المخرج السوداني  سعيد حامد 

المخرج السوداني  سعيد حامد  من نحت الصخر إلي المساهمة في تغيير السينما العربية  ابراهيم علي ابراهيم إبان تعرضه لحادث مروري في هولندا أثناء تصويرة فيلم همام في أمستردام بطولة الممثل الكوميدي محمد هنيدي , قمنا برفقة الزميل والصديق الراحل زين العابدين احمد محمد بزيارة المخرج السينمائي - السوداني - سعيد حامد وأعتذر عن ( الدربكة ) في المنزل حيث تحولت الشقة الي أستديو للتصوير , وكان ينام علي الارض وقدمه في الجبص , تحيط به حسان قاهريات , أكرمن وفادتنا .., وفي حوارنا معه عن بداياته , وكيف لإبن السجانة ( غاوي السينما ) والذي كان يتسلل منذ صغرة للذهاب مع أبناء الحي لسينما الخرطوم جنوب وغرب .. , وكيف قدم للقاهرة وتخرج من معهد السينما وعاني في بدايات حياته , حيث عمل كمساعد مخرج , حتي بدأت شهرته كمخرج متميزوضع بصماته علي خارطة السينما العربية حينما أخرج فيلم : ( حب في الثلاجة ) مع الممثل الكبير يحي الفخراني , وأسر لنا يومها ان الفخراني رفض تقاضي أي مبلغ عن الفيلم ليعكس بذلك مدي حبه وتقديره للشعب السوداني ممثلا في إبنه سعيد حامد . 

المخرج السوداني  سعيد حامد 

المخرج السوداني  سعيد حامد 
من نحت الصخر إلي المساهمة في تغيير السينما العربية 
ابراهيم علي ابراهيم

إبان تعرضه لحادث مروري في هولندا أثناء تصويرة فيلم همام في أمستردام بطولة الممثل الكوميدي محمد هنيدي , قمنا برفقة الزميل والصديق الراحل زين العابدين احمد محمد بزيارة المخرج السينمائي - السوداني - سعيد حامد وأعتذر عن ( الدربكة ) في المنزل حيث تحولت الشقة الي أستديو للتصوير , وكان ينام علي الارض وقدمه في الجبص , تحيط به حسان قاهريات , أكرمن وفادتنا .., وفي حوارنا معه عن بداياته , وكيف لإبن السجانة ( غاوي السينما ) والذي كان يتسلل منذ صغرة للذهاب مع أبناء الحي لسينما الخرطوم جنوب وغرب .. , وكيف قدم للقاهرة وتخرج من معهد السينما وعاني في بدايات حياته , حيث عمل كمساعد مخرج , حتي بدأت شهرته كمخرج متميزوضع بصماته علي خارطة السينما العربية حينما أخرج فيلم : ( حب في الثلاجة ) مع الممثل الكبير يحي الفخراني , وأسر لنا يومها ان الفخراني رفض تقاضي أي مبلغ عن الفيلم ليعكس بذلك مدي حبه وتقديره للشعب السوداني ممثلا في إبنه سعيد حامد . 
كان ذلك منذ ما يقرب من عقدين , نشرنا حوارا معه علي صفحات جريدة الخرطوم في أصدارتها القاهرية التي أستمرت لسبع سنوات - في صدورها الثاني بالقاهرة 1993م , طافت بذهني تلك الزيارة والحوار الشيق وأنا أشاهد فيلمه السياسي الاول " طباخ الرئيس " وهو فيلم تناول قصة ممتعه ومشوقة , ضمت في تركيبتها نمطا مغاييرا للسينما العربية , إذ عالجت بحرفية فنية وبقدر من الفنتازيا العالية , أحدي المشكلات المزمنة في دهاليز القصور العربية الحاكمة وهي ظاهرة أطقم الحكم التي تخصصت في تضليل الرأي العام والزعماء والرؤساء والقيادات علي حد سواء , فتقاريرها علي الدوام كاذبة خادعة مزيفة - اللهم إلا من رحم ربي - ويحكي في هذا الصدد صديقنا الاستاذ عبدالله محمد عبد الله - الاستاذ بمعهد الموسيقي والمسرح " سابقا " ان أحد اساتذة المسرح الانكليز , قضي فترة بالمعهد في حقبة السبعينات , أخرج فيها مسرحية الملك لير لشكسبير , وأثناء البروفات زار الخرطوم أحد الزعماء العرب , فطلب منهم المخرج التسلل الي سطح مبني قاعة الصداقة حيث ستقام الاجتماعات بين قيادات البلدين ,ومشاهدة ما يدور حين وصول موكب الزعيم .., لا بغرض مشاهدته ولكن بغرض مشاهدة التصرفات التي تقوم بها الحاشية , يقول بالفعل صعدنا ولم نركز علي الزعيم ولكننا ركزنا علي مشاهدة الحاشية وما تقوم به من تصرفات وحركات ولهاث وأنتشار , يقول لقد أفادنا هذا الدرس العملي كثيرا , ففي حقيقة الامر فإن الزعيم ما هو إلا ذاك الانسان العادي - أبن تسعة - لكن الكومبارس أو الحاشية هم الذين يصنعون له هذه الهاله وهذا التضخيم , وبالطبع فإن الاعلام يكمل تلك الصورة بقدر من التضخيم والتمجيد ..
وهذا ما قام به فريق فيلم ( طباخ الرئيس ) والذي لم يكن الرئيس هو محور الاهتمام إلا بالقدر الذي تفرضه أحداث الفيلم , ولكن التركيز كان علي ممارسات الحاشية التي تسعي دوما لتضليل الرئيس وتقديم تقارير مغلوطة ولا تعكس الحقائق و الواقع كما هو , فالحفاظ علي مواقعها و مصالحها وأستمراريتها في الحكم تنبع من إستمرارية الرئيس , وتحكي صفحات التاريخ ان الامير يزيد الثاني أحد الامراء الامويين حينما عزل نفسه - لأنه كان أنسانا عادلا - خطب يوما في المسجد وقال للمصليين : أعلم أنكم تكرهوننا نحن بني أمية ولذا أنا أعزل نفسي عن الحكم لتختاروا من تشاءون , فما كان من الحاشية إلا ان تقتله - بالطبع قتلته حفاظا علي مصالحها . ولم تكتفي بذلك بل قامت بدفن معلمه العابد الصوفي الزاهد عمر المقصوص تلميذ الحسن البصري 
وقد كتب شكسبير في ذات المعني , حينما قتل بروتس صهرة الملك ... 
سعيد حامد ضرب في الوتر الحساس حينما عالج جزءا رئيسيا هاما من أزمة السلطة والحكم في المنطقة العربية والاسلامية , وهي تؤثرتأثيرا مباشرا في عصب ومفاصل الدولة وتدفع لتحويل إتجاهات الدولة وتغيير تركيبة زعيمها وتحويله من إنسان وطني بسيط إلي طاغية .. متنمر, لا يستمع لغير  الشكر والمدح والطبل الاجوف , وهو ما يعجل برحيله مهما طال الزمن .
لقد تحايل حامد وفريقه مطولا حتي يجد مخرجا لفيلمه حينما تم تحييد أو تعاطف مع شخصية الرئيس فهو الساعي للتعرف علي حياة الناس ومعاشهم كما هو عليه حالهم دون زيادة أو نقصان ولكن مساعدوه يعملون علي الطريقة التي صورها الابنودي في قوله :
" إزرع شجره ..
تطلع في الكاميرا 
قبل ما تمشي تموت 
وأتصور ماسك بيضه 
أو بتبوس بقرة " ..
وحتي حينما أراد الرئيس ان يتجول في الشارع دون اي حراسه .. , كما طلب هو .., قاموا بأخفاء الشعب في البيوت !!. أعلنواعطلة رسمية في كل أنحاء البلاد ..!!!
نجح طباخ الرئيس في معالجة واحدة من أخطر قضايا السلطة والفساد بشكل رمزي ومضمون عميق الدلالات , ليحدث نقلة مباشرة للسينما بعد ان تراجعت طويلا وسط طوفان الانحراف بالفنون في المنطقة العربية وسيادة الفن الهابط .. , ولكن كما تحدثنا قوانين الطبيعة , فإن للتراجع مدي محدود لايستطيع تجاوزه , وهو يتطلب إقتحام المثقفين للمواقع من خلال الأعمال المبدعة الجادة والمسئولة . 
لقد تنبأ سعيد حامد بقرب زوال الطواغيت عن بلداننا التي تكبلها النظم الاستبدادية ,وهكذا يكون الفنان ويكون الفن الاصيل .
سعيد حامد : تحية وأحتراما .