قصة قصيدة  بقلم : زين العابدين الحجّاز

قصة قصيدة     بقلم : زين العابدين الحجّاز

قصة قصيدة 

 

بقلم : زين العابدين الحجّاز  

 

(منطق الطير    Speech of the Birds   The) 

 

 

 

تدور قصة القصيدة حول مجموعة من الطيور سافروا  في رحلة للعثور على ملكهم المثالي سيمورغ العظيم  الطائر الخرافي الذي يسكن في جبل قاف وهو جبل أسطوري يلتف حول الأرض . في النهاية وصلت الطيور إلى بلاط  سيمورغ العظيم وتحقق التنوير لكن سيمورغ العظيم لم يكن الطائر الذي توقعوا العثور عليه .  

 

بدأت القصة بمؤتمر تجمعت فيه طيور العالم في قمة جبل لمناقشة موضوع البحث عن ملك لهم فلجأوا إلى طائرالهدهد الحكيم للحصول على التوجيه . أخبرهم الهدهد بأنه يجب عليهم الاعتراف بطائرالسيمورغ العظيم كملك لهم  لكن الرحلة إلى بلاطه طويلة ومحفوفة بالمخاطر  ومليئة بالتجارب والاختبارات . في البداية كانت الطيور متحمسة للشروع في ذلك المسعى  لكنها بدأت في اختلاق الأعذار لإلغاء الرحلة عندما أدركت صعوبة المهمة . إعتذر البلبل بأنه مشغول بحب الوردة النضيرة واعتذرت الببغاء بأن جمالها جعلها للأقفاص أسيرة وأعتذر الطاؤوس بإدعاء الخجل والتواضع لاقتران اسمه بقصة إخراج آدم و حواء من الجنّة واعتذرت البطة بعدم استطاعتها البعد عن الماء واعتذرت الحجلة بأنها لا تستطيع البعد عن الجبال والأودية واعتذرت البجعة بعدم استطاعتها مغادرة البحيرات الصافية واعتذرت البومة بعدم استطاعتها مغادرة الأماكن الخربة التي اعتادت أن ترتادها واعتذر  الصقر بأنه لا يستطيع أن يترك مكانه الممتاز علي أكف الملوك. ‌ أخذ الهدهد الحكيم يجيب عليهم واحداً واحداً و يضرب لهم أمثالا و يحكي لهم  حكايات وقصص للتدليل علي آرائه وأفكاره للتغلب على ترددهم و مخاوفهم . الطيور تبنت الهدهد رسميا كزعيم لها فوصف لهم الهدهد الوديان السبعة التي يجب أن يعبروها للوصول إلى  سيمروغ العظيم . الوديان هي وادي السعي و وادي الحب و وادي البصيرة  و وادي التجرد و وادي الوحدة و وادي الحيرة و أخيراً وادي الفقر والعدم .  شعر العديد من الطيور بالأسى من كلمات الهدهد وبعضها مات من الخوف ولكن على الرغم من مخاوفها بدأت الطيور رحلتها . في وادي السعي وجب على الطيور المسافرة التخلي عن كل عقيدة لفتح عقولهم أمام الاحتمالات . إستمروا الى وادي الحب حيث وجب عليهم التخلي عن العقل واحتضان الحب العاطفي بقلب ممتلئ . من هناك وصلوا إلى وادي البصيرة  حيث وجب على الطيور قبول عدم جدوى المعرفة الدنيوية وفتح عقولهم على طريقة جديدة في التفكير . في الوادي الرابع وهو وادي التجرد وجب عليهم التخلي عن كل الرغبات والإرتباطات الدنيوية ووجب أن تتلاشى لديهم افتراضات طبيعة الواقع .  في وادي الوحدة طلب من الطيور أن تدرك أن كل شيء متصل وأن القوة الإلهية للحبيب تتجاوز كل شيء معروف. واصلوا السفر إلى وادي الحيرة حيث شعرت الطيور بالحيرة والرهبة من الحبيب مما سمح لهم بإدراك أن كل ما كانوا يعرفونه قبل هذه النقطة لا معنى له . أخيرا و في وادي الفقر والعدم اختفت الذات في الكون ولم يعد المسافرون محصورين بالزمن الخطي وبدلاً من ذلك فقد أصبحوا فهم موجودين في كل من الماضي والمستقبل . مات العديد من الطيور على طول الرحلة وفي النهاية لم يتبق سوى ثلاثين طائرا . بعدها وجههم الهدهد إلى بحيرة حيث شاهدوا  سيمروغ العظيم في انعكاسات أشكالهم الخاصة على ماء البحيرة . كان سيمورغ العظيم والقيادة الإلهية التي كانوا يبحثون عنها بداخلهم طوال الوقت كما يدل عليها اسم سيمورغ  حيث تعني (سي) ثلاثين و (مورغ) تعني  طائر . 

