كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر(3)

كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير  خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر(3)

كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير

خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر(3)

الاحوال..

"الاحوال هي المواهب الفائضة عن ربه ،إما واردة عليه ميراثا للعمل الصالح المزكي للنفس المصفي للقلب ،وإما نازلة من الحق إمتنانا محضا .وإنما سميت أحوالا لتحول العبد بها من الرسوم الخلقية ودركات البعد الي الصفات الخلقية ودرجات القرب وذلك هو معنى الترقي-إصطلاحات الصوفية للشيخ كمال الدين عبدالرزاق القاشاني من صوفية القرن الثامن الهجري-ص27"

احوال دراويش.

يقول الدكتور حسن حنفي في كتابه"من الفناء الي البقاء-الجزء الاول-الوعي الموضوعي-"وبعنوان فرعي"الشطحات : ومن علامات التحول من المرحلة الخلقية الي المرحلة النفسية الشطحات والشطحة عبارة تعني بظاهرها غير ماتوحي بباطنها ،ظاهرها مخالف للفقه وباطنها متفق مع التجربة الروحية ،وهي ايضا من علامات التحول من المرحلة النفسية الي المرحلة الفلسفية نظرا لما تتضمنه من معاني وتصورات مركزة وحادة حول الله والانسان والعالم قبل ان تتحول الي خطاب فلسفي برهاني عند السهروردي وابن عربي وابن سبعين والشطح كلام يبدو ظاهره شنيعا ولكن باطنه صحيحا مستقيما-هي عبارة مستغربة في التعبير من وجد فياض هاج بشدة وغلبه هياجه .يعني لغويا الحركة مقابل الكلام الذي يتفق ظاهره مع باطنه الساكن والحركة ليست في الكلام بل في النفس والذهن والعقل والروح والقلب والفؤاد الحركة في الداخل ولبست في الخارج ،وهو معنى عبارة النفري الشهيرة"إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة -ولاتاتي الشناعة من الشطح بل من اهل الظاهر  واعداء الصوفية والاولياء غيرة منهم وحسدا لهم وتقربا الي السلطان ودفاعا عن مناصبهم المزورة كما وصف الكندي"رجال الدين" الذين يعادون الفلسفة واقل مايوجد لاهل الكمال الشطح لأنه تمكن من المعنى يقع في البداية من اجل الوصول الي الكمال في النهاية فتكون بدايته نهاية الارادات وتعني بداية الغايات والكمال والنهايات -الشطحات القصيرة تهتم بالتجربة المباشرة والشطحات الطويلة تعتمد على الاستدلال-كتاب من الفناء الي البقاء -الجزء الاول-ص80- الطبعة الاولى حزيران /يونيو/2009م-دار المدار الاسلامي".

المرحلة ..

يقول الدكتور حسن حنفي في كتابه (-من الفناء الي البقاء-الجزء الاول-الوعي الموضوعي"والمرحلة الثورية الخامسة لها جذرها عند الحلاج وإشتراكه في ثورة القرامطة ونجم الدين كبري في حروبه ضد التتار في الشام ،وفي المرحلة الطرقية عند المهدية في السودان في نضالها ضد الاستعمار البريطاني والسنوسية في صراعها ضد الاستعمار في ليبيا وعند محمد إقبال في نهضة الامة في نضالها ضد الاستعمار في الخارج والتخلف في الداخل ولايوجد صوفي في المرحلة النفسية او في المرحلة الميتافيزقية إلا ولديه تحليلات نفسية مثل المحبة عند رابعة والخوف عند الحسن البصري والمحبة عند إبن الفارض وإبن عربي،ولايوجد صوفي المرحلة الأخلاقية او المرحلة النفسية إلا ولديه بعض الجوانب النفسية مثل نظريات الحلول والاتحاد والحقيقة المحمدية في المرحلة النفسية والغزالي نفسه يجمع بين كل المراحل الأخلاقية والنفسية والميتافيزيقية ،والمرحلة الرابعة المرحلة الطرقية مرتبطة بكبار الصوفية السابقين الاكبرية لمحي الدين بن عربي(ت.638) والمولوية لجلال الدين الرومي(ت.673) والجيلانية لعبدالقادر الجيلاني(ت.561)والرفاعية  لاحمد الرفاعي(ت.678)

