كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر (4) *عامر محمد احمد حسين.

كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير  خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر (4)  *عامر محمد احمد حسين.

كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير

خطاب السياسة في ميزان الناقد الآخر (4)

*عامر محمد احمد حسين.

وعنوان الفصل الرابع في كتاب( التصوف بين الدروشة والتثوير ) جاء تحت عنوان تاريخية التراث- وفي العنوان مرآة مضللة إذ ان الكاتب كما سنرى لم يغوص في التراث الصوفي السوداني وقراءته فكريا بادوات حديثة ،ويصل من خلال هذه القراءة الي مربع الدروشة ومربع التثوير والوثوب الي المربع الجديد الذي يحمل لواء التجديد فيه مفكرا ناصع الحجة ولكن يبدو ان المثل السوداني الشائع(الغرض بونس سيدو)اي ان صاحب الحاجة لايخرج عن حاجته وان كان يكتب عن التراث وتاريخيته.

وجاء في معجم المعاني:تاريخي(اسم منسوب الي تاريخ

-دراسة تاريخية:دراسة اساسها ومحورها التاريخ..

-المادية التاريخية:نظرية ماركسية تعتبر الاوضاع المادية الاقتصادية هي الاساس الذي تنشأ عليه الاوضاع والافكار الاجتماعية.

-خطاب تاريخي:يستحق التدوين ليحفظ في ذاكرة الناس.

التراث:ترك تراثا هائلا:إرثا..تراث الأمة :ماله قيمة باقية من عادات وآداب وفنون وينتقل من جيل الي جيل ،التراث الانساني،التراث الاسلامي ،التراث الادبي..علم تحقيق التراث :علم يبحث فيما تركه السلف..ويقول عبدالله الشيخ تحت عنوان (تاريخية التراث)"إتخذ الصوفية من وسائط التراث المحلي ادوات لنشر العقيدة ،ومع تبسيط مبادئ الدين وثقافته في قالب شعري ،اعتمد المادحون الإيقاع والتنغبم المحلي ليسهل تلقين تلك المبادئ وتشافهها ولتحبيب العامة في الطريقة التي سايرت عاداتهم ومعتقداتهم واوهامهم-التصوف بين الدروشة والتثوير-ص96"  هذه قراءة مبتسرة وغير دقيقة وتعوزها العلمية وتكاد تصل الي شتيمة رواد التصوف السوداني في خداعهم لمجموع المتصوفة ووصفهم عند صاحب الكتاب هو(العامة)  والناظر الي التصوف السوداني يجد انه ارتبط بالاوراد والاشعار وحلقات الذكر الجماعي والفردي واستوعب في مراحله المختلفة وتطوره على مدى القرون كل الثقافة واضاف اليها التربية الروحية في اعلى درجات الوصل والتواصل مع الواقع وهذا ولازال حاله واحواله في المغرب ومصر وبغداد والسودان لاينقص من هذا الحراك بل ان التأثير تجده اكثر في السودان ومحيطه المتصل وجدانيا وجغرافيا من اقاصي المغرب العربي الي آخر محطة في ارض الكنانة مصر ويتجاوز الي آسيا ودولها الي آخر بقعة من بقاع التصوف وكذلك اوروبا والامريكتين ونحن في قلب هذه الخارطة تجد هذه البينات والتبابينات وآليات تبيين بان التصوف يستوعب الانسان وثقافاته ويقينه ولايتصور القارئ بان يصل الأمر بالكاتب عبدالله الشيخ بان المتصوفة الاوائل ومن بيدهم الرآيات اليوم يخادعون العامة من الناس (تحبيب العامة في الطريقة  ومسايرة عاداتهم وتقاليدهم و(اوهامهم)او كما قال.