 

 (منطق الطير) أو (مؤتمر الطيور) قصيدة ملحمية للشاعر الفارسي (فريد الدين عَطّار) تم نشرها لأول مرة عام 1077 م وتتألف من أكثر من 4500 سطر و تُعتبر على نطاق واسع تحفة من الأدب الفارسي  .العنوان مأخوذ مباشرة من القرءان الكريم في سورة النمل الآية 16 : " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَاَ لهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ " – صدق الله العظيم . الموضوع الأساسي للقصيدة هو الصوفية وهي طريقة عبادة اسلامية . يسعى ممارسو الصوفية المسلمون إلى إيجاد حقيقة الحب الإلهي والمعرفة من خلال التجربة الشخصية المباشرة مع الله .  الهدهد المعروف بأنه الطائر الأكثر حكمة واستنارة قاد مجموعة طيور في رحلة عبر وديان سبعة لمقابلة ملكهم  . العلاقة بين الهدهد والطيور الأخرى هي قصة رمزية موسعة لتوجيهات شيخ صوفي لتلاميذه المتدينين على طول طريق التنوير. وبالمثل  فإن العقبات التي واجهتها الطيور في رحلتها عبر الوديان السبعة تصف بشكل مجازي المراحل التي واجهتها الصوفية و هي تسلك الطريق الحقيقي الى الله . في اختلاق الأعذار التي اختلقتها الطيور لإلغاء الرحلة  ترمز إلي الأعذار التي يبديها الآدميون عندما يقعدون عن التماس عالم الروح ويعجزون عن المضي فيه . يعتمد اسم القصيدة  بطريقة ما على كلمة (سيمرغ) اسم الطائر الخرافي في الأساطير الإيرانية المتوافق مع الكلمة الفارسية (سي مورغ)  والتي تعني " ثلاثين طائرًا ". تتميز القصيدة بعدد كبير من القصص التعليمية القصيرة المنسوجة في القصة الرئيسية برمزية عميقة . كل طائر يجسد خطيئة بشرية فالعندليب على سبيل المثال يجسد المشاعر العاطفية و الببغاء يجسد البحث عن ينبوع الخلود بدلا من البحث عن معرفة الله و الطاؤوس يجسد عبادة الشيطان . الوديان السبعة التي يجب على الطيور عبورها مرتبطة بالحواس السبع التي يجب على الإنسان  وفقا لتعاليم الصوفيين التغلب عليها لفهم طبيعة الله الحقيقية. ترتبط نهاية القصيدة أيضا بالتعاليم الصوفية فوفقا للتصوف لا يوجد الله في شكل مادة خارجية منفصلة عن الكون بل ينعكس في كل ما هو موجود . 

 

عن الكاتب : 

 

(فريد الدين عَطّار)  شاعر فارسي ومسلم متصوف ويُعتبر أحد أعظم الشعراء والمفكرين الصوفيين المسلمين . عرف بغزارة الإنتاج وقد تركت أعماله أثراً ملحوظاً في الأدب الفارسي و في الآداب الإسلامية الأخرى أيضاً .هو محمد بن إبراهيم بن مصطفى بن شعبان أبو حامد ولد في نيسابور  وكان أبوه عَطّاراً (طبيباً) وأخذ التصوف عن الشيخ نجم الدين الكبري  . حياة و موت (فريد الدين عطار) كانت عرضة للتكهنات فقيل بأنه قد مات ميتة عنيفة عندما كان عمره سبعين عاما في المجزرة التي ارتكبها جنكيزخان و جيشه المغولي في نيسابور عام 1221 م .