الصغيرة أم كضوم

الصغيرة أم كضوم غادة عبد العزيزخالد   ..!! بدأ الطقس فى الإعتدال خلال الأسابيع الماضية بالولايات المتحدة ,وبدأت الأسر تخرج من بياتها الشتوي,فازدادت أعداد الأشخاص التي ترتاد الحدائق العامة ,وبدأ يتناثر على مرأى العين منظر راكبي الدراجات وهم (يبدلون)بكل قوة.ولم أكن أنا بحالة شواذ,فقد نشطني اعتدال الجو و فتح شهيتي للمشي ,فصرت أصير أمشي على قدمي معظم أيام الأسيوع لزوم تحريك الدورة الدموية و استنشاق الهواء النقي (وكده يعني).بعد فترة من المشي أجدني أركن لأحد المقاعد المنتشرة في أنحاء الحديقة (ألم نفسي شوية) .و في إحدى جلساتي تلك,وجدت شابة أنيقة (مقطمة) ملابسها الجميلة ومسدلة خصلات شعرها الذهبي على ظهرها ,بجانب تلك الشابة مقعد صغير يوضع به الأطفال حديثي الولادة و حتى سن العام ,بحسب القانون,في المقعد الخلفي للعربة .كان مقعد الأطفال ذلك مغطىى بشال مخصوص,جميلة ألوانه و تتناسق مع أناقة الأم التي تجاوره.

الصغيرة أم كضوم

الصغيرة أم كضوم

غادة عبد العزيزخالد  

..!!

بدأ الطقس فى الإعتدال خلال الأسابيع الماضية بالولايات المتحدة ,وبدأت الأسر تخرج من بياتها الشتوي,فازدادت أعداد الأشخاص التي ترتاد الحدائق العامة ,وبدأ يتناثر على مرأى العين منظر راكبي الدراجات وهم (يبدلون)بكل قوة.ولم أكن أنا بحالة شواذ,فقد نشطني اعتدال الجو و فتح شهيتي للمشي ,فصرت أصير أمشي على قدمي معظم أيام الأسيوع لزوم تحريك الدورة الدموية و استنشاق الهواء النقي (وكده يعني).بعد فترة من المشي أجدني أركن لأحد المقاعد المنتشرة في أنحاء الحديقة (ألم نفسي شوية) .و في إحدى جلساتي تلك,وجدت شابة أنيقة (مقطمة) ملابسها الجميلة ومسدلة خصلات شعرها الذهبي على ظهرها ,بجانب تلك الشابة مقعد صغير يوضع به الأطفال حديثي الولادة و حتى سن العام ,بحسب القانون,في المقعد الخلفي للعربة .كان مقعد الأطفال ذلك مغطىى بشال مخصوص,جميلة ألوانه و تتناسق مع أناقة الأم التي تجاوره.

التقت عيناي مع تلك الأم الجميلة و تبادلت الإبتسامات مع الأم المهتمة بنفسها و حسدتها .فآخر ما كان يدور بذهني و أنا أم لطفل حديث الولادة هو تنسيق ملابسي أو صف شعري و “ضرب المناكير”الذي يبدو ان طبقته ربما حديثا غطت أظافر حديثا,فلونه الغامق لا يزال لامعاً .وبدأنا نتبادل الحديث عن الجو الجميل و عن فوائد المشي ,وسألتها عن طفلها فعرفت أنها ابنتها الأولى ,و أن عمر أيامها لم يتجاوز الثلاثة أشهر بكثير.و باغتتني الأم بتعقيبها :

-ولكنها طفلة سمينة جداً..!!

وارتبكت للحظة ,فلست متعودة على أم تنعت طفلها بالسمن,ووجدتني أهمس نفسي “يا الأم :الله أكبر عليك”. و بدأت أسرد عليها بعضاً من ملاحظاتي بأن هنالك دهوناً في جسم الأطفال و غالباً ما تتلاشى بمجرد أن يبدأ الطفل في الحبو و المشي ثم الجري.و لكن يبدو أن حديثي لم يعجب الأم كثيراً,إذ تابعت بكل استنكار:

-لكنها سمينة جداً..!َ!

و بدأت في سريرتي أقرأ القرآن”قل أعوذ برب الفلق”و أردفت بسرعة “قل أعوذ برب الناس”و كأنما أحاول أن أحصن تلك الفتاة من عين أمها التي بدأت تزيح الغطاء عن طفلتها و هي تقول:

-أنظري إليها كم هي سمينة ..!!

و لم أجسر على النظر ,فقد خشيت على الطفلة من عين تصيبها فأكون من الملامين .فتظاهرت بإلقاء نظرة سريعة و أنا أقول للوالدة – لديك طفلة جميلة.

و أردفت في سري “ما شاء الله عليها”.و لكن يبدو أن نظرتي السريعة و تعليقي الإيجابي على الطفلة لم يرض الأم الحزينة على منظر ابنتها ذات الثلاثة أشهر السمينة..فبدأت تميل المقعد بصورة أكثر حدة لكي ألقي نظرة على الطفلة “أم كضوم”..!!و هي تصر قائلة:

بالله عليك أنظري إليها..!!
و لكنني كنت أنظر للأم ذاتها و لسان حالي يقول “يا مرة ,بتك دي بتنجهيها”.و تجلى اختلاف الثقافات و صار في هذا الموقف بائناً,فبينما نخاف من العين أن تصيبنا و نتعوذ دوماً من جهة,نحرص على ذكر اسم الله على كل ما نراه لدى الآخرين جميلاً أو غريباًمن جهة أخرى .وتركت تلك الأم المعتدة بنفسها و هي لا تزال بمقعدها ,من يدري,لربما كانت تنتظر صيداً ثميناً آخر تنص عليه نبأ طفلتها السمينة”أم كضوم