إندفع الكاتب عبدالله الشيخ إندفاعا شديدا وهو يأخذ من ألتاريخ القديم والحديث ومن حوادث ومقولات المتصوفة ويعتسف كل الاعتساف في التأويل ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين كل الأشتات حتى يصل القارئ الي يقين بصحة عنوان الكتابة (التصوف بين الدروشة والتثوير) .وكان هذا البحث الطويل لإثبات صحة ما ارتكز عليه هو بوابة فشل الفكرة وضياع المنهج وبالتالي لم يستطع غير إثبات الدعائية السياسية الفجة التي تتسور جدار التصوف وترفض إتهامها بالتسييس ،وتتوسل بمفردة الدروشة الوصول الي محطة التثوير حيث مخاطبة ماتظنه من (التاريخ الظني) مفتاحها لإبتلاع كل المتصوفة لأنهم في تدروشهم قد خرجوا من تصوفهم ويجب إعادتهم لبيت طاعة جديد، يشمل الكثير من القطاعات الناشطة في الساحة العامة ،مع الرهان الكبير لدعم يستثمر في التصوف للحوق بتيارات حداثوية استيقظت من سبات وتحتاج الي يقين ثبات يقيها شر الوقوع في براثن الدروشة والتطرف،بأعتبار ان التثوير في فقه الصوفية يرتبط بالحياة العامة ،وازمات الانسان وان اول تحول كبير يبدا بأتهام التصوف بالدروشة وان اول الباب لدخول بيت الحداثة ومابعد الحداثة ،قيادة ثورة ثقافية لاتصطحب راهن التصوف ولاماضيه ،ولكنه وضعه في مرحلة التأزيم تمهيدا للانقضاض السياسي ،ورسم معالم مرحلة جديدة للتصوف، تقوم الركائز على إبعاد الفكر الصوفي كله، ووضعه في سلة تتحكم به، وبه تحكم...

خنق التراث..

وفي الفصل الرابع وتحت عنوان(الكرامة شاهد ابديولوجي)"إنكار الخوارق من قبل الماديين

 

والسلفيين يأتي في سياق شك المادية في الميتافيزيقيا ،إما إعتدادا بالنص او بالقانون الطبيعي الذي إكتشفه العقل وقد إتجه بعض المثقفين الي رد الكرامة للاسطورة--وقد اشار الكاتب الشيخ في الهامش الي كتاب الدكتور سيد القمني (النبي ابراهيم والتاريخ المجهول) ولا ادرى ماعلاقة ماكتبه الدكتور سيد القمني والكرامة عند المتصوفة،اذا كان وصفها بالاسطورة او الخروج من الدين؟؟ ويضيف عبدالله الشيخ"لكن الكرامة الي جانب بعدها الديني الايماني هي واقع ثقافي لايصعب على المتدين تقبله مثل مايؤمن به من نوم لاهل الكهف وحياة لذي النون داخل الحوت وقيام عزيز من الاموات بعد مائة عام والبراق وانشقاق القمر ويضيف عبدالله الشيخ-هناك ضرورة الي تحليل مضامين الخوارق وكشف المثالي والمادي فيها  وإلا شك كل مؤمن اوشاك ستطيب نفسه ان تمكن من تفسير الحكمة الإلهية من إهلاك شعب مقابل ناقة تلدها صخرة؛-وفي هذه الفقرة وعلى الهامش إشارة الي (الكرامة حجاب للولي في مقام النفس المطمئنة -انظر الشيخ  محمد الكسنزاني،التصوف ص111--كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير-ص-103"  والسؤال ايضا ماهي الصلة الواجب الوقوف فيها بين الكرامة عند المتصوفة ومامعلوم من قصص قرآنية معروفة ولاعلاقة لها بكرامات المتصوفة ولكن إذا كان الكاتب يربط الكرامة بوصف الدكتور سيد القمني والحديث عن النبي ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام والاسطورة ومن بعد ذلك هل يريد الكاتب ان يثبت كل هذه القصص القرآنية  ومن بعد ذلك يكتب في زمرة المثقفين ويدعو الي مدرسته الثائرة ضد التصوف المؤمن بقصة سبدنا ابراهيم والبراق او ما اسماه من اقتبس منه (إهلاك شعب مقابل ناقة تلدها ضخرة)" يقول الدكتور حسن حنفي في كتابه (من الفناء الي البقاء "والشطحات نوعان شطحات أقوال وشطحات افعال ،شطحات الأقوال هي الاقوال التي يدل ظاهرها على غير باطنها ظاهرها كفر صراح وباطنها إيمان عميق بالتوحيد بين الخالق والمخلوق وشطحات الأفعال هي كرامات الاولياء ،الافعال الخارقة للعادة والتي تبدو كالمعجزات وقد تعبر الشطحة عن التسليم بالأمر الواقع مثل ضرب اللصوص على ابواب السلاطين-ويضيف دكتور حنفي -ولايحتاج الشطح إلي إثبات من حكاية موسى والخضر إذ تثبت الحكاية فقط الفرق بين الظاهر والباطن في الافعال وليس الشطح في الاقوال ،كما لايحتاج الي ادلة من الكتاب والسنة على وجوده إلا على سبيل الحجاج ضد الخصوم ،ورد الحجة بالحجة ممايوقع في ضرب الكتاب بعضه بالبعض ولايحتاج كذلك الي الإعتماد على اقوال الصحابة والتابعين  والآثار المنقولة عنهم لأن الخصوم يختارون وينقلون آثارا اخرى مضادة وفي التاريخ رصيد كامل لكل الإتجاهات--من الفناء الي البقاء-الجزء الاول..طبعة2009م"..ومن الواضح ان الاستاذ عبدالله الشيخ يسعى الي إثبات موقعه بين المثقفين والمثال الدكتور سيد القمني (النبي ابراهيم والتاريخ المجهول) ويحوم في حمى الدكتور حنفي ولايترك من شوارده شاردة ومن وارده قراءة للتصوف يرد بها باطن الفناء الي يقين البقاء وإن كنت في كتاب الاستاذ عبدالله الشيخ لم اجد هامشا يشير الي مركز الدكتور حنفي في المقارنة بين المنهج العلمي وتلفيقية سياسية عنوانها الاول التصوف والثاني الدروشة والثالث البحث عن المفقود لقيادة المتصوفة (التثوير) الي فهم تصوفهم على ضوء عبدالله الشيخ الثائر ضد التصوف لصالح مجموعة سياسية لها الراي ضد التصوف وفي عقيدتهم إسلام عامة لاتفهم ماتؤمن به ، هكذا دون مواربة ، والإدعاء بالانتماء إليه ولاتكتفي بذلك بل تسعى لحشر التصوف الواسع الرؤية في رؤيتها .

