القصة القصيرة والرواية نفيسة زين العابدين
القصة القصيرة والرواية نفيسة زين العابدين يري ستيفن كينغ القصة القصيرة شي مختلف ويصفها بأنها مثل قبلة في الظلام من غريب. لورى مور أيضا تصف القصة القصيرة كما لوأنها علاقة حب .. والرواية كما الزواج .. القصة القصيرة كما صورة .. والرواية مثل فيلم.
القصة القصيرة والرواية
نفيسة زين العابدين
يري ستيفن كينغ القصة القصيرة شي مختلف ويصفها بأنها مثل قبلة في الظلام من غريب. لورى مور أيضا تصف القصة القصيرة كما لوأنها علاقة حب .. والرواية كما الزواج .. القصة القصيرة كما صورة .. والرواية مثل فيلم.
مقارنة القصة القصيرة بالرواية كتب عنها الايرلندى بول ماكفي مؤلف رواية الابن البار في مقال ثر ومفيد بعنوان: أيهما أفضل.. أن تكون كاتبا للقصة القصيرة أم روائيا؟
في هذا المقال يوضح ماكفي كيف أن كتابة القصة القصيرة تبدو مختلفة من خلال عدد من المقارنات بينها وبين الرواية . المقارنة الاولى كما اوردها ماكفي هى أن لكل شكل منهما تحدياته الخاصة. وتحت هذا العنوان يري ماكفي ان بعض الكتاب يعتقدون إن كتابة القصة القصيرة أصعب من كتابة الرواية، وذلك ربما لأن كل كلمة في القصة القصيرة هى محسوبة وذات دلالة .. بينما مسموح للكاتب أن يتسكع في كتابة الرواية، لكن بالرغم من أن هذا القول صحيح الى حد ما ، الا أن للرواية تحدياتها الكبيرة أيضا.
يؤكد ماكفي على أهمية طول النص القصصي والروائى ، فكتابة قصة قصيرة بعدد 3000 كلمة ليس هو نفسه ذات الاستثمار عندما تكتب رواية من 90,000 – 120,000 كلمة. القصة القصيرة والرواية كل منهما لديها أشكال مختلفة للكتابة، وطول النص ليس الا أحد الاعتبارات. فالقصة القصيرة ليست برواية قصيرة جدا وكذلك الرواية ليست بقصة قصيرة طويلة. فكل شكل له صفاته الخاصة به ولعل افضل طريقة لمعرفة كيفية كتابة القصة القصيرة هو الاطلاع على مقابلات صحفية وقصص قصيرة لكبار الكتاب في هذا المجال.ويذكر ماكفي مجلتا باريس رفيو ونيويوركر كون لديهما أرشيف رائع من المقابلات الصحفية والقصص القصيرة لافضل كتاب هذا الجنس الادبي.
يري ماكفي في مقاله بأنه ربما قد يرسم البعض مقياسا للمقارنة بين القصة القصيرة والرواية. القصة القصيرة يمكن أن تكون مثل التقاط صورة ، بينما الرواية تبدو أقرب لصناعة فيلم. فالمصور يمكن أن يفكر في كل التفاصيل الصغيرة داخل الاطار و كيف يمكنها ان توصل المعنى وتنقله، قد تكون صورة شخصية أو لحظة مميزة أستطاع اقتناصها في الوقت المناسب ،أما الرواية فهى مثل فيلم يمكنها أن تأخذنا في رحلة تصور حياة الكثيرين و تغطى أزمنة مختلفة وأجيال عديدة وتناقش مجتمع أو تاريخ حضارة ما. علي سبيل المثال ، يقول ماكفي : " عندما أردت تصوير ما كان عليه جيل كامل من الاطفال الذين نشأوا في شمال ايرلندا، والذين لم يعرفوا سوى المتاعب، علمت أن هذا لايصلح أن يقدم سوى من خلال رواية أصف فيها الحياة يوما بعد يوم والاثر المتراكم من حياة الخوف لصبي واحد وعائلته والمجتمع ككل . فالقارئ بحاجة لقضاء بعض الوقت مع ذلك الفتى في ذلك المجتمع ."
المقارنة الثانية التى وضعها ماكفي حول القصة القصيرة والرواية هى إختلاف التخطيط لكل نموذج ولكن من دون صيغة.
يري ماكفي أن الوقت يعمل بشكل مختلف بالنسبة له فيما يتعلق بكتابة القصة القصيرة والرواية، فهو لا يجلس ليضع خطة لكتابة قصة قصيرة ، بل يميل لأن يكون لديه فكرة يحتفظ بها في ذهنه لشهور وأحيانا لسنوات. يذكر مثالا عندما كان طالبا قبل عشرين سنة مضت كانت لديه صورة لأبن يدلك ساقي امه بعد عودتها من يوم عمل طويل شاق. صورة وليست قصة ، لكن بمرور السنوات أضاف إلي هذه الصورة مقتطفات من الحوار والأفكار والمشاعر واحداث مرت به ، وأخيرا صورة من قصة كان قد أخبره بها أحدهم وهى التى أعطته فكرة قصته تلك عندما جلس ليكتبها والتى لم تاخذ منه غير وقت الظهيرة. لذلك كتابة القصة القصيرة تعتمد على الفكرة .. فقد لا تستغرق في كتابتها غير ساعة ظهيرة أو عشرون من السنوات.
نجد أن ماكفي يري للقصة القصيرة عثرات خاصة بها وحدها دون الرواية . ويوضح أن أحد الاخطاء الشائعة في كتابة القصة القصيرة هو البداية المبكرة لعنصر الزمن ، ويورد نصيحة جيدة قدمها العديد من الكتاب وهى عند بداية كتابة القصة فعلينا أن نبدأ الجدول الزمنى من وقت متأخر على قدر ما نستطيع وانهاءها بأسرع ما يمكن.
في رأى كاتب المقال بول ماكفي.. أن كتابة القصة القصيرة لا تعتبر حجر أساس لكتابة الرواية بأى حال من الأحوال. ويروى تجربته عندما كان يكتب بعض المسرحيات والكوميديا فعرض عليه أحد المحررين بعد أن شاهد أعماله المسرحية أن يكتب قصة قصيرة ولم يكن ماكفي يعتقد أنه يستطيع كتابة هذا النوع من النثر بعد أن إعتاد على كتابة الحوار من خلال المسرحيات لمدة عشر سنوات ألا أنه رغم ذلك إستطاع أن يتخيل فكرة لقصة قصيرة يمكنه كتابتها. ولذلك يعتقد ماكفي أن القصة القصيرة هى أفضل مكان يمكن البدء منه لكتابة النثر. فمن خلالها يمكن تجريب الاصوات والشخصيات والافكار وغيرها وفي حال الفشل في اكمالها يمكن التخلى عنها والانتقال الى فكرة أخرى جديدة.
كتابة القصة القصيرة لا تصلح كبداية لكتابة الرواية لأن الاولى فن له تألقه وبهاءه وإجادته تطلب سنوات عدة من العمل فيه. كذلك نجد أن معظم الكتاب يرون أنه كى تصبح كاتبا جيدا يجب أن تقرأ كثيرا ، لكن الشيء العظيم والمختلف في كتابة القصة القصيرة هو أنه يمكنك أن تقرأ مرة واحدة في اليوم لمدة لا تتجاوز الثلاثون دقيقة مما يسهل من خلق موازنة وقت الكتابة مع التزامات أخرى كالعمل والاسرة .
وفي ظل تراجع مكانة القصة القصيرة تسويقيا أمام الرواية كتب ماكفي أن هذا الجنس الأدبي شعبيته أكبر خارج المملكة المتحدة. وقال: " إذا قمت بأيقاف المارة عشوائيا في الشارع وسالتهم عن عاداتهم في القراءة، فإننى أراهنك على إنك ستقابل فيهم من لا يقرأ إطلاقا أو تجد فيهم من هو نادرا ما يقرأ." ويقول ايضا : " إذا قمت بسؤال القراء في المملكة المتحدة عن أسماء كتاب لقصص قصيرة فإننى أفترض قليل جدا منهم سيجيبونك" ويعزى ماكفي ذلك بأن القصص القصيرة ليست منتشرة في المملكة المتحدة وأن هذا الشكل من الأدب مزدهر اكثر في الامريكتين عنه في بقية العالم.
ويستطرد ماكفي في الحديث عن هذه النقطة موضحا أنه من الصعب جدا أن تجد مجموعة قصصية تم نشرها في المملكة المتحدة ألا لو كانت لكاتب معروف . ويري أن الاكثر صعوبة من النشر هو الربح المادى من العمل المنشور. إالا انه يعود ليؤكد بأن الكتاب يمكنهم جمع المال من نشر مؤلفاتهم لكن يظل ذلك صعبا ونادرا الآن ، فمعدل دخل الروائى قليل جدا وتتفاوت التقديرات في ذلك ولكنه لا يتوقع أن يكون أكثر من 2,000 جنيه استرلينى وهذا في حال كون أن تنشر أعمال المؤلف في أكبر دور للنشر في البلاد. يري ماكفي أن المعدل العام هو أقل بكثير ويصعب تخيله، فالمقابل قليل جدا لعمل أخذ في كتابته كثير من الوقت والجهد.
وفي نهاية مقاله: أيهما أفضل .. أن تكون كاتبا للقصة القصيرة أم روائيا؟ يوصي بول ماكفي قراءه بالاطلاع على بعض القصص القصيرة ويذكر أنه من أشد المعجبين بهمنجواى، ويوصي بالقراءة لكل من تشيخوف ، فلاتر، اوكنور وريموند كارفر. وفي مجال ادب القصة القصيرة المعاصرة فهو يوصي بشدة بقراءة اعمال لكتاب ايرلنديين مثل كيفن بيري، كولن بارييت وكلير كيغان. ومن أمريكا جورج ساندرز ، كارتر راسل و لورا فان دن بيرغ. ومن كندا ينصح بالقراءة لاليس مونرو ومارجريت اتودز ومن أستراليا لكيت كندى، و من المملكة المتحدة لهيلين سيمبسون ، ديفيد قسطنطين ، جاكى كى و جون ماكجريجور وكثيرين آخرين لا يسع وقته ذكرهم