وفي كتابه(التصوف بين الدروسة والتثوير) ياخذ الاستاذ عبدالله الشيخ من كل بستان زهرة ويعطيها عنوانا فرعيا وفي داخل هذا العنوان ،يقوم بتأويل ماقرأ من كتب تصوف او تاريخ متصوفة السودان ولكنه احيانا يعكس ماقرأ على طريقة(انقليزي ده يامرسي) فإذا كان الدكتور حسن حنفي ،يرى في المرحلة الطرقية ان الدولة المهدية قد دخلت المرحلة الثورية الخامسة لانها حاربت الاستعمار البريطاني فإن معكوس الاستاذ عبدالله الشيخ (إذا كان الصوفبة الاوائل قد فضحوا قصور مذهب الفقه فإن الامام المهدي قد ازاح المذاهب واتهمها عن تلبية حاجيات عصره ) ورؤية دكتور حسن حنفي واضحة إذ تجاوز عن المهدية في فكرها  وتجاوز ايضا رأي صوفية عصر المهدي في المهدية ووصعها في المرحلة الصوفية الثورية الخامسة لانها حاربت الاستعمار وليس لإبطالها للمذاهب الفقهية..وتحت عنوان فرعي( غايات التصوف) يقول الاستاذ عبدالله الشيخ "ترتبط الغاية الصوفية بالظرف التاريخي وبين المتصوفة من يقف عند القيم التربوية مهتما بالسلوك والتهذيب وإلتزام الفصيلة وهناك من يتجاوز غالبا عن الظرف التاريخي فيتحدث عن الغيب وعن المعرفة بالله ،يلتقي السالكين في ان الغاية هي إصلاح الحياة والترقي بالمعرفة -يترقى السالك بالمعرفة حتى يعرف نفسه فيعرف الله..قال الاستاذ محمود محمد طه عن تجربته الصوفية(أما انا فقد بدأت بالجانب التطبيقي في العبادة بأحياء السنة قولا وعملا وسلوكا ،منتظرا موعود الله حيث قال واتقوا الله ويعلمكم الله ،فلما جرى على لساني وقلمي ومسيرتي واعلمني الله من حقائق دينه ظنه الناس لبس من الاسلام وماعلموا

ما اقوله وأسلكه هو الإسلام عائدا من جديد وان الغرابة في هذا القول إنما هي لازمة من لوازم البعث الإسلامي -التصوف بين الدروشة والتثوير-ص44-45"

ويقول الدكتور حسن حنفي "وهو علم ذوقي يعتمد على التجربة والمشاهدة العيانية وليس علما نظريا استدلاليا كما هي الحال في علم اصول الفقه -الصوفية ءهل ذوق في مقابل المتكلمين والحكماء والاصوليين اهل النظر ويتجلى الذوق في الحدس المباشر في الكشف والمكاشفة في العلم اللدني الذي يقذفه الله في القلب بلاتعب او نصب ؛وهو علم باطني يذهب الي ماوراء الظاهر-الظاهر مجرد علامات او إشارات على معاني باطنية--من الفناء الي البقاء-الجزء الاول"

تقسيم المرحلة..

