البروفسير محمد المهدي بشري
البروفسير محمد المهدي بشري -الطيب صالح يكتب عن تاريخ السودان -الآراء الإنطباعية تسيطر علي الساحة النقدية -عيسي الحلو مغرم بالمصطلحات الغريبة وما تزال المنابر الثقافية تحتفي بالقصة القصيرة - إبداع المرأة يختلف عن إبداع الرجل وما تكتبه بثينة خضر مكي وزينب بليل وسلمي الشيخ لا يمكن ان يكتبه
البروفسير محمد المهدي بشري
-الطيب صالح يكتب عن تاريخ السودان
-الآراء الإنطباعية تسيطر علي الساحة النقدية
-عيسي الحلو مغرم بالمصطلحات الغريبة وما تزال المنابر الثقافية تحتفي بالقصة القصيرة
- إبداع المرأة يختلف عن إبداع الرجل وما تكتبه بثينة خضر مكي وزينب بليل وسلمي الشيخ لا يمكن ان يكتبه رجل
-واسيني الأعرج قال لي إنه ذهل لحجم المعرفة عند السودانيين
حوار : محمد نجيب محمد علي
البروفسير محمد المهدي بشري الأستاذ الجامعي والكاتب صاحب صولا وجولات في الثقافة السودانية ومثلت دراسته حول الفلكلور في أدب الطيب صالح نقلة كبيرة في علاقة الفلكلور بالإبداع الروائي ،ولبشري مؤلفات حول الرواية والقصة ونشرت له مجموعة قصصية واحدة ورواية ( الصمود والإنهيار ) كما له إبداع سردي نشر في كثير من الدوريات والمجلات المتخصصة وهو عضو أمانة جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي وشارك في كثير من المحافل العربية والعالمية المختصة بالسرد. التقيته وكان هذا الحوار
(*) زاوجت بين الفلكلور والرواية من خلال رسالتكم للدكتوراة ( الفلكلور في أدب الطيب صالح ) هل هذه الدراسة تدخل في سياق النصوص المتجاورة ؟
ليس امرا جديدا ما تناولته فقد إنفتحت كل الحقول الإبداعية علي بعضها وأضحت متجاورة ومتحاورة ومرتبطة بسياق متكامل وفي الإبداع السوداني نماذج عديدة من خلالها قراءة علاقة الفلكلور بها و في دراستي ( الرواية والتاريخ ) تجدأن هنالك مصادر كثيرة لم ينتبه لها المؤرخ ولكن الرواية السودانية تنبهت لكنز ومخزون غني جدا في التراث .. يتمثل في أعمال ابراهيم إسحق والطيب صالح ،وتوظيفهم للتراث لم يكن بسيطا أو مسطحا بل بعمق ووعي ويمكن لنا أن ندرس إبداعهما في الإنثربولجي أو في علم الإجتماع أو العادات والتقاليد وكما قال أحد النقاد الكبار أن رواية عرس الزين متحف للعادات والتقاليد في السودان وهي من تأثيرات الرواية الحداثية . والنقاد لم يتنبهوا للفلكلور كمكون أساسي في أدب الطيب صالح الذي إستطاع أن يعيد أنتاج هذا الفلكلور ( سودان النيل ) في سرده الروائي بشكل خلاق ساعد في بناء الشخصيات وفي تطور الأحداث .
