات البيت وساعات الجيران وساعات العالم،لن أغيّر مجرى الهدم.
رياح خاوية تضرب النخيل السيّئ السّمعة ببني باندو.
أضواء المطار الخالي ،تصل إلى النّافذة محاولة معي هدر الوقت..
لكني لست متماسكة ،أحاول أن أنظّف العقارب وأغيّر شكلها بلطخة حبر .
يسيح الحبر على ساقي كما ساح التوت على ساق الطاولة في قصيدة قديمة كتبتها.
يسيح الحبر أيضا على زجاج النافذة.
لا أعرف كيف تناثر الحبر على النافذة.
الأرض مجعّدة في هذا الليل،
مثل جلد شيخ في فيلم وثائقيّ حول شيركا وأرغون منبعا نهر آمور بين الصين وروسيا ومنغوليا.
قيل:"هناك في سهول منغوليا ،أراضي عشبيّة غير منتهية."
الأرض مجعّدة في هذا الليل،
كثغر قزم يركض في "أرض السماوات الكبيرة".
الأرض في هذا الليل بطُأت،
ويبطئ قطيع الأرقام، والعقارب،وقطيع الناس الذين يتبعونهم منذ ملايين الأعوام.
يبطئون،
يبطئون،
ماالذي يبطئ كلّ هذا الغبار وهذا الغاز؟
أجنّة تتحرّك في مخبئ معتم ،
رقم كبير عملاق يتقلّص ويتضخّم أمام نافذتي،
سأكتب أمام شباّكي بدل أمام نافذتي،ثمة فرق شاسع بين نافذة وشبّاك.
تمتدّ يدي كنسيج محكم،
لن أستعمل التشبيه،المعنى كامل والحكمة في صوت النول.
تمتد يدي نسيجا محكما،يرتطم فيرجع لي الصّدى.
الزّمن موجة بدائيّة ،تطوّقها العوالق والخنادق،
و..،،.
تمزّق الوقت .لابدّ لي من إيقاف هذا النص.