تناول الدكتور حسن حنفي مراحل التصوف مع نمذجة واسماء صوفية ارتبطت بالمرحلة النفسية والاخلاقية والطرقية الثورية،هذه النماذج تجدها في كتاب الاستاذ عبدالله الشيخ تحت لافتات فرعية تدل على الذكاء والاستيعاب حيث نقرا تحت عنوان فرعي( تصوف  الحلاج)"استقبل الحلاج مصيره بشجاعة داعيا الله عند الصلب ان يغفر لقاتليه(هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصبا لدينك وقربا إليك فأغفر لهم ولوكشفت ماكشفت لي لمافعلوا مافعلوا)والحلاج نموذج في التصوف قابل للتكرار،ولامناص لكل سالك ان يتغشى طريقه .يقول الإمام الجنيد(لايبلغ رجل درجة الحقيقة حتى يشهد له الف صديق بأنه زنديق ولابد لكل سالك ان يقع فيما وقع فيه الحلاج ولكن الله يحفظ من يشاء)هذه الغرابة لاعبرة فيها لمن يبتغي الكمال ،هكذا قال عنها الاستاذ محمود محمد طه والغرابة في حد ذاتها تقارب بين التجربتين مع الفارق بين اوان الحلاج الذي اشعره بين غفو وصحو ،بينما جسد قطاع من الجمهوريين حياة الفكر وحياة وحياة الشعور في القرن العشرين الذي اقلق دعاة الهوس الديني.ومثلما طلب الحلاج الغفران لقاتليه وقف الاستاذ محمود باسما عند حبل المشنقة--كتاب التصوف بين الدروشة والتثوبر-ص50-51" وبعيدا عن وصف الكتاب بالسياسة وتسوله وتوسله لإلصاق الفكرة الجمهورية بنماذج غير قابلة للتكرار في صفحة التصوف إلا ان المقارنة التي وضعها الاستاذ عبدالله الشيخ بين الحلاج والاستاذ محمود محمد طه تحتاج قراءة اخرى منفصلة،ولكن الغرابة كل الغرابة في المقارنة بين الحلاج و(قطاع كبير من الجمهوريين )ويقول عبدالله الشيخ (مع الفارق بين اوان الحلاج الذي اشعره بين غفو وصحو،بينما جسد قطاع من الجمهوريين حياة الفكر وحياة الشعور في القرن العشرين الذي اقلق دعاة الهوس الديني) والغرابة الاخرى تتمثل في لحظة طلب الحلاج الغفران لقاتليه ووقوف الاستاذ محمود باسما عند حبل المشنقة،وبلاشل هنا تفوق الحلاج على الاستاذ محمود بطلبه الغفران لقاتليه في مقابل ابتسام الاستاذ امام المشنقة ولكن بكل تأكيد خسر الحلاج الشهيد امام (قطاع من الجمهوريين جسد حياة الفكر وحياة الشعور في القرن العشرين الأمر الذي اقلق دعاة الهوس الديني).وقديما قيل (الكثرة تغلب الشجاعة).  وتحت عنوان (تصوف ابن عربي) يقول صاحب كتاب (التصوف بين الدروشة والتثوير"كان الإمام المهدي من ابرز المتأثرين بفلسفة إبن عربي حيث اراد ان تخرج سيرته وفق تصور إبن عربي لتصحيح العقيدة بأن جعل الدين هما وحلا" ولا ادرى من اين للاستاذ عبدالله الشيخ الزعم بأن الامام محمداحمد المهدي(اراد ان تخرج سيرته وفق إبن عربي لتصحيح العقيدة بان جعل الدين هما وحلا)  والهم في اللغة:القلق،ومنه(طائفة قد اهمتهم انفسهم)-فقهية..والهم:بالفتح والتشديد.مصدر(هم)جمع (هموم):مايرد على الفكر ويستقر في النفس دون ان تطمئن إليه ومنه(لقد همت به وهم بها لولا ان راى برهان ربه)-فقهية.

الهم(اسم)صوت دبيب خشاش الارض.

الحل:حل العقدة حلا فكها

حل المشكلة:وجد لها مخرجا

حل الشئ:حل حلالا ،صار مباحا فهو حل وحلال..والسؤال ماهو الهم والحل الذي اراد المهدي ان تخرج سيرته وفق ابن عربي(لتصحيح العقيدة) فأخرج الانجلير سيرته على يد سلاطين وابراهيم فوزي وابدلوا بالفتوحات المكية بكتاب السيف والنار وفصوص الحكم بكتاب السودان بين يدي غردون وكتشنر.

الدروشة ..

يقول الدكاترة زكي مبارك في كتابه (التصوف الإسلامي في الادب والاخلاق)"كنت اقول مع الغزالي(التصوف امر باطني لايطلع عليه ،ولايمكن ضبط الحكم بحقيقته،بل بأمور ظاهرة ،يعول عليها اهل العرف في إطلاق إسم الصوفي .والضابط الكلي ،ان كل من هو بصفة ،إذا نزل في خانقاه الصوفية،لم يكن نزوله فيها واختلاطه بهم منكرا عندهم ،فهو داخل غمارهم .والتفصيل ان يلاحظ فيه خمس صفات :الصلاح،والفقر،وزي الصوفية،وان لايكون مشتغلا بحرفة ،وان يكون مخالطا لهم بطريق المساكنة)"-ثم تبينت ان هذا التعريف يقفني عند شخصية "الدرويش" ولكن من الخطأ ان تكون كل شئ في التصوف لأنها شخصية ضعيفة قليلة الأثر في الادب والاخلاق،على ان الغزالي نفسه لم يجعلها محور التصوف ،بل نص على ان التصوف امر باطني لايطلع عليه ولايمكن ضبط الحكم بحقيقته ،فهو يتصور أن للتصوف حقيقة غير التي درج عليها اهل العرف والاصطلاح-- التصوف الاسلامي في الادب والأخلاق-دكتور زكي مبارك -نسخة العام1937-طبعة العام2009-مكتبة دار الكتب والوثائق القومية القاهرة"-نفتح في الحلقات القادمة باب الفصل الرابع تاريخية التراث،والفصل الخامس التصوف والسياسة من كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير للكاتب الصحفي عبدالله الشيخ.

نواصل..