(*) كيف تقرأ مسيرة الرواية السودانية ؟
الرواية السودانية في بداياتها كانت تسير في أثر الرواية المصرية التقليدية نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والعقاد والمازني ، ونجيب محفوظ كان أكثرهم تأثيرا عليها ، و يستغرقها ويشغلها الهم الإجتماعي والصراع الطبقي والفقر والتعليم والنضال السياسي وفي الستينات بدأ تطور الرواية بجانب الأجناس الأخري وحدثت إنعطافة في مسيرة الرواية السودانية وهذا التطور حدث لإكتشاف التراث وتوظيفه الخلاق فالطيب صالح يكتب عن تاريخ السودان عن مجيء الإسلام والتصوف وكذلك الأمر عند إبراهيم إسحق فقد نقلنا من الوسط إلي المركز إلي منطقة نائية في غرب السودان هي دارفور مما يثبت أن السودان بلد متعدد الثقافات
(*) كيف تقرأ إستخدامات المناهج النقدية الحديثة وتطبيقاتها علي السرد السوداني ؟
راجت مقولة وأصبحت عند البعض من المسلمات تذهب إلي أن النقد الأكاديمي غير مفيد وهذا قول غير صائب لأن النقد في العالم تقدم علي يد أكاديمين ، إدوارد سعيد في امريكا تنبه إلي أن موسم الهجرة إلي الشمال تصف العالم الثالث بعد الحداثة ، هنالك جولي كرستيفا ورونالد بارت كلهم أكاديميون متمكنون من منهجهم وادواتهم وفي السودان بدأ هذا الإتجاه واضحا منذ السبعينات في دراسة الإبداع والسرديات بمناهج أكاديمية ونظريات صارمة. وبجانب ذلك هذا لا ينفي أن هنالك قراءات كثيرة لا تخرج عن عرض الكتب والتقديم لهذا الكتاب وهي تحتشد بآراء إنطباعية وبأحكام لا يؤسس لها .. وهؤلاء بالتأكيد لا يساعدون القاريء علي التوغل في سراديب النص
(*) الناقد مجذوب عيدروس كان قد قال بالإنفجار الروائي كيف تقرأه هل هو في خانة التطور أم خانة التكرار ؟
هنالك أجناس إبداعية إذا لم تتوفر لها الظروف تظل خامدة وميتة ـ والرواية بدأت بطيئة وفي الستينات كان العصر الذهبي للقصة القصيرة والشعر وبعد التسعينات بدأ الإنفجار الروائي الذي يقوله عيدروس إذ أن أجيال كثيرة وجدت أن الرواية تحقق لها المساهمة في قراءة الواقع بتجلياته السياسية والثقافية والإقتصادية وإذا نظرت للكتابة في العالم تجد أن الرواية تتبوأ مقعدا عظيما في السرد الإنساني لما تشتمل عليه من أسئلة للوجود والحياة والإنسان وتقلباته كونيا وهذا عصر الرواية أصلا ، وهي فن السرد الأول وتجد من يقول في العالم العربي أن الرواية أضحت ديوان العرب
(*) تناولت كثيرا كتابات المرأة المبدعة هل تجد أن مسارها سرديا يختلف عن الرجل ؟
إبداع المرأة له خصوصيته وهذا أمر إيجابي ولكن لا ينطوي علي حكم قيمي ، فالمرأة الأقدر علي التعبير عن نفسها ونساء اوربا ينادين إلي يومنا هذا بخصوصية عالمهن في الحياة وفي السودان والوطن العربي نجد أن ابداع المرأة يعبر عن واقعها عن خصوصياتها وعالمها وأحلامها ونجاحاتها وإنكساراتها ونظرتها للرجل ونظرة الرجل لها وأجدها متقدمة في التعبير عن كينونيتها ولغتها الخاصة . هنالك إختلاف بين إبداع الرجل وإبداع المرأة .. فالمرأة مورس عليها القهر من البيت والمجتمع منذ آماد بعيدة وعندما بدأت وعبرت عن عالمها ظهرت خصوصيتها وتفردها الكبير الذي يحكي عن تجربة إنسانية عميقة للمرأة الكاتبة .
(*) من خلال قراءاتك وكتاباتك عن الرواية الفلسطينية وتركيزك علي جبرا في البحث عن وليد مسعود .. كيف تنظر للرواية الفلسطينية ؟
الرواية الفلسطينية متقدمة لأنها تمثل إبداع مقاومة وتتجلي قمة الحنين للوطن المغتصب في المنافي وانا سبق ان كتبت عن القدس في السرد الفلسطيني لأهمية القدس ورمزيتها كمركز للنضال الفلسطيني وفي ذلك نجد إشارات كثيرة لدي غسان كنفاني وسحر خليفة والرواية الفلسطينية لا تقل عن الشعر في إزدهارها وفي بلوغها القمة .. وانا أعتقد أن رواية جبرا البحث عن وليد مسعود سبقت الطيب صالح في أن النص لا ينفتح بسهولة للقاريء وكما إختلف الناس إيهم البطل في رواية موسم الهجرة أهو مصطفي سعيد أم الراوي أيضا البناء السردي معقد جدا في البحث عن وليد مسعود لجبرا وهي من أميز الروايات العربية .
