الجنقو مسامير الأرض وجائزة معهد العالم العربي بفرنسا

الجنقو مسامير الأرض وجائزة معهد العالم العربي بفرنسا بركة ساكن ل "كليك توبرس" : هذه الجائزة تمثل لي ولأدبي شهادة المرور نحو حلم شاسع. احرزت رواية الجنقو مسامير الارض للروائي والقاص السوداني عبد العزيز بركة ساكن جائزة الادب العربي فى ترجمتها للفرنسية والتي انجزها البروفسير كزافية لوفان بالنسخة التاسعةمن جائزة الادب العربي بفرنسا.

الجنقو مسامير الأرض وجائزة معهد العالم العربي بفرنسا

الجنقو مسامير الأرض وجائزة معهد العالم العربي بفرنسا

بركة ساكن ل "كليك توبرس" :

هذه الجائزة تمثل لي ولأدبي شهادة المرور نحو حلم شاسع.

 

 

 

 

 


احرزت رواية الجنقو مسامير الارض للروائي والقاص السوداني عبد العزيز بركة ساكن جائزة الادب العربي فى ترجمتها للفرنسية والتي انجزها البروفسير كزافية لوفان بالنسخة التاسعةمن جائزة الادب العربي بفرنسا. وهي من الجوائز الكبيرة اسسها معهد العالم العربي بباريس  بالاشتراك مع مؤسسة جان لوك لا قاردير. وتمنح هذه الجائزة حصرا لاعمال عربية مكتوبة باللغة الفرنسية او مترجمة اليها. وسبق للمترجم كزافيه  استاذ الادب العربي وعميد كلية اداب والترجمة والاتصال بجامعة بروكسل الحرة ان ترجم رواية بركة ساكن مسيح دارفور. وساهمت ترجمته لهذه الرواية في وصول ادب سوداني جديد للقاريء الفرانكفوني. وحصدت العديد من الجوائز هناك. 
وقد احدث  فوز ترجمة رواية الجنقو مسامير الارض صدي كبيرا في الاوساط العربية والغربية. وسبق لهذه الرواية ان اثارت الكثير في السودان  ابان فوزها بجائزة الطيب صالح بمركز عبد الكريم ميرغني فى دورتها السابعة وتعرضت للمنع والمصادرة.

 

 

 


في لقاء مع الكاتب الروائي بركة ساكن من خلال وسائل التواصل جاءت افاداته   
 حول الجنقو ورحلتها والجائزة ورؤيته..

حوار : محمد نجيب محمد على 

_استاذ بركة حدثنا بدء ً عن الجنقو.. وعن قصتك معهم؟

قصتي مع رواية الجنقو مسامير الارض غريبة جدا، متعبة ومدهشة. أعرف الجنقو منذ نعومة أظافري، كنت أراهم فى بيتنا فى مدينة القضارف، يأخذون استراحة قصيرة بين موسم وآخر، حيث ينتمي بعضهم إلى قبيلة والدي الذي نزح من غرب السودان إلى أقصى الشرق وبدأ حياته كجنقو جوراي فى ضواحي القضارف. ولكن عندما كبرت واتخذت الكتابة كمهنة عرفت أنني كنت أرى الجنقو ولكنني لم أعرفهم. صممت على أن أتتبعهم فى رحلاتهم الطويلة فى عمق شرق السودان عند أماكن الزراعة المطرية حيث مقرهم غير الدائم فى المثلث الذي يقع ما بين اثيوبيا والسودان وارتريا. هناك اكتشفت تلك الحياة الجميلة الممتعة الثرية التي يعيشها الجنقو فى خضم بركة شاسعة من الفقر والعوز والمخاطر والأمراض والاستغلال البشع الذي يتعرضون له من قبل أصحاب المشاريع الزراعية الكبيرة، وتعرفت على علاقات الإنتاج التي تخصهم. ولكنني ككاتب كنت أبحث عما هو أعمق من ذلك. 

 

 

 

 

_ ما الذي كنت تبحث عنه؟ 

كان همي ينصب على طرائق السرد والمحكي عند الجنقو كيف تنتقل الحكاية من سارد إلى آخر، ماهي تلك الآليات، ماهي وظيفة السرد فى مجتمع مغلق لمجتمع الجنقو. ثم كان السؤال الشاسع :هل بالإمكان استخدام نمط الحكاية الشفاهي عند الجنقو لكتابة رواية؟؟ وهذا هو التحدي الكبير. هل بإمكاني التخلي عن الإرث السردي الأكاديمي الذي استخدمته فى أعمالي السابقة إلى مغامرة سردية محفوفة بالمخاطر؟ 
_ وكيف أجاب بركة على كل تلك الأسئلة؟ 
الجنقو بشر غير مركزيين، حيث يعيشون فى دائرة يتساوى فيها كل الأفراد فى السلطة. بالتالي ليست هناك مركزية للحكي، فعندما يتحدث أحدهم لا يعني أن يصمت الآخرون ولا يعني ألا يتابعه الجميع ويتداخلون معه فى نفس اللحظة التي يديرون فى نقاشات مع آخرين. هذا هو النظام السردي الذي اتخذته لروايتي الجنقو مسامير الأرض : لا يوجد بطل فى الرواية ولا توجد حكاية مركزية، فالكل أبطال والجميع رواة وتتعدد الأصوات والثيمات ويبقى النص هو الدائرة التي تحيط بكل شيء ولاتحده أبدا. ولم تلتزم الجنقو مركزية لغوية، فكل شخص يحكي باللغة أو اللهجة التي يعرفها، لذا تجد فى رواية الجنقو بعض لغات الدول المجاورة والشعوب التي انحدر منها الأفراد كما تجد اللغة العربية التي تعتبر لغة تواصل واللحمة السرية التي تربط الجميع. لم يكن هنالك دينا مركزيا أيضا، فى رواية الجنقو :يوجد المسيحي والمسلم واليهودي واللاديني وعبدة الكجور والديانات الأفريقية الخاصة. لا توجد فى رواية الجنقو قبيلة أو عنصر بشري مركزي، فالجنقو ينحدرون من قبائل متعددة وإثنيات متنوعة لايوجد قطر أو بلد مركزي، فهم من تشاد والسودان ونيجريا وارترياوأثيوبيا.

 

 

 

 

_اشارت لجنة تحكيم جائز الترجمة الكبري ان مترجم الجنقو قد واجه عددا من التحديات أثناء عمله الترجمي.؟
أسلوب رواية الجنقو منتزع من حياتهم ونمط عيشهم وتركيبتهم الإجتماعية والإنسانية. وهذا ما جعل مهمة ترجمتها صعبة جدا ومعقدة، لولا مهارة البروفسور اجزافية لوفن ومعرفته المسبقة بالجنقو واللغات المتضمنة فى الرواية لما استطاع انجاز العمل، وقد تم تتويج مجهوده بالجائزة الكبرى للترجمة
Grand prix la traduction
de ca ville  IArles 
2020,))


_  واكب صدور رواية الجنقو لاول مرة  الكثير من الاحداث؟
عندما نشرت رواية الجنقو فى العام ٢٠٠٩ حازت على جائزة الطيب صالح للرواية التي يقدمها مركز عبد الكريم بامدرمان، وهي اكبر جائزة تقدم للرواية فى السودان، ولكن بمجرد حصولها على تلك الجائزة المرموقة، قامت السلطات السودانية بمصادرتها، بل تم حرق النسخ المطبوعة من الرواية فى إحدى المكاتب الحكومية بالخرطوم. ومن ثم بدأت رحلة تشردي ومطارداتي إلى اليوم حيث لم يتم الغاء قانون المصنفات الأدبية والفنية فى الخرطوم وهو القانون الذي تم بموجبه مصادرة الرواية، ولو أن حكومة الثورة لم تمنع تداولها.

 

 


_ ماذا عن جائزة الادب العربي للترجمة بفرنساالتي حصلت عليها مؤخرا؟

هذه الجائزة الكبيرة المرموقة ذات الصيت الواسع في الأوساط الأدبية في فرنسا والبلاد العربية، التي نالها من قبل الأدباء: الكاتب اللبناني جبور الدويهي والروائي السعودي محمد حسن علوان وصديقتي الروائية العراقية إنعام كجة وصديقي الروائي العراقي سنان انطون والروائي المصري الكبير محمد عبد النبي ومواطنه الروائي محمد الفخراني. هي بلا شك تُعتبر تتويجا لروايتي الجنقو مسامير الأرض.

 

 

 


_ ما الذي يميز رواية الجنقو.. وكيف تمت قراءتها ؟ 

 وأظن إن الجائزة جاءت في وقت مناسب جدا: حيثُ أن رواية الجنقو هي رواية لتسامح بين الأديان والمحبة والاحتفاء بالإنسانية والإنسان. ونشهد الآن في العالم صراعات هُويات عنيفة وما يُشبه صراع الحضارات. فرواية الجنقو هي جسر ما بين الإنسان والإنسان. 

_ أخيرا ماذا يقول بركة ساكن؟ 

أزجي بالغ شكرى إلى معهد العالم العربي الذي نشهد له باحترام التنوع الثقافي والاجتماعي في إدارة الثقافة والإنتاج الادبي ودعم المنتج السردي العربي في فرنسا.
الشكر لمؤسسة جان- لوك لاقاردير
وشكري للمترجم الفاضل الصديق اجزافية لوفن على صبره ومحبته وعمله  الدءوب في ترجمة أعمالى إلى اللغة الفرنسية.

 

 

 


وشكري أجزله للعاملين في دار زولما zulma للنشر وعلى رأسهم الصديقة لوغ.
وأخيرا استطيع أن أقول إن  هذه الجائزة تمثل لي ولأدبي شهادة المرور نحو حلم شاسع وعالم أكثر اتساعا من القراء. وإنها تقدم لي دعما معنويا وماديا في صراعي مابين منفى ومنفى.