الثورة المهدية ورؤية جديدة لعبد الله..

يقول عبد الله الشيخ في مفال بعنوان(  هوية السودان..بين ثقافتين)"ثم جاءت المهدية ثورة متطرفة -حتى لانقول ردة فعل -تتعمد عزل السودان عن فجر الراسمالية،وتسوق لرؤى سلفية تطلب التقدم بالنكوص إلي الوراء ،وإرجاع الموارد إلي القمقم ولقد إرتبط السودان بمشروع الحداثة الاوروبي منذ بداية القرن العشرين ،وكان الولوج الحتمي إلي عصر الرأسمالية مع مجئ اللورد كتشنر الذي دخل الخرطوم غازيا واقام دولة حديثة على انقاض دولة المهدية --مجلة الإهرام العربي-عدد خاص-السودان يتكلم- العدد1259---10/يوليو/2021م)..والجديد في مقولات عبد الله الشيخ الثورية التجديدية...1/ المهدية ثورة متطرفة وردة فعل تعمدت عزل السودان عن فجر الرأسمالية--2/ التسويق لرؤية سلفية تطلب التقدم بالنكوص الي الوراء..3/وارجاع موارد السودان إلي القمقم وهو المرتبط بمشروع الحداثة الاوروبية منذ بداية القرن العشرين(ملحوظة:الثورة المهدية كانت في ثمانينيات القرن التاسع عشر وسقطت بمقتل الخليفة عبدالله التعايشي في ام دبيكرات1898م)..4/ الولوج الحتمي الي عصر الرأسمالية مع مجئ اللورد كتشنر الذي دخل الخرطوم غازيا واقام دولة حديثة على انقاض دولة المهدية""..وفي كتاب التصوف بين الدروشة والتثوير نقرا"وكان رائد التجديد في القرن التاسع عشر هو الإمام المهدي-- ص.25- الطبعة الثالثة"..

نواصل..