(*) ما هو تقييمك للمشاركة العربية في المؤتمر العلمي الذي يعقد في فبراير من كل عام في جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي وانت عضو أمانة الجائزة ؟
نسعد للحوار الحي النشط بين النقاد العرب ومن يأتي منهم وكلها أسماء ذات قيمة إبداعية كبيرة ولها إسهاماتها في الوطن العربي والعالم وقد وجدوا إهتماما كبيرا من الحركة الثقافية السودانية لمعرفتهم بمساهماتهم وقيمتهم الفكرية والثقافية والإبداعية وهذه التظاهرة في إعتقادي تساهم في التواصل بين المبدعين السودانيين والمبدعين العرب وبينهما إسم كبير وعلم مثل الطيب صالح
(*) لعيسي الحلو قراءة تذهب إلي موت القصة القصيرة في المشهد الإبداعي المعاصر ؟
هذه مصطلحات وعيسي الحلو مغرم بهذه المصطلحات الغريبة .. أنا لا أعرف ماذا يقصد بموت القصة القصيرة .. ربما يكون الصحيح هو العكس وعيسي كاتب قصة .. لماذا يكتب القصة إذا ؟ ولو تابعنا إذاعة ( البي بي سي) مثلا أو مجلة العربي ولو تابعنا كل المنابر الثقافية المعروفة نجدها مازالت تحتفي بالقصة ، بل إن جائزة نوبل أعطيت لكتاب قصة في السنوات الأخيرة مثلما أعطيت لكتاب رواية .. وهذا عصر الصورة أعتقد أن القصة تجد مكانها وتأثيرها القوي علي القاري ء ومازال الناس يستمتعون بالقصة بالقصة الجيدة أنا لا أتفق مع عيسي ولا أفهم ماذا يريد أن يقول ؟
(*) هنالك جيل تربي علي الواقعية .. هل لا يزال للواقعية موقع في الحياة الثقافية المعاصرة ؟
هي موجودة ولكن بدأت تتراجع ، بدأت الموجة تنحسر بعد ظهور رواية التسعينات والألفية الجديدة ووضح إبتعاد السرد الروائي عن الواقعية التقليدية التي تأسست عليها الرواية السودانية كما نجدها عند ملكة الدار أو بكري خالد الحاج
(*)كيف تقرأ تجربة المسرح الجامعي في السودان وأنت من المؤسسين لها ؟
هي تجربة غنية جدا وتستحق الوقوف عندها وهي التي أرست مصطلح المسرح الجامعي ولو أنه مأخوذ من جامعات في مصر وغيرها وهذه التجربة ساهم فيها الكثيرون من الذين كانوا بالجامعة عثمان جعفر النصيري وعلي عبد القيوم واسامه الفيل ومحمود غنيم ومامون الباقر وعبد الباسط سبدرات ومن الزميلات نبيه الوسيلة واسماء الوكيل ، النصيري أخرج مسرحيات مهمة جدا وأعتقد أن مسرحية ( مراصاد ) كانت مذهلة وهذه مسرحية ضخمة جدا رغم ضعف الإمكانات ولكن النصيري نجح في إخراجها وعندما اتذكرها لا أصدق أنني شاهدت هذا العرض في السودان ، علي عبد القيوم أخرج مسرحية ( سمك عسير الهضم ) لكاتب جواتيمالا جلتش وأيضا مسرحية (إنت اللي كتلت الوحش ) ـ سنويا كان هناك نشاط ضخم في الشعر والمسرح والقصة وكان الناس ينتظرون هذا الموسم للحضور لمشاهدة تلك الاعمال الكبيرة .. وكان هذا هو الدور الكبير الذي تلعبه الجامعة كنافذة للثقافة والمعرفة والمجتمع من تلك التجارب تعلمنا التمثيل والإخراج والمشاهدة وابجديات المسرح وللأسف لأسباب كثيرة لم يتواصل هذا العمل الآن لا يوجد نشاط